ألمانيا.. عالم أسطوري ساحر

 

تتميز ألمانيا بمزيج جذاب من الصروح المعمارية البديعة والمناظر الطبيعية الخلابة، ويتجلى ذلك في أبهى صوره عند زيارة القصور والقلاع والحصون التي تتميز بهندستها المعمارية المذهلة وبمواقعها الرائعة وحدائقها الغناء. فمثلاً عند زيارة منطقة جنوب غرب ألمانيا سوف يصادف الزوار العديد من القلاع والقصور الرائعة ذات الحجم الكبير، التي غالباً ما تقع وسط حدائق جميلة واسعة، بحيث تمنحهم إحساساً وكأنهم يتجولون في عالم أسطوري ساحر.


تزخر منطقة جنوب غرب ألمانيا بالعديد من القلاع والقصور. ففي شتوتغارت وحدها هناك العديد من القصور، والكثير غيرها في المنطقة المحيطة بها. ومن الرائع بشكل خاص القيام بجولة استكشافية للعديد من آثار القلاع التي يمكن العثور عليها في المنطقة المحيطة بشتوتغارت. ويشمل ذلك آثار قلاع "هوهن شتاوفن" و"هوهن نويفن"، المعروفة أيضاً باسم "مهد فورتمبيرغ"، و"نيبنبورغ" التي تعد أقدم آثار في المنطقة. ولا ينبغي أيضاً تفويت زيارة القصر القديم، الذي يعد الأقدم في شتوتغارت. لقد تم بناء الهيكل الأصلي لهذا القصر، الذي يمثل قلعة ذات خندق، في القرن العاشر وتمت توسعته في وقت لاحق. وفي منتصف القرن السادس عشر تم إضافة الأجنحة الجانبية والطوابق العلوية إليه. كما شهد القصر القديم بناء فناء داخلي مقنطر وسلم فرسان من أجل السماح للفرسان بالوصول إلى المستويات العليا على ظهور الخيول.
ولكن عندما بدأ بناء القصر الجديد، لم يعد هناك جدوى من القصر القديم. وبعد الأضرار الجسيمة التي لحقت به جراء النيران والغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، تم إعادة بنائه. ومنذ عام 1948 أصبح القصر القديم موطناً لمتحف ولاية بادن-فورتمبيرغ. وتمثل ساحته الداخلية خلفية لافتتاح بعض الفعاليات السنوية مثل سوق عيد الميلاد.
ويعتبر القصر الجديد آخر روائع المباني الباروكية الملكية التي تم بناؤها في ألمانيا، فقد بُني بتكليف من دوق فورتمبيرغ "كارل أويغن" الذي كان مصمماً على جعل شتوتغارت فيرساي الثانية. وكان هذا الحاكم مسؤولاً عن بناء ما لا يقل عن أربعة قصور في شتوتغارت. وقد استغرق بناء القصر الجديد فترة طويلة، وذلك بسبب اندلاع حريق من جهة، وقيام "كارل أويغن" بنقل الأسرة المالكة إلى لودفيغسبورغ لفترة امتدت على عشر سنوات من جهة أخرى. وهذا هو السبب الكامن وراء تعدد الأنماط المعمارية الباروكية والروكوكو والإمبراطورية التي يمكن ملاحظتها في بناء القصر الجديد. واليوم، يضم القصر الجديد، حيث ولد الرئيس الإتحادي السابق ريتشارد فون فايتسيكر في 15 أبريل 1920، وزارات مختلفة وغرف للاستقبال الحكومي.
ومن القصور الأخرى، يبرز أيضاً قصر العزلة "شلوس ساليتود" الذي كان محور حياة البلاط في القرن الثامن عشر، حيث كان بإمكان الأسرة المالكة وضيوفها مشاهدة حفلات الباليه والعروض المسرحية في مسرح القصر كل مساء تقريباً. ويحمل هذا القصر نمط الروكوكو مع غرف مزينة بشكل دقيق وغني. وكان متصلاً بالقصر الملكي في لودفيغسبورغ بشارع مستقيم متقن بطول 12 كم. ويعتبر القصر اليوم موطناً لأكاديمية قصر العزلة.
وهناك أيضاً قصر "بيرين شلوسله" الذي شهد دماراً وعمليات إعادة بناء. فقصر الدب الصغير هذا "بير بالاس" الذي يقع على شواطئ بحيرة "بيرين زيه" كان يتمتع بطراز روماني كلاسيكي وتم هدمه ليُقام مكانه منزلاً للصيد. وقد تعرض "بيرين شلوسله" مرتين لحريق طاله بالكامل وأُعيد بناؤه على الطراز السابق باستثناء نوافذ الطابق العلوي، التي استيعض عنها بنوافذ بابية. واليوم، يعتبر "بيرين شلوسله" وحديقته مكاناً شعبياً للتنزه بالنسبة لسكان شتوتغارت.
أما قصر "هوهنهايم" الذي تحيط به حدائق نباتية وحديقة إنكليزية فقد كان آخر مشروع للدوق "كارل أويغن". وفي عام 1818 قرر الملك فيلهلم الأول استخدامه للكلية الزراعية، وهي جامعة هوهنهايم الرائدة، التي لا تزال تتواجد في القصر حتى اليوم.
وهناك قصر "روزنشتاين" الذي يتواجد على مرتفع بالقرب من مركز شتوتغارت مطلاً على نهر النيكار، بين حديقة "فيلهيلما" الحيوانية النباتية وحدائق القصر السفلى. وهو موطن لمتحف التاريخ الطبيعي الوطني منذ عام 1954. لقد تم تكليف مهندسه المعماري "جيوفاني سالوتشي" من قبل الملك فيلهلم الأول ليبني له منزلاً ريفياً في الموقع، ولكن من النادر ما ذهب الملك إلى هناك. وتوفيت قرينته الملكة "كاترينا" قبل أن يكتمل القصر، وطلب الملك من "سالوتشي" بناء ضريح لها في منطقة "روتنبيرغ" في شتوتغارت. وبعد تنبؤات فيلهلم نفسه بأنه سوف يموت في قصر "روزنشتاين"، فقد كان يقلل من قدومه إلى المبنى ما أمكن. وعلى الرغم من ذلك، فإنه توفي في الوقع هناك في شهر يونيو من العام 1864.
كما تضم المدينة الباروكية لودفيغسبورغ ما لا يقل عن ثلاثة قصور، منها قصر لودفيغسبورغ الذي يعتبر أكثرها إثارة للإعجاب. فمع ثلاثة أفنية و452 غرفة في 18 مبنى، وموقع في وسط حديقة مساحتها 32 هكتاراً، يعتبر أكبر قصر باروكي متبقي في أوروبا وكان يمثل سابقاً مقر السكن الملكي لودقات وملوك فورتمبيرغ. وهنا يمكن للمرء مشاهدة متحف الخزف، ومتحف الأزياء، والفن، والشقة الفخمة الخاصة بالدوق (كارل أويغن). كما لا ينبغي تفويت مشاهدة حدائق القصر الواسعة.
وعلى مرمى البصر من لودفيغسبورغ هناك أيضاً قصر المفضل "شلوس فافوريته"، الذي يتزين بواجهة باروكية بينما يمتلك نمطاً إمبراطورياً في الداخل. وتم استخدامه في الماضي كفيلا صيفية لإقامة حفلات الصيد. وتعتبر الجداريات الجميلة وكذلك محمية الحيوانات البرية الواسعة من الأشياء التي تستحق المشاهدة هناك.
ويمثل قصر البحيرة مونريبوس "زيه شلوس مونريبوس" في لودفيغسبورغ، الذي يقع على ضفة بحيرة، تحفةً من طراز الروكوكو مع تصميم داخلي بنمط إمبراطوري، وتم تغييره وتأثيثه على طراز كلاسيكي في عهد الدوق فريدريش الثاني. وفي الصيف تقام هناك حفلات رومانسية مثل الحفل الموسيقي الكبير في الهواء الطلق مع عرض باروكي للألعاب النارية والذي يمثل جزءاً من مهرجان قصر لودفيغسبورغ.
أما قصر "ليونبيرغ" ومقر إقامة الأرامل "فيتفن سيتز" فهو أصغر نوعاً ما. ويمثل مشتل البرتقال الساحر أبرز مرافقه، ويعد واحداً من قلائل حدائق المدرجات المتبقية في أوروبا من فترة النهضة العليا.
وفي المحمية الطبيعية "شونبوخ" يقع قصر ودير "بيبنهاوزن"، حيث يعتبر الدير واحداً من أفضل مواقع العصور الوسطى التي تم حفظها. وكلا المبنيين مفتوح للجمهور على مدار السنة. ومن المرافق التي تحمل أهمية خاصة تبرز غرفة الطعام الصيفية والشقق الملكية، التي لا تزال تحافظ على حالتها الأصلية.
وعند أقدام منطقة الألب الشفابية يقع قصر "كيرشهايم أُنتر تيك" محاطاً بأشجار وخندق. إن قصر الصيد السابق هذا الذي بُني في البداية كحصن، يحمل طراز عصر النهضة وتم استخدامه مقراً لست دوقات أرامل لفورتمبيرغ، قام كل منهن بتغييره ليتناسب مع ذوقها. ومن هناك يحظى الزوار بمنظر رائع على جرف الألب والمنطقة المحيطة.
ويقع الكثير من قلاع وقصور منطقة جنوب غرب ألمانيا على طول شارع القلاع الشهير. فهناك أكثر من 70 قلعة وقصراً تمتد من (مانهايم) عبر (نورنبيرغ) وحتى (براغ)، حيث أن قلاعاً وقصوراً شهيرة، مثل (هايلدبيرغ)، (لودفيغسبورغ) و(هوهنتسولرن)، لا تزال تجتذب الزوار كل عام. ولكن ذات الأحجام لصغيرة أيضاً جميلة كالتي توجد في (شفيتسينغن) و(ميرسبورغ) وكذلك السرايا والعزبات في جميع أنحاء المنطقة. وتتحول هذه الأماكن غالباً إلى منصات ومسارح للفعاليات الثقافية. فإلى جانب قصر لودفيغسبورغ المذكور سابقاً هنالك: قلعة هايدلبيرغ التي بُنيت على تلة قبل 700 سنة مضت، وتعد واحدة من أشهر المعالم السياحية في ألمانيا. وقد كانت لحوالي خمسة قرون مقراً لواحد من أقوى أمراء الناخبين في ألمانيا. وقد دمرت القلعة أثناء الحرب في العام 1693، وأصبحت آثارها رمزاً للحركة الرومانسية الألمانية. وتحتوي أقبية القلعة على أضخم برميل للنبيذ في العالم، حيث تبلغ سعته 222,000 ليتر. ومن أكثر المزايا الخاصة تبرز إضاءة القلعة السنوية والمسرحيات والحفلات الموسيقية التي تقام في الهواء الطلق خلال مهرجان القلعة (شلوس فيست شبيل).
وهناك أيضاً قلعة هوهنتسولرن التي تقع على قمة تلة، وتتميز بإثارتها وبنمطها القوطي الحديث بحيث تبدو وكأنها خارجة من كتب الحكايات. فهي تمثل مقر متوارثاً لعائلة هوهنتسولرن، التي تضم أباطرة ألمان وملوك بروسيين. ويعتبر تاج الملك البروسي أبرز ما تضمه القلعة من مقتنيات. وتدخلك أجواءً تاريخية تمتد لألف سنة وفي نفس الوقت تمنحك إطلالة بانورامية رائعة.
كما يبرز قصر ليشتنشتاين كأسطورة أخرى من عالم القصور الأسطورية في القرن التاسع عشر. هذا القصر الجاثم فوق صخرة على ارتفاع 817 متراً، يمنح زواره مناظر خلابة تحبس الأنفاس، بحيث تكاد ترى (رابونتسل "وهي قصة أسطورية ألمانية للأخوين غريم بطلتها فتاة ذات شعر طويل جداً") تدلي شعرها من نافذة في الأعلى.

لمعرفة المزيد، يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني التالي:
http://www.germany.travel/en/index.html

اقرأ أيضاً