ميونيخ.. تجارب سياحية ساحرة ومتجددة

قد تجذبك بعض المدن لزيارتها، وقد تجذبك مدن أخرى لتكرر زيارتك إليها، ولكن قلة منها تلك التي تجعلك تعيش دوماً لحظات جديدة ومتفردة! ميونيخ، عاصمة ولاية بافاريا الألمانية، هي من المدن الجذابة التي تضفي على زياراتك إليها نكهة خاصة، بحيث يتحول كل فصل من فصول السنة إلى تجربة سياحية متجددة مليئة بالأحاسيس والذكريات، ناهيك طبعاً عن حسن الضيافة البافارية التي يبديها أهل ميونيخ تجاه زوار مدينتهم لاسيما الزوار العرب القادمين من منطقة الخليج.

وسواء كنت من محبي التاريخ أو الثقافة أو الطبيعة الساحرة أو الرياضة أو التسوق، فإنك بالتأكيد ستجد ضالتك في هذه المدينة، حيث يمكنك أن تدع عبق التاريخ يداعب مشاعرك من خلال جولة لطيفة داخل أروقة البلدة القديمة بشوارعها الضيقة أو التمتع بجولة على الأقدام على طول نهر الدانوب، أو تتبع آثار ملوك بافاريا من خلال زيارة القلاع الساحرة، أو اكتشاف بافاريا بواسطة رحلة قارب وأنت تستمتع بالطقس اللطيف والمروج الخضراء، أو الصعود إلى أعلى قمة جبل في ألمانيا والتمتع بمشاهد طبيعية خلابة. وحتى إن كنت من عشاق النادي البافاري "بايرن ميونيخ" فسيكون لديك فرصة رائعة لاستكشاف العالم الشيق لكرة القدم من خلال جولة إرشادية داخل الملعب الخاص بالنادي.

والجميل في ميونيخ أنها تتيح لزوارها العرب اختبار الخدمات الراقية التي تقدمها لهم منذ لحظة وصولهم إلى مطارها، الذي يحتوي على كثير من المرافق: منتجع صحي، فنادق، محلات، مطاعم، قاعات للمؤتمرات والاجتماعات، خدمة رعاية الأطفال وحديقة زوار، ناهيك عن كونه مركزاً للفعاليات والأحداث. ويعتبر هذا المطار بالنسبة للمسافرين من منطقة الشرق الأوسط بوابة هامة إلى أوروبا والألب. ويوفر وصلات مثالية داخل وخارج أوروبا لجميع الرحلات من الشرق الأوسط. ولكن الخدمة المقدمة للمسافرين العرب في المطار لا تنتهي عند الهبوط، بل تستمر بعد ذلك، بهدف جعل المطار "بوابة العرب" بالفعل كما يطلق عليه. وتتضمن الخدمات لافتتات وإرشادات ونداءات باللغة العربية لمساعدة المسافرين القادمين من المنطقة العربية. كما يوفر المطار أماكن خاصة بإقامة الصلاة للمسافرين المسلمين، حيث يوجد مصلى في المنطقة العامة في مبنى الركاب رقم 1 (القاعة سي) وبالقرب من منطقة إجراءات الدخول. وهناك غرفة فسيجة ومريحة للصلاة داخل المنطقة الغير عامة، بالقرب من بوابات صعود الطائرة. ويجد الضيوف العرب في مطار ميونيخ مكتب استعلامات يعمل فيه موظفون يتكلمون العربية، بالإضافة إلى توافر كتيب إرشادي بالعربية يحتوي على اقتراحات رائعة عما يمكن مشاهدته في ميونيخ وما حولها.

ومهما اختلفت وسيلة استكشافك للمدينة سواء بواسطة الحافلات السياحية أو القارب أو المواصلات العامة أو الدراجة الهوائية أو سيراً على الأقدام، فإنك ستشاهد مناظر طبيعية ساحرة وأماكن راقية وستحظى بمتعة سياحية كبيرة. ومن الأماكن الجديرة بالزيارة في ميونيخ، يبرز شارع (لودفيغ شتراسه) الذي يعد من أجمل الشوارع في ميونيخ، حيث يمتد من بوابة النصر (زيغس تور) إلى قاعة الفرسان (فيلد هيرن هاله). ويصل هذا الشارع شمالاً إلى شارع (ليوبولد شتراسه) الذي يضم عدداً كبيراً من المتاجر والمقاهي التي تتفرع منه إلى الشوارع الجانبية. ولخوض تجربة ذات نكهة خاصة فما عليك سوى التوجه إلى (فيكتوالين ماركت) الذي يعد أقدم أسواق ميونيخ وأكثرها شهرة. فمنذ القرن التاسع عشر تباع هنا كل أنواع الأطعمة المختلفة.

كما يعد ميدان (مارين بلاتس) من أهم المعالم في ميونيخ، وخاصة مبنى البلدية الحديث الذي أنشىء على الطراز المعماري القوطي في الفترة من 1867 إلى 1909، حيث تتزين واجهته بالنقوش والأجراسه المميزة. ويتجمع الزوار يومياً عند 11 صباحاً و5 مساءً لمشاهدة لعبة الأجراس أمام برج الساعة. وبالقرب من وسط المدينة، ترحب بك الحديقة الإنكليزية، التي تعتبر واحدة من أكبر الحدائق داخل المدن في أوروبا بطرقها المظللة وجداولها وبركها وبجعها. أما قصر (نيمفنبورغ)، الذي كان في الماضي المقر الصيفي لحكام بافاريا، فيتميز بفنه المعماري الجميل بطابع الروكوكو، وحديقته الضخمة التي صممت على غرار حديقة قصر فرساي الفرنسي.

كما يبرز المتنزه الأولمبي كمعلم سياحي جذاب. فهو كان مقراً للألعاب الأولمبية الصيفية العشرين في عام 1972. وتضم منطقة الألعاب الأولمبية منشآت رياضية وبحيرات ومطاعم وقاعة حفلات وحوض سباحة. وبالنسبة لمحبي كرة القدم فيمكنهم استكشاف العالم الشيق لكرة القدم من خلال جولة إرشادية داخل الملعب الخاص بفريق بايرن ميونيخ الشهير (أليانز أرينا)، حيث يعتبر هذا الملعب الضخم من أجمل الملاعب على وجه الكرة الأرضية وفي نفس الوقت يعتبر ملعب الحواس. وكل من يزور هذا الملعب يمكنه التمتع بيوم لا يُنسى، لاسيما مع توفر جولات للمشجعين وجولات للأطفال وأخرى خاصة بالدرجة الأولى، حيث يتم تقديم شرح وافٍ عن الملعب وما يحدث خلف الكواليس. وسوف يترك كل ذلك أثره الطيب في نفوس الزوار. ولا تنسى أن تدخر بعض الوقت لدخول متجر هدايا فريق بايرن ميونيخ الهائل. وفي المطعم البانورامي الدائري في البرج الأولمبي (أولومبيا تورم)، يمكنك الاستمتاع بأطعمة شهية وإطلالات طبيعية ساحرة.

وبالنسبة لمحبي التكنولوجيا والمركبات، فلا بد لهم من زيارة أكبر متحف للتكنولوجيا والعلوم الطبيعية في العالم والمتمثل في (المتحف الألماني)، حيث يعرض آلات أصلية نادرة ونماذج لتصميمات ميكانيكية تقليدية. ويقوم بتوثيق تطوير تقنيات السيارات والسفن والسكك الحديدية والطيران. كما لا ينبغي عليهم تفويت زيارة متحف (بي إم دبليو) فهو يذهل زواره بهندسته المعمارية الديناميكية وتصميمه الشهير عالمياً وتشكيلة معروضاته الفريدة من نوعها. وكذلك عالم (بي إم دبليو) الفريد، الذي يزخر بعروض وابتكارات السيارات والدراجات النارية وروعة التصميم والتكنولوجيا الحديثة وصولاً إلى الفعاليات الثقافية الشيقة. ويمكن للمرء أن ينضم إلى إحدى الجولات المتخصصة للتعرف على كيفية تصنيع سيارات (بي إم دبليو). ويمكن للأطفال استكشاف عالم السيارات في مكان خاص بالصغار، بينما يقوم الكبار باستكشاف عالم (بي إم دبليو) أو تذوق الوجبات الشهية أو التسوق في واحد من متجري (بي إم دبليو) الرائعين.

وإذا كنت بالفعل من عشاق التسوق فإن الكثير من الخيارات تنتظرك في المدينة وما حولها. ويتمثل المكان الرئيسي للتسوق في ميونيخ في منطقة المشاة التي تقع وسط المدينة، وتحديداً حول شارع (نويهاوزر شتراسه) وشارع (كاوفينغر شتراسه) وميدان (مارين بلاتس)، حيث تتواجد المتاجر والفروع العديدة لجميع الماركات الأوروبية. وتعتبر هذه المنطقة من أشهر مناطق التسوق على صعيد ألمانيا بأكملها. أما بالنسبة للعلامات التجارية العالمية الشهيرة فيمكنك الحصول عليها في الشوارع القريبة مثل شارع (تيأتينر شتراسه) أو شارع (ماكسيميليان شتراسه) أو شارع (برينر شتراسه). كما توجد أيضاً تشكيلات راقية من الملابس داخل ما يُعرف بالباحات الخمس (فونف هوفه) ذات التصميم المعماري المميز.

ولا تقتصر متعة التسوق في ميونيخ على فصل معين، فهناك الكثير من المجمعات التجارية التي تتيح لك التسوق أيضاً حتى في الأيام الممطرة، مثل مركز التسوق الأولمبي (أولمبيا آينكاوفس تسينتروم) الذي يعتبر أكبر مجمع للتسوق في بافاريا وجنة لأهل ميونيخ وزوارها على حد سواء. وفي شرق ميونيخ يقدم مجمع التسوق (نويبيرلاخ) أو (بيب) حسبما يُطلق عليه أهل ميونيخ، تشكيلة ضخمة لأحدث المنتجات. وهناك أيضاً مجمع التسوق (ريم أركادن)، الذي يقدم أيضاً تشكيلة مختارة من المنتجات. وعلى بعد 50 دقيقة فقط من ميونيخ، تعرض قرية التخفيضات (إنغلوشتادت) أحدث صرعات الموضة بأسعار مخفضة تصل إلى 60 في المئة على مدار العام.

وبالنسبة للترفيه والمرح والتسلية، فإن ميونيخ توفر العديد من المرافق الجذابة المناسبة لكل أفراد العائلة: حديقة الحيوانات البرية في (بوينغ) التي تتيح لزوارها مشاهدة أنواع مختلفة من الحيوانات البرية المحلية، خاصة الطيور الجارحة. حديقة الحيوانات (هيلابرون) التي تعد واحدة من أجمل حدائق الحيوان في العالم، وتضم أكثر من 8360 حيواناً يمثلون 480 نوعاً من الحيوانات المختلفة. كما توفر مساحات كبيرة آمنة للمشي والاسترخاء. ويمكن للأطفال اللعب وركوب الخيل وإطعام الحيوانات في أماكن مخصصة لهم. متحف الإنسان والطبيعة الفريد من نوعه بعروضه وفعالياته المستمرة للزوار، والذي يحول زيارته إلى متعة خالصة لكل العائلة. وعالم البحار (سيه لايف) في (المتنزه الأولمبي) الذي يتيح للزوار فرصة الغوص في عالم ما تحت الماء.

وتتنوع أجواء المرح والمغامرات لتصل إلى مدن الملاهي: (بلاي موبيل) في (تسيرندورف)، التي تتيح للأهل التمتع بالاسترخاء والراحة، بينما يحظى الأطفال بالمرح بالألعاب الضخمة. (ألغوي سكاي لاين بارك) التي تقع على بعد ساعة واحدة فقط بالسيارة عن ميونيخ، وتضمن المتعة لكل العائلة، حيث يمكنك ركوب السيارات الكهربائية أو المرح ببالونات الماء الممتلئة. وستحظى أيضاً بفرصة اختبار القطار الحلزوني السريع المعكوس الذي يعتبر الأعلى والأول من نوعه على مستوى العالم. (ليغولاند) التي تقع على بعد حوالي ساعة من ميونيخ، وفيها ينتظر الزوار من كافة الأعمار عالم مليء بالمغامرات والتجارب الرئاعة. ففي 8 مواقع ذات موضوع ومع 50 قطاراً حلزونياً وألعاباً مائية جميلة وعروضاً حية وورش عمل، يمكن لأي شخص أن يتقمص دور بطل حقيقي أو قرصان أو فارس أو سائق سباق سيارات. أما عشاق الأفلام وكواليسها فما عليهم إلا التوجه إلى استوديوهات الأفلام البافارية، التي تُعرف غالباً بهوليود على نهر  (إيزار)، حيث يتعرفون هناك على مواقع تصوير الأفلام في جولات شيقة.

ومن المزايا الرائعة لمدينة ميونيخ أنها محاطة بوجهات سياحية ساحرة قوامها القلاع والجبال والبحيرات، كقلعة (نوي شفان شتاين) الشهيرة عالمياً، التي قام (لودفيغ الثاني)، ملك بافاريا، ببنائها فوق قمة من قمم جبال الألب الساحرة. فتصميمها كان نموذجاً تم الاحتذاء به عند بناء قلعة الحكايات في (ديزني لاند). وتقع قلعة (نوي شفان شتاين) بالقرب من القلعة القديمة (هوهون شفان غاو) وبحيرة (ألب زيه) ذات المياه الصافية، وتبعد عن مدينة ميونيخ ساعتين بالسيارة. ومن القلاع الجميلة الأخرى هناك قلعة (ليندرهوف)، التي كانت في الماضي استراحة للملك (لودفيغ الثاني) أثناء رحلات الصيد، وهي محاطة بحديقة جميلة والريف الرائع لجبال الألب. كما تعتبر بحيرة (شتارنبيرغ)، القريبة من ميونيخ مقصداً محبباً لرحلات. وكذلك بحيرة (كيم زيه)، التي تجذب العديد من الزوار في فصل الصيف وتعتبر أكبر بحيرة في بافاريا وتلقب أيضاً بالبحر البافاري. وبالنسبة لجزيرة (هيرن كيم زيه)، التي تعتبر أكبر جزيرة في البحيرة، فهي من المزارات الهامة التي تستقطب الزوار. كما تعد بحيرة (تيغرن زيه)، التي تكوّن شكلها الحالي خلال العصر الجيلدي، من الأماكن المثالية للراحة والاسترخاء.

أما من يعشق القمم والإطلالات البانورامية المذهلة، فما عليه إلا الصعود إلى جبل (تسوغ شبيتسه)، الذي يعد أعلى جبل في ألمانيا بارتفاع يبلغ 2962 متراً. فهنا يمكنك تنشق الهواء النقي العليل والتنزه قليلاً لاستكشاف النهر الجليدي. وتعتبر درجات الحرارة المنخفضة وسقوط الثلوج من الأمور التي يمكن توقعها دائماً في فصل الصيف.

كما لا ينبغي لمن بدأ بإكتشاف المناطق المحيطة بميونيخ، أن ينهي جولته دون زيارة موقع الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 1936 في (غارميش بارتنكيرشن)، والتي ترتبط بميونيخ بطريق سريع. ففي الصيف توفر هذه المدينة الرائعة الجمال الواقعة عند سفوح جبال الألب البافارية عروضاً لتسلق الجبال ورياضة المشي لمسافات طويلة، ناهيك عن الرياضات الشتوية المختلفة في فصل الشتاء، لاسيما وأنها تعد من أفضل الأماكن في العالم للتزلج.