لكل موسم فيها سحره الخاص

مايناو.. جزيرة تعطر قلب بحيرة كونستانس

زهور الربيع هي إعلان صريح عن قدوم أكثر المواسم المفعمة بالألوان في جزيرة مايناو التي تقع في قلب بحيرة كونستانس بولاية "بادن-فورتمبيرغ" الألمانية. فهنا تجدون سجادة من الزهور الرائعة: زهور اللبن، زعفران، نرجس، ورود النجوم الزرقاء، الزنبق وزهور الأقحوان. وما على الزائر سوى التمتع بمنظر يحبس الأنفاس لمحيط من الألوان على خلفية من البحيرة الزرقاء وقمم الجبال المغطاة بالثلوج.

 

كل ما يظهر بشكل طبيعي وكأنه محض صدفة هو في الواقع نتيجة لتخطيط دقيق. فقد قام البستانيون بتجهيز حوالي 550 نوعاً مختلفاً من زهور الأقحوان، والنرجس والزنبق لبداية الربيع. وفي الخريف تم زرع حوالي 500 ألف بصيلة زهرة. وخلال فترة ذروة إزهار في نهاية شهر أبريل وبداية شهر مايو، تتفتح أكثر من مليون زهرة.

لقد مرت جادة الربيع، التي تقع بين شرفة الدوق الكبير فريدريش وميدان النوافير، بأوضاع سيئة. وجاء الصقيع في وقت مبكر في عام 1956 وبقي لفترة طويلة، حيث تجمدت التربة إلى عمق لم يكن من الممكن معه زرع بصيلات الزهور. وعلى كل الأحوال، كان هناك مئات الآلاف من زهور النرجس والأقحوان وغيرها من بصيلات الأزهار في غرف المخزن تنتظر أن يتم غرسها.

ما الذي كان ينبغي القيام به؟ في ذاك الوقت تم بالصدفة اكتشاف أن المروج تحت أشجار الكستناء الحلوة وأشجار النباتات تم حمايتها بغطاء من الأوراق المتساقطة ولم تتجمد. وتصرف البستانيون بسرعة بحفر ثقوب في التربة بقضبان معدنية، بحيث أمكن زراعتها في الوقت المناسب. ونمت أزهار الربيع بشكل جيد هنا تحت الظلال الخفيفة للأشجار، التي كانت مقررة لتوسعة جادة الربيع. ومنذ ذلك الوقت أصبحت واحدة من مناطق الجذب الرئيسية وميزة راسخة في مفكرة زهور مايناو.

وبينما تمثل زهور الربيع في الهواء الطلق متعة من ألوان وأشكال لا نهاية لها، فإن زهور السحلب الأرجوانية اللون في بيت النخيل تغري الزوار إلى عالم غريب. تم ترتيب النباتات النفيسة على الأراضي أو على الطرق الفرعية بنفس الطريقة التي تم العثور عليها بها في البراري في المناطق الاستوائية من آسيا وأفريقيا وأمريكا. إنهم يحولون البيوت الدفيئة الضخمة إلى غابة رطبة دافئة. وكل عام، من مارس إلى مايو، يعبر زوار مايناو عن إعجابهم بمجموعة واسعة من زهور السحلب، بما فيها مجموعات من جميع أرجاء العالم تتضمن زهور برية نادرة وثمينة، وذلك في أهم معرض للنباتات السحلبية (أوركيد) في أوروبا. وقد جذب هذه المعرض الزوار على مدار سنوات، حيث يمكن مشاهدة حوالي 3000 نبتة سحلبية.

في البداية تم التفكير في النباتات الخشبية (رودودندرون) لسد الفاصل الزمني بين وقت إزهاز الخزامى وفترة إزهار الورود. هذه النباتات التي تزهر من مايو وحتى يونيو سرعان ما أصبحت عامل جذب في حد ذاتها. فأكثر من 200 نوع من نباتات (رودودندرون) نمت على منطقة مجهزة على المنحدر الشرقي الظليل بالقرب من الميناء. هنا تنمو جميع الأنواع، بدءاً من الشجيرات الصغيرة البطيئة النمو إلى أصناف أطول من قامة الإنسان. كما تثري الكاميليا والأزاليات، التي تنتمي أيضاً إلى عائلة نباتات (رودودندرون)، تشكيلة لا مثيل لها  في أنحاء المنطقة بأسرها. وفي تباين أخضر رائع، تنتصب صنوبريات كبيرة مثل أشجار السرو، شجرة الحياة، أشجار الصنوبر وغيرها من الأنواع.

ويعتبر الصيف وقت الورود على جزيرة مايناو، حيث تزين 12 ألف وردة من أكثر من 1200 صنف جزيرة بحيرة كونستانس من نهاية شهر مايو وحتى بداية الصقيع. كان دوق بادن الكبير (فريدريش الأول) يعشق هذه النباتات الملكية، بحيث أنه جهز حديقة ورود تحت شرفة القلعة في عام 1871. وحافظت الحديقة على شكله الباروكي إلى يومنا هذا.

هناك أصناف مزروعة قديمة مثل ورود بلاد الغال، ورود بوربون الكلاسيكية، ورود موس وورود يابانية تعتبر من بين أولى النباتات التي تُزرع في نهاية مايو وبداية يونيو. وتعد الزهور التي تتنوع بين الأصفر والوردي والأرجواني الغامق، مشهداً مذهلاً على طول ما يُطلق عليه "كورنيش ورود الأدغال والبراري". وعلى النقيض من ذلك، فإن الورود الهجينة التي لها أزهار كبيرة كاملة، وورود برية تنتح مجموعات من أزهار ناعمة فردية بسيطة تغطي شجيرات تصل إلى ارتفاع 5 أمتار.

ولن ننسى العطور المخمورة من الورود المزهرة التي لا تعد ولا تحصى عند السير على طول هذا الدرب.

في وقت لاحق تتفتح ورود الشاي الهجينة على طول كورنيش ورود الأدغال والبراري. وتستمر فترة ذروة ازدهارها حتى منتصف يوليو. وتنمو معظم ورود الشاي الهجينة في حديقة الورود الإيطالية تحت شرفة القلعة. يتم عرض مجموعة متنوعة ورائعة الجمال من هذه الأنواع من الزهور في هذه الحديقة بشكل مذهل: ورود مزهرة خصبة في أسرّة الزهور، ورود شاي قياسية مشذبة بشكل إبداعي وإهرامات ورود أو نباتات متسلقة تغطي البرجولات والتعريشات.

ومرة أخرى العديد من الورود في الخريف، حتى أن بعضها ينتج براعم زهور لغاية أوائل الصقيع.