التدريب على الطريقة الألمانية في معرض "نجاح" أبوظبي

"آي موف" مبادرة ألمانية لتعزيز التعاون الدولي في مجال التعليم والتدريب المهني

عنصر حيوي لتحقيق النجاح

في أجزاء كثيرة من العالم، هناك مناطق تتصف بحيوية النمو، إلا أنه عليها التعامل مع حالات عدم التطابق الكبير والمتزايد بين المهارات التي يحتاجها أرباب العامل والمهارات التي يمتلكها العاملون. ويعد تحسين التجهيزات والمهارات المتعلقة بذلك عنصراً رئيسياً في تعزيز القدرة التنافسية الوطنية. ويضمن ذلك أيضاً قيام كل فرد مايزال قادراً على العمل بلعب دور مهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي للبلد.

ومن أجل تحديث التعليم المهني وتحقيق نتائج إيجابية في هذا المجال، باتت العديد من الدول تتوجه نحو اعتماد الخبرات والنماذج الدولية كالخبرة الألمانية، إلى جانب إقامة التحالفات والشراكات الاستراتيجية المفيدة التي يُنظر إليها على أنها عنصر حيوي لتحقيق النجاح. وفي ظل الازدياد التصاعدي في حاجة دول منطقة الخليج للتأهيل المهني العالي، فإن الإمارات على سبيل المثال تعتبر من الدول التي تستثمر بصورة متزايدة في قطاعات بديلة غير النفط.

وبوسع ألمانيا أن تقدم الكثير في مجال التدريب والتأهيل المهني، لاسيما أنها تتمتع بسمعة طيبة للغاية، مما يجعل فرص نجاح التجربة الألمانية في أسواق منطقة الخليج تبدو كبيرة. وهنا تبرز مبادرة الوزارة الألمانية الاتحادية للتعليم والبحوث، المتمثلة في "آي موف" (iMOVE)، والتي يتركز هدفها على تعزيز التعاون الدولي وبدء إقامة العلاقات التعاونية والعلاقات التجارية في مجال التعليم والتدريب المهنيين.

وللمرة الأولى ستقوم "آي موف" بعرض نطاق واسع للتعليم والتدريب المهني وفقاً لعلامة الجودة "صُنع في ألمانيا" “Training - Made in Germany“  في معرض "نجاح" الذي يقام في شهر أكتوبر 2010 في مركز أبوظبي الوطني للمعارض في العاصمة الإماراتية أبوظبي.

 

خبرة في مجال التعليم والتدريب

وعند الحديث حول التعليم والتدريب المهنيين، تبرز ألمانيا كشريك متخصص، نظراً لما يقدمه النظام الألماني للتعليم والتدريب المهنيين من معارف وقدرات على أعلى المستويات والتي يحتاجها بلا شك أي مجال تجاري أو اقتصادي حديث من أجل تلبية كافة المتطلبات المستقبلية.

ويمكننا القول إن ما تتمتع به الصناعة الألمانية من خبرة وسمعة ممتازة يعود بشكل رئيسي إلى التعليم المهني الذي يعتمد على النظام المزدوج "نطام التعليم المهني المزدوج". وعلى أساس هذه الخبرة الطويلة في مجال التعليم المهني، الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بمتطلبات السوق ويشكل عنصراً قوياً في إدماج الكفاءات المهنية والاجتماعية، يبرز هذا النوع من المعرفة التي يمكن أن يقدمها الألمان لشركائهم، لاسيما أن برامج التدريب الألمانية تتميز بمستواها التقني والتعليمي العاليين، وتمتلك العديد من نقاط القوة الرئيسية، مثل: عملية تصميم المناهج الدراسية وفقاً للمعايير الصناعية، وتدريب المدربين وإدماج تنمية المهارات في عملية العمل.

وتقوم مبادرة الوزارة الألمانية الاتحادية للتعليم والبحوث المتمثلة في "آي موف" بتعريف جميع المهتمين في جميع أنحاء العالم بالتخصص والكفاءة الألمانية في مجال التعليم والتدريب المهنيين وإمكانيات التأهيل وفقاً لعلامة الجودة "Made in Germany". كما تقوم بدعم الشركات الألمانية المقدمة لخدمات التعليم والتدريب المهنيين بالإضافة إلى تطوير وتوسيع أنشطتها الدولية. ومن أجل ضمان تحقيق أعلى المعايير في قاعدة بيانات التدريب الخاصة بـ "آي موف"، فقد قامت بوضع معايير للجودة بالنسبة للشركات الألمانية الدولية المقدمة للتدريب، حيث تتعهد جميع مؤسسات التدريب المسجلة في قاعدة البيانات بالالتزام بمعايير الجودة هذه.

 

دعم العلاقات الدولية

وتعمل مبادرة "آي موف" أيضاً على دعم مختلف أشكال العلاقات التعاونية والعلاقات التجارية: بدءاً من الهيئات الحكومية التي تبحث عن شركات لديها خبرة في بناء أنظمة التعليم والتدريب المهنيين، ومروراً بالشركات التي تسعى "آي موف" إلى التوسط بينها وبين الشركات المتخصصة المقدمة للتدريب من أجل تدريب موظفيها، وحتى العلاقات الملائمة بين مؤسسات التعليم والتدريب الألمانية والدولية.

وبشكل عام فإن أي علاقة تعاونية على الصعيد الدولي لابد أن تبدأ بالتعرف على الشريك المحتمل شخصياً. وينطبق ذلك إلى حد كبير على مجال التعليم والتدريب المهنيين الذي يحكمه الأشخاص بشكل أكبر من التقنيات. لذا فإن شريك المحادثة في الدولة الأجنبية يحتاج إلى التأكد من أن الشريك الألماني يعرف كافة المعطيات والمعلومات ذات الصلة في بلده. فضلاً عن ذلك، يتعين على مقدم التدريب الألماني أو الشريك المتعاون أن يكون قادراً على التكيف مع المتطلبات المحددة في الدول المختلفة. وبالتالي، يعد الهدف الأساسي لـ "آي موف" هو العمل على الجمع بين الأشخاص للالتقاء ببعضهم البعض، حيث تنظم "آي موف" البعثات التجارية والاجتماعات والمؤتمرات، وتشارك أيضاً في المعارض حول العالم. وتمثل أحداث وفعاليات "آي موف" منصات لإنشاء شبكة من المؤسسات التعليمية والشركات الصناعية وشركات الخدمات المعنية في تعزيز قطاع التعليم والعلاقات التجارية المتبادلة.

ويبدو أن الاهتمام بتعزيز قطاع التعليم والتدريب سيصب في مصلحة المجتمعات التي توليه أهمية خاصة، حيث أنه من المنتظر أن يصبح التعليم والتدريب المهني عصب المجتمع المرتكز على المعرفة في القرن الحادي والعشرين، وبالتالي فإن الاستثمار فيه يعني الاستثمار في المستقبل.

 

تعاون ألماني عربي

واليوم، تزداد أهمية النظم التعليمية التنافسية لتصبح من الضروريات في مواجهة التحديات الاجتماعية والديموغرافية التي نشهدها. وقد أدرك واضعو السياسات ورواد القطاعات الصناعية في العالم العربي أهمية التعليم والتدريب المهني، وخصصوا الميزانيات الكبرى لتطوير هذا القطاع على الرغم من تداعيات الأزمة المالية العالمية. وبات تطوير النظم التعليمية الكمي والنوعي على رأس أجندة دول منطقة الخليج.

ويعتبر النظام التعليمي الألماني من أكثر النظم التنافسية، خاصة وأن الشركات والمعاهد الألمانية تعمل باستمرار على توفير أحدث التقنيات والخدمات ذات الجودة العالية للمعاهد التعليمية بمختلف تخصصاتها ودرجاتها، بدءاً من المراحل المبكرة، مروراً بمراحل التدريب التقني والمهني، ووصولاً إلى مراحل التعليم العالي. وتتمتع الصناعة الألمانية بسمعة ممتازة على صعيد التعليم المهني، نظراً لما يُعرف بنظام التعليم المزدوج الذي تطبقه. ومن أبرز ما يتميز الشركاء الألمان بتقديمه هو الخبرة الطويلة الأمد في مجال التدريب المهني والتي تتوافق مع متطلبات الأسواق بشكل مباشر، إلى جانب التطبيق العملي القوي والدمج بين الكفاءات المهنية والاجتماعية والمنهجية. وهذا ما يجعل من المؤسسات الألمانية شريكاً معتمداً وعلى درجة عالية من المهنية، وقادراً على تطوير مؤسسات تعليمية متنافسة. ولهذا، من المؤكد أن تعزيز التعاون بين الشركات والمؤسسات التعليمية الألمانية والمؤسسات التعليمية العربية سيعود على الطرفين بالمنافع المشتركة.

وفي هذا الإطار، تقوم "آي موف" و"غرفة" "Ghorfa "، الغرفة العربية الألمانية للتجارة والصناعة، بعقد الملتقى الألماني العربي الثاني للتعليم والتدريب المهني في برلين بألمانيا في 12 و13 أكتوبر 2010. ويعد الملتقى منبراً فريداً لتطوير وصقل شبكة مقدمي التعليم والتدريب المهني الألمان والعرب إلى جانب المؤسسات الصناعية والخدماتية المهتمة بتعزيز قطاعي التعليم والتدريب في العالم العربي. وسيشهد المنتدى، الذي يقام برعاية وزيرة التعليم والبحوث الألمانية د. آنيته شافان، قيام المتحدثين بتحليل الوضع القائم في دولهم والمبادرات والتيارات الجديدة في قطاع التعليم. ومن الفعاليات الرئيسية التي سيشهدها الملتقى هو تقديم تجارب تعاون ناجحة، وسيكون ذلك بحضور شخصيات رفيعة المستوى من القطاعين العام والخاص.

وكانت "آي موف" و"غرفة" و"جمعية ديداكتا" (Didacta Association) قد قامت بين 16-20 مايو 2010، بزيارة المملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين، وقطر، حيث التقت بوفود رفيعة المستوى من القطاع التعليمي، وذلك بهدف بحث فرص مستقبلية ولقاء شخصيات جديدة والتعرف على النواحي الرئيسية التي يمكن نسج تعاون حولها. ومثل الوفد الألماني شركات ومؤسسات من القطاع التعليمي يمختلف مراحلة ووجوهه، وتضمن برنامج الزيارات لقاءات رسمية مع صناع القرار من السياسيين ورجال الأعمال، إلى جانب اجتماعات أعمال في الرياض والمنامة والدوحة.

كما ستقوم الوزيرة شافان بزيارة إلى المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، والإمارات العربية المتحدة بين 11 و14 أكتوبر 2010. ويأتي ذلك بعد زيارة المستشارة الألمانية د. أنجيلا ميركل لمنطقة الخليج في مايو من هذا العام، والتي عقدت بالتوازي معها اللجنة الاقتصادية المشتركة الثامنة (8th Joint Economic Commission) في أبوظبي، حيث ناقشت قضايا رئيسية تضمنت الاستثمارات الثنائية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتدريب والتعليم.

 

علامة الجودة في "نجاح" أبوظبي

وللمرة الأولى ستقوم "آي موف" بعرض نطاق واسع للتعليم والتدريب المهنيين وفقاً لعلامة الجودة "صُنع في ألمانيا" “Training - Made in Germany“  في الجناح رقم 9C29  في معرض "نجاح" الذي يقام إبتداءً من 19 ولغاية 21 أكتوبر 2010 في مركز أبوظبي الوطني للمعارض في العاصمة أبوظبي.

ويمثل هذا المعرض الذي ينطلق تحت رعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي في دولة الإمارات العربية المتحدة وبدعم قوي من الهيئات الحكومية، منصة مثالية للمؤسسات التعليمية الطامحة إلى تحسين فرص التوظيف بالنسبة لطلابهم ، إلى جانب الشركات الساعية إلى توظيف الإماراتيين المؤهلين وغيرهم من الخريجين الموهوبين. ويستقطب هذا المعرض السنوي المتخصص في التعليم والتدريب والوظائف، آلاف الزوار من كافة أنحاء المنطقة، حيث شهد مشاركة أكثر من 11000 زائر عام 2009. ويعتبر "نجاح" في دورته الرابعة لهذا العام الحدث الأبرز ليس فقط على صعيد إمارة أبوظبي وإنما على مستوى الدولة ككل. 

وسيرافق "آي موف" إلى معرض "نجاح" خمس مؤسسات ألمانية بصفتهم شركاء وهي: أكاديمية مصادر الطاقة المتجددة "ريناك" "Renewables Academy AG (RENAC)"، والأكاديمية الدولية للأعمال والإدارة "iVWA business academy"، و أكاديمية توف زود الشرق الأوسط " TUEV SUED Middle East Academy"، و"جي.بي.دي.إم" "Gpdm"، و"ليدنغ بيرفورمانس" "Leading Performance".

وتعتبر أكاديمية مصادر الطاقة المتجددة "ريناك" (RENAC) واحدة من المزودين الرواد في حقل التعليم والتدريب في مجال الطاقة المتجددة وفعالية الطاقة. وخلال العامين المنصرمين، استفاد مشاركون من نحو 35 دولة من خبرات الأكاديمة في مجالات التقنية، والإدارة، والتمويل، والتطوير لتلك الصناعات المستقبلية الرئيسية.

بدورها تختص الأكاديمية الدولية للأعمال والإدارة "iVWA " بالتدريب ومشاريع الكفاءة (الأهلية) الدولية على مستوى أكاديمي وتدريبي أعلى. وتوفر الأكاديمية خدمات تطوير الجدارة وحقل الأعمال الدولية والإدارة عبر الثقافات. وتتعاون الأكاديمية مع شركاء لها على إدارة مشاريع التعليم التقني في حقول الطاقة البديلة والطاقة الكفوءة.

أما أكاديمية توف زود الشرق الأوسط " TUEV SUED Middle East Academy" فهي فرع تابع لأكاديمية توف زود "TUEV SUED Akademie" – المزود المعترف به عالمياً لشهادات التدريب وشهادات الأفراد والذي يتخذ من ألمانيا مقراً رئيسياً له. وتوفر الشركة تدريباً مكثفاً واستشارات في حقول المواصلات، والنفط/ غاز وصحة/ سلامة والهندسة الثقيلة، وأيضاً لإعداد مدربي قيادة/ ممتحنين وخبراء منح شهادات بالتعاون مع هيئة الطرق والمواصلات.

من جانبها، تختص شركة "جي.بي.دي.إم" "Gpdm" في توفير خدمات التدريب والاستشارات بالتنسيق مع الحكومات وشركات القطاع الخاص. وفي هذا الإطار، تقدم الشركة خدماتها للفنادق والشركات اللوجستية وصناعات المعادن وبرنامج تعليم المرأة والمجموعات التخصصية وبرامج التدريب للطلاب. وتتوفر خدمات الشركة في دول عدة.

وبالنسبة لشركة "ليدنغ بيرفورمانس" "Leading Performance"، فقد قدمت هذه الشركة بنجاح التدريب والخدمات المناسبة للمنظمات التي تبتغي والتي لا تبتغي الربح المادي، إضافة إلى المؤسسات الحكومية والإدارات العامة. وتعمل الشركة دائماً على تطوير حلول انطلاقاً من الموارد المتوفرة لدى كل مؤسسة، وبحسب قدراتها وإمكاناتها. وتتضمن خدمات الشركة عناصر الاستشارات والتوجيه والتدريب.

ومن الجدير بالذكر أن مجالات التعليم والأبحاث تحظى باهتمام كبير في ألمانيا، ولذا وصلت الميزانية المرصودة للوزارة لأعلى مستوياتها حيث سيتم رفعها بنسبة 7.2% لتصل إلى 11.65 مليار يورو في عام 2011.