يحظى بثقة المستهلكين حول العالم

"صنع في ألمانيا" رمز عالمي للجودة العالية والدقة المتناهية

 

يبدو أن امتلاك ألمانيا لأكبر اقتصاد بين دول الاتحاد الأوروبي ورابع أكبر اقتصاد في العالم، ما هو إلا حصيلة استراتيجية اقتصادية ذات فاعلية تولي أهمية كبيرة لمختلف الصناعات. وكما يحظى السوق الألماني بثقة المستثمرين، فإن المنتجات الألمانية تحظى هي الأخرى بثقة المستهلكين، حيث تقوم الشركات الألمانية بتصنيع منتجات ذات جودة عالية.

 

 

تنوع وإبداع صناعي

 

وتساهم القطاعات والصناعات الألمانية الرئيسية بالإضافة إلى الكثير من الصناعات المتنوعة التي تمتلك إمكانيات هائلة للنمو في دعم بنية الاقتصاد الألماني وتحقيق سمعة عالمية طيبة جداً. ففي مجال تصدير المواد الكيميائية، تحمل ألمانيا دون جدال لقب بطلة العالم، فهي الوجهة المفضلة في أوروبا للاستثمارات الكيميائية، إلى جانب أنها تحتوي على بنية تحتية جيدة لهذه الصناعات، ومختبرات البحوث، ولديها قوى عاملة مدربة على أعلى مستوى للحفاظ على منصبها القيادى والتمسك به. وتعتبر ألمانيا أيضاً إحدى الدول الرائدة في مجال البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا الحيوية، بالإضافة إلى أنها واحد من أبرز مواقع الإنتاج للأغراض التجارية والتطبيقات السريرية. وبناء على ذلك يمكن للشركات التي تمتلك مقرات لها في السوق الألماني أن تكون متأكدة بأنها ستستفيد بشكل مستمر من أحدث التطورات في التكنولوجيا الحيوية وتقنيات التصنيع. أما تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فهي من بين أكبر الصناعات في أوروبا وتحتل المرتبة الثالثة على الصعيد الدولي. وبفضل كونها قوة تصديرية رئيسية، أصبحت هذه الصناعة المحرك الأول في البلد في ميدان الابتكار التكنولوجي، مما ولد أكثر من 80% من الابتكارات في مجال الصناعات الرئيسية الأخرى.

ومن أكثر الصناعات الألمانية فعالية وأفضلها إبداعاً، يبرز الفضاء الجوي، حيث يعتبر من المحركات التكنولوجية التي تدفع ألمانيا إلى أعلى مستوى في المجال التقني والتي تجمع بين كل التكنولوجيات الرئيسية المستقبلية بما فيها الإلكترونيات، وعلم الإنسان الآلي، والمواد، وتكنولوجيا البرمجيات.

وفيما يخص صناعة الإلكترونيات، فهي تعد من أسرع الصناعات نمواً في ألمانيا، حيث أنها تستفيد من المطالب المتزايدة في قطاع التطبيقات. وظلت صناعة الإلكترونيات الألمانية رائدة في السوق الاوروبي في ميدان المواد شبه الموصلات وشاشات العرض. وأصبحت منطقة "ساكسونيا سليكون" من إحدى كبريات المجموعات الخمس في مجال شبه الموصلات عالمياً.

وفي عالم صناعة التكنولوجيا النانوية، فإن ألمانيا تمتلك أيضاً مجالاً غنياً ومتنوعاً، إذ تلعب دوراً مهماً في مختلف الصناعات لتزويدهم بالتقنية النانوية في السوق المحلي وكذلك الأسواق الدولية ولا سيما في صناعة السيارات، والبصرية، والكيميائية وقطاعات الصيدلة. وتعتبر ألمانيا من أكبر الأسواق النامية عالمياً في مجال الاقتصاد الصحي، حيث تبلغ مصاريف الرعاية الصحية ما يعادل أكثر من 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني ليصبح قطاع الصحة الألماني أكبر من صناعة السيارات المزدهرة في البلاد.

وبالوصول إلى صناعة السيارات، فإننا نكون أمام واحدة من أكبر الصناعات الألمانية في نطاق دورة المبيعات، وتمثل 42% من جميع الشركات الأوروبية لتصنيع المعدات، كما تساهم بـ 0,5%  في مراكز البحث والتطوير لمعدات المحركات. وتستضيف ألمانيا أكبر تجمع لشركات تصنيع المعدات في أوروبا، وبذلك تتيح قدراً كبيراً من ميزات القيمة المضافة لمزودي صناعة المحركات. وما زالت صناعة الهندسة الميكانيكية الألمانية هي الأقوى في أوروبا. ويعود نجاح صناعة الآلات والمعدات إلى تقاليدها القديمة في الهندسة الميكانيكية ومرتبتها الرائدة في التطوير التقني واختلاف الصناعات الأساسية. ومن المعروف أن العديد من العلامات التجارية الألمانية مثل: "مرسيدس بنز"، "بورشه"، "فولكس فاغن"، "أودي" و"بي إم دبليو" يحظى بسمعة عالمية واسعة ترمز للقوة والأمان والسلامة.

كما استطاعت التقنيات البيئية أن تطور نفسها في السنوات القليلة الماضية إلى واحد من أهم القطاعات الاقتصادية في ألمانيا. ويقف وراء هذا التطور مجموعة من القوى الدافعة التي تتمثل في تقاليد مجال التقنيات البيئية، والقوى العاملة الممتازة ذات المهارات العالية، وكذلك المنتجات والحلول المبتكرة.

 

ريادة عالمية في الطاقة المتجددة

وتقدم ألمانيا العديد من الفوائد لقطاعي الأعمال والبيئة العالمية باعتبارها رائدة للثورة الصناعية عالمياً، حيث توجد فرص هامة للاستثمار في كل مراحل الطاقات المتجددة وصناعة الموارد، وذلك بفضل أهداف الحكومة الطموحة والتمويل السخي. وحتى في مجال كفاءة استخدام الطاقة، فإن ألمانيا تحتل عالمياً مركز الصدارة. وسوف يتعزز هذا المركز في المستقبل من خلال الطاقة المتكاملة وبرنامج تغير المناخ الحكومي. كما توفر ألمانيا أيضاً بيئة مثالية لتطورات جديدة في كفاءة استخدام الطاقة وتتيح لقطاع الشركات الأجنبية فرصاً ممتازة للاستثمار.

وتعتبر ألمانيا سوقاً رائداً في تخزين الطاقة ونظم خلايا الوقود، حيث أن الأسواق الناشئة لمعدات تخزين الطاقة وخلايا الوقود وكذلك أنظمة إدارة كفاءة الطاقة (الشبكات الذكية)، تمثل فرصاً تجارية جديدة جاذبة للمصنعين ومزودي الخدمات. وفي ألمانيا، كانت هذه التكنولوجيات تمثل 8 في المئة من الإنتاج المحلي الإجمالي في عام 2007 ومن المتوقع أن تصل إلى 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020. وبلغت المبيعات العالمية في مجالي الطاقة المستدامة وتخزين الطاقة 155 مليار يورو في عام 2007 ومن المتوقع أن تنمو أربعة أضعاف لتصل إلى 615 مليار يورو بحلول العام 2020.

ومن أجل تعزيز التطورات في مجال التكنولوجيا والبنية التحتية لاستخدام الهيدروجين وخلايا الوقود، تشكل في عام 2006 تحالف استراتيجي بين الحكومة الألمانية والقطاع الصناعي والمجتمع الأكاديمي تم تسميته "الخطة التنفيذية الوطنية" "NIP". وتتمثل مهمته في التدليل على جدوى تكنولوجيا الهيدروجين من خلال المشاريع التجريبية والبحثية. ولدى "الخطة التنفيذية الوطنية" ميزانية إجمالية تبلغ 1.4 مليار تحت تصرفها، 50 في المئة ممولة من الصناعة و50 في المئة منحة فدرالية. ويتم إدارة هذه الميزانية من قبل هيئة اتحادية تسمى "ناو" "NOW".

وحددت الاستراتيجية الاتحادية للوقود المستدام، الهيدروجين كناقل طاقة مهم لقطاع النقل على المدى المتوسط والطويل وحددت هدفاً بأن تكون هناك مليون مركبة تعمل بالهيدروجين على الطرقات بحلول العام 2020.

وفي الحقيقة يشكل استخدام الطاقة المتجددة في تشغيل وسائل النقل كالسيارات والحافلات والشاحنات تحدياً كبيراً. ولكن، على المدى الطويل، تُعتبر مكافآت بناء البنية التحتية المطلوبة عالية من حيث أمن الطاقة، وحماية البيئة والفرص التجارية. أما التحدي الرئيسي لتطوير مستقبل النقل من خلال الطاقة المتجددة فهو يتلخص في توفير أمن الطاقة بأسعار معقولة وتأمين الحماية للبيئة. وتتمثل أهداف ألمانيا الاتحادية في :ضمان موقع تكنولوجي وتنافسي لصناعة توفر ما يقرب من مليوني فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة وتولد قيمة إضافية تقرب من 250 مليار يورو في السنة، وتقليل الاعتماد الاستراتيجي على النفط المستورد، وتحقيق مختلف الأهداف المناخية والبيئية، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة بنسبة 3 في المئة في السنة، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة لوسائل النقل (باستثناء وقود الطيران) من 6 في المئة في عام 2008 إلى 17 في المئة في عام 2020.

كما تقوم الحكومة بنشاط بتعزيز التنمية والتكامل السريع لتكنولوجيا التدفئة والتبريد الكفوءة وذلك من خلال قوانين جديدة وحوافز مغرية. وأدى ذلك إلى تحول مهم في السوق في ألمانيا نتج عنه نمو جزئي في صناعة التدفئة والتبريد. وزاد عدد التكنولوجيات المتجددة الكفوءة بشكل كبير. وبفضل بحوث تطوير السوق، والتطور الحاصل على صعيد توفير الطاقة الكفوءة أصبحت تكنولوجيا التدفئة مركزة بشكل كبير في ألمانيا. وتعتزم الحكومة الألمانية خفض انبعاثات غاز ثاني الكربون لتصل إلى 270 مليون طن متري بحلول العام 2020، ومواصلة تعزيز استهلاك الطاقة المنتجة من مصادر متجددة. وتستهلك المباني أكثر من 40 في المئة من الطاقة المستهلكة في ألمانيا، يُستخدم 85 في المئة من تلك النسبة لأغراض التدفئة. وفي المنازل الخاصة يصل هذا الرقم إلى 86 في المئة من إجمالي استهلاك الطاقة. ومن أصل 17 مليون مولد تدفئة في ألمانيا، فإن 12 في المئة فقط يمكن اعتبارها حديثة: 70 في المئة منها يتراوح عمرها بين 10 و24 عاماً، و18 في المئة ما تزال أكثر قدماً. وبالتالي، فإنه من المتوقع أن تحمل العقود القادمة نمواً كبيراً في السوق يترافق مع توفر إمكانيات للاستثمار. وفي العشرين سنة القادمة، سيتم تحديث حوالي 50 في المئة من مجمل المباني القائمة (2.5 في المئة سنوياً وهو ما يعادل 950 ألف مبنى من مجمل 38 مليون مبنى قائم). وهناك التزام لدمج تكنولوجيات التدفئة الكفوءة لتقليل استهلاك مصادر الطاقة الرئيسية للمتر المربع الواحد في المباني الجديدة. وتصل نسبة التوفير المحتمل إلى 93 في المئة من استهلاك الطاقة الرئيسية في الشقق السكنية في ألمانيا. ويستمر الطلب على تقنيات تكييف الهواء بالارتفاع بسبب تغيير نمط الحياة والمناخ وبهدف التأقلم مع المعايير الحديثة. وتستخدم تقنيات هندسة التكييف والتبريد حوالي 15 في المئة من الطاقة الكهربائية الكلية المنتجة في ألمانيا.

وتبرز ألمانيا أيضاً بوصفها أكثر الدول التي تقوم بتحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء. وهي بذلك المنتج الأول للطاقة الضوئية في أوروبا بأكملها، وثالث الدول عالمياً لناحية القدرة الإنتاجية وعدد الموظفين العاملين في هذه الصناعة، بسعة إنتاجية جديدة تبلغ 3.8 غيغاواط من الطاقة. وقد أنتجت ألمانيا نسبة 52.8% من الطاقة الضوئية الجديدة المنتجة في العالم في عام 2009، في حين بلغ حجم الاستثمارات المطابقة عن نفس الفترة حوالي 10 مليارات يورو، تم من خلالها إنتاج وتجميع طاقة بسعة 9.8 غيغاواط في نهاية العام، أي ما يعادل 42% من الإنتاج العالمي. وبهذا تكون ألمانيا قد احتوت وشغلت حوالي نصف وحدات الطاقة الشمسية في العالم.

ويوجد في ألمانيا 70 شركة مصنعة للسيليكون، والرقائق، والخلايا، والنماذج. كما يوجد ما يزيد عن 200 موزع لمواد ومعدات الطاقة الضوئية، وأكثر من 100 مصنّع لمكونات نظم التوازن إلى جانب مئات الشركات المطورة للمشاريع وشركات تثبيت ودمج الأنظمة. وكل هؤلاء يوظفون حالياً حوالي 64,000 موظف. هذا، وبلغت سعة إنتاج خلايا إنتاج الطاقة الشمسية في ألمانيا 2,456 ميغاواط في 2009، وسعة وحدات الإنتاج 2,065 ميغاواط عن نفس الفترة. وهذا ما مكن منتجي الطاقة الضوئية من جمع عائدات بلغت 8.6 مليار يورو.

واستطاع المصنعون الألمان زيادة حصتهم في سوق التصدير خلال السنوات القليلة الماضية، مدعومين بمناخ تصدير مثالي وطلب عالمي هائل على منتجات الصناعة الألمانية. وقد ارتفعت تلك النسبة من 14% في العام 2004 إلى 47% في 2009. وتمكن موزعو معدات الطاقة الضوئية من حصد عائدات بلغت 2 مليار يورو وحصة 79% من سوق التصدير في عام 2009. وبالمجمل بلغت عائدات صادرات صناعة الطاقة الضوئية 5.6 مليار يورو في ذلك العام.

وبهدف التماشي مع النمو المستقبلي الهائل وتوسيع طاقتها الإنتاجية، خصصت صناعة الطاقة الضوئية الألمانية استثمارات صافية بلغت 1.8 مليار يورو في العام 2009. ويجري التخطيط لاستثمار مليار يورو إضافي في أعمال الأبحاث والتطوير للعام 2013، وهو ضعف المبلغ الذي استثمر في هذا المجال خلال الأعوام الأربعة الماضية. ووضعت الحكومة الاتحادية الألمانية هدفاً يقضي بالحصول على طاقة ضوئية مجمعة بسعة 42 غيغاواط بحلول العام 2020، ومن المتوقع أن يجري الربط مع شبكة كهرباء المستهلكين في العام 2013. كما تتوقع الحكومة أن ترتفع نسبة الطاقة الضوئية من مجمل الطاقة المستخدمة من أقل من 1% (عام 2008) إلى 10% في عام 2020.

وبدورها، تعد صناعة طاقة الرياح الألمانية الأكبر في العالم والأكثر تقدماً على صعيد التقنيات التي تطورها. ولألمانيا تاريخ طويل في مجال الهندسة الميكانيكية والإلكترونية يضعها في مرتبة متقدمة على هذا الصعيد. كما أن موقع ألمانيا الوسطي في أوروبا يجعلها المكان المثالي للأسواق الأوروبية البحرية والبرية.  وتمثل ألمانيا موطناً لأكبر صناعات الرياح في العالم، والتي تطورت بشكل كبير في العام 2009 وقدمت فرص عمل لما يزيد عن 85,000 موظف. وبصفتها السوق الرئيسي لطاقة الرياح في أوروبا، تحوي ألمانيا أكثر من 16% من الطاقة المتوفرة في العالم. وقد حققت سوق الرياح الألمانية في العام 2009 نمواً نسبته 15% عن العام السابق، حيث بلغ إجمالي الإنتاج 25,777 ميغاواط بنهاية عام 2009، في حين بلغ إجمالي القدرة الإنتاجية 38 مليار كيلواط بالساعة. وتصل نسبة ما تنتجه ألمانيا من طاقة الرياح لـ7.5% من إجمالي الاستهلاك، وهي بذلك أكثر أنواع الطاقة البديلة إنتاجاً في الدولة. وقد تم في نهاية العام 2009 إضافة سعة بقدرة 60 ميغاواط بحري في ألمانيا، كما يجري حالياً العمل على تطوير أكثر من 90 مشروع لمحطات بحرية لإنتاج طاقة الرياح، إذ حصل 31 مشروع محطة بحرية بالفعل على الموافقة الرسمية في نهاية 2009. ومما لاشك فيه أن مستويات التصدير العالية تسمح برفع مساهمة صناعة طاقة الرياح الألمانية في تطوير سوق هذه الطاقة عالمياً وأوروبياً إلى ما فوق المعدل الوسطي. وتعتبر أوروبا السوق الرئيسي للمنتجات الألمانية التي هيمنت على سوق الطاقة العالمي في العام 2009 بنسبة 47.9% من كافة القدرة الإنتاجية المضافة. ويذكر أن عائدات قطاع طاقة الرياح العالمية بلغت 50 مليار يورو عام 2009.

 

بنية تحتية متطورة

من جهة أخرى، تكتسب الخدمات المشتركة وإدارة نظم سير العمل أهمية متزايدة، حيث تستفيد العديد من الشركات العاملة في ألمانيا من استخدام هذه النهج المبتكرة، لتشكيل مكاتب خلفية ووظائف غير أساسية أكثر فعالية من حيث التكلفة. ولذلك فإن تفضيل مواقع الأعمال في ألمانيا يزداد بشكل مضطرد، لما تكتسبه من جاذبية، نظراً لاعتدال تطور الأجور وانخفاض معدلات الدوران.

وتزدهر في ألمانيا أيضاً صناعة مراكز الاتصال، حيث تساعد العديد من الشركات في جميع أنحاء العالم لسد احتياجاتهم في مجال إدارة العلاقات مع الوكلاء في أوروبا وخارجها. أصبحت ألمانيا الشريك المثالي في أوروبا، وذلك بفضل مهارة قواها العمالية ومرونتها، وتنافسية أسعار العقارات، وسرعة الوصول إلى الأسواق الجديد.

ويلعب موقع ألمانيا في قلب وسط أوروبا دوراً أساسياً في جعلها محور للنقل والإمداد، لاسيما وأنها تمتلك بنية تحتية متطورة وخدمات لوجستية حديثة جداً. وبالتالي فإن هذا الموقع المركزي يوفر للمستثمرين إمكانية الوصول بسهولة إلى حوالي 460 مليون مستهلك في الإتحاد الأوروبي. ويتعامل ميناء هامبورغ، الذي يحظى بموقع مثالي بين بحر الشمال وبحر البلطيق، مع نحو 135 مليون طن من البضائع، من ضمنها 9 ملايين حاوية بحجم 20 قدم (حاويات مكافئة)، الأمر الذي يجعل منه مركزاً رئيسياً لشحن البضائع في شمال أوروبا. ويعتبر هذا الميناء الأكبر في ألمانيا وثاني أكبر ميناء في أوروبا من حيث حجم المناولة، ويعد مركزاً لوجستياً حديثاً مجهزاً بكافة الخدمات التي تحتاجها شركات الاستيراد والتصدير.

كما تشكل ألمانيا أيضاً أكبر سوق استهلاكي في أوروبا، إذ يبلغ عدد سكانها حوالي 82,2 مليون نسمة. كما تتصف القوة الشرائية للسكان بأنها فوق المتوسط. وباعتباره أكبر سوق للأغذية والمشروبات في أوروبا، فإن معظم الأغذية الدولية الرئيسية توجد في ألمانيا، ويتوقع أن يأتي المزيد من المستهلكين إلى ألمانيا لتحريك الأرباح من المنتجات المبتكرة في جميع قطاعات الأغذية والمشروبات.

ومن الجدير بالذكر أيضاً أن صناعة السياحة و السفر المزدهرة باتت تزداد أهميتها بشكل ملحوظ، لاسيما مع ما تتميز به المدن الألمانية من جمال طبيعي أخاذ وأجواء ثقافية وفنية وتراثية وترفيهية رائعة وخدمات صحية متطورة، بحيث جعلت ملايين الزوار من كافة أنحاء العالم يحرصون على زيارة ألمانيا سنوياً. وهنا تبرز العاصمة الألمانية برلين بما تتميز به من حراك وحيوية وتطور دائم بحيث يجد السياح في كل زيارة إليها شيئاً جديداً ليكتشفوه. ومن المعروف أن هذه المدينة التي تتصف بتكاليف معيشية غير مرتفعة مقارنة بمثيلاتها من المدن العالمية الأخرى، تجتذب المبدعين ومصممي الأزياء ونجوم السينما ومشاهير العالم بالإضافة إلى المواهب الشابة والمبدعين الشباب الذين يجدون فيها الإلهام ومصدر الإبداع. كما تحولت برلين إلى عاصمة للموضة والتسوق، حيث تزخر بالعديد من معارض الموضة العالمية ومراكز وشوارع التسوق الشهيرة، ناهيك عما تحفل به هذه المدينة، التي لا تعرف النوم، من أحداث ثقافية وفينة وترفيهية وعروض ونشاطات وبرامج ومهرجانات وحفلات موسيقية على مدار العام. ولا ننسى طبعاً الطبيعة الساحرة، إذا تنتشر فيها المساحات الخضراء والحدائق والمنتزهات والغابات والبحيرات.

 

كيف غزت البضائع الألمانية العالم؟

إن عبارة "صنع في ألمانيا" المعروفة في جميع أنحاء العالم، تم تقديمها في الحقيقة من قبل الإنكليز من خلال "قانون علامات البضائع" في العالم 1887، والذي كان يهدف إلى حماية الأعمال الإنكليزية من المنتجات الألمانية "الأدنى درجة". وعلى الرغم من أن هذا الختم صُمم في البداية كنوع من العقاب، إلا أنه تحول ليصبح علامة معروفة في جميع أنحاء العالم وسمة مميزة تدل على الجودة العالية وقوة التحمل والتكنولوجيا المتطورة.