أكبر اقتصاد في أوروبا يوفر بنية تحتية متطورة ومناخاً استثمارياً جذاباً

قوى ألمانيا التنافسية الاقتصادية تعتمد على البحث والتعليم والابتكار

لابد لأي متتبع ملاحظة أن قوى ألمانيا التنافسية الاقتصادية الدولية ما هي إلا نتيجة لمجموعة من النقاط الإيجابية في مختلف مجالات البحث والتعليم والابتكار. كما أن حرص ألمانيا الدائم على التركيز على جودة المنتجات والاهتمام بمختلف النوعيات التي يتم تصنيعها، ساهم بشكل جلي في تحويل عبارة "صنع في ألمانيا" إلى رمز يدل على الجودة والدقة والإتقان في العمل، مما جعل المنتجات الألمانية تحظى بثقة كبيرة لدى المستهلكين من كافة أنحاء العالم.


 

أقوى اقتصاد في أوروبا

عندما نتحدث عن الاقتصاد الألماني فإننا نتحدث عن أقوى اقتصاد في أوروبا، حيث أنه أكبر من اقتصاد فرنسا، كما إنه أكبر من اقتصاد بريطانيا بـ "37,2 في المئة"، ويعد أيضاً رابع أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان. ويشكل التصدير في ألمانيا قاعدة أساسية لعدد كبير جداً من الوظائف، فمن المعروف عنها شهرتها وريادتها في صناعة السيارات والآلات، وتواجد شركاتها في موقع ممتاز في مجالات الطب والتقنيات النانوية والليزر، ودعمها للبحوث العلمية وتوثيق العلاقة بين الصناعة والعلم مع السعي إلى التوجه إلى المستقبل بخطى واثقة. وإلى جانب ذلك تعتبر ألمانيا محركاً للتكنولوجيا في قارة أوروبا، كما أنها تتصدر لائحة جدول براءات الاختراع المتعلقة بالأسواق الدولية. وبفضل قدرة الابتكار الألمانية وروح المبادرة التي يتمتع بها الاقتصاد الألماني، فإن الكثير من الخبراء يشير إلى أن ألمانيا كانت الأفضل بين بقية الدول الأوروبية على مواجهة الأزمة العالمية.

كما تتمتع ألمانيا بنظام مصرفي قوي، تمكنت من خلاله من تجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية بأمان وتكبد أقل الضرر، فقد كانت المصارف هي الفتيل الذي أشعل شرارة الأزمة الاقتصادية، ما أدى إلى انهيار اقتصادات عالمية، خاصة تلك التي افتقرت أنظمتها المصرفية للاستقرار.

وإلى جانب الشركات الألمانية الكبيرة، تشكل الشركات ذات الحجم المتوسط جوهر الاقتصاد الألماني، حيث يعمل حوالي 70% من مجمل اليد العاملة في هذه الشركات ذات الحجم المتوسط. ومن المعروف أن أهم خصائص الاقتصاد الألماني، وأكثرها ثقلاً يتمثل في الشركات متوسطة الحجم، والتي تُدر حوالي 95% من إجمالي الدخل المحلي، فهي وصلت إلى مقاييس عالمية من حيث الابتكار والمرونة والجودة، كما إن العديد من هذه الشركات ذات الحجم المتوسط تتصف بريادتها في مجال عملها وتخصصها وتحظى بسمعة عالمية طيبة. كما استطاعت ألمانيا كسب مكانة في المنافسة العالمية في مجال تكاليف العمل. فالمستثمرون يستفيدون من الخبرة والتأهيل القوي للأيدي العاملة والتي تنعكس على الإنتاجية.

وبحكم علاقات ألمانيا المُحكمة بالعالم الاقتصادي، فإن أي سعي باتجاه تخفيف تأثيرات الأزمة المالية الاقتصادية العالمية التي طالت كافة دول العالم أو إيجاد الحلول للخروج من الأزمة ومواجهة التحديات التي يشهدها الاقتصادي العالمي، لا يمكن أن يتم دون مشاركة ألمانيا ودعمها. ومن الملفت أن تعامل ألمانيا مع الأزمة إلى حد الآن يحمل العديد من المؤشرات الإيجابية، حيث لوحظ حرص الحكومة الألمانية على التعامل بشكل واقعي وشفاف مع المعطيات الجديدة، كما أنها أصبحت أكثر إصراراً وتصميماً على مواجهة مختلف التحديات والعمل على تصحيح كافة المسائل الشائكة التي طفت على السطح، إلى درجة أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اعتبرت في تصريحاتها أنه ينبغي استخدام الأزمة كفرصة، وقالت أيضاً "نريد أن نخرج من هذه الأزمة أقوى مما كنا عليه عندما دخلناها".

وتشير بعض تقديرات الخبراء إلى أن ألمانيا ستخرج منتصرة من الأزمة المالية. ويرى البعض أن الأزمات تفسح المجال أمام فرص جديدة، إذ تدفع الشركات إلى التوفير وخفض التكاليف ورفع الإنتاجية. وهذه العوامل تتطلب أحياناً تقنيات عالية يمكن للشركات الألمانية توفيرها.

 

الانتصار على الأزمات

وبنظرة سريعة على مقومات الاقتصاد الألماني والأحداث والتطورات التي شهدها ومر بها، تجعل أي مراقب يوقن أن روح المبادرة والابتكار والتقنيات الحديثة ستعلب دوراً عظيماً في المحافظة على قوة هذا الاقتصاد وتطويره بشكل دائم. وهنا لا يمكننا إغفال المراحل التاريخية التي مرت بها ألمانيا قبل أن تصل إلى ما هي عليه اليوم. فعلى الرغم من الفترات العصيبة التي عاشها الاقتصاد الألماني في الماضي، إلا أنه كان يجتاز الأزمات بتصميم كبير ويخلق النجاح تلو الآخر. فبعد الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918م) تأثرت ألمانيا، كغيرها من الدول الصناعية، بمرحلة الكساد الاقتصادي الكبير التي سادت وقتها، إلا أنها اجتازت الأزمة بنجاح، وذلك بفضل إنتاجها الضخم من الحديد وتنوع الاستثمارات الأجنبية فيها.

أما عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945م)، فقد قسّمت ألمانيا إلى أربعة مناطق هي ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية ومقاطعة السار ومقاطعة الرور، وقام الحلفاء بعدها بتسريح الجيش الألماني وإغلاق جميع المصانع الداعمة للصناعات الحربية، الأمر الذي أدى إلى تدمير جميع إمكانيات ألمانيا الصناعية والمتمثلة بإنتاج السفن والطائرات، في حين أرغمت الخطة الاقتصادية الأولى، التي وقعها الحلفاء في 29 مارس 1946م، ألمانيا، على تخفيض صناعتها الثقيلة بنسبة 50% قياساً بمستوياتها في عام 1938م، ونتيجة لذلك تحدد إنتاج ألمانيا من الحديد بمقدار 5.8 مليون طن سنوياً والتي تعادل 25% من طاقة ألمانيا الإنتاجية من الحديد.

وكانت الخطوة التي قامت بها ألمانيا في عام 1951م، بموافقتها على المشاركة في الإتحاد الأوربي للفحم والحديد، إيذاناً برفع القيود على القدرات الصناعية والإنتاج الفعلي المفروض على ألمانيا من قبل السلطة الدولية، وأعيدت منطقة الرور إلى الحكومة الألمانية في الأول من كانون الثاني عام 1957م، بيد أن فرنسا استبقت لنفسها حق استخراج الفحم حتى عام 1981م.

ومن اللافت أنه لم يكن لإخفاق ألمانيا في الحرب تأثير كبير عليها، إذ نجحت في حماية صناعاتها المحلية والاستثمارات الأجنبية فيها، كما استفاد الشعب في ألمانيا الغربية من قانون إصلاح العملة لعام 1948م وما يعرف بـ "خطة مارشال"، ليحقق أسرع نمو اقتصادي في العالم مع مطلع الخمسينيات، وسميت هذه المرحلة بـ "المعجزة الاقتصادية" والتي شهدت ارتفاع الإنتاج الصناعي بنسبة 38%، كما تجاوز الإنتاج الزراعي نسب الإنتاج في فترة ما قبل الحرب.

وببناء جدار برلين في العام 1961 تم تقسيم ألمانيا إلى جمهوريتين، الأولى: جمهورية ألمانيا الديمقراطية الاشتراكية (ألمانيا الشرقية) والثانية: جمهورية ألمانيا الإتحادية (ألمانيا الغربية). ورغم كل ما مثله هذا الجدار من تفرقة، إلا أن انهياره في عام 1989 شكل منعطفاً هاماً في تاريخ البشرية بالكامل، فقد سجل هذا الحدث نهاية حقبة تخللتها أكثر الصراعات دموية وتعقيداً في العالم، بدءاً بالحرب العالمية الثانية وتقسيم ألمانيا إلى مناطق نفوذ لدول الحلفاء المنتصرة في تلك الحرب وانتهاءً باستعار الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي الشرقي والرأسمالي الغربي.

وفي 3 أكتوبر من عام 1990م، تشكلت "جمهورية ألمانيا الاتحادية"، وذلك بانضمام ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية، حيث تعتبر ألمانيا الموحدة اليوم إحدى أقوى الدول الأوروبية. ويمكن القول إن الوحدة ساهمت وبدون أدنى شك في زيادة  ثقل ألمانيا على الساحة السياسية الدولية وحررتها من الكثير من القيود التي فرضتها الحرب الباردة، ولكن في نفس الوقت فإن توحيد الألمانيتين شكل عبئاً ثقيلاً على اقتصاد البلد!

وعلى الرغم من كل ذلك، فقد عاد الاقتصاد الألماني تدريجياً إلى العمل بكامل طاقته، لا سيما مع قيام الحكومة الألمانية بإصلاح بعض القوانين والتشريعات المنظمة للأنشطة التجارية والصناعية في البلد. ولعل "أجندة 2010"، وهو البرنامج الذي وضعه المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر لإصلاح الاقتصاد والنظام الضريبي والاجتماعي والصحي، عن طريق خفض الضرائب على الشركات وتقليل أعباء الدولة المالية في المجالين الاجتماعي والصحي، يعتبر أحد أشهر البرامج الإصلاحية التي طبقتها الحكومة الألمانية.

 

الابتكار والقدرة التنافسية

وهناك مجموعة حاسمة من العوامل التي تشكل اليوم قدرة ألمانيا التنافسية، نذكر منها امتلاكها لأعلى معدلات الإنتاج عالمياً، وانخفاض تكاليف وحدة العمل. كما ساهمت سلسلة من الاصلاحات الاجتماعية في السوق بتحويل النمو الاقتصادي الألماني إلى أحد أكثر مواقع الإنتاج في أوروبا فعالية من حيث التكلفة. وكأقوى اقتصاد في أوروبا تقدم ألمانيا سوقاً جذاباً من الدرجة الأولى، وذلك بفضل موقعها الاستراتيجي وسهولة ارتباطها بالأسواق الأوروبية الداخلية وكذلك دول شرق ووسط أوروبا. وتتميز ألمانيا بقوتها الإبداعية وتميزها التكنولوجي في قطاع التكنولوجيا العالية، حيث تحصل باستمرار على أعلى التقديرات نظراً لبنيتها التحتية واللوجستية.

ونظراً لموقعها المميز في قلب وسط أوروبا، فهي تحتل المرتبة الأولى في السوق الأوروبي للنقل والإمدادات، حيث يتم التوزيع بنجاح وفي الوقت المحدد عبر طرق مختصرة، ويرجع ذلك للطاقة المتطورة والبنية التحتية الممتازة للاتصالات، إضافة إلى شبكات النقل الجيدة. وتعتبر شركة السكك الحديدية الألمانية "دويتشه بان" رائدة في عالم المواصلات، نظراً لتوظيفها أحدث وأفضل التقنيات في مشاريع بناء وتطوير شبكات السكك الحديدية التي تشكل دعماً قوياً لحماية البيئة والتنمية المستدامة وتسهم بشكل فعال في التقليل من الانبعاثات الغازية وتعمل على تنويع مصادر الدخل الاقتصادي وتعزيز الصادرات في مجال الدعم اللوجيستي والبناء.

ولكن تميز ألمانيا يعتمد أولاً وأخيراً على القوى العاملة التي يضمن لها النظام التعليمي تحقيق أعلى المستويات، حيث أتاح ذلك تأهيل 81% من سكان ألمانيا للدخول إلى مستوى جامعي أو لامتلاك المؤهلات المهنية المعترف بها. ومن خلال دعم الدولة لأعمال البحث والتطوير، باتت ألمانيا من رواد الابتكار في العالم، حيث أنها تتصدر المرتبة الأولى في أوروبا في مجال البحوث. هذه القوة المبتكرة التي يدعمها الالتزام جعلت ألمانيا أيضاً تحتل المرتبة الأولى في تسجيل براءات الإختراع في أوروبا والقوة الرائدة في العالم في الحلول التقنية العليا. كما إن نظام التعليم الألماني، خاصة ما يُعرف بنظام التدريب المهني المزدوج يعد من أهم عوامل نجاح الاقتصاد الألماني.

وفي عصرنا هذا فإن التقنية المتطورة تحدد القدرات التنافسية للدول. وتستيطع التقنيات أن تلعب دوراً مهماً في إنتاج الطاقة المتجددة ودعم عملية التنمية المستدامة، بحيث تلبي احتياجات الحاضر وتعمل على ضمان احتياجات الأجيال القادمة من خلال إحلال تنمية اقتصادية واجتماعية وبيئية مستدامة. ووضعت ألمانيا، في السنوات الأخيرة، هدفاً لها يقضي بالحفاظ على البيئة ودفع عجلة النمو الاقتصادي دون أن تتناقض العمليتين. كما أدخلت ألمانيا مجموعة من القوانين والحوافز وبرامج الإصلاح لتعزيز مصادر الطاقة المتجددة. وتأتي سياسة البلاد في مجال الطاقة المتقدمة كرد فعل على اثنين من أكثر تحديات عصرنا إلحاحاً: أمن الطاقة وتغير المناخ. وبناء عليه، فإن هناك حاجة كبيرة لتكنولجيات فعالة للحد من استهلاك مصادر الطاقة الرئيسية. ومن الجدير بالذكر أن ألمانيا تستثمر مبالغ طائلة في مشاريع حماية البيئة وترشيد استخدام الطاقة وتوفير مصادر بديلة لها، لاسيما أن صناعة الطاقة المتجددة تتصدر الطليعة في القرن الحادي والعشرين.

 

مغناطيس الاستثمار

وبالنظر إلى قيمة الاستثمارات الأجنبية في ألمانيا اليوم، يمكننا وصفها بأنها مغناطيس يجذب الأموال من كافة أنحاء العالم. فهناك الكثير من الأسباب والظروف الاقتصادية التي تجعل من ألمانيا مناخاً استثمارياً يستقطب العديد من المستثمرين الدوليين الذين باتوا يتطلعون إلى هذا السوق باهتمام بالغ، لاسيما مع ما قامت به من تخفيض للضرائب على الشركات إلى مستوى جذاب مقارنة بالمستوى الدولي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإصلاح الهيكلي والتنمية المعتدلة لتكاليف وحدة العمل ساهم إلى حد كبير في تحسين القدرة التنافسية للشركاء في ألمانيا، لتصبح أحد أفضل مواقع جذب المستثمرين الأجانب.

وفي هذا الإطار، تقوم وكالة التجارة الخارجية والاستثمار التابعة لجمهورية ألمانيا الإتحادية Germany Trade & Invest" " التي نشأت من خلال توحيد الوكالة الألمانية للتجارة الخارجية ومؤسسة الاستثمار الألمانية بداية من تاريخ 1 يناير 2009، بمهمة تسويق مواقع الاقتصاد والاستثمار والتكنولوجيا في ألمانيا بالإضافة أيضاً إلى تجنيد مستثمرين جدد.

وتقدم الوكالة الدعم والمشورة للشركات الأجنبية خلال عملية توسيع أعمالها في ألمانيا والشركات الألمانية في مجال تطوير الأسواق الخارجية، كما تقدم عرضاً شاملاً وموجهاً إلى العملاء حول معلومات الاقتصاد والصناعات، فضلاً عن معلومات حول العطاءات للاستثمار في الخارج ومشاريع التنمية وكذلك للقانون والجمارك.

 وتمتلك وكالة التجارة الخارجية والاستثمار شبكة عالمية من العاملين الأجانب، الذين يجمعون معلومات من الموقع حول الأسواق الأجنبية ويدعمون الشركات الأجنبية خلال عملية التوسع في ألمانيا. كما إنها تعمل عن كثب مع اتحاد الغرف التجارية الألمانية في الخارج (AHK)   وتتعاون معها بشكل مستمر لتقديم محطة مركزية لتقديم المعلومات والمشورة المحددة للمصدرين الألمان والمستثمرين الأجانب المحتملين في المستقبل.

وتعتمد بيئة الاستثمار في ألمانيا على العديد من المقومات والعناصر، فهي لا تشتمل فقط على سوق محلي كبير، بل تعتبر بوابة الدخول إلى الأسواق النامية في الاتحاد الأوروبي الموسع. ويُنظر إليها أيضاً على أنها لاعب عالمي بارز يتواجد بشكل قوي في قائمة أكبر المصدرين في العالم. كما يعد القطاع المالي شرياناً حياتياً بارزاً في ألمانيا، إذ يشكل الركيزة الهامة لكفاءة وانخفاض أسعار قطاع الخدمات المالية وتوفير القروض لعملاء القطاع الخاص وأصحاب الشركات، أي يمكن القول إن نمو الاقتصاد عموماً مرهون بكفاءة أسواق المال ومدى استقرارها، ويعلب القطاع المالي دوراً رئيسياً في تأمين فرص العمل ورفاهية المجتمع.

وفي ظل الاهتمام الألماني الكبير بجذب الاستثمارات الدولية إلى أراضيها، فهي تقدم مجموعة متنوعة من الحوافز المغرية التي تشجع على الاستثمار. كما أنها تمتلك عدداً كبيراً من البرامج التنموية المغرية للمستثمرين، تدعمها مجموعة شاملة وواسعة من برامج الأنشطة التجارية خلال جميع مراحل عملية الاستثمار فيها،  نذكر منها على سبيل المثال: حوافز نقدية لسداد تكاليف الاستثمار المباشر أو حوافز للعمل والبحث والتطوير، كما توفر ظروفاً ضريبية تنافسية تتمثل في خفض مستويات الضرائب وتحسين الإطار العام للضريبة لإبقاء تكاليف العمل غير المباشرة في مستوى منخفض، مما يساعد ذلك الشركات على الاستثمار وتأمين أعمالها التجارية، وفي نفس الوقت يساعد على المزيد من الاستثمار. وبهذا تكون ألمانيا أخذت ميزة واضحة مقابل قوى عظمى أخرى.

كما لابد من الإشارة إلى ما تمثله ألمانيا من بيئة آمنة للاستثمار، فهي دولة حديثة توفر الضمان اللازم للشركات فيما يتعلق بمسألة حقوق الملكية، فكل العقود والاتفاقيات التجارية ملزمة قانونياً وتترافق بإجراءات قوية جداً لحماية الملكية الفكرية. يضاف إلى ذلك أن نوعية الحياة التي تتصف بها تجعلها مثالاً لمجتمع عالمي متسامح وحديث يعيش في مستوى معيشي ممتاز، فهناك أكثر من سبعة ملايين أجنبي يعيشون في هذا البلد في ظل نظام صحي وتعليمي يتصف بالرقي، يضاف إلى ذلك المناخ الثقافي المتنوع والغني، والعديد من الفرص الترفيهية والرياضية والمناظر الطبيعية الخلابة.

 

ألمانيا في تقرير التنافسية العالمية 2010-2011

تقدمت ألمانيا موقعين إلى الموقع الخامس في التصنيف العالمي في تقرير التنافسية العالمية التي تم إصداره مؤخراً. يأتي ذلك في أعقاب تحقيق ألمانيا أعلى نسبة نمو ربعي في الناتج المحلي الإجمالي منذ التوحيد. وقد نوهت الدراسة على وجه الخصوص بقطاعات المواصلات، والاتصالات، والبنية التحتية للكهرباء في ألمانيا، إلى جانب قدرة ألمانيا على الابتكار والتي حلت أولى عالمياً.

وجاءت نتائج مؤشر التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي 2010-2011 لتؤكد جاذبية ألمانيا كموقع للاستثمارات العالمية، علماً أن اقتصادات أصغر نسبياً قد احتلت المراتب الثلاث الأولى مع سويسرا في المرتبة الأولى، تتبعها السويد ومن ثم سنغافورة. واكتسبت ألمانيا نقاطاً على حساب الولايات المتحدة الأمريكية التي تراجعت من المرتبة الثانية إلى الرابعة، في حين تبعت ألمانيا في المركز السادس اليابان، وجاءت المملكة المتحدة في المركز 12 وفرنسا في المركز 15. والجدير بالذكر أن التقرير صنف 139 دولة بواسطة المعلومات الاقتصادية المتوفرة ومسح لآراء التنفيذيين.

وأظهر التقرير أن المحرك الرئيسي الدافع لأداء ألمانيا هو البنية التحتية والتي احتلت المرتبة الثانية عالمياً بعد هونغ كونغ، علماً أنها احتلت المرتبة الأولى العام الماضي. وتقاس في هذه الفئة عناصر تشمل نوعية الطرق وسكك الحديد والطرق المائية والبنية التحيتة للمطارات، إلى جانب شبكات الكهرباء والاتصالات. ولا شك أن ما عزز هذه المرتبة المتقدمة هو أداء ألمانيا القوي بوصفها مركزاً في قلب أوروبا مجهزاً لتوفير ممر سهل لباقي الأسواق الأوروبية.

إلى جانب ذلك، احتلت ألمانيا مراتب متقدمة في العديد من الفئات، حيث حلت أولى عالمياً في فئة القدرة على الابتكار، وهذه شهادة تقدير لجهود ألمانيا في مجالات البحوت والتطوير وتبنيها الدائم للتقنيات بهدف تحسين الإنتاجية. من جهة أخرى احتلت ألمانيا مراكز متقدمة لكفاءة أسواق بضائعها، وتنافسيتها المحلية الحادة، وسياسة مكافحة الاحتكار الفعالة.

ولفت التقرير إلى أن سوق العمالة الألماني يحتاج إلى تحسين مرونته، ولكنه أشاد في ذات الوقت بمساهمته في خفض معدلات البطالة خلال الأزمة الاقتصادية العالمية.

يذكر أن تقرير التنافسية العالمية يقوم بتحليل 100 مؤشر للتنافسية في 12 فئة، ويقوم المنتدى الاقتصادي العالمي بإجراء مسح لآراء التنفيذيين قبل صياغة التقرير.

 

أكثر وجهات الاستثمار الأجنبي المباشر جاذبية في أوروبا وفقاً للمديرين التنفيذيين للشركات

 
 

البلد

الترتيب الأوروبي

الترتيب الدولي

 

ألمانيا

1

5

 

بولندا

2

6

 

بريطانيا

3

10

 

فرنسا

4

13

 

رومانيا

5

16

 

جمهورية التشيك

6

17

 

 

ألمانيا.. أكثر المواقع جاذبية للأعمال في أوروبا

بينت إحصائية، قامت بها غرفة التجارة الأمريكية في ألمانيا وحملت اسم "بارومتر الأعمال لغرفة التجارة الأمريكية 2009"، أن الشركات الأمريكية تعتبر ألمانيا أكثر مواقع الأعمال جاذبية في أوروبا. وقد أشارت الشركات المشاركة في الإحصاء إلى التحسن المستمر الحاصل في نوعية المنتجات والعمليات في ظل المناخ الاقتصادي الحالي، مع الإشادة بقيمة المزايا الألمانية التقليدية والتي تشمل الاجتهاد والمصداقية والنوعية. إلى جانب ذلك، نوهت الشركات الأمريكية بالانخفاض المستمر في الفوارق بين تكلفة الأجور في ألمانيا وباقي أوروبا الشرقية، معتبرة ذلك عامل جذب إضافي يرفع من رصيد ألمانيا بصفتها موقع أعمال فريد.