في مقابلة مع وزير الدولة الألماني للشؤون الخارجية

الدكتور فيرنر هوير: الإمارات أهم شريك تجاري لألمانيا في العالم العربي

لإلقاء الضوء على مدى أهمية العلاقات الألمانية الإماراتية وأهم المجالات التي تركز عليها وآفاق هذه العلاقات، قمنا بإجراء هذه المقابلة الخاصة مع الدكتور فيرنر هوير، وزير الدولة الألماني للشؤون الخارجية.

 

منذ دخول الإمارات العربية المتحدة وجمهورية ألمانيا الاتحادية في شراكة استراتيجية العام 2004، ازدهرت العلاقات الثنائية بين البلدين. واليوم، في عام 2010، وبعد مرور أكثر من نصف عقد على هذه الشراكة الاستراتيجية، ما هي المجالات الرئيسية للتعاون بين ألمانيا ودولة الإمارات؟

إنه ليس سراً أن منطقة الخليج ذات أهمية جيوستراتيجية رئيسية بالنسبة لنا، وأن الإمارات لها بالتأكيد دور أساسي فيما يتعلق بتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة وخارجها. ولذلك فإن لألمانيا مصلحة حيوية بعلاقات وثيقة مع دولة الإمارات.

قمنا في العام 2004 بتأسيس شراكتنا الاستراتيجية على أن تكون منصة شاملة للتعاون في القطاعات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية. فهي تعبر عن التزامنا بتبادل منتظم وأساسي لوجهات النظر.

وفي العام 2010 أصبح الحوار السياسي بين بلدينا أقرب من أي وقت مضى. وفي هذا العام، قام كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير خارجية ألمانيا غيدو فيسترفيله ورئيس وزراء ولاية ساكسونيا السفلى كريستيان فولف _رئيس جمهورية ألمانيا الإتحادية حالياً_ بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة، كما التقى وزير خارجية الإمارات سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان مرة أخرى بوزير الخارجية فيسترفيله في برلين قبل عدة أسابيع وذلك أثناء حضوره المؤتمر الإقليمي الأول لرؤساء البعثات التمثيلية لدولة الإمارات العربية المتحدة في قارة أوروبا.

وفي جميع الأحوال، فإن شراكتنا الاستراتيجية تمتد أبعد من السياسة. وهي تشمل أيضاً بصورة خاصة العلاقات الاقتصادية الحيوية، والتي تشكل الأساس الذي تقوم عليه علاقاتنا الثنائية. ويعيش في دولة الإمارات العربية المتحدة حوالي 10,000 من الألمان، ومعظمهم من رجال الأعمال الذين يمثلون ما لا يقل عن 750 شركات ألمانية. وعلاوة على ذلك، فإن آلاف الزوار من الإمارات العربية المتحدة يتدفقون إلى ألمانيا كل صيف. وهذا يبين أن شراكتنا الاستراتيجية متعددة الجوانب وبأنها ترتكز على علاقات ثنائية متعددة الأبعاد.

 

برأيك، ما هو المكسب الأكثر قيمة بالنسبة لألمانيا من العمل بشكل متزايد وبصورة أوثق مع الإمارات العربية المتحدة؟ وما هي جوانب التعاون السياسي مع الإمارات العربية المتحدة التي تفيد ألمانيا أكثر من غيرها في مجال السياسة الخارجية؟ وما هي القضايا الأكثر إلحاحاً بالنسبة لمنطقة الخليج في الوقت الحالي وكيف يمكن للشراكة بين الإمارات وألمانيا أن تؤثر في ذلك؟

كما قلت، إن منطقة الخليج تتواجد في محور السياسات الدولية، وتشكل دولة الإمارات العربية المتحدة شريكاً أساسياً للسلام والاستقرار. وتتعاون ألمانيا والإمارات العربية المتحدة بشكل وثيق لتحقيق هذه الغاية. وقد اتفقنا في شراكتنا الاستراتيجية على إجراء مشاورات سياسية منتظمة. كما نأخذ على عاتقنا أيضاً بذل جهود مشتركة لتعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في بلدان مثل العراق وأفغانستان واليمن: وقد قمنا معاً بدعم برامج تدريب الشرطة في العراق ومشاريع بنية تحتية في أفغانستان وجهود تحقيق الاستقرار في عملية "أصدقاء اليمن"، حيث تشارك بلدانا رئاسة واحدة من مجموعتي عمل هناك.

وأخيراً، فنحن على اتصال وثيق فيما يتعلق بمسألة البرنامج النووي الإيراني. فبعد أيام فقط من قيام مجلس الأمن بإصدار قرار فرض عقوبات جديدة رقم 1929، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة أول بلد عربي يعلن عن التنفيذ الكامل لتلك العقوبات، وهو القرار الذي رحبنا به صراحة.

 

كيف يتم تطوير التعاون الثقافي بين الإمارات وألمانيا؟ وبمساعدة أي من المؤسسات تقومون بدفع العلاقات في هذا المجال؟

أنا مسرور جداً بالتقدم الذي أحرزناه في علاقاتنا الثقافية في السنوات الأخيرة: ففي العام 2006، قمنا بتأسيس مكتب إقليمي لمعهد غوته والهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي (DAAD) في أبوظبي. ويقوم معهد غوته بتنظيم فعاليات ثقافية ويقدم التدريب اللغوي عالي الجودة للمواطنين الإماراتيين والأشخاص من جنسيات أخرى. وعلاوة على ذلك، لدينا ثلاث مدارس ألمانية في دبي وأبوظبي والشارقة، والتي تحظى بدعم كبير من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة. وقمنا أيضاً بتوسيع أطر التعاون في مجالات التعليم العالي والعلوم. حيث يتجه طلاب إماراتيون بمساعدة من الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي إلى ألمانيا للدراسة في الجامعات الألمانية. وعندما زارت المستشارة ميركل دولة الإمارات العربية المتحدة في مايو 2010، وقعت مذكرة تفاهم تتعلق بإنشاء "المدرسة الألمانية للإمدادات اللوجستية" في أبوظبي.

 

تمثل العلاقات الاقتصادية واحدة من المجالات الرئيسية للتعاون بين الإمارات وألمانيا. في أي الميادين الاقتصادية ترون إمكانية أكبر للتعاون؟

تعد دولة الإمارات العربية المتحدة أهم شريك تجاري لألمانيا في العالم العربي، وهناك عدد كبير من الاستثمارات الهامة عبر الحدود. فحوالي نصف الاستثمارات الألمانية في شبه الجزيرة العربية يتوجه نحو دولة الإمارات المتحدة، ولا سيما في قطاعات مثل النقل والإمداد والصحة والبناء. كما نستفيد أيضاً بقوة من الاستثمارات الإماراتية في ألمانيا، وهي في مجال صناعات الصلب والسيارات ورقائق الكمبيوتر، وكذلك من الاستثمارات في المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم. فالاستثمارات إذن، ليست طريقاً باتجاه واحد.

ومن أجل جعل علاقاتنا الاقتصادية حتى أكثر ازدهاراً، على السياسة أن تهيئ أفضل إطار من الظروف. ولذلك فقد وقع بلدانا على مذكرة تفاهم تتعلق بتعاون مؤسساتي في مشاريع صغيرة ومتوسطة الحجم عندما زارت المستشارة ميركل الإمارات. وهذا هو السبب الذي قام لأجله وزيرا الخارجية غيدو فيسترفيله وسمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان بالتوقيع مؤخراً على اتفاقية منع الازدواج الضريبي في برلين.

 

في مجال الطاقات المتجددة على سبيل المثال، تعتبر ألمانيا وعلى نطاق واسع رائدة عالمياً. وبوجود مشاريع مثل "مصدر" الذي هو قيد التطوير، ما هي مشاركة ألمانيا في قطاع الطاقات المتجددة في دولة الإمارات، وكيف تقومون بمساعدة الشركات الألمانية في جلب التكنولوجيا والخبرة ذات الصلة إلى الإمارات؟

تعتبر الشركات الألمانية بالفعل من بين الرواد العالميين في مجال تكنولوجيا الطاقات المتجددة، وبالتالي فهي حاضرة أيضاً في دولة الإمارات. وتشكل مبادرة مصدر التي ذكرتها مثالاً جيداً: حيث أبدت العديد من الشركات الألمانية، من اللاعبين الكبار على مستوى العالم وكذلك الأبطال الخفيون، اهتماماً كبيراً في المشاركة في هذا المشروع الرائد في مجال الطاقات المتجددة. وبنفس القدر تهتم الشركة الألمانية "فراونهوفر غزلشافت"، التي تعد أكبر منظمة موجهة للأبحاث التطبيقية في أوروبا، بمشروع مصدر والمشاريع المماثلة له.

ونحن نقوم بالفعل بتقديم المساعدة والمشورة للشركات المهتمة من خلال القنصلية العامة في دبي، إضافة إلى السفارة الألمانية في أبوظبي وأيضاً المجلس الإماراتي الألماني المشترك للصناعة والتجارة الذي تأسس في مايو من العام 2009.

كما نشجع أيضاً مجال الطاقات المتجددة بالتعاون مع شركائنا من الإمارات: يقع المقر الرئيسي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة آيرينا (IRENA) في أبوظبي، ويقع مركز بحوث آيرينا في مدينة بون. وهذا دليل واضح على التزامنا المشترك لجعل آيرينا تحقق النجاح.

 

قامت دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي بمناقشة اتفاقية التجارة الحرة (FTA) لسنوات عديدة، ومع ذلك فلم يتم صياغة إطار عمل حتى الآن. باعتقادك متى سوف يتم إبرام اتفاقية التجارة الحرة بشكل نهائي؟

تقدمت المفاوضات بشكل جيد في معظم المجالات، لذلك آمل أن دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي سوف تتوصل إلى اتفاق في المستقبل القريب جداً بما أنها ذات أهمية كبيرة لكلا الجانبين.

 

أين ترى الشراكة الاستراتيجية بين ألمانيا ودولة الإمارات في عشر سنوات من الآن؟ ما هي المجالات الثلاثة الأكثر تبشيراً للتعاون في المستقبل القريب؟

إنني على ثقة بأن شراكتنا الاستراتيجية ستظل الأداة المناسبة من أجل تعزيز علاقاتنا. وينبغي لنا استخدامها لتوسيع نطاق المشاريع التي تعزز السلام والاستقرار، وأن نعمل من أجل المزيد من الاستثمارات الخاصة، وبالتحديد في صناعات المستقبل مثل الطاقات المتجددة. كما ينبغي أن نضع في اعتبارنا أن التعليم والعلوم تشكل الأساس لتحقيق الازدهار في المستقبل. وبالتالي فإن دعم الاقتصاد القائم على المعرفة يجب أن يصبح جزءاً أكثر وضوحاً في شراكتنا الاستراتيجية.