نورنبيرغ.. مدينة تُحفز خيال الأطفال

إذا كنتم تبحثون عن مدينة بأجواء ثقافية مميزة ومرافق ترفيهية متنوعة، فما عليكم إلا التوجه إلى نورنبيرغ، التي تعتبر ثاني أكبر مدن ولاية بافاريا والمدينة الرئيسية في منطقة العاصمة بعدد سكان يبلغ نصف مليون نسمة. فهذه المدينة، التي يمتد تاريخها إلى ما يقرب من 1000 سنة، ترضي أذواق كافة أفراد العائلة من خلال ما تضمه من مراكز ثقافية ومرافق رائعة للتسلية والترفيه، لتُدخل الكبار والصغار في تجربة لا تنسى، بدءاً من حدائق الحيوانات والمنشآت المائية مرورواً بمغامرات التسلق ومنصات القفز ومدافع وبراكين الكرات وسفن القراصنة وقلاع الفرسان ووصولاً إلى متاحف المركبات الأسطورية.

 

 

وكأنك في غابة!

ننصح كل العائلات العربية القادمة إلى نورنبيرغ بزيارة حديقة الحيوانات (تيرغارتن)، التي تعد واحدة من أجمل حدائق الحيوانات ذات المناظر الطبيعية في أوروبا، لاسيما وأنها تقدم تجربة فريدة من نوعها بما تضمه من عدد متنوع من الحيوانات التي تعيش في محيط طبيعي داخل منتزه الغابة مع الكسارات القديمة والمروج المليئة بالزهور والبرك المثالية. ومع المرافق الخارجية المتواجدة في الهواء الطلق التي تعتبر جزءاً لا يتجزء من مشهد منظر الحديقة الطبيعي الذي تبلغ مساحته حوالي 70 هكتاراً، تتسع الحديقة لحوالي 2500 من الحيوانات البرية التي تنتمي إلى 300 نوع تقريب من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك العديد من الأنواع المهددة بالانقراض. وتشارك حديقة الحيوانات في نورنبيرغ بأكثر من 30 نوعاً ضمن البرامج الأوروبية للمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض. كما تقدم حديقة الحيوانات هذه بركة سباحة الدلافين (دلفين لاغونه) الوحيدة في جنوب ألمانيا، وهي عبارة عن منشأة تسبح فيها الدلافين في الهواء الطلق. ومن المؤكد أن مرح الدلافين وأسود البحر الكاليفورنية سيضمن تجربة لا تنسى لكل أفراد العائلة. ومن المعالم الأخرى التي تستحق المشاهدة في حديقة الحيوانات في نورنبيرغ تبرز منشأة (أكوا بارك) التي هي عبارة عن حديقة مائية، حيث يمكن مشاهدة البطاريق، الأسود، الثعالب، القنادس والدببة القطبية.

 

براكين ومدافع كرات.. غولف.. سيارات

أما عالم المغامرات (توخرلاند) فيعتبر أجمل مرفق ترفيهي داخلي وخارجي في نورنبيرغ، حيث يتيح للزوار اللعب والتزحلق والتسلق والكثير غير ذلك. ويقدم الملعب والمنطقة الترفيهية بالقرب من الحديقة العامة (مارين بارك)، عروضاً جذابة لا تعد ولا تحصى لجميع أفراد العائلة. ومن خلال منطقة داخلية تبلغ مساحتها 3800 متر مربع وأخرى خارجية بمساحة 25000 متر مربع، يتم ضمان فسحة مرح لكل شخص وطوال العام وفي جميع أحوال الطقس، ليتمكن أفراد العائلة بالتالي من الانطلاق بروح معنوية عالية والترويح عن أنفسهم بشكل رائع. ويتم هنا تقديم الكثير للأطفال من جميع الأعمار، مثل: هياكل لمغامرات التسلق، منطقة لمنصات القفز البهلواني، زحلوقات، سيارات بدواسات، جدران للتسلق.

ويمكن أن يجد المرء هناك أكبر ساحة للكرات في بافاريا، التي تكون مملوءة بكرات مطاطية رغوية، بالإضافة أيضاً إلى بركان كرات، 8 رماة، مدافع ضخمة للقذف وكذلك حماماً من الكرات. وهناك منطقة لتدريب السائقين الأطفال لسباق السائقين الصغار، وحلقة مصغرة للعبة الغولف تضم 18 حفرة. كما يوجد بحيرتان طبيعيتان للسباحة والكثير غير ذلك. وباختصار، فإن زيارة عالم المغامرات (توخرلاند) تعني الكثير من المرح لجميع أفراد العائلة.

 

قراصنة وفرسان ومناجم

وبدورها، تعتبر الحديقة الترفيهية (بلايموبيل فانبارك) في بلدة (تسيرندورف) بالقرب من نورنبيرغ، نقطة جذب رائعة للزوار، فهي بمثابة مغامرة لكل الحواس. وتقدم هذه الحديقة أنشطة ترفيهية للزوار الكبار والصغار على حد سواء. كما تتيح المجال لتحفيز كل حواس الطفل على مساحة تبلغ 90 ألف متر مربع وذلك تحت شعار (تحرك وإلعب). فالعوالم الضخمة التي تضمها الحديقة مثل سفينة القراصنة، قلعة الفرسان، مناجم الذهب والأحجار الكريمة والمزرعة بمسار للجرار، تساهم في تحفيز خيال الأطفال. كما أن هناك ملاعب عديدة مع تجهيزات متنوعة تدعو الأطفال للمشاركة واختبار الأشياء في أماكن قريبة، بحيث يتم تشجيع كل طفل على تقديم كل شيء في المحاولة التي يقوم بها، سواء أكان ذلك أثناء التسلق أو المحافظة على التوازن، أو عند تسلق أسطح الحديقة مع متاهة الضوء أو على شبكة التسلق العملاقة.

ويضمن مركز (هوب سنتر)، الذي تبلغ مساحته 5 آلاف متر مربع، متعة خالصة حتى لو كانت السماء تمطر أو تثلج أو تعصف بالرياح الشديدة. ففي داخل المركز توجد مدينة المرح، حيث يمكن للأطفال اللعب في عوالم ممتعة ذات موضوعات محببة ونماذج من القياس الكبير.

كما تعد الحديقة الترفيهية (بلايموبيل فانبارك) مناسبة بشكل ممتاز لذوي الاحتياجات الخاصة الذين يستخدمون الكراسي المتحركة. وبالطبع فإن المطعم ودورات المياه التي تضمها، معدة أيضاً لتتناسب مع مستخدمي الكراسي المتحركة.

 

 

فن وثقافة

ويمكن للعائلات العربية القادمة إلى نورنبيرغ الجمع بسهولة بين الترفيه والثقافة لتزداد الفائدة المرافقة لجولاتهم، إذ يمكنكم مثلاً زيارة واحد من أهم المتاحف في نورنبيرغ كالمتحف الوطني الجيرماني (غيرمانشيز ناتسيونال موزيوم)، الذي يزخر بالفن والثقافة الألمانية، ويعد واحداً من المؤسسات الثقافية الرائدة في العالم.

ومن المعروضات البارزة التي ستشاهدها في هذا المتحف، نذكر: أول كرة أرضية والتي قام بوضعها (مارتين بهايم)، وساعة جيب تعتبر الأولى من هذا النوع، قام (بيتر هنلاين) بصناعتها. ومن المعروضات الجذابة الأخرى، هناك ملابس معروضة بشكل أنيق، أزياء ريفية، أسحلة براقة، فنون زخرفية رائعة، بيوت دمى تاريخية، وغير ذلك. كما يوجد هنا أيضاً وثائق تاريخية وثقافية وفنية قيمة تخص المناطق الناطقة باللغة الألمانية، من البدايات وحتى الوقت الحاضر.

 

أساطير السكك الحديدية

ويمكنكم التوجه إلى متحف السكك الحديدية الألمانية الاتحادية (دي بي موزيوم). فهنا يتم عرض مجموعة كبيرة من أساطير السكك الحديدية في قاعتين للمركبات. ويمتلك هذا المتحف أكبر مجموعة من مركبات السكك الحديدية التراثية في ألمانيا. وهناك حوالي 30 نموذجاً رائعاً من المجموعة تُعرض في نورنبيرغ. فهذا هو المكان الذي ستجد فيه أبرز المقتنيات من جميع مراحل تاريخ السكك الحديدية الألمانية، ابتداءً من نسخة طبق الأصل لأول قاطرة يتم تشغيلها في ألمانيا التي تُعرف بـ (آدلر) وحتى عربة قطار الملك البافاري لودفيغ الثاني وأسماء عظيمة في تاريخ المركبات البخارية. وتكتمل المجموعة التاريخية بنموذج واحد من قطار (إنتر سيتي إكسبريس 3)، الذي يعد واحداً من القطارات الحديثة التي تُدار من قبل شركة (دويتشه بان).

وتُعرض المركبات في قاعتين مستقلتين، حيث تمثل القاعة الأولى المتواجدة في الطابق الأرضي من المبنى الرئيسي للمتحف، موطناً لأساطير مركبات القرن التاسع عشر، في حين تعرض القاعة الثانية، التي تقع في المنطقة الخارجية من المتحف مباشرة قبالة المبنى الرئيسي، نجوم السكك الحديدية من القرن العشرين.

 

ثقافة صناعية ودراجات نارية

وإذا شعرتم بعد هذه الجولة الممتعة ببعض الجوع، فما عليكم إلا القيام بشحن طاقاتكم بتناول وجبة طعام لذيذة في واحد من المطاعم المتنوعة التي تنتشر في شوارع المدينة. بعد ذلك يمكنكم القيام بجولة تسوق في البلدة القديمة من نورنبيرغ أو زيارة متحف الثقافة الصناعية (موزيوم إندوستري كولتور)، الذي يعتبر المتحف الأكثر إثارة للاهتمام ليس بالنسبة للكبار فقط، بل للأطفال أيضاً. ويتمثل التركيز العام لمجمع المتاحف، الذي يشمل متحف الثقافة الصناعية ومتحف الدراجات النارية ومتحف المدرسة (شول موزيوم)، في تاريخ التصنيع في نورنبيرغ. وباستطاعة الزوار التمتع بمشاهد رائعة في ورشة قلم الرصاص التاريخية، بل حتى أنه بإمكانهم التقدم للمشاركة في الطباعة والتنضيد في ورشة العمل. ومن الجدير بالذكر أن المعرض يحتوي أيضاً على سيارات قديمة ومحركات بخارية.

 

نماذج ثمينة من سيارات مايباخ

كما يمكنكم زيارة متحف سيارات مايباخ في منطقة (نويماركت/أوبربفالتس)، حيث تبلغ المسافة حوالي 50 كم، من خلال رحلة مباشرة بواسطة القطار من (نورنبيرغ) إلى (نويماركت). فسيارات مايباخ ليموزين هي الأكثر قيمة في تاريخ صناعة السيارات ككل. وقد تم بين عام 1920 وعام 1941 صناعة حوالي 1800 نموذجاً من هذه السيارات الفخمة، ولكن لم ينج منها على مدى القرون الماضية إلا 160 سيارة مايباخ ليموزين فقط. ويتواجد أكثر من 10 في المئة من مجمل أصول العالم في (نويماركت) في منطقة بالاتينات العليا (أوبربفالتس)، حيث أن (آنا) والدكتور (هيلموت هوفمان) لم يقوما فقط بجمع هذه النماذج الستة عشر الثمينة من سيارات مايباخ، بل أسسا أيضاً متحفاً فريداً من نوعه، حيث يمكن للعامة زيارة هذه السيارات. واشتريا بمواردهما المالية الخاصة مبنىً صناعياً تاريخياً يتمثل في مصنع سابق في وسط (نويماركت) وأعادا بنائه ليحولاه إلى متحف حديث. ولا تقتصر زيارة هذا المتحف على مشاهدة الست عشرة سيارة، بل أيضاً يمكن مشاهدة محركات ومعدات ومحاور السيارات، فضلاً عن وثائق تاريخية، ونماذج وأفلام قصيرة حول العلامة التجارية (مايباخ) وعائلتها.

 

 

 

اقرأ أيضاً