اكتشف برلين في 48 ساعة

عند زيارتك للعاصمة الألمانية برلين، التي عانت في الماضي من ويلات الحرب والتقسيم، ستجد نفسك في وجهة عالمية مميزة، وإن كان ذلك يدل على قدرتها الفائقة على الحياة والعودة من جديد، فإنه يدل أيضاً على أهمية التخطيط لبرنامج سياحي جيد. هنا نقدم لك بعض المقترحات التي تساعدك على قضاء عطلة رائعة في برلين لمدة 48 ساعة.

 

اليوم الأول

من أجل تكوين إحساس انطباعي ولكن قوي من ماضي المدينة المثير، ننصحك أن تنطلق من ساحة (بوتسدام) على طول (إبَرت شتراسه)، متتبعاً مسار جدار برلين السابق. تابع المسير إلى بوابة براندنبورغ حيث يأخذك الطريق أيضاً إلى مبنى البرلمان (الرايشستاغ) الذي يتميز بقبته المركزية الشفافة المذهلة (صممها المهندس الشهير نورمان فوستر)، ويمكنك دخول القبة ولكن عليك أن تكون مستعداً للانتظار حيث ستجد أمامك طابوراً طويلاً.

بعد معايشة سحر أشجار شارع (أُنتر دِن ليندن) وواجهات متاجره، يمكنك التوجه إلى شارع (فريدريش شتراسه)، الذي يقودك إلى أجمل ساحات برلين (جندارمن ماركت) حيث تجد فيها ثلاثة مبانٍ أثرية: الكاتدرائية الألمانية، الكاتدرائية الفرنسية وبيت الحفلات (كونتسيرت هاوس)، ويعود تاريخ ساحة (جندارمن ماركت) المتقلب إلى القرن السابع عشر، حيث تركت كل فترة تاريخية بصماتها في هذا المكان حتى اليوم. أكمل السير إلى نقطة التفتيش شارلي: فهنا يمكنك أن تستشعر أجواء الحرب الباردة أكثر من أي مكان آخر في العالم، حيث تجد نقطة حراسة وهمية ما هي سوى نسخة طبق الأصل عن أماكن المراقبة التي كانت سائدة سابقاً. أما الصور والقصص التاريخة على حائط متحف الجدار فهي حقيقة تماماً.

يمكنك أن تستخدم خطوط الحافلات المؤلفة من طابقين التي تأخذك إلى العديد من المعالم السياحية الأساسية في برلين. وهي تبدأ من محطة (تسولوغيشه غارتن) ولكن يمكنك الصعود أو النزول متى أردت. فهناك رحلات تأخذك خلالها الحافلة عبر (تيرغارتن) إلى بوابة (براندنبورغ) ومن ثم على طول شارع (أُنتر دِن ليندن) إلى ساحة (الكسندر بلاتس). وهناك رحلات أخرى تتجه أكثر جنوباً حيث تأخذك إلى ساحة (بوتسدام). ومن خلال قطار الضواحي الـ(إس-بان) يمكنك أيضاً القيام برحلة ملتوية على الجسور المطلة على سطوح المدينة والتمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة بين محطة (أُستبانهوف) و(شارلوتنبورغ).

خلال جولتك الاستكشافية في برلين، فمن المؤكد أنك لن تستطيع مقاومة الأطباق المتنوعة التي توفرها مطاعم المدينة، بدءاً بالأطباق الراقية وحتى الأطباق الشعبية التي تشتهر بها برلين. ولكي تحظى ببعض من أفضل المأكولات الشعبية، فما عليك إلا التوجه إلى سوق السبت في ساحة (كولفيتس بلاتس) في قلب حي (برنتسلاور بيرغ). وفي فصل الشتاء يصبح لهذه المأكولات نهكة خاصة، حيث تمنحك لذة الطعام والدفء معاً، وكذلك هي المشروبات الساخنة التي يمكن أن تجدها هناك.

أما إذا كنت من عشاق التسوق، فسوف تحتار أمام فرص التسوق الكثيرة التي توفرها المدينة. فمثلاً يعتبر شارع (كودام) واحداً من أشهر أماكن التسوق في برلين. ويضم هذا الشارع الشهير العديد من المتاجر المحلية والعالمية، بالإضافة إلى المطاعم والمقاهي المتنوعة. وفي شارع (تاوينتسين شتراسه)، الذي يمتد من (كودام)، يتواجد المتجر الشهير (كا دى في). وفي شارع (فريدريش شتراسه) تنتشر روح المنافسة بين المحلات التجارية الراقية، بينما يضم مركز التسوق (فريدريش شتادت باساجن) ثلاث مناطق داخلية على شكل أروقة يوجد فيها متاجر أشهر مصممي الأزياء العالميين كما تتميز بالعمارة الهندسية المذهلة.

في المساء ما عليك إلا التوجه إلى (جزيرة المتاحف) التي تقع فوق نهر (شبريه). فهذه الجزيرة التي تعتبر القلب الثقافي لأوروبا، تضم خمسة متاحف ذات هندسة معمارية رائعة تزخر بمقتنيات أثرية نادرة. ولذلك لم يكن من الغريب إدراجها على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ العام 1999. وسوف تبدأ جولتك في هذه الجزيرة بزيارة (المتحف القديم) الذي يحتوي على تحف كلاسيكية ولوحات فنية، ويشهد الكثير من المعارض المتنوعة. ومن ثم ستأخذك محطتك الثانية إلى (المتحف الجديد) لتطلع عبرها على الناحية الجمالية لجزيرة المتاحف، إذ تحول هذا المتحف إلى نقطة تجتذب أعداداً كبيرة من الزوار بعد أن تمت إعادة بنائه وإدخال الفن المعماري الحديث عليه، كما يتواجد فيه التمثال النصفي لـ (نفرتيتي). وتتمثل محطتك الثالثة في (المتحف الوطني القديم)، الذي يعرض رسومات أوروبية وألمانية من القرن التاسع عشر إضافة إلى  منحوتات رائعة. وفي محطتك الرابعة تكون قد دخلت متحف (بوده) الذي يزخر بالكثير من كنوز الفن العائدة إلى مختلف العصور، إلا أن مجموعة القطع النقدية النادرة التي يضمها تعتبر أكثر المعروضات شهرة فيه. أما محطتك الخامسة فستضعك في متحف (برغامون) الذي يحظى بأعلى نسبة إقبال من الزائرين، فهو من الأماكن المذهلة بما يضمه من قطع أثرية قديمة جداً، كما يشكل مذبح برغامون المشهور نقطة جذب للسياح من كافة دول العالم.

وفي برلين، بإمكانك زيارة متاحف الفن لأسبوع كامل ولكنك ستجد أنك لم تصل حتى لمنتصف القائمة الرئيسية، ويمكنك إمضاء أسبوعين بالتجوال في (جزيرة المتاحف) ولكنك لن تستطيع أن ترى كل الفنون الرومانسية، وفي (متحف بوده) فقد تمضي عمرك الوظيفي كاملاً. فبرلين هي المدينة الأكثر ثقافة في أوروبا.

الآن يجب أن تسلك طريقك إلى قلب المدينة الساحر، فهناك ستتمكن من تناول وجبة طعام، إذ حيثما يوجد ثقافة، يوجد بالتأكيد طعام. فمن خلال النتزه بعيداً عن الشارع المزدحم (كودام)، ستصل إلى ساحة (سافيغن بلاتس)، إذ يمكنك هنا الاستمتاع بعشاء شهي وشراب لذيذ في واحدة من الحانات المنتشرة حول الساحة.

وإذا كنت ترغب بتناول المأكولات البرلينية الشعبية، فإن هناك الكثير من المطاعم التي تقدمها، كتلك الموجودة على سبيل المثال في شارع (ليندن آليه)، حيث تجد الأطباق المحلية. أما إذا كنت ترغب بتجربة المطبخ الألماني التقليدي الذي دخلت عليه الاتجاهات الحديثة، فيمكنك تجربة المزيد من الفخامة في أحد المطاعم المنتشرة في حي (كرويتسبيرغ).

 

اليوم الثاني

لا ينبغي أن تفوتك فرصة زيارة كنيسة القصير فيلهلم المتواجدة في نهاية شارع (كودام). فقد تعرضت لأضرار بالغة خلال الحرب العالمية الثانية جراء انفجار قنبلة عام 1943، ولم يبق منها إلا بقايا البرج الذي يُعرف بـ (هولار تسان) أي (السن المجوف)، حيث تحول هذا الهيكل المتبقي البالغ ارتفاعه 68 متراً إلى نصب تذكاري ضد الحرب. وبدخولك إليها ستبهرك تصاميمها الداخلية المزينة بالفسيفساء واللوحات الجدارية.

وعلى مقربة من كنيسة الذكرى يمكنك قضاء وقت ممتع في أقدم حديقة حيوانات في ألمانيا (تسولوغيشه غارتن)، التي تقع غرب مدينة برلين بجانب محطة القطارات التي تحمل نفس الاسم. كما تعتبر هذه الحديقة الأكثر تنوعاً في العالم، حيث تحتوي على 1400 نوعاً، من ضمنها حوض الأسماك، وحوالي 14000 من الحيوانات التي تعيش على مساحة تبلغ 34 هكتاراً. وتعتبر حيوانات الباندا هي نجوم الحديقة بلا منازع.

وفي برلين لن تجد صعوبة في العثور على المساحات الخضراء، فهي منتشرة في كل مكان. ويكفي أن تتوجه إلى منتزه (تيرغارتن) الذي يضم الأراضي المشجرة والمروج والبحيرات. وكان هذا المنتزه في السابق مكاناً لممارسة الصيد لدى الطبقة البروسية النبيلة، أما اليوم فهو يمثل مكاناً عاماً يتنزه فيه أهل برلين وضيوفها، وخصوصاً في فصل الصيف، حيث يمكن للمرء أخذ حمام شمسي والاسترخاء وممارسة الرياضة.

ولكي تحظى بمشاهدة منظر بانورامي لبرلين من علو شاهق، فإن برج التلفزيون في ساحة (الكسندر بلاتس) يعتبر المكان الأمثل. فقد أصبح هذا المعلم السياحي جزءاً لا يتجزء من صورة برلين، حيث يتدفق إليه ما يقارب مليون زائر سنوياً من السياح والمقيمين في ألمانيا. وإذا سنحت لك الفرصة بدخول المقهى الدوار (تله كافيه)، فإنك ستحظى بتناول قطع حلوى لذيذة واحتساء مشروبات ساخنة أو باردة، بينما يدور المقهى حول محوره مرة واحدة تمتد على مدار نصف ساعة. ويقف في برلين أيضاً العديد من المعالم السياحية البارزة التي لابد وأنها ستلفت نظرك خلال تجوالك في شوارع المدينة.

إذا كنت تبحث عن مكان ملهم يجعلك تكتب أجمل البطاقات البريدية، فما عليك إلا التوجه إلى مقهى مشتل البرتقال في قصر (شارلوتنبيرغ). فهذا القصر الباروكي الكبير، كان يمثل في السابق مقراً صيفياً لصوفي شارلوت، زوجة فريدريش الأول، ويضم حدائق جميلة جداً.

وفي ختام رحلتك يمكنك لعشاق السهر الغوص في الحياة الليلية الأسطورية التي تتميز بها هذه المدينة التي لا تنام، من خلال زيارة واحد من أماكن السهر الجذابة.

 


 

للمزيد من المعلومات عن ألمانيا، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني التالي:

 

http://www.germany.travel/en/ms/smart-luxury/home/index.html