فرانكفورت على الماين

أماكن جذابة تدفع السياح لزيارة أصغر مدينة كبرى في العالم

لعبت مدينة (فرانكفورت على الماين) لقرون طويلة دوراً مهماً كمركز تجاري معروف. واليوم تمثل فرانكفورت أكبر مركز مالي على مستوى القارة الأوروبية، والعاصمة المالية لألمانيا. ويُنظر إلى فرانكفورت على أنها أصغر مدينة كبرى في العالم، يحيث مكنك اكتشاف الكثير والمثير على مقربة منك.

 

من المعالم التي تحظى بتوافد كثيف من زوار فرانكفورت، تبرز "الكاتدرائية" ذات الأبراج الشاهقة والتي يبلغ ارتفاعها 95 متراً. وبزيارتك إلى هذا المكان خلال الفترة من شهر أبريل إلى شهر أكتوبر، ستتاح لك فرصة صعود أبراجها في تجربة رائعة يتوق الكثيرون إلى خوضها. بالإضافة إلى ذلك، فإن متحف الكاتدرائية يحتوي على الكثير من الكنوز الأثرية التي تستحق المشاهدة. كما إنه بالقرب من الكاتدرائية تقع حديقة الآثار التي ستضعك بلا شك في جو مفعم بالتاريخ، حيث توجد فيها حفريات لمستوطنة رومانية ومقر حكم أحد الملوك من العصر الروماني.

وفي الناحية الجنوبية من الكاتدرائية ومقابل البرج يقع أقدم مصنع ومحل للأقمشة في فرانكفورت والذي يسمى بيت الكتان "لاينفاند هاوس". وبينما يعتبر بيت الكتان اليوم مقراً لمعرض فني، فإن تاريخه يعود إلى العام 1399، حيث بقي حتى القرن التاسع عشر موقعاً لتجارة وبيع الأقمشة.

وبالعودة إلى الوراء قليلاً باتجاه ميدان "رومربيرغ" يمكنك مشاهدة برج الجمارك "رينتن تورم" الذي شيد عام 1456، حيث كان يتم هناك تحصيل رسوم الميناء.

وفي المتحف التاريخي الواقع مباشرة خلف كنيسة نيكولاي القديمة التي كانت منذ العام 1290 وحتى القرن 14 الكنيسة الخاصة بالبلاط القيصري، يوجد مجسم كامل للمدينة القديمة يُظهر المدينة قبل تعرضها للدمار. كما يضم المتحف رموز سلطة القيصرية الرومانية، مثل "تفاحة الرايخ" و"صولجان الحكم" وهي نسخ طبق الأصل عن هذه القطع التاريخية المحفوظة في فيينا. كما يوجد أيضاً نسخة طبق الأصل من وثيقة "الختم الذهبي" الاسم الذي يطلق على "دستور الرايخ" الذي أصدره القيصر الرابع وهو "القانون القيصري" الذي صدر عام 1356 واستمر العمل به طوال 500 عام.

ومقابل المتحف التاريخي مباشرة، يقع مبنى "فيرتهايم" الذي يعتبر المبنى الوحيد ذو الطراز التقليدي الذي لم يطله دمار الحرب. وبالقرب من هذه المبنى ببضع خطوات تكون قد وصلت إلى ميدان "رومربيرغ"، الذي تحيط به مبان ذات طراز تقليدي قديم، وتحمل هذه المباني أسماء غير معهودة، مثل "الملاك الكبير" أو "النجم الأسود" وغيرها. وكان قد تم تشييدها طبقاً لما كانت عليه قبل القصف الذي دمر المدينة القديمة بالكامل في شهر مارس من العام 1944.

كما يوجد في وسط ميدان "رومربيرغ" نبع العدالة "غيريشتيشكايتسبرونن" الذي كان يمثل قديماً المكان المفضل لأهالي مدينة فرانكفورت للاحتفال بتتويج القياصرة. أما القياصرة فكانوا يحتفلون بهذه المناسبة بإقامة الولائم الفخمة. واليوم يطلق على كامل مبنى البلدية اسم "مبنى رومر"، ويقع فيه مقر البلدية منذ العام 1405، كما إنه يتوسط المباني الثلاثة التي ذات الواجهات التي تم تصميمها على شكل أدراج.

ومن خلال السير في زقاق ضيق يتخلل الأبنية الحديثة في ميدان "رومربيرغ" نصل إلى "المبنى الحجري" الذي يقع في الجهة اليمنى. هذا المبنى تم تشييده في العام 1464 من الصخور والأسوار، بحيث يشبه في منظره القلاع.

ومن الأماكن التي يضعها الكثير من الزوار على سلم أولوياتهم لاسيما المهتمين بالأدب، يبرز منزل غوته، حيث لا يزال كل شيء في المنزل على حاله، وبذلك يتمكن محبوه من دخول منزل هذا الأديب والفيلسوف الألماني الشهير والتعرف على الأجواء التي كان يعيش فيها.

أما بزيارتك مبنى "هاوبت فاخه" فستشاهد واحداً من الأبنية البديعة وذات الشهرة الواسعة في مدينة فرانكفورت. وبينما كان يمثل المبنى قديماً أكبر مركز للشرطة، فهو يعد اليوم النقطة المركزية للمدينة. وخلف هذا المبنى إلى اليسار، يمكن الوصول إلى دار الأوبرا القديمة عبر المرور بزقاق "بيير" وشارع "بوكنهايمر الكبير". هذا البناء أعيد ترميمه بعد أن طاله الدمار خلال الحرب. أما اليوم، فإن زيارته تمنحك جواً من الفخامة لاسيما مع وجود مقهى داخله يقدم قهوة لذيذة تمتزج بسحر المكان.

ومن المعروف عن المدينة القديمة هو امتلاكها لحصن يضم 42 برج حراسة، أجملها برج إشنهايم "إشنهايمر تورم". ويمكنك رؤية أضوائه تشع من مسافة بعيدة، فهو يعد أعلى برج مدينة في ألمانيا.

وخلال جولتك في مدينة فرانكفورت، فإنك ستمر بالتأكيد من فوق الجسر الحديدي "آيزرنر شتيغ" الذي شيد منذ أكثر من مئة عام، ومن هناك تستطيع أن تشاهد منظر جميل لأفق المدينة تزينه الأبراج وناطحات السحاب.

وبالإضافة إلى هذه الأماكن التاريخية، فإن فرانكفورت تحوي العديد من المسارح ودور الأوبرا والمعارض، بالإضافة إلى دور السينما والكثير من المرافق الثقافية والفنية. كما تزخر المدينة بقائمة عريضة من الحفلات الموسيقية والفعاليات والعروض المتنوعة التي تضفي على شوارعها وزواياها نكهة خاصة وتجعل التجوال عبرها قمة في المتعة.

كما تزخر "ضفة المتاحف" التي تقع على نهر الماين بالعديد من المتاحف المتخصصة التي تحتوي معروضات ومنحوتات قيمة تلهب عشاق الثقافة والمتاحف. ومن أهم هذه المتاحف يبرز: متحف "شتيدل" الذي يحتوي مقتنيات تغطي حوالي سبعة قرون من الفن، ومتحف الهندسة المعمارية الألماني الذي يعتبر الوحيد من نوعه في القارة الأوروبية ويعرض هذا المتحف على مدار السنة الهندسة المعمارية الحديثة الألمانية والأجنبية، وهناك أيضاً متحف النحوت القديمة الذي يقدم لمحة فريدة من نوعها لتطور فن النحت مع روائع المعروضات التي تمثل 5000 عام من فن النحت، ومتحف الفن الحديث الذي يشتمل على معروضات تمثل أروع أعمال الفن الأوروبي والأمريكي من حقبة ستينات القرن الماضي إلى الاتجاهات الحالية للفن العالمي المعاصر، وقاعة شيرن للفن التي تعتبر واحدة من أبرز قاعات المعارض الأوروبية وتسلط المعارض فيها الضوء على المواضيع الراهنة مثل: الانطباعية النسائية، التعبيرية، الدادائية والسريالية.

ولدى فرانكفورت أيضاً وجه آخر يمكن التعرف عليه من خلال زيارة حديقة الحيوانات في فرانكقورت التي ستمنحك فرصة الاسترخاء قليلاً بينما تتجول مشياً على الأقدام عبر واحدة من أقدم حدائق الحيوانات في ألمانيا. فهذه الحديقة تأسست في عام 1858، واكتسبت شهرة كبيرة باعتبارها واحدة من أهم حدائق الحيوانات في أوروبا.

وبدورها، تعتبر حديقة فرانكفورت النباتية الشهيرة المتمثلة في حديقة النخيل "بالمنغارتن"، من الأماكن التي تستحق الزيارة أيضاً. فهذه الحديقة التي تأسست من قبل مواطني فرانكفورت في عام 1868، تمنحك فرصة التعرف على طائفة واسعة من المناطق المناخية داخل منطقة الحديقة على مساحة أكثر من 200 هكتار و9000 متر مربع من المساحة الخضراء.

أما من يرغب بالتعرف على فرانكفورت باعتبارها مدينة المال والمعارض الدولية الديناميكية والأبراج الحديثة والأبنية الزجاجية البراقة وناطحات السحاب، فيمكنه أن القيام بجولة في شارع "ماينهاتن" وعبر الحي المالي والبورصة. فمن المعروف عن بورصة فرانكفورت أنها الأكثر نشاطاً في ألمانيا. ويتميز مبنى البورصة، الذي تم تشييده في نهاية القرن التاسع عشر، بالعديد من التماثيل والنقوش المتفردة.

وسيمنحك تواجدك في الحي المالي من القيام بزيارة إلى برج الماين، حيث ستحصل من منصة المشاهدة على منظر بانورامي رائع يحبس الأنفاس، تشاهد من خلاله مدينة فرانكفورت والمناطق المحية بها بارتفاع يقارب المئتي متر فوق شوارع المدينة. وفي أمسيات الصيف اللطيفة، ستكون قادراً على مشاهدة المنطقة بأسرها، بما في ذلك إقلاع وهبوط الطائرات في مطار فرانكفورت الدولي.

من جهة أخرى، سيحظى الزوار بنزهة ممتعة عند تجولهم عبر منطقة غرب الميناء "فيست هافن" وشرق الميناء "أُست هافن". فقد طال بعض التطور الحضري كلا طرفي مدينة فرانكفورت على مدى السنوات القليلة الماضية: مكاتب حديثة، أبراج سكنية، مطاعم عصرية ومرسى صغير يخط منطقة الميناء الغربية، بينما تمثل منطقة الميناء الشرقية ساحة بديلة تضم منافذ المصانع، المسارح والنوادي الليلية. وتعتبر النزهة عبر هذين الجانبين من النزهات التي يُوصى بها.

يُذكر أن بطاقة فرانكفورت (فرانكفورت كارد) تعد طريقة جذابة لخوض تجربة رائعة تتعرف خلالها على المدينة ومعالمها السياحية البارزة، حيث تخول الركاب باستخدام وسائل النقل العام مجاناً داخل مركز المدينة على جميع مسارات جمعية الراين-الماين لنقل الركاب بما فيها مطار فرانكفورت الدولي. كما تتيح العديد من التخفضيات عند القيام بالجولات السياحية في المدينة، والرحلات البحرية على نهري الراين وموزيل، ودخول المتاحف وحديقة الحيوانات في فرانكفورت.