عاصمة الراين الأنيقة

دوسلدورف.. وجهة جذابة للباحثين عن السياحة العلاجية

في ظل ازدهار التسوق والسياحة في مدينة دوسلدورف، يعتبر مطار دوسلدورف الدولي من المطارات المفضلة لدى المسافرين القادمين من الدول العربية.  ويعد هذا المطار ثالث أكبر مطار في ألمانيا وأكبر مطار في منطقة شمال الراين، حيث تعمل سبعون شركة طيران على وصل دوسلدورف بحوالي 180 وجهة في العالم، بما في ذلك الدول الخليجية. فعلى سبيل المثال، تسيَر شركة طيران الإمارات رحلات مباشرة بين دوسلدورف ودبي.




مطار عالمي

وهناك رحلات متصلة عبر فرانكفورت وميونيخ توفرها الـ (لوفتهانزا) والخطوط الجوية التركية، إضافة إلى رحلات متصلة عبر زيورخ توفرها الخطوط الجوية السويسرية. من ناحية أخرى، يستقبل مطار دوسلدورف رحلات دورية للشخصيات المهمة من الدول العربية، فالخطوط الجوية السعودية والطيران الأميري القطري هي من الخطوط الجوية التي تصل باستمرار إلى عاصمة ولاية (نوردراين فستفالن).

 

سوق متنامي

وتعتبر المنطقة العربية وتحديداً الدول الخليجية سوقاً متنامي بالنسبة لمطار دوسلدورف الدولي. فبوصف ألمانيا مقراً للرعاية الصحية، أصبحت دوسلدورف وجهة سياحة علاجية معروفة، يقصدها الزوار من الدول العربية وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي المجاورة لتلقي العلاج في عياداتها ومرافقها الطبية المتخصصة التي تشتهر بها المدينة والتي تشمل جراحة العظام والطب الوقائي والجراحات التجميلية وتقويم الأسنان، إلى درجة أنه لا يتوجب على المسافرين بداعي العلاج الذهاب بعيداً، إذ توفر مدينة مطار دوسلدورف القريبة مرافق صحية متخصصة مريحة. ومن يصل من هؤلاء في الصباح الباكر، قد يتمكن من العودة لموطنه على رحلة المساء مطمئناً إلى أنه قد حصل على أفضل رعاية طبية.

فعلى سبيل المثال، توفر مؤسسة (رادبراكس للطب الوقائي) تقنيات علاج متطورة وبمستوى عالمي في مرفقها الصحي في المطار، حيث تشتهر بخدمات قسم الأشعة، والطب النووي، والعلاج الإشعاعي والتي تمنح قاصديها فحوصات من رؤوسهم حتى أخمض أقدامهم. وفي هذه المدينة، هناك أيضاً عيادة طب الأسنان (ديادنتيس) التي توفر خدمات طبية تشمل التشخيص الدقيق والوقاية والعلاج. وقد بنت العيادة سمعة عالمية لها في مجال خدمات طب الأسنان التجميلي على وجه الخصوص.

 

وجهة الأثرياء

وتعي هيئة التسويق والسياحة في دوسلدورف أهمية هذا الإقبال الإيجابي من الأسواق العربية، خاصة وأن المعدلات السنوية لمبيت الزوار العرب في دوسلدورف قد ارتفع بشكل ملحوظ منذ العام 2003، وتضاعف بشكل متقطع.

وأسهمت الفنادق الفخمة في دوسلدورف، مثل فندق (إنتركونتيننتل)، في تعزيز صورة المدينة بوصفها مركزاً مهماً للسياحة العلاجية ووجهة مفضلة من قبل العملاء الأثرياء من حول العالم، وذلك من خلال تطوير عروضات رعاية صحية رفيعة المستوى بالتعاون مع المراكز الطبية في المدينة.

 

رعاية متكاملة

ومن أهم المراكز الطبية في عاصمة الراين، يبرز مستشفى دوسلدورف الجامعي الذي يمثل قمة التفوق الدولي في رعاية الأمراض والبحوث والتعليم. فهو يتألف من 34 عيادة فردية وأكثر من 30 معهداً، كما يعمل فيه ما يقرب من 6000 موظف. وتشتمل تخصصاته على الأورام مع أمراض الدم وزرع الخلايا الجذعية، جراحة المخ والأعصاب، الأمراض العصبية وأمراض النساء والتوليد، الكبد، زرع الكلى، جراحة القلب وكذلك جراحة الأطفال وأمراض سرطان الأطفال.

ويقدم مكتب المستشفى المختص بالمرضى الدولييين المشورة والرعاية للمرضى ومرافقيهم، الذي يأتون من بلدان مختلفة مانحين ثقتهم في تلقي العلاج في هذا المستشفى. وبناء على السجلات والأرواق الطبية يقوم مكتب التنسيق للمرضى الدوليين بتحويل المرضى إلى القسم المختص في المستشفى مع ضمان أفضل علاج طبي. كما يقوم المكتب بتنظيم شؤون إقامة المرضى في المستشفى ويهتمون بتنسيق المواعيد مع الأطباء ويرافقون المريض حسب رغبته إلى علاجه الطبي. كما يتحدث فريق المكتب اللغة الإنكليزية والفرنسية وإذا استدعى الأمر فإنه يتم تأمين مترجم خاص.

 

اهتمام بالمرضى العرب

أما مستشفى (سانت ماوريتيوس) في (ميربوش) في دوسلدورف فهو يقدم خدمات في تخصصات طب الأعصاب والأمراض العصبية لدى الأطفال وأمراض الشيخوخة. وينتمي على الصعيد الوطني إلى أهم مرافق إعادة التأهيل في ولاية (نوردراين فستفالن).

وتتوافق بنية العمارة الهندسية للمستشفى مع الطبيعة الإنسانية وحالات المرضى. فلم تعد محطات العلاج تتواجد عبر ممرات طويلة، بل تذكر المرء أكثر بنموذج السوق المركزي. ومن خلال هذا الفضاء الواسع لممارسة العلاجات اليومية الموجهة في محطات العلاج، يتم منح أكثر الأمراض تعقيداً حقها من العلاج، ابتداءاً من السكتة الدماغية ومروراً بتلف الأعصاب ووصولاً إلى شلل الأطفال. وتزداد خبرات مستشفى (سانت ماوريتيوس) أيضاً من خلال عضويته في رابطة المستشفيات الكاثوليكية في دوسلدورف.

ويحظى المستشفى بسمعة ممتازة على الصعيد الدولي، وخصوصاً لدى المرضى القادمين من المنطقة العربية. ولذلك تقوم العيادة بتلبية كافة متطلبات اللغة والعادات الغذائية لضيوفها. ومن المميز أنه يمكن الوصول إليه بسرعة وسهولة، وذلك بسبب قربه من مطار دوسلدورف الدولي.

 

حدائق غنّاء

وفي الحقيقة، فإن دوسلدورف تمثل مدينة عالمية للسياحة العلاجية. فزيارتها لا تقتصر فقط على تلقي العلاج في مستشفياتها الشهيرة، بل تتضمن أيضاً الاستمتاع بطبيعتها الساحرة وهوائها النقي الذي يفيد المرضى، إذ أنه من النادر أن ترى مدينة كبيرة خضراء كما هو حال عاصمة الراين. فما يقرب من خمس المساحة الإجمالية لدوسلدورف تمثل مناطق ترفيهية ومساحات خضراء وغابات. وبشكل عام، فهناك ثلث مساحة المدينة يندرج تحت المناطق الطبيعية المحمية. وهذه الخاصية تضمن نوعية عالية من الحياة وتزيد من جاذبية المدينة باعتبارها وجهة للعيش وتعزز حماية البيئة والطبيعة في انسجامها مع التنمية الحضرية. وقد حصلت دوسلدورف بسبب حدائقها ذات التصميم الجميل على العديد من الجوائز في ألمانيا وأوروبا.

ومن خلال نظرة من منصة المشاهدة في برج الراين (راين تورم) يحظى الزائر بمشهد بانورامي لحدائق دوسلدورف الغنّاء، التي تنتشر في كل مكان كالجزر. وبالإضافة إلى الواحات الخضراء التي تتوسط المدينة مثل منتزه (راين بارك) وحديقة (هوف غارتن)، هناك نقاط جذب سياحي أخرى، مثل: المنتزه الشمالي (نورد بارك) بحديقته اليابانية، وأطلال القصر الإمبراطوري (كايزر بفلاتس)، وكذلك قصر وحديقة (بينرات) الذي يمثل بالفعل جوهرة ثقافية وسياحية، فهو يجمع بين الهندسة المعمارية والحدائق ليمثل مفهوماً فنياً شاملاً.

 

جنة التسوق

كما تعتبر دوسلدورف جنة للتسوق الراقي. ومن أشهر أماكن التسوق في عاصمة الراين، يبرز الشارع الفخم (كونيغسآليه) (أي شارع الملك) المشهور بتلبيته الأذواق العالمية والإقليمية. فهذا الشارع الذي يصل طوله إلى ما يقرب من كيلومتر، يعتبر مثالاً للتسوق الراقي وأسلوب الحياة، وينتمي إلى قلائل الطرق المشهورة دولياً، التي يمكن وصفها بالبوليفارد. ويطلق أهل دوسلدورف على هذا الشارع تحبباً اسم (كو)، وعندما يتحدث المرء عن دوسلدورف، فإنه يكون دوماً مركز الحديث. ويتميز (كو) بعرضه المثير للإعجاب، وبخندق (كو-غرابن) الذي تتدفق فيه مياه دوسلدورف الحقيقة، وأيضاً بصف الأشجار الذي يضم حوالي 120 شجرة كستناء. ويفصل هذا الممر المائي بين الجانبين الشرقي والغربي لشارع (كونغيسآليه) بينما تربطهما العديد من الجسور، مما أعطى لكلا الجانبين طابعاً خاصاً. فالجانب الغربي يمثل بشكل رئيسي مقراً للبنوك والفنادق، وذلك على عكس الجانب الشرقي الذي يحتوي على الأروقة التجارية الدولية والمحلية الكبيرة.

وشهد هذا الشارع خلال تاريخه المضطرب الكثير من التغييرات. فقد كان هذه في السابق جزءاً من تحصينات مدينة دوسلدورف القديمة. وكان يسمى جادة الكستناء (كاستانينآليه). أما تسميته بشارع الملك (كونغيسآليه) فتعود إلى عام 1851، إذ يروى أنه خلال توجه الملك البروسي فريدريش فيلهلم الرابع إلى قصره عبر هذا الشارع تم رشقه بروث الخيول. وبحسب الرواية، فإن كبار أهل مدينة دوسلدورف بحثوا عن طريقة لتعويض هذه الإساءة إلى أن قرروا أن يطلقوا عليه اسم شارع الملك تكريماً له.

 

ميناء الإعلام.. عمارة مذهلة

وتزخر دوسلدورف بالفنون المعمارية المذهلة، لاسيما تلك الموجودة في (ميناء إعلام) (ميدين هافن) الذي عاش تحولاً دراماتيكياً، فحيثما كانت الصوامع والمخازن تميز صورة المدينة فيما مضى، توجد اليوم مبان شاهقة وأبراج قام ببنائها مهندسون معماريون مشهورون على مستوى العالم، بحيث لم تعد هذه المباني الحديثة تذهل زوار المدينة فحسب، بل والخبراء الدوليين في مجال العمارة أيضاً.

وبالفعل، فإن شهرة (ميناء الإعلام) تتجاوز حدود دوسلدورف، نظراً للمعالم المعمارية المذهلة التي تتواجد فيه، مثل برج الراين (راين تورم) الذي صممه المهندس (هارالد دايلمان)، وأضاف إليه فنان الإضاءة (هورست باومان) أكبر ساعة عشرية في العالم حيث دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية. ومبنى برلمان ولاية نوردراين فستفالن، الذي تم إنشائه وفقاً لخطط المهندسين (إلر، ماير، فالتر وشركاؤه). وهناك أيضاً مبنى (شتادت تور) الحاصل على جائزة أفضل مبنى مكاتب في أوروبا، والذي قام بتصميمه مكتب الهندسة المعمارية (أوفرديك بتسينكا وشركاؤه).

ومن أشهر المباني التي يمكن أن ننسب سحرها الخاص إلى مرفأ الإعلام الجديد، تبرز مباني جيري المائلة (جيري باوتن)، التي صممها المهندس والمصمم الكندي الأمريكي (فرانك جيري).

 

فنون وثقافة وترفيه

وتتمتع دوسلدورف أيضاً بسمعة فنية وثقافية واسعة، فهي تزخر بالمتاحف وصالات العرض، بدءاً من متحف الحديقة المائية العامة المحبوب (أكفا تسو)، مروراً بمتاحف متخصصة فريدة مثل متحف (هِتيَنس) الذي يختص بالخزف والفخار والزخرفة، وصولاً إلى متحف (قصر الفن) ومتحفي (كيه20) و(كيه21) اللذان يمثلان المجموعة الفنية لولاية نوردراين فستفالن. فالمدينة تضم 26 متحفاً وأكثر من 100 معرض فني، كما أن حوالي نصف متاحف وصالات عرض دوسلدورف مخصصة للفنون البصرية.

وتوفر دوسلدورف أيضاً تنوعاً عالمياً في المجال الموسيقي من خلال دار الأوبرا الألمانية على نهر الراين وصالة (تون هاله) وغيرها.

وفيما يخص ثقافة الترفيه والحفلات، فهي تقدم خيارات متنوعة جداً، ابتداءاً من النوادي الصغيرة الأنيقة إلى الملاهي الليلية الكبيرة. ولم تأت تسمية دوسلدورف بـ (أطول طاولة شراب وطعام في العالم) من فراغ: فمدينتها القديمة تضم حوالي 250 حانة وباراً، ناهيك عن الصالات العصرية التي تنتشر في حي (فلينغرن) وفي (ميناء الإعلام).

 

مدينة المعارض والإعلان

أما في مجال المعارض والأحداث، فهي تنتمي إلى واحدة من المدن المفضلة للفعاليات في ألمانيا. وما جعل هذا ممكناً هو توفر مجموعة واسعة من مرافق المؤتمرات والندوات، مثل مركز مؤتمرات دوسلدورف (سي سي دي  كونغريس سنتر)، بالإضافة إلى توفر فنادق مجهزة على أعلى مستوى والعديد من أماكن الفعاليات الخاصة المثيرة للاهتمام. وينظم معرض دوسلدورف أكثر من 40 معرضاً تجارياً دولياً في المجالات التالية: "الآلات والمنشآت والمعدات"، "الأعمال التجارية والخدمات"، "الطب والصحة"، "الموضة وأسلوب الحياة" وغيرها. وأكثر من 23 من هذه الفعاليات تمثل معارض تجارية دولية رائدة.

وتشتهر دوسلدورف أيضاً بكونها عاصمة الإعلان في ألمانيا، حيث يوجد فيها حوالي 1000 وكالة إعلانية. ويستند نجاحها هذا على البنية التحتية الإبداعية المتنامية والتي تشمل استوديوهات التسجيل، منتجي الأفلام، وكالات العارضين، المصورين، المصممين الفنيين، المطابع، وغير ذلك من الأساسيات الأخرى.