نصائح وإرشادات
سرطان الكبد.. خطر داهم وشفاء ممكن
(د ب أ)- تتسلل أمراض الكبد خلسة إلى جسم الإنسان دون أن تكون لها أعراض ظاهرة في البداية، وقد تستفحل هذه الأمراض وتتخذ مساراً مأساوياً يتمثل في الإصابة بسرطان الكبد الذي غالباً ما يفضي إلى الوفاة. ولكن إذا تم اكتشاف سرطان الكبد مبكراً وتم علاجه في الوقت المناسب، فإنه يمكن الشفاء منه في كثير من الحالات.
وأوضح الطبيب الألماني أرنت فوغل أن نسبة كبيرة من مرضى سرطان الكبد كانوا يعانون من قبل من أحد نوعي التهاب الكبد الوبائي (ب) أو (ج)، في حين كانت نسبة أخرى يعانون من تلفيات بالكبد بفعل الإفراط في احتساء المشروبات الكحولية.
وأردف فوغل، البروفيسور بكلية الطب بجامعة هانوفر، أن الإصابة بدهون الكبد الناتجة عن زيادة الوزن تُعد أيضاً أحد الأسباب الشائعة المؤدية إلى الإصابة بسرطان الكبد، مطمئناً بقوله: "يُمكن علاج سرطان الكبد، إذا ما تم اكتشافه بصورة مبكرة".
وعن كيفية الإصابة بسرطان الكبد، أوضح الطبيب الألماني أنها غالباً ما تبدأ لدى الكثير من الأشخاص المصابين بأحد أمراض الكبد المزمنة بالإصابة بتليف الكبد المعروف أيضاً بـ (تشمع الكبد)، ثم يظهر لديهم بعد ذلك الورم الأول.
أولى الأعراض
وأضاف فوغل أن هذا الورم عادةً لا يتسبب في الشعور بأية متاعب، إلا أنه يؤدي إلى شعور عام بالضعف الجسماني، الذي يُعد أولى الأعراض. وبعد ذلك تبدأ المؤشرات الواضحة للإصابة بالمرض والتي تتمثل في حدوث نزيف في المريء أو تجمع كميات كبيرة من المياه في البطن، وهو ما يعرف باسم (الاستسقاء).
لذا شددّ فوغل على ضرورة أن يخضع الأشخاص المصابون بأحد أمراض الكبد المزمنة، لاسيما تليف الكبد أو دهون الكبد أو التهاب الكبد الوبائي بجميع أنواعه، والذين يمثلون الفئة الأكثر عُرضة للإصابة بسرطان الكبد، لفحص طبي دوري باستخدام الموجات فوق الصوتية كل ستة أشهر.
ويلتقط اختصاصي أمراض الكبد الألماني نيسار بيتر ماليك طرف الحديث محذراً من أن هناك الكثير من الأشخاص لا يعرفون أنهم ينتمون إلى هذه الفئة من الأساس، إذ أنهم لا يعرفون أنهم مصابون بأحد أمراض الكبد المزمنة.
وعللّ البروفيسور الألماني ماليك من مستشفى توبنغن الجامعي ذلك بأنه غالباً ما تحدث الإصابة بأمراض الكبد الوبائي خلال السنوات الأولى دون أن يُلاحظها المريض. لذا فهو يوصي بأن يواظب جميع الأشخاص على الخضوع للفحص المعتاد لاكتشاف الإصابة بالتهابات الكبد الفيروسية؛ حيث يُمكن بذلك التعرف على الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بسرطان الكبد في مراحل مبكرة ومن ثمّ يُمكن علاجهم.
سبل العلاج
وعن سبل العلاج قال الطبيب الألماني ماليك: "عادةً لا تُمثل جراحة استئصال الورم حلاً مجدياً إلا لدى المرضى الذين تعمل لديهم وظائف الكبد على نحو سليم"، لافتاً إلى أنهم لا يُمثلون سوى 5% فقط من إجمالي المرضى.
ويلتقط هنا فوغل طرف الحديث موضحاً: "يعود الورم من جديد لدى أكثر من نصف المرضى الذين خضعوا لجراحة الاستئصال"، إلا أنه طمئن بأن هناك أيضاً بعض المرضى الذين خضعوا لها ولم يعانوا من أية اضطرابات مجدداً.
وأردف الطبيب الألماني فوغل أنه هناك إمكانية أخرى للعلاج تُعرف باسم (العلاج الإشعاعي الداخلي الانتقائي)، الذي يتم خلالها إدخال كرات إشعاعية صغيرة إلى أنسجة الورم تعمل على تدمير الأورام من الداخل دون أن تعرض الكبد لأية مخاطر، إلا أن خطر ظهور أورام جديدة في الكبد بعد الخضوع لهذه التقنية يظل قائماً.
وأضاف الطبيب الألماني ماليك: "أما إذا تراجعت وظائف الكبد بالفعل لدى المريض وتم التحقق من الإصابة بسرطان الكبد، فيُفضل أن يلجأ المرضى حينئذٍ لجراحة زرع الكبد، مع العلم بأنها لا تُجدي نفعاً سوى مع 15% فقط من مرضى سرطان الكبد"، مؤكداً أنه من المهم أن يتم البحث عن متبرع مناسب وكذلك عن مركز علاجي متخصص في زرع الكبد، كي تتمتع بفرص نجاح كبيرة.
وبالنسبة لمَن لا تتناسب معه هذه الجراحة أو الجراحات الأخرى أو غيرها من تقنيات العلاج، ينصحه ماليك بالخضوع للعلاج الكيميائي، لافتاً إلى أنه يتم بحث تقنيات علاجية أخرى في وقتنا الحالي؛ حيث ظهر مؤخراً اتجاه علاجي جديد يستخدم الفيروسات المعدلة وراثياً، والتي من شأنها أن تتكاثر بطريقة خاصة داخل الورم وتقوم بتدميره. وأشار الطبيب الألماني فوغل: "أظهرت إحدى الدراسات الكبيرة التي تم إجراؤها مؤخراً أن هذه التقنية العلاجية لا تُمثل أيضاً حلاً ناجعاَ".
وقاية ممكنة
ويطمئن الطبيب الألماني فولك بأنه بقدر خطورة سرطان الكبد بقدر ما يُمكن الحد من خطر الإصابة به بسهولة؛ حيث يُمكن تحقيق ذلك مثلاً من خلال الإقلاع عن الكحوليات والخضوع للفحص الطبي للكشف عن الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي.
كما يُمكن الوقاية من الإصابة بدهون الكبد، التي تُعد أحد العوامل الرئيسة المؤدية إلى الإصابة بالسرطان، من خلال إتباع نظام غذائي صحي وممارسة الأنشطة الحركية بشكل كاف.
من آنيا رويمشوسيل
