أبرزها بوابة براندنبورغ ونقطة التفتيش شارلي

معالم العاصمة الألمانية برلين تحكي قصص الانقسام والوحدة

على الرغم من أنه لم يمض إلا عدة سنوات فقط منذ إعادة التوحيد الرسمية لألمانيا في عام 1990، إلا أن العاصمة الألمانية المقسمة سابقاً، استفادت من العقدين الماضيين بحكمة لإعادة التعريف بنفسها، ولإيجاد صورتها الخاصة في مكان ما بين الشرق والغرب، وما بين التقليد والحداثة.

 

ما تزال مدينة برلين تحتفظ بالعديد من الرموز التي انتصرت على الحرب أو تلك التي تبهر السياح بجمال هندستها المعمارية أو قيمتها التاريخية، فمثلاً تعتبر بوابة (براندنبورغ) الشهيرة من أكبر وأجمل إبداعات الكلاسيكية الألمانية ومحطة مهمة تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم. إذ كانت هذه البوابة مُقفلة لسنوات عديدة وأعيد افتتاحها بُعيد انهيار جدار برلين.

أما في شارع (كورفورستندام) الشهير، فستجد كنيسة القيصر فيلهلم التذكارية، التي تعرضت لأضرار بالغة خلال الحرب العالمية الثانية، ولم يبق منها إلا بقايا البرج الذي يعرف أيضاً بـ (هولار تسان) أي السن المجوف. ويتصف التصميم الداخلي لهذه الكنيسة بالروعة، حيث تزينه الفسيفساء الجميلة واللوحات الجدارية. وتبرز كنيسة القيصر فيلهلم التذكارية كرمز للسلام يعكس تصميم برلين على إعادة إعمار نفسها بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية.

بُنيت كنيسية القصير فيلهلم بين عامي 1891 و1895 بناء على أوامر القيصر فيلهلم الثاني بهدف إنشاء نصب تذكاري ديني تكريماً لجده فيلهلم الأول. ويمثل التصميم بناء من عدة أبرج على الطراز الرومانسي، وكان برجه الذي يبلغ ارتفاعه 113 متراً هو الأعلى في المدينة. كما اتصف التصميم الداخلي أيضاً بالروعة، حيث زُين بالفسيفساء الجميلة واللوحات الجدرانية.

في نوفمبر من العام 1943 دُمرت الكنيسة القيصر بشكل كبير. ولكن في سنوات ما بعد الحرب تحولت بقايا الكنيسة إلى رمز لنهوض برلين من تحت أنقاض، وتحول هيكل البرج المتبقي البالغ ارتفاعه 68 متراً كنصب تذكاري ضد الحرب.

وإذا انتقلنا إلى كنيسة أخرى تحظى بشهرة عالية، فإننا سنصل إلى كاتدرائية برلين ذات التصميم الجذاب، والتي تعتبر بالنسبة لجميع عشاق الكنائس مكاناً لا يجب التغاضي عن زيارته. فتاريخها يمتد إلى العصور الوسطى وكانت قد مرت بالكثير من المراحل التي تطلبت إعادة بنائها وتجديدها من الداخل والخارج وتغيير تصميمها المعماري.

خلال الحرب العالمية الثانية تضررت الكاتدرائية بشدة خلال حريق ناجم عن انفجار قنبلة، لتتحول إلى خراب. وفي وقت لاحق يقارب الثلاثين عاماً، تم البدء بإعادة بناء الكنيسة المدمرة. وفي عام 1983 تم الانتهاء من العمل الخارجي في الكاتدرائية. أما الأعمال الداخلية فقد انتهت عام 2002 بإزالة الستار عن قبة الفسيفساء الثامنة والأخيرة.

ومن المعروف عن برلين أنها تتنفس فناً، حيث تمتلك أكثر من 170 متحفاً، ولكن واحداً منها فقط يستعرض الكيفية التي عاش فيها سكان برلين الشرقية تحت الحكم الشيوعي، حيث يقدم متحف جمهورية ألمانيا الديمقراطية (دى دى ار موزيوم) رحلة من وراء الستار الحديدي مع أعمال فنية أصلية وأفلام أرشيفية حول الحياة في ألمانيا الشرقية السابقة ويوسع النطاق ليصل إلى تأثير جهاز أمن الدولة والجدار في الحياة اليومية للناس: كيف اختلفت الحياة بالمقارنة بالحياة في ألمانيا الغربية سابقاً؟ وما كم أثرت الدولة على حياة الناس؟ وأين كانت الديكتاتورية أكثر وضوحاً في الحياة اليومية؟ وما هي الإنجازات التي تعتبر إيجابية لجمهورية ألمانيا الديمقراطية وهل هي إيجابية حقاً؟

وبالنسبة لهؤلاء المأخوذين بفيلم (حياة الآخرين) (ذا لايفس أوف آذرز) الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية وعلى عدة جوائز ألمانية والذي تدور معظم أحداثه حول طبيعة نظام الحياة في ألمانيا الشرقية قبل سقوط جدار برلين، فينبغي عليهم أن يزوروا متحف شتازي (شتازي موزيوم) الذي كان يضم في السابق مكاتب أمن الدولة الـ (شتازي).

كما يمكن زايرة متحف الجدار (ماور موزيوم) ونقطة التفتيش شارلي التي مثلت سابقاً جزءاً من جدار برلين وكانت شاهداً على انقسام ألمانيا إلى دولتين: شرقية وغربية، حين قامت حكومة ألمانيا الشرقية في العام 1961 بتشييد الجدار. وبقيت برلين على هذا الحال إلى حين سقوط الجدار في نوفمبر 1989 وتوحيد شطري ألمانيا في عام 1990. ومن الجدير بالذكر أن بقايا جدار برلين الشهير تحول إلى آثار تاريخية ومتحف فني يجذب الزوار من مختلف دول العالم.

وبين الحي السكني (فيدنغ) و(برنتسلاور بيرغ)، حيث كان جدار برلين يمثل يوماً جرحاً في قلب المدينة نتيجة لتقسيمها، نشأ منتزه الجدار (ماور بارك) الذي ينتمي إلى الأماكن القليلة في المدينة التي كان من يحاول عبورها يلاقي حتفه. ولكن بعد فتح الحدود وإعادة توحيد برلين، تحول خط الجدار بسرعة إلى مساحات خضراء عامة ومنطقة للترفيه والاستجمام، إذ تزخر المنطقة بالعشب الأخضر وأشجار الفاكهة والنباتات البرية والزهور.