الخيال بين الماضي والحاضر

مرور 200 عام على حكايات الأخوين جريم الخيالية

قبل 200 عام صدرت الطبعة الأولى من الحكايات الأسطورية بعنوان "الأطفال وبيت الحكايات" للأخوين جريم. في البداية لم يكن للحكايات صور، ولم تشهد نجاحاً كبيرًا. غير أن الأمر سرعان ما تغير عندما أضيفت رسوم توضيحية إلى جانب النصوص.

 

 

 

قصة نجاح باهر

"الجميلة النائمة" أو "الضفدع الملك" بعض من حكايات الأخوين جريم التي تحكى عن المعجزات وانتصار الخير. هذه الحكايات التي يستمع الأطفال إليها وبريق الحماس في عيونهم، غزت جميع أنحاء العالم وأصبحت جزءً من التراث العالمي.


"كان يا مكان في قديم الزمان طفلة صغيرة تُدعى ذات الرداءالأحمر. وكانت تسمى هكذا لأنها كانت تضع على رأسها دائماً رداءً أحمر. وفي يوم من الأيام نادتها أمها وطلبت منها أن تحمل إلى جدتها سلة كان بداخلها كعكة وقنينة نبيذ. كانت الجدة تسكن في عمق الغابة".

خفضت الممثلة مارليس لودفيش صوتها، وتوقفت عن الكلام لهنيهة وأخذت تنظر إلى الأطفال المتحلقين حولها. عشرون طفلاً ينتمون إلى إحدى المدارس الابتدائية، جاؤوا مع معلمتهم ليحضروا إحدى اللقاءات في إطار فعاليات "أيام الحكاية" في برلين. كانوا يتكلمون مع بعضهم في البداية بصوت خافت، وكانت الفتيات منهم يضحكن على العباءة السوداء التي كانت تلبسها مارليس لودفيش. وفجأة رفعت الممثلة نبرة صوتها لتواصل سرد أحداث حكاية ذات الرداء الأحمر جاذبة أنظار الأطفال بشكل متصاعد إلى عالمها.  واستمرت على هذه الحال لمدة ساعة كاملة.

 

قصص مشوقة

 

تواصل مارليس لودفيش سرد حكاياتها متقمصة في نفس الوقت أدواراً مختلفة. فتارة تقلد نقيق الضفادع وتارة أخرى تسب وتنهر كزوجة صياد سليطة اللسان. وبين الفينة والأخرى تترنح مثل سندريلا فوق حلبة الرقص. ومن حين لآخر تسمح للأطفال بمساعدتها خلال السرد أو تصحيح بعض ما جاء فيه، إذا لم تلتزم بتفاصيل الحكاية كما كتبها الأخوان جريم.

وتصف كارولابولمان، وهي مديرة قسم الأطفال والشباب فى مكتبة ولاية برلين حكايات الأخوين جريم بأنها "ظاهرة". وتشرف بولمان على المعرض الذي أُطلق عليه "ذات الرداءالأحمر تنتمي إلى برلين"، والذي يقدم منذ بداية نوفمبر/ تشرين الثاني لمحةعن مائتي عام من حكايات جريم التي لاقت ومازالت تلاقي نجاحاً لافتاً. ويُعتبر كتاب حكايات جريم الكتاب الألماني الأكثر انتشاراً على نطاق واسع إلى جانب الكتاب المقدس المترجم من قِبل مارتن لوثر. وقد تُرجمت حكايات جريم إلى أكثر من 160لغة وتتم صياغتها بشكل جديد باستمرار لتكون قصصاً مصورة ورسوماً متحركة وأفلاماً ومقاطع فيديو وكتباً مسموعة وعلى شكل قطع مسرحية أيضاً.

 

بداية متواضعة

ولم يكن أي شيء يشير في البداية إلى هذا النجاح الباهر الذي حققته حكايات الأخوين جريم. خاصة وأن الحكايات الشعبية، التي كتبها الأخوين فيلهيلم ويعقوب جريم بإيعاز من شاعر الرومانسية الألمانية كليمينس برينتانو، جاءت في طبعتها الأولى ضعيفة وغير مناسبة للأطفال. وقد تعامل الأخوان جريم مع هذه المهمة كعالمَين أرادا تجميع الأدب الشعبي وتدوين مصادره بكل أمانة. وفي عام 1812 لم يتمكنا سوى من نشر 900 نسخة من المجلد الأول للنسخة الأولى والتي حملت عنوان "الأطفال وحكايات البيت".

وقد شقت هذه الحكايات طريق النجاح بعدما شهدت تغييرات شاملة. حيث أًُدخلت مجموعة من التحسينات على بعض مشاهدها. وإضافة جمل الافتتاح والخاتمة المشهورة من قبيل "كان يا مكان..." أو "لو لم يباغتهم الموت لكانوا أحياء بيننا اليوم..". وبفضل إضافة بعض الصور أيضا كسبت هذه الحكايات ابتداء من عام 1830 جمهوراً كبيراً بشكل متصاعد. وخلال بضعة عقود كان لهذه الحكايات أصدقاء في جميع أنحاء العالم.

ونظراً لأن سرد الحكايات تراجع لدى الكثير من الأسر ولم يعد "موضه"، فإن القائمين على "أيام الحكايات" البرلينية يعملون على إعادة هذا الطقس. يضم برنامج هذا الحدث الثقافى فى كل خريف مايزيد على ٨٠٠ فعالية، ووصل عدد المشاركين هذا العام إلى ما يربو على ۱٥٠ ألف زائر. إن النفس تطيب للاستماع، هذا ما يخبره المرء أثناء هذا الحدث الثقافى. ليس الممثلون فقط من يجيدون الحكي، وإنما الرياضيون أيضاً، وبعض أصحاب الأعمال المشهورين وكذلك السياسيين. يحاول القائمون على هذا الحدث دوماً طرق سبل جديدة ليدخل الأطفال عالم الحكايات، حيث يستسلمون للهدوء حين تبدأ الكلمات التى تعدهم بالمتعة: "كان يا ما كان .....".

 

مصدر النص: دي دابليو ـ  التحرير: المركز الألماني للإعلام (ألمانيا إنفو/ almania info)