يعيش في تغير دائم

المشهد الثقافي في برلين يزخر بالابتكار والإبداع والأعمال الجديدة

تقدم مسارح برلين عروضاً فريدة من نوعها في أوروبا، سواء بسبب جودتها العالمية أو تنوعها أو كثافتها. وتتميز برامج الموسيقى في المدينة بوجود ثماني فرق سيمفونية شهيرة بما فيها أوركسترا الفلهارموني البرلينية ذائعة الصيت، وعروض أوبرا في غاية الجمال تقدم في دور الأوبرا البرلينية الثلاث. إضافة لذلك تزدهر في برلين ثقافة التسلية الخفيفة التي تمتد عروضها من مسرح المنوعات إلى الاستعراضات، من البرامج الموسيقية "موزيكال" إلى عروض الكوميديا والفكاهة، ومن المسارح البسيطة إلى مسارح النقد اللاذع.

يؤكد الضيوف الذين يزرون العاصمة الألمانية بانتظام أنه لا يوجد فيها وقت للملل، فهناك 1500 فعالية تحدث على مدار العام وتجري أحداثها في المتاحف ذات الشهرة العالمية والمعارض الفنية الرائدة والمسارح التي تقدم العروض الموسيقية المهمة.

ومنذ انهيار جدار برلين ساهم المبدعون الشباب والمبتكرون من خلال أفكارهم وأعمالهم الجديدة والكثير من الخدمات والمجالات المتنوعة في التأثير بشكل ملحوظ في وسط المدينة المستعاد. وتحولت برلين إلى مختبر وورشة عمل لثقافة الشباب، واختبرت بنجاح أشكال مبتكرة للتعبير الجمالي والمفاهيم الاقتصادية التي تم تنفيذها، حيث نشأت فضاءات فنية جديدة ونوادي ووكالات إعلامية ومهرجانات.

ويعيش هذا المشهد الثقافي الشاب في تغير وتنقل دائم مبدياً الرغبة في التحرك عبر مختلف التخصصات، ويشمل ذلك الفنانيين كالرسامين والمسرحيين ومنتجي الأفلام والكتاب والموسيقيين ومصممي الرقصات والمهندسين ومالكي النوادي ومصممي الأزياء وأصحاب المعارض والمصورين. وترتبط كل هذه الجوانب ببعضها البعض إلى حد كبير وتعمل معاً في مشاريع كثيرة. ويساهم هذا المزيج في جعل المشهد الثقافي الشاب مثيراً للاهتمام.

وهناك العديد من العوامل التي تجعل من برلين مدينة شابة، وتنيع هذه العوامل من مشهد النوادي الثقافية. فمع وجود مئات الحانات والملاهي والنوادي والصالات، تنبض الحياة هنا على مدار الساعة. فالمشهد الثقافي الشاب يمتد بالدرجة الأولى باتجاه وسط المدينة، حيث يمكن مشاهدته ومعايشته في مناطق مثل: (ميتّه)، (برنتسلاور بيرغ)، (فريدريشسهاين) و(كرويتسبيرغ)، والتي تمثل غالباً أماكن سريعة التغير. وتتواجد برلين الشابة أيضاً في الأقبية القديمة والكراجات أو قاعات المصانع السابقة!

وتبرز برلين كمدينة لا يوجد فيها ما هو مستحيل فيما يخص كل ما يتعلق بشؤون الحفلات وتقنياتها وأنواعها. فسواء أكانت موسيقى هادئة أو تقنية صاخبة أو حفلة تتناسب مع الجيوب الصغيرة أو حفل على أعلى مستوى، فإن كل شيء ممكن في برلين ولا توجد حدود للمتعة والمرح.

وفي برلين يسير كل من الحياة الليلية ونمط الحياة جنباً إلى جنب. فهنا يتم اكتشاف الاتجاهات الجديدة ووضع معايير جديدة في الأزياء والموسيقى. وتعتبر مناطق حيوية مثل (ميتّه)، (برنتسلاور بيرغ)، (فريدريشسهاين) و(كرويتسبيرغ) أماكن مسلية للغاية، حيث يوجد هنا أكبر مناطق الجذب التي تستقطب أهل برلين وزوارها.

وعلى الرغم من عدم حصر الحياة الليلية في توقيت أو فترة محددة، إلا أن ذلك ليس وحده ما يميز برلين عن غيرها من العديد من المدن الأوروبية الأخرى، بل أيضاً هناك العدد الكبير من المصانع والمباني الصناعية السابقة التي تم تحويلها إلى مراكز ليلية للحياة العصرية.

كما تقدم المطاعم والمقاهي والحانات بشكل مستمر اتجاهات موسيقية وفنون طهي متنوعة. وتعتبر الموسيقى ذات أهمية خاصة بالنسبة لنمط الحياة الحي. فما بدأ كنقطة إنطلاق مع التقنية الموسيقية في الأقبية والطوابق السفلية والنوادي، استحدث وشكل أحياء المدينة بأكلمها. فقد افتتحت المقاهي والحانات الأصلية تحت الأرض، حيث الرقص ليلاً ، بينما يتم في النهار التصوير في الاستوديوهات وورش العمل ووكالات الأزياء.

ويمكننا القول إن الأحياء المنتشرة حول باحات (هاكيشه هوفه) وجادة (كاستانين آليه) أو شارع (سيمون داخ شتراسه) لها النصيب الأكبر من إيقاع الحياة هذا.

وبدورها فإن منطقة (هاكيشه هوفه)، التي يعود بناؤها إلى آواخر القرن الثامن عشر الميلادي، تمثل واحدة من أشهر المناطق الليلية في برلين، حيث تضم أمكنة رائعة وحيوية تقدم مزيجاً من المحال التجارية والحانات والمقاهي التي يمكن أن يقضي فيها المرء أوقاتاً مفعمة بالمتعة والمرح.

وتكسب الحياة الليلية في برلين سمعتها بوصفها جنة اليوم الليلية، فنوادي برلين تعيد ولادة نفسها وتخلق اتجاهات موسيقية جديدة. وتتنوع الموسيقى والأماكن ليجد كل شخص ما يناسبه، فالكل يأتي ليعزف في برلين.

وإذ كانت الموسيقى محركاً أساسياً للعديد من الأنشطة والفعاليات التي تشهدها نوادي برلين، فإنها تزحف أيضاً بألحانها لتشعل كافة أرجاء المدينة، وذلك من خلال أسبوع برلين للموسيقى (برلين ميوزك وويك) الذي يتميز بإطلالة فنية مستقبلية تربط الموسيقى مع الأعمال التجارية، وعشاق الموسيقى والمشجعين مع المصنعين.

ويجمع مهرجان الموسيقى هذا أنشطة متنوعة وشاملة حول موضوع الموسيقى تغطي جميع أنحاء المدينة بأنغام الموسيقى الشعبية وصناعة الموسيقى والثقافة الموسيقية.

ويتوحد الجميع من منظمين ومشاهدين في مدينة الألف منصة، حيث تكون هناك فرصة رائعة أمام أنصار ومشجعي مختلف الاتجاهات ليعيشوا كافة الأشكال والأساليب الموسيقية، إذ يجمع البرنامج بين نجوم العالم والقادمين الجديد ويكشف عن أحدث الاتجاهات التي تمثل جميع الأجناس.

ويساهم أسبوع الموسيقى في تحويل برلين إلى مدينة تدور حول الموسيقى، لاسيما مع ما تتميز به برلين من حيوية تشعل كل ما تضمه من نوادي وحانات وملاهي ومسارح لتجلعها منصات مهمة لعالم الموسيقى.