بدأت التجارب منذ عام 1914
الإيروديناميكية .. سرعة أكبر واستهلاك أقل
(د ب أ) - أدرك مهندسو السيارات مبكراً أن مقاومة الهواء تسبب مشكلة كبيرة أثناء القيادة، لذلك قاموا بتجريب تصاميم مختلفة لم تخلو من الغرابة، مثل تصميم السيارة على شكل قطرة ماء أو توربيد أو منطاد. وقد ساعد انخفاض مقاومة الهواء في البداية على الوصول إلى سرعات أكبر في سباقات السيارات. أما الآن فإن الشركات العالمية تسعى لخفض مقاومة الهواء من أجل خفض معدل استهلاك الوقود في سياراتها الحديثة.
منطاد وقطرة ماء
وقد اهتم المهندسون بموضوع الإيروديناميكية منذ فترة مبكرة في صناعة السيارات، حيث قام المصمم الإيطالي ماركو ريكوتي خلال عام 1914 بتصميم سيارة ألفا روميو على غرار المنطاد، ألا وهي السيارة 40-60 HP Aerodinamica، التي تُعد رائدة السيارات التي تتمتع بخصائص الإيروديناميكية. وبدءاً من عام 1919 قام المهندس النمساوي إيدموند رومبلر بتطوير سيارة على شكل قطرة ماء؛ لأن شكل القطرة كان يعتبر في ذلك الوقت هو الشكل المثالي للإيروديناميكية.
وقد أظهرت القياسات أنه يمكن خفض مقاومة الهواء بالسيارة المصممة على شكل القطرة بمقدار النصف مقارنة بالسيارات التقليدية في الوقت الراهن. وأوضحت شركة فولكس فاغن خلال القياسات اللاحقة خلال عام 1979 أن مُعامل السحب بلغ 28ر0، وهو العامل الذي لا يزال يمثل نموذجاً يحتذى به لسيارات الركاب الحالية.
وعمل المهندس المجري باول جاراي على تحسين مقاومة الهواء، حيث اعتمدت شركات السيارات العالمية مثل كرايسلر وبي إم دبليو ومرسيدس منذ عام 1923 على النماذج الاختبارية الحاصلة على براءة اختراع لتطوير السيارات الانسيابية. وبالنسبة لشركة أودي فقد قام المهندس باول جاراي بتطوير النموذج Typ K، الذي يعتبر دليلاً على أن الجسم الانسيابي للسيارة يتيح إمكانية الانطلاق بسرعة أكبر حتى مع سيارات الركاب.
وقد أجرت شركات السيارات آنذاك العديد من التجارب على موضوع الإيروديناميكية، حيث حقق اتحاد السيارات الألماني رقماً قياسياً عن طريق سيارة السباقات Typ C Stromlinie التي ظهرت لأول مرة خلال عام 1937 وانطلقت بسرعة تزيد على 400 كلم/ساعة، وقد بلغ معامل السحب بها 237ر0.
ويعتبر فونيبالد كام من الخبراء التقنيين، الذين ساهموا في تطوير الإيروديناميكية، حيث استفادت من خبراته ومعارفه العديد من الشركات الألمانية مثل مرسيدس وبي إم دبليو. وقد اشتهر البروفيسور بالجامعة التقنية في شتوتغارت من خلال سيارته الانسيابية التي كانت تُعرف باسم سيارة Kamm ذات معامل سحب بلغ 23ر0.
وقام البروفيسور الألماني بتطوير سيارة كوبيه لشركة بي إم دبليو للمشاركة في سباقات الألف ميل Mille Miglia عام 1940، والتي تمتعت بمعامل سحب بلغ 25ر0 ووصلت سرعتها القصوى إلى 230 كلم/ساعة. بالإضافة إلى أن شركة مرسيدس تعتمد على مبدأ Kamm في تطوير نماذجها الاختبارية.
الحاجة أم الاختراع
وخلال الأزمات النفطية في حقبة السبعينيات من القرن الماضي ازداد اهتمام الشركات بموضوع الإيروديناميكية للحد من معدل استهلاك الوقود. وقامت شركة فولكس فاغن بطرح الجيل الأول من سيارتها الشهيرة Golf بمعامل سحب لا يضاهيه أي من السيارات القياسية في ذلك الوقت، حيث بلغ 42ر0.
كما وصلت شركة أودي خلال عام 1982 إلى تطور منقطع النظير، حيث جاءت سيارة أودي 100 بمعامل سحب بلغ 3ر0، وبالتالي فإنها حملت لقب «أكثر سيارات الصالون انسيابية في العالم»، وقد ساهم في ذلك أيضاً الزجاج الملتصق بشكل مستوٍ مع الجسم الخارجي للسيارة.
ويتذكر أرنولف تيميل، الخبير التقني بنادي السيارات (ADAC) بمدينة ميونيخ، هذه السيارة من شركة أودي ويقول إن الشرط الأساسي، الذي لا يزال سارياً حتى اليوم، هو أن تكون جميع الأجزاء ملساء قدر الإمكان، ومن ضمن الحيل المعتادة حالياً أن يتم تبطين قاع السيارة. وتعتبر سيارة مرسيدس الكوبيه من الفئة E أكثر السيارات انسيابية حالياً بمعامل سحب يبلغ 24ر0.
ومع ذلك فإن معامل السحب يعتبر أحد العناصر فقط، عندما يتعلق الأمر بموضوع احتساب مقاومة الهواء الفعلية. ولا يتم معرفة البيان الدقيق لمقاومة الهواء إلا عندما يتم ضرب معامل السحب في مساحة مقدمة السيارة. وتوضح كتب «هندسة السيارات» أن مساحة المقدمة تساوي مقطع عرضي من المنظر الأمامي للسيارة.
وأكد الخبير الألماني تيميل على أن المهندسين لم يتمكنوا منذ ذلك الحين من خفض معامل مقاومة الهواء إلا قليلاً؛ لأنه ليس هناك مجال كبير لتحسين الإيروديناميكية بدون المساس بالجوانب العملية للسيارة. فعلى الرغم من أن فولكس فاغن طرحت عام 2011 السيارة XL1 الاختبارية التي تعتبر أكثر السيارات اقتصادية في العالم بفضل معامل السحب البالغ 186ر0، إلا أن هذا الأمر جاء على حساب رحابة السيارة، حيث أثر التصميم الانسيابي بالسلب على مساحة المقصورة الداخلية.
ويؤكد خبراء السيارات على أن قائد السيارة نفسه يؤثر على مقاومة الهواء الفعلية، فإذا قام السائق مثلاً بمضاعفة سرعة السير، فإن هذا يعني زيادة مقاومة الهواء أربعة أضعاف. وبدءاً من حوالي 50 كلم/ساعة تكون مقاومة الهواء أكبر من جميع مقاومات السير الأخرى. وعندئذ فإن السائق نفسه له التأثير الأكبر على معدل استهلاك الوقود.