تزخر بينابيع المياه المعدنية والمنتجعات الفخمة

بادن-بادن.. مدينة تنسيك العالم كله!

عند زيارة الجنوب الألماني وتحديداً مدينة "بادن-بادن" ستتحول أحلامك إلى حقيقة! ففي هذه المدينة الشهيرة بمياه ينابيعها المعدنية الدافئة ومنتجعاتها الفخمة، ستشاهد مناظر طبيعية ساحرة لا تجدها إلا في الأساطير والقصص التي تتناقلها الأجيال، وستحظى بنزهات لا يعكر صوفها سوى أسراب الطيور العابرة في فضاء المدينة الفسيح. أما عند صعودك قمم الجبال فستتمكن من مداعبة الغيوم التي تلف منحدرات الغابة السوداء في لحظات ستبقى دوماً عالقة بذاكرتك.


عالم من الأحلام!

لا يمكن الحديث عن بادن-بادن دون التطرق إلى ينابيعها ومنتجعاتها الشهيرة. ففي هذه المدينة ترك الرومان خلفهم أعمال فنية تثير إعجاب كل زائر، وهذا ما ستجده عند زيارتك إلى "بقايا الحمامات الرومانية" التي يرجع تاريخ بنائها إلى حوالي 2000 عام. فحتى الرومان القدامى أدركوا أهمية الاسترخاء في مياه بادن-بادن المتدفقة التي تمنح الجسم الكثير من المنافع الطبية. وبالتالي ستتمكن هنا من تقفي خطى الرومان القدامى والتعرف على طريقة الاستحمام التقليدية.

ولكي تعيش تجربة فريدة من نوعها، فما عليك سوى التوجه إلى منتجع "فريدريشسباد"، الذي كتب عنه الكاتب الأميركي الشهير "مارك توين" الكلمات التالية: "بعد 10 دقائق من وصولك إلى متنجع "فريدريشسباد" ستنسى الوقت، وبعد 20 دقيقة ستنسى العالم كله...". وسيأسرك منتجع "فريدريشسباد" حتماً بسحره الذي يخيم على هندسته وعلى أجوائه الرومانسية، وهو بدون أدنى شك مصدر إلهام للعديد من الزوار الذين يتوافدون إليه بشكل مستمر، لاسيما وأنه مزيج من التقاليد الإيرلندية والرومانية التي سادت منذ أكثر من 125 عاماً في عالم الاستحمام. لذا يمكنك أن تجربه بنفسك لتتأكد من صحة ما قيل عنه!

وبدوره يحظى أيضاً منتجع "كركلا" للمياه المعدنية الدافئة، بشهرة واسعة، حيث يتوافد إليه الكثيرون لقضاء فترة من الراحة والاسترخاء. فهنا، بين أعمدته الرخامية ومسبحه الفيروزي ستنعم بأوقات لا تنسى، وستُدهش عند رؤية ينابيعه التي يصل عددها إلى 12 ينبوعاً وهي تتفجر من باطن الأرض لتستريح في مساحة تمتد على 3000 قدم مربع محاطة بالزجاج من كل جانب.

وبالفعل، فقد بات زوار وضيوف بادن-بادن ينظرون إلى الاستشفاء والاهتمام بالصحة على أنه جزء لا يتجزء من زيارتهم لها. ففي هذه المدينة يمكن للمرء أن يسترجع صحته وعافيته بحق. وبالتالي فلن يكون مستغرباً أن تمتلك بادن-بادن جميع المقومات التي تمكنها من تنظيم البرامج الصحية. وتتمثل تلك المقومات في ينابيع المياه الطبية الدافئة التي تساعد على الشفاء من العديد من الأمراض، والعيادات الطبية المجهزة بأحدث التقنيات العصرية، والخدمات والتسهيلات الكثيرة والمتنوعة، والمنتزهات التي تنتشر في رحابها شتى أصناف الزهور والنبات، والفنادق الفخمة كفندق ومنتجع "برينيرس بارك" ذو الخمس نجوم والذي يعود تاريخه لأكثر من 135 عاماً، حيث يمثل مع شعاره "الحياة في وئام مع الطبيعة" وجهة ممتازة للذين يرغبون بدخول تجربة فريدة في ثالوث الضيافة واللياقة البدنية والصحة.

 

مشاهد تحبس الأنفاس!

وعلى الرغم أن الفخامة والرفاهية التامة التي تتميز بها المدينة ستدفعك إلى تدليل نفسك لساعات طويلة، إلا أن الهواء النقي والمناظر الخلابة ستمنحك شعوراً بالنشاط والحيوية وحب المغامرة، فجبل "مركور" الشهير ينتظرك!

وقد تبدو عملية تسلق أعلى نقطة في بادن-بادن والصعود إلى القمة مهمة شاقة وتتطلب بعض الشجاعة، ولكنها ليست بالضرورة كذلك، إذ يمكن الوصول إلى قمة جبل "مركور" بسهولة وخلال خمس دقائق فقط بواسطة قطار سكة الحديد المعلقة الذي يعتبر من أكثر القطارات الأوروبية تطوراً من الناحية التقنية. وبالطبع فإن الصعود إلى جبل "مركور" الذي يبلغ ارتفاع قمته 2191 قدماً، سيكون عبر طريق شديدة الانحدار، بحيث ستصل إلى النقطة التي يبلغ ارتفاعها 1214 قدماً، وستشعر أثناء الرحلة بأنك مررت بانحدارات وانخفاضات وارتفاعات مختلفة للوصول إلى القمة. وهذا يعني بالطبع أنك قد حققت هدفك. والآن بإمكانك الوقوف في هذا المكان لتتأمل بادن-بادن الجميلة!

وفي حال أحسست أن قطار "مركور" للسكك الحديدية المعلقة سريع بعض الشيء، فهنالك فرصة للصعود إلى قمة الجبل سيراً على الأقدام! وكل ما عليك فعله هو اتباع الممر المخصص لذلك، حيث ستكون جولتك أثناء طريقك إلى قمة الجبل زاخرةً بالمناظر العذبة التي رسمتها الطبيعة على أرض بادن-بادن، كما ستتاح لك فرصة إلقاء نظرة على محمية الحيوانات واستكشاف الكثير من الأشياء التي تستحق فعلاً أن يشاهدها المرء عن كثب.

ولمن يرغب بالحصول على المزيد من المشاهد البانورامية المذهلة، فما عليه سوى التوجه إلى صخرة "باتيرت". فعلى مقربة من هذه الصخرة استقر المستوطنون السلتيون عندما قصدوا بادن-بادن. واليوم، ستدهشك هذه المنطقة بببيئتها المميزة وجمالها الأخاذ الذي ينجلي أمامك وكأنك تتأمل لوحة زيتية لمشاهير الرسامين.

 

كنوز الميل الثقافي

هذه المدينة الساحرة والمضيافة التي لا تبخل على زوارها بجمال الطبيعة الآخاذ ومياه ينابيعها المفيدة، لا تبخل عليهم أيضاً بأجوائها الثقافية. فالمدينة جمعت كنوزها الفنية والثقافية على طول شارع واحد يُطلق عليه "الميل الثقافي"، حيث يمتد من الطرف الغربي من المدينة، أي مكان وجود صالة "فستشبيل هاوس"، إلى شرقها، حيث تمر بالمباني التاريخية مثل "ترينك هاله"  و"كورهاوس"، ومسرح المدينة المتسم بهندسته الباروكية. ويستكمل "الميل الثقافي" امتداده إلى حدائق المدينة المحاذية لشارع "ليشتنتالر آليه" الشهير. وستجد إلى جانب الصالة الرسمية لعرض الفنون، متحف "فريدر بيردا" الذي أفتتح حديثاً ومتحف بادن-بادن المجاور له. وينتهي "الميل الثقافي" إلى الشرق من ضواحي بادن-بادن أي بالقرب من منزل الموسيقار "برامز" وكاتدرائية "ليشتنتال" الذي يرجع تاريخ تأسيسها إلى أكثر من 700 عام.

ويتميز مبنى "ترينك هاله" أو "غرفة الضخ"، بجماله، حيث يتزين بأعمدة كورنثية الطراز، وبجدران ترتاح عليها أروع اللوحات الزيتية. فمنذ أيام الرومان، وقف الناس في هذا المكان وتأملوا مدينة بادن-بادن الشهيرة بمياهها ذات المنافع الطبية.

وبدوره يستقبل مبنى "كورهاوس" والحدائق المحيطة به زوار المدينة القادمين من كل أنحاء العالم، فصالة "كورهاوس" تتميز بهندستها الغنية التي راجت في أوروبا منذ أكثر من مئة عام، ويتوافد إليها ضيوف المدينة إما من أجل حضور احتفال فني أو حفلة راقصة أو ربما لتناول وجبة عشاء لذيذة أو للتمتع بهندسة المبنى وجماله.

أما متحف "فريدر بوردا" فينظر الكثيرون إليه على أنه الجوهرة المتلألئة في تاج بادن-بادن. ويلعب موقعه دوراً مهماً، حيث يتواجد في شارع "ليشتنتالر آليه"، الذي بدأ حكايته كشارع تجاري بسيط، ولكنه بدل صورته مع الزمن ليصبح أهم شارع تجاري في بادن-بادن، والعنوان الذي يفضل الكثير من الأثرياء أن يحمل اسم متجرهم أو مقر سكنهم.

ويضم المتحف  500 لوحة زيتية بالإضافة إلى رسومات ومنحوتات ومعروضات أخرى تحكي عن تاريخ الفن خلال المئة سنة الماضية. ويسلط المتحف الضوء على الفن الكلاسيكي الحديث والفن التعبيري ويحتضن أيضاً مجموعة من آخر أعمال "بابلو بيكاسو".

أما من يرغب باكتشاف تاريخ بادن-بادن الطويل وشهرتها كبلدة لينابيع المياه الحارة الطبية وكمركز مهم للاهتمام بالصحة، فعليه التوجه إلى "متحف بادن-بادن"، حيث يحتضن المتحف في جناحه الزجاجي الجديد منحوتات وقطع فنية من عهد الرومان ولغاية يومنا هذا، بالإضافة إلى مجسمات قوطية الطراز أُحضرت إليه من كنيسة المدينة أو كما تعرف محلياً بإسم "ستفتسكيرتش".

 

موسيقى ومسارح وخيول

وتزخر بادن-بادن أيضاً بالأجواء الموسيقية والمسرحية، حيث تبرز في هذا المجال صالة  "فيستشبيل هاوس" التي تعد ثاني أكبر صالة للأوبرا وللمسرحيات الموسيقية في أوروبا. وتتميز هذه الصالة، التي تم افتتاحها عام 1998، بتقنيات هندسة الصوت المتطورة التي تضفي المتعة والإثارة على المسرحيات الموسيقية والعروض الفنية التي يقدمها أهم الفنانين العالميين، حيث يتردد العديد من الفنانين الكلاسيكيين إلى صالة "فستشبيل هاوس" أمثال "آن صوفي موتر"، "دانيال بارينبويم"، "كانت ناغانو"، "بالاسيدو دومينغو"، "جايمس ليفاين"، "توماس هامبسون" وغيرهم كثيرون.

وبالانتقال إلى مسرح بادن-بادن، سوف تطالعك الهندسة الرائعة في كل زاوية من زواياه، حيث ترحب بك واجهته الخارجية المميزة، بينما تستقبلك في الداخل العروض الفنية التي تضرم من جديد اللقب الذي حملته بادن-بادن في السابق: "عاصمة المصايف الأوروبية".

أما عند زيارتك "منزل برامز"، فستتمكن من دخول الغرفة الزرقاء التي كان يمضي فيها الموسيقار "يوهان برامز" معظم أوقاته، حيث ستنقلك الأجواء إلى الماضي خلال لحظات قليلة. وتنظم جمعية "برامز" كل سنتين، أيام تعرف بـ"برامز دايز" وتشمل سلسلة من العروض الفنية والمهرجانات الثقافية التي تقام في صالات المهرجانات في بادن-بادن وتملأ سمائها بمعزوفات عذبة.

ولا تقتصر إقامة الفعاليات والحفلات الموسيقية على المسارح، بل تمتد إلى أماكن أخرى. فمثلاً يعتبر مضمار "إيفزهايم" لسباق الخيل بأجواءه الرائعة، المكان المثالي للتسلية ولإقامة المناسبات السعيدة والحفلات الموسيقية وغيرها من النشاطات الترفيهية.

وتتسلط أنظار العالم ثلاث مرات سنوياً على هذا المضمار الشهير في بادن-بادن، وتبدأ أولى الحفلات في فصل الربيع أي بين نهاية شهر مايو وبداية يونيو، ثم يليها المهرجان الأسبوعي الكبير الذي يقام بين نهاية شهر أغسطس وبداية سبتمبر، وتودع المدينة موسم المهرجانات بما يُعرف بمهرجان سباق الخيل والمبيعات الذي يقام في نهاية أكتوبر.

 

كازينو بادن-بادن

يقع في مبنى المدينة الجميل "كور هاوس"، وقد وصفت الفنانة "مارلينه ديتريش" كازينو بادن-بادن الشهير دولياً بأنه "أجمل كازينو في العالم". وبالنسبة للتصميم الكلاسيكي الجديد لكازينو بادن-بادن فهو مستلهم من نماذج القصور الملكية الفرنسية. يفتح الكازينو أبوابه في وقت متأخر من الصباح وحتى وقت متأخر جداً من الليل، ويعد بمثابة معبد للفن والترفيه.

ساعات العمل:

ماكينات اللعب: الأحد- الخميس 12 صباحاً – 2 مساءً، الجمعة-السبت 12 صباحاً- 3 مساءً

روليت: الأحد- الخميس 12 صباحاً – 2 مساءً، الجمعة-السبت 12 صباحاً- 3 مساءً

لعبة بلاك جاك: الخميس- الأحد 5 مساءً – 1:30 صباحاً، الجمعة-السبت 5 مساءً- 2:30 صباحاً

لعبة البوكر: الأحد- الخميس 8 مساءً - 1:30 صباحاً، الجمعة-السبت 8 مساءً - 4:45 صباحاً

 

 

أسعار الدخول

5 يورو للشخص الواحد

 

ليشتنتالر آليه

هذا الشارع الذي يرجع عمره إلى 350 سنة ويبلغ طوله ميلين، ويمثل امتداداً للمتنزهات والحدائق البديعة، يعد أيضاً "ميل الفن والثقافة" في المدينة. فهو يربط غرفة الضخ، مبنى كور هاوس، المسرح الباروكي المجدد، المعرض الوطني للفن، متحف المدينة، متحف فن وتكنولوجيا القرن التاسع عشر، دير ليشتنتالر (عمره 760 سنة تقريباً)، فيستشبيلهاوس، التي تعد ثاني أكبر دور الأوبرا والحفلات الموسيقية في أوروبا، متحف "فريدر بوردا"، الذي صممه المهندس المعماري الشهير من نيويورك "ريتشارد ماير" ويمثل هذا المتحف موطناً لمجموعة الفن المعاصر والحداثة الكلاسيكية.

 

منتجعات المياه المعدنية الحرارية

إن المنتجع العصري (كركلا) والحمام الروماني الأيرلندي التاريخي (فريدريشسباد) في مدينة بادن-بادن يضمنان الاسترخاء التام والاستثنائي.

 

فيستشبيل هاوس

تعد قاعة (فيستشبيل هاوس) ثاني أكبر دار أوبرا وحفلات موسيقية في أوروبا، وتقدم عروضاً دولية على مدار العام.