تعتبر مهد السيارات وجنة التسوق

جولة بين كروم العنب والغابات والقلاع والقصور في بادن فورتمبيرغ

يحق لولاية بادن-فورتمبيرغ الألمانية أن تفخر بكونها أرض المخترعين والشعراء والفلاسفة، فاسم عاصمتها شتوتغارت مايزال يرتبط بالعديد من الشخصيات التاريخية التي كان لها تأثير عالمي كبير مثل الفيلسوف الشهير "هيغل" والأديب الكبير "فريدريش شيلر" وغيرهم الكثير. أما في النصف الثاني من القرن التاسع عشر فقد بدأت في شتوتغارت الحقبة الصناعية حيث ذاع صيت "غوتليب دايملر" و"روبرت بوش" بتصنيع محركات السيارات التي نالت شهرة عالمية كبيرة. فهذه المنطقة تعتبر مهد لصناعة السيارات، إذ تم فيها تطوير أول سيارة في العالم.

 

كل من يرغب في التعرف على تاريخ عالم المركبات فسيجد في شتوتغارت متحفين رائعين يمثلان اثنتين من العلامات التجارية الفاخرة الأكثر شهرة في العالم هما: "مرسيدس بنز" و"بورشه". ويحكي متحفا شتوتغارت القصة المثيرة لعالم المركبات، ابتدءاً من أول مركبة مروراً بسيارات الفورمولا 1 المذهلة ووصولاً إلى عالم السيارات المتطورة. فمتحف "مرسيدس بنز"  ذو الهندسة المعمارية المذهلة يعد من أهم نقاط الجذب السياحي في المدينة، حيث يأخذك في رحلة تشمل ماضي وحاضر ومستقبل عملية النقل، بحيث يمكنك التعرف على مختلف نماذج السيارات ابتداءاً من النماذج الأولى التي تعود لسنة 1886 وصولاً إلى أحدث الأنواع. وبدوره يتميز أيضاً متحف "بورشه" في "شتوتغارت-تسوفنهاوزن" بعمارته الحديثة ومعروضاته المثيرة لاسيما السيارات الرياضية الأسطورية.

ويبدو أن التطور الصناعي والتقني في هذه المنطقة يعتمد بالدرجة الأولى على البحوث والدراسات العلمية التي دخلت أيضاً المجال الطبي والخدمات الصحية لتجعل من المستشفيات الألمانية مراكز يثق بها الزوار القادمون من جميع أنحاء العالم. وفي هذه المجال يبرز مستشفى شتوتغارت "كلينيكوم شتوتغارت" الذي يقدم أعلى مستويات الرعاية الطبية الشاملة، خصوصاً وأنه يعتبر المستشفى الأكاديمي لجامعة "توبنغن" فهو يعتمد على أحدث المعارف والأساليب العلمية في التشخيص والعلاج. وبالطبع يقدم المستشفى خدمات خاصة بالمرضى الدوليين، لاسيما القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يوفر لهم طواقم تتحدث اللغة العربية ويهتم باحتياجاتهم الإدارية والتنظيمية والمالية قبل وأثناء وبعد إقامتهم وكافة الإجراءات المتعلقة بالسفر وعملية التنقل.

وقد يظن البعض أن مدينة كشتوتغارت تعتبر مركز صناعة السيارات الألمانية، قد لا تحظى فيها الطبيعة والحدائق بأولوية، إلا أنه بمجرد دخولك إليها ستلاحظ مزيجاً رائعاً من الطبيعة الآخاذة والتطور الاقتصادي. فوجودك في هذه المدينة سيضعك في موقع رائع في قلب واحدة من أكبر مناطق زراعة العنب في ألمانيا والتي تجتذب إليها الزوار من جميع أنحاء العالم ليس فقط لسحر مناظرها الطبيعية وحدائقها الغناء وميادينها الراقية وقصورها ومبانيها الفخمة وتنوع طرزها المعمارية، بل أيضاً لتنوعها الثقافي المميز، إذ يجد عشاق الفن والثقافة كل ما يسرهم من عروض فنية وثقافية وموسيقية ومسرحية متنوعة. ومن أبرز هذه المرافق الثقافية والفنية والمتاحف نذكر دار الأوبرا التي تحظى فرقتها الأوركسترالية بصيت عالمي واسع، ومعرض شتوتغارت الوطني "شتاتسغالاري" الذي يضم مجموعة فريدة من الأعمال الفنية التي تضم الفن الألماني القديم والفن الإيطالي والهولندي والكلاسيكية الشفابية واللوحات العصرية الكلاسيكية والمعاصرة والنحت وغيرها، وهناك أيضاً متحف الفنون "كونست موزيوم" الذي تتنوع معروضاته بين القرن الثامن عشر وحتى الوقت الحاضر، ومن الانطباعية الشفابية وحتى الفن المعاصر. وتجذبك أضواء هذا المتحف ليلاً، حيث تنعكس على ساحة "شلوس بلاتس" وشارع الملك "كونغيسشتراسه" الذي يمنحك التسوق والتجول فيه متعة كبيرة.

 وفي الجهة المقابلة مباشرة، وتحديداً على الطرف الآخر من ساحة "شلوس بلاتس"، يقف القصر الجديد، الذي يجمع عناصراً من حقب زمنية مختلفة تتوزع بين الباروكية والروكوكو والكلاسيكية والامبراطورية. وعلى مرمى حجر من هذا القصر يقع القصر القديم، الذي تحوم في محيطه نفحات من التاريخ.

أما فيما يتعلق بالمهرجانات، فهناك الكثير منها مثل مهرجان الربيع (23 أبريل وحتى 15 مايو 2011) ومهرجان الجعة (23 سبتمبر وحتى 9 أكتوبر 2011) بالإضافة إلى احتفالات أعياد الميلاد التي تشهد انتشار العديد من الأسواق الخاصة بهذه المناسبة، وغير ذلك من الاحتفالات والفعاليات المميزة. كما تنبض الحياة الليلية في كل مكان، حيث تجد برنامجاً ترفيهياً كبيراً في مركز شتوتغارت الدولي (اس اي-سنتروم) مع مسرحيات غنائية شهيرة. كما تعتبر شتوتغارت مدينة صديقة للأطفال، حيث تقدم المدينة مجموعة واسعة من العروض التي تم تصميمها خصيصاً للصغار وذويهم مثل متحف الأطفال "كيندر موزيوم" والقبة السماوية "بلانيتاريوم"  وعرض الليزر "ليزر شو" و العديد من الحمامات المعدنية. ولا ننسى أيضاً حديقة "فيلهيلما"، أكبر حديقة حيوانات ونباتات في أوروبا، فهي تعد من الأماكن التي لا ينبغي لأي قادم إلى المدينة أن يفوت زيارتها لاسيما العائلات.

أما إذا كنت من عشاق التسوق وتبحث عن أرقى العلامات التجارية العالمية ومجموعة واسعة من خيارات الموضة والإكسسوارات، فما عليك إلا التوجه إلى مدينة منافذ بيع المصانع "ميتسينغن" التي تقع على بعد 40 كم باتجاه جنوب مدينة شتوتغارت (حوالي 40 دقيقة بالسيارة). وبالطبع يمكن الوصول إليها أيضاً بسهولة بواسطة القطار، أو من خلال خدمة كبار الشخصيات في مطار شتوتغارت التي تأخذكم من المطار بشكل حصري وتحضركم بسيارة خاصة مباشرة إلى نزهة تسوق فريدة من نوعها في هذه المدينة. وتعتبر مدينة التسوق هذه موطن أشهر العلامات التجارية العالمية المتمثلة في (هوغو بوس). كما تمثل واحدة من أهم الوجهات الدولية للتسوق، حيث يزوروها سنوياً حوالي 3 ملايين زائراً، وتضم أكثر من 50 عنواناً للتسوق، بما في ذلك العديد من منافذ المتاجر الرائدة لأشهر المصممين.

وتحطم "ميتسينغن" كل الأرقام القياسية: فهناك تخفيضات على الأسعار تتراوح من 30% وحتى 70% والتي تعتبر مسألة يومية على مدار كل عام. ويمكنك أيضاً عند ختم بطاقة استرداد الضريبة في أي نقطة من نقاط مغادرة الحصول على ما يصل إلى 14,5% من ضريبة القيمة المضافة المدفوعة في ألمانيا.

وبينما تجمع أماكن التسوق الواسعة وسط "ميتسينغن" بين الشعور الحضري والهندسة المعمارية الحديثة مع البيوت النصف خشبية الرومانسية للبلدة القديمة، ينتظرك بالقرب من "ميتسينغن" منظر رائع لمنطقة الألب الشفابية. فعند التوجه جنوباً إلى قلعة "هوهنتسولرن" التي تبعد 40 كم من "ميتسينغن" (حوالي 45 دقيقة بواسطة السيارة) ستدخل أجواءاً تاريخية تمتد لألف سنة وفي نفس الوقت ستحظى بإطلالة بانورامية رائعة تتيحها لك هذه القلعة التي تعد واحدة من أجمل قلاع أوروبا وأكثرها شعبية، وذلك نظراً لتواجدها على تلة بارتفاع 855 متراً.

وعند توجهك إلى أقصى الجنوب، ستصل إلى بحيرة "كونستانس" التي تمثل جنة للإجازات. فهنا ستجد النخيل في الشوارع على أطراف البحيرة، وكروم العنب والمروج الخضراء التي تغطي الجبال المحيطة، ناهيك عن أشجار التفاح التي تزين المنظر. وفي الخلفية تنتصب سلسلة من قمم جبال الألب التي تضم مناطق للتجول والتزلج. ولكن بحيرة كونستانس تقدم ما هو أكثر من هذا المشهد الرائع، فعلى طول البحيرة هناك قرى العصور الوسطى وبلدات باروكية مثل (ميرسبورغ) وقلعتها التي تحمل نفس الاسم، وهناك المدينة الجامعة كونستانس العريقة ومدينة (فريدريشسهافن) التي تعتبر مهد المناطيد مع متحفها الرائع (تسبلين موزبوم). كما تضم هذه البحيرة جزيرة ساحرة تدعى "مايناو"، تصل مساحتها إلى 45 هكتاراً،  وتمثل مهرجاناً للزهور على مدار العام، حيث تجذب إليها سنوياً حوالي 1,2 مليون زائر بما تضمه من مجموعة ورود وأزهار متنوعة حسب فصول السنة وأكبر بيوت الفراشات في ألمانيا إضافة إلى ملاعب فريدة للأطفال ومرافق أخرى مميزة.

أما الغابة السوداء "شفارتس فالد" فهي تعد أكثر مناطق ألمانيا شهرة بهوائها النقي، كما تُعرف أيضاً بكعكتها التي تحمل نفس الاسم "بلاك فورست كيك"، بالإضافة ساعات الوقواق والمزارع القديمة الجميلة التي تتميز بسقوفها المائلة. فهناك تجد دوماً المروج الخضراء والغابات الكثيفة والوديان والجداول المتدفقة والكروم المنتشرة على طول نهر الراين ومجموعة واسعة من الأطباق اللذيذة ابتداءاً من الأطباق التي تنتمي إلى الغابة السوداء وصولاً إلى فنون الطهي المتنوعة. أما المنتجعات الصحية والحمامات الحرارية فتنتشر هنا أكثر من أي مكان آخر في جنوب غرب ألمانيا. وبالطبع يجب أن لا تفوت زيارة البحيرة الفاتنة "تيتي زيه"، فالمشاركة برحلة على متن إحدى السفن في هذه البحيرة تعتبر أفضل طريقة للاستمتاع بالمشهد المذهل للغابة السوداء.

ومن خلال التوجه إلى (شوناخ) التي تبعد حوالي 45 كلم شمالاً (تستغرق الرحلة خمسين دقيقة بواسطة السيارة) ستتاح لك الفرصة للتعرف على أكبر ساعة وقواق في العالم (3.60 م x 3.10 م). كما يمكنك التوقف في مدينة "فرايبورغ"، عاصمة الغابة السوداء، التي تبعد 30 كلم في الغرب من بحيرة (تيتي زيه) (تقريباً 30 دقيقة بالسيارة). فهذه المدينة التي تتصف بكونها أكثر المناطق المشمسة في ألمانيا وواحدة من أكثر مدن العالم خضرة. ولقد تم تخصيص مركز المدينة القديمة للمشاة حيث يمتد حول الكاتدرائية، التي يرتفع برجها الرائع فوق السوق اليومية هناك. وتزين الشوارع المرصوفة بالحصى العديد من القنوات الصغيرة والحانات القديمة ذات الأجواء المليئة بالبهجة. كما تقدم المطاعم الأطباق الجيدة مع المشروبات المحلية اللذيذة.

أما إذا كنت من عشاق التسلية والترفيه، فما عليك إلا قطع مسافة 38 كم إلى الشمال من "فرايبورغ" (30 دقيقة بواسطة السيارة) حيث ستوصلك الطريق إلى أكبر مدينة ملاهي في ألمانيا والمتمثلة في "أوروبا بارك"، والتي تعد أيضاً واحدة من أكثر مدن الملاهي شعبية في العالم وتمثل معلماً خاصاً لجميع أفراد العائلة. فهنا سيكون بانتظارك أكبر حديقة ترفيهية في ألمانيا تتصف بالجاذبية السياحية وتجمع الإثارة والمغامرات والعروض المتنوعة والتسلية والترفيه على مساحة تبلغ 85 هكتاراً. وبألعابها المتنوعة والكثيرة تتيح المتعة لكافة الأجيال. كما تدعوك الفنادق في "أوروبا بارك" إلى قضاء إجازة مريحة وبعيدة عن ضغوط الحياة اليومية. فهناك توجد أربعة فنادق رئيسية ذات أجواء رائعة: فندق "الأندلس" و"كاستيلو الكازار" و"سانتا إيزابيل" و"كولاسيو".

وعلى بعد 85 كم في الشمال من "أوروبا بارك" (ساعة بواسطة السيارة) تنتظرك مدينة "بادن-بادن" بمنتجعاتها الأنيقة التي تدعوكم إلى اكتشافها والتعرف على تراثها الأرستقراطي، بالإضافة النوادي البراقة والفنادق الكبرى والمحلات التجارية المتفردة والحدائق والمنتزهرات الأنيقة. ومن أجل تحقيق أكبر قدر من الاسترخاء وإعادة شحن طاقتكم، فما عليكم إلا اختيار واحد من حمامات المياه المعدنية الحرارية والارتماء في أحضانها. أما محبي الحفلات فما عليهم إلا زيارة قاعة الاحتفالات (فست شبيل هاوس) لحضور إحدى الحفلات الموسيقية أو عروض الباليه الممتعة. وفي هذه المنطقة ستجد الفنادق الفخمة كفندق ومنتجع "برينيرس بارك" الذي يقدم تجربة رائعة في عالم الاسترخاء والهدوء الذي يميز "بادن-بادن" كمدينة عالمية للحمامات والمنتجعات الصحية. ومن الفنادق الشهيرة أيضاً في المدينة يبرز فندق "أكوا أوريليا" الذي يتمتع بموقعه المركزي وبشققه الفاخرة والمريحة.

ومن الجدير بالذكر أن الخطوط الخطوط الجوية القطرية تسيير رحلات مباشرة بدون توقف إلى شتوتغارت، حيث أنه بإمكان زوار ولاية بادن-فورتمبيرغ القادمين من دول الخليج العربي التوجه مباشرة إلى المدينة سواء من أجل السياحة أو العمل أو للجمع بين الاثنين معاً. كما يوفر مطار شتوتغارت العديد من الخدمات الخاصة بكبار الشخصيات من بينها قاعة خاصة للانتظار وعملية تنقل سهلة وراقية ومتابعة إجراءات الدخول والخروج الخاصة بالضيوف ومساعدتهم عند شؤون الجوازات وغير ذلك الكثير. والمميز أيضاً أن هناك الكثير من الفنادق الراقية المتواجدة في منطقة المطار بحيث يمكن الوصول إليها سيراً على الأقدام كفندق المطار "موفنبيك"، الذي لا يبعد سوى بضعة أمتار عن منطقة المعارض.