هل هي مجرد كدمة أم أزمة؟ إلى أين يتجه الاقتصاد الألماني؟
(د ب أ)-هناك تزايد في التردد إزاء الحكم على مدى قوة الاقتصاد الألماني، فهل يظل القصور الذي يعتري أداءه في الوقت الحالي بمثابة كدمة أصابته أم أن الاقتصاد يتجه نحو أوقات عسيرة؟
ليس هناك اتفاق بين خبراء الاقتصاد بهذا الشأن بأي وجه من الوجوه ولكن الحقيقة هي أن مناخ الاستثمار في الشركات يسوء بالفعل منذ أربعة أشهر. كما أن هذا المناخ تعكر بشكل إضافي يوم الأربعاء (27 أغسطس 2014) للمرة الأولى منذ فترة طويلة وهو ما جعل صوت المشككين يعاود الارتفاع معتمدين في ذلك على مؤشر جديد للأداء الاقتصادي يؤيد وجهة نظرهم.
السبب وراء تراجع ثقة الشركات والمستهلكين بأداء الاقتصاد الألماني هو التصعيد في الأزمات الدولية خلال الأسابيع الماضية، حيث تفاقم الوضع سواء في العراق أو سورية وكذلك استمرار التوترات الحالية بين أوكرانيا وروسيا مما أدى لاستمرار دوامة العقوبات الاقتصادية مع روسيا.
يضاف إلى ذلك أن الاقتصاد في أوروبا يسير بخطى متعثرة أصلا وأن نمو الاقتصاد العالمي سيكون أبطأ مما كان متوقعا.
لذلك فإن خبراء المعهد الألماني لأبحاث الاقتصاد يخشون أن يمنى الاقتصاد في ألمانيا بانتكاسة حيث رأى الخبراء في بيان لهم اليوم الأربعاء ضرورة أن "يؤخذ خطر التعرض لركود على محمل الجد" حسبما أكد فيرديناند فيشتنر، رئيس قسم الأداء الاقتصادي بالبنك.
وفي الوقت ذاته فإن خبراء آخرين حذروا من النظر لكل شيء بنظارة سوداء "فالحديث هو عن معدلات نمو أقل وليس عن ركود" حسبما رأى توماس جيتسل، خبير مصرف في بي.
ولكن الخبراء الأكثر تحفظا يرصدون مؤشرات النمو الشهرية بدقة، فبعد أداء الاقتصاد المخيب للآمال خلال الربع السنوي الثاني بسبب تراجع إجمالي الناتج القومي بنسبة 2ر0% خلال هذا الربع انخفض مؤشر إيفو للمناخ الاستثماري وذلك لأن الشركات أصبحت تنظر للأشهر المقبلة نظرة تخوف واضحة.
ومع ذلك فإن المناخ السائد بين رؤساء الشركات لا يزال جيدا. وينسحب الشيء نفسه على الحالة النفسية للمستهلكين، تلك الحالة التي ساءت قليلا للمرة الأولى منذ عام ونصف.
فرغم التراجع الحاد في تطلعات المستهلكين الخاصة بالأداء الاقتصادي والذي لم يسبق له مثيل في أي شهر مضى منذ بدء استخدام مؤشر المناخ الاستثماري من خلال شركة جي اف كي قبل 34 عاما إلا أن توقعات المواطنين بشأن دخلهم الخاص و كذلك استعدادهم للإنفاق بشكل أكبر أكد أن نفسيتهم الاستهلاكية لم تتعكر تقريبا وهو ما يطمئن خبراء الاقتصاد لأنهم يعتبرون الاستهلاك الشخصي الذي يمثل نحو 60% من إجمالي الاستهلاك في ألمانيا بمثابة أهم عمود للاقتصاد الألماني وأنه ساهم بشكل حاسم في انتعاش الاقتصاد الألماني مؤخرا.
ظهر وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله متفائلا قبل أيام قليلة بشأن احتمال تلقي الاقتصاد دفعات تنشيطية خلال العام الجاري وهو ما من شأنه أن يجعل إجمالي الناتج القومي ينمو بشكل أقوى من نسبة 8ر1% التي كانت تتوقعها الحكومة الألمانية وذلك لأنه وبالرغم من البلبلة التي تسببها بؤر الأزمات الدولية فإن هناك عاملا حاسما بالنسبة للمستهلكين ألا وهو الوضع داخل البلاد والذي لا يزال جيدا.
فسوق العمل مستقر وربما حققت نسبة التشغيل رقما قياسيا جديدا الخريف المقبل، يضاف إلى ذلك أن نسبة التضخم معتدلة وهناك نمو في الدخل الحقيقي وذلك بفضل الزيادة في الأجور التي شهدتها العديد من القطاعات.
وأكد شتيفان كيبار، الخبير في مصرف بايرن ال بي الخاص بولاية بافاريا، أن هذه البيانات الجوهرية لا تزال متوفرة.
ورأى كيبار أن المزاج الاستهلاكي للمواطنين في ألمانيا سيتأثر على المدى البعيد في حالة تسبب هذه الأزمات في عمليات تسريح للعمالة داخل ألمانيا.
واعتبر رولف بوركل، الخبير في شركة جي اف كي للخدمات الاستشارية أن الوضع في سوق العمل داخل ألمانيا بمثابة المحور الذي يقوم عليه الاستهلاك الداخلي "فإذا أبقت الشركات على سياسة التشغيل لديها مستقرة فإن ذلك ربما قلل من آثار هذه الأزمات على المناخ الاستهلاكي".
وهذا هو ما يبدو في الوقت الحالي حتى الآن حيث تشير بيانات الوكالة الألمانية للتشغيل إلى أن الإقبال على القوى العاملة بلغ معدلا غير مسبوق منذ عامين. كما توقع المعهد الألماني لأبحاث سوق العمل و الوظائف تطورا مستقرا في سوق العمل خلال الأشهر الثلاثة المقبلة على الأقل.
من: ايلكه ريشتر
(نورنبرج (ألمانيا) 27 آب/أغسطس 2014)