المستهلكون الألمان يخشون ارتفاع الأسعار رغم انخفاض التضخم

فيسبادن 13 آب/أغسطس 2014 (د ب أ) سجلت معدلات التضخم فى المانيا معدلات منخفضة لم تعرفها البلاد سوى قبل أكثر من أربعة أعوام، ولكن ما يشعر به الالمان يختلف عن هذه الحقيقة حيث أصبحت قضية تطور الأسعار هي أكثر ما يشغل بال المستهلكين من بين القضايا الاقتصادية ، حيث يرى نصف الألمان أن تطور الأسعار يمسه هو وأسرته وذلك حسبما أظهرت دراسة لباحثي جامعة هوهينهايم و مصرف إي ان جي ديبا.

وأشار معدو الدراسة إلى أن هناك هوة بين معدل التضخم "الرسمي" الذي يعلنه مكتب الإحصاء الألماني بناء على حساباته التي تعتمد على سعر سلة بعينها من السلع الغذائية الرئيسية و التضخم "المحسوس" الذي يشعر به المواطن.

فما هو سبب هذه الهوة؟

بلغ معدل التضخم السنوي 8ر0% حسب البيانات المبدئية لمكتب الإحصاء الألماني في شهر تموز/يوليو الماضي مما أدى إلى توقف ارتفاع الأسعار الذي يساهم كثيرا في التضخم "المحسوس" في أسعار السلع الغذائية، ومع ذلك فإن الدراسة أظهرت في الوقت ذاته أن 42% من الألمان يعتقدون أن معظم المنتجات قد أصبحت أغلى سعرا في حين أن ربع الألمان يساوره هذا الشعور فيما يتعلق بمنتجات بعينها. ويرى 17% ممن شملهم الاستطلاع الذي شارك فيه أكثر من ألف شخص أن كل شيء قد ارتفع سعره.

وقال كبير الاقتصاديين في مصرف ديكا بنك، أولريش كاتر: "الكثير من الناس يشعرون أن التضخم يرتفع عندما يرتفع سعر السلع التي يتم شراؤها نقدا مثل الخبز في حين أن انخفاض أسعار أجهزة التلفاز على سبيل المثال لا يهدئ من غضب الناس جراء ارتفاع أسعار السلع البسيطة..".

يعتبر معدل التضخم الذي يعلن عنه مكتب الإحصاء الاتحادي شهريا بمثابة المتوسط الذي لا يتناسب بالضرورة مع السلوك الشرائي للمستهلك على المستوى الفردي.

ويقوم هذا المتوسط على حساب سعر سلة منتجات غذائية تضم نحو 600 سلعة، وهو السعر الذي يتم تحديثه بشكل منتظم، وتراعي هذه السلة بشكل خاص نفقات السكن و الطاقة. كما يأخذ حساب هذا المتوسط في الاعتبار أيضا أسعار السلع وتكاليف قضاء أوقات الفراغ والعطلات.

وعن ذلك تقول المشرفة على الدراسة كلاوديا ماست، الأستاذة بجامعة هوهينهايم الألمانية إن المستهلك يرى أن هناك منتجات أكثر أهمية له عن تلك التي تشملها سلة السلع التي يتم على أساسها احتساب متوسط التضخم الرسمي وإن نظرة المستهلك لأهمية هذه السلع تختلف عن نظرة معدي السلة.

وأوضح كاتر أن متوسط التضخم الذي يقوم باحتسابه خبراء مكتب الإحصاء الاتحادي مهم بالنسبة لخبراء الاقتصاد لمعرفة ما إذا كان الاقتصاد يعمل بشكل سليم أم لا "فهذه السلة تتناسب مع هذا الهدف وتكفي لتحقيقه".

ويقدم خبراء مكتب الإحصاء الاتحادي للمستهلكين طريقة حساب شخصية للتضخم على الموقع الإلكتروني للمكتب حيث يستطيع المستهلك من خلالها تعديل تقييمه الشخصي لمجموعات السلع وذلك وفقا لنفقاته الخاصة ليعرف مدى تأثير الغلاء على حياته.

ويظهر مدى القلق الذي ينتاب المستهلك خوفا من ارتفاع الأسعار في ألمانيا عندما يطرح السؤال عن المستقبل حيث يتوقع ثمانية من كل عشرة من الألمان حسب الدراسة أن هذه القضية ستظل تشغل ألمانيا فترة طويلة.

ومن غير المستبعد أن تشهد الأجور الحقيقية، أي القوة الشرائية للأجور، ارتفاعا هذا العام في ظل القرارات الحكومية الأخيرة بشأن زيادة الأجور وفي ظل تراجع نسبة التضخم حيث توقعت مؤسسة هانز بوكلر القريبة من النقابات العمالية ارتفاعا في الأجور بنسبة 1ر3% هذا العام أي أكثر بشكل واضح من معدلات الغلاء والتضخم المتوقعة.

ورغم ذلك فإن الكثيرين من الالمان يساورهم قلق ازاء احتمالات ارتفاع أسعار سلع وتكاليف مهمة لهم مثل البنزين وإيجار السكن وتكاليف التدفئة بشكل أسرع من ارتفاع الأجور أو المعاشات حسبما أوضح ماست.

يضاف إلى ذلك القلق من التطورات المستقبلية حيث يخشى الكثيرون على سبيل المثال ارتفاعا في التضخم في ضوء سياسة الاستدانة لكثير من الدول وفي ضوء القروض السخية التي يمنحها البنك المركزي الأوروبي للدول حسبما أوضحت ماست التي أضافت: "مثل هذه المخاوف أو حتى القلق الذي يتعلق بالمستقبل يتم استحضارها مما يعزز الشعور بأن أسعار كل شيء ارتفعت في نهاية المطاف".

 

من: فريدريكه ماركس