يجتمع فيها التاريخ والحاضر والمستقبل

هامبورغ.. بيئة بحرية فريدة من نوعها

يعتبر ميناء هامبورغ القوة الدافعة وراء تطوير هامبورغ ويمثل مصدراً كبيراً للجذب السياحي، لاسيما مع ما يتميز به من موقع مركزي في قلب المدينة. إنه لمن الروعة مشاهدة عمليات رسو وانطلاق السفن وتحميل وتفريغ البضائع في محطات حاويات ضمن أعلى المعايير. ولكن الميناء يضم أيضاً مرافق ثقافية وترفيهية راسخة، إذ تمثل مدينة المستودعات التاريخية "شبايشر شتادت" موطناً للعديد من المتاحف ومراكز الترفيه المختلفة.

 

تفوح رائحة الحرية والبلاد البعيدة بين مبنى رحلات السفن ومنطقة المخازن التاريخية "شبايشر شتاد" ورصيف "لاندونغس بروكن"وميناء الحاويات الحديث. وأفضل وسيلة لاستكشاف الميناء هي بالتأكيد من خلال رحلة بواسطة القارب ذهاباً وإياباً. فمن خلال القيام برحلة ذهاباً وإياباً أو عند زيارة واحدة من السفن-المتاحف الأسطورية يمكن للزوار أن يتعرفوا عن قرب على الأسباب التي جعلت هامبورغ تحمل اسم "البوابة إلى العالم". ومن خلال عيد ميلاد الميناء السنوي في شهر مايو يمكن للمرء مشاهدة أكبر وأجمل السفن السياحية في هامبورغ.

بالفعل، يضفي ميناء هامبورغ على المدينة بيئة بحرية فريدة من نوعها. وتعود بدايات ازدهاره إلى مدينة المستودعات التاريخية "شبايشر شتاد" وهي عبارة عن مجمع لمستودعات السلع.  وتعد "شبايشر شتاد"، التي يرجع تاريخها إلى أكثر من 125 عاماً، أكبر مجمع لمستودعات السلع في العالم. هنا توجد سلع متنوعة ذات جودة عالية مثل البن والشاي والكاكاو والتوابل والتبغ وأجهزة الكمبيوتر، كما يحتوي المستودع على أكبر مخزن للسجاد الشرقي في العالم.

كما تزخر مدينة المستودعات التاريخية بالمرافق الثقافية والترفيهية، مثل بلاد العجائب المصغرة "فوندرلاند مينياتور" التي تعتبر أكبر معرض للقطارات المصغرة في العالم، كما أنها تمثل واحداً من أكثر أماكن الجذب السياحي استقطاباً للزوار في ألمانيا.  تحتوي على أكثر من 1000 قطار مع أكثر من 15 ألف عربة، 250 ألف شجرة، 250 ألف نموذج، 150 ألف سيارة، 15 ألف متراً من المسارات و5 آلاف مبنى وعدد لا يحصى من الجسور. يتم التحكم بحركة القطارات بشكل رقمي. ويمكن اختبار عالم السكك الحديدة هذا نهاراً وليلاً، كل نصف ساعة. وهو مكان لا ينبغي تفويت زيارته، فهو مناسب للصغار والكبار على حد سواء.

وهناك أيضاً متحف "بروتوتيب" ثقافة السيارات قلباً وقالباً، حيث يتمحور حول معروضات السيارات الكلاسيكية التي تم جمعها من قبل "توماس كونيغ" و"أوليفر شميدت". وخلال عقود من عملهما المتفاني لم ينتجا مجموعة من السيارات المتميزة فقط، بل وضعا أيضاً وعلى نطاق واسع أرشيفاً وإرثاً من التصاميم والهياكل السابقة والسائقين. ولا يكتفي "بروتوتيب" بعرض أحادي الأبعاد للسيارات، بل يتجاوز ذلك لينتقل إلى التنوع الكبير والمراحل الزمنية لتطور صناعة المركبات، مع التركيز كثيراً على الناس وراء السيارات. هنا يتعرف الزوار على السيارات الرياضية وسيارات السباق عقب الحرب، تصاميم بورشه الأولى، تصاميم وهياكل وسجل السيارات مع تاريخ السباقات المهمة، تصاميم بمميزات متفردة وعصرية.

وين "شبايشر شتاد" والميناء تُعيد هامبورغ اختراع نفسها.. فهي تقتنص فرصة فريدة للنمو في وسع المدينة بحوالي 40 في المئة من خلال مشروع "مدينة الميناء" (هافن سيتي)، الذي يعتبر أكبر مشاريع التنمية الحضرية في أوروبا، فهو يُبنى على مساحة 157 هكتاراً كانت تُستخدم في السابق للميناء. يقع هذا الحي الجديد من االمدينة مباشرة على نهر الإلبه والميناء، حيث يتم إنشاؤه ليقدم مزيجاً فريداً من الثقافة والترفيه، الحياة والعمل، التسوق والطعام.. وتقع حدائقها وأماكنه العامة ومتنزهاته ومناظره وإطلالاته على المياه. وبالفعل، تم إنجاز الأقسام الأولى من الحي الجديد، حيث يعيش حالياً في "هافن سيتي" أكثر من 1500 شخص وحوالي 7200 شخص يعملون هناك (مارس 2010). وسيربط قطار الأنفاق (يو 4)، "هافن سيتي" بمركز المدينة. وبحلول عام 2020 سيكون هناك حوالي 45 ألف وظيفة، وسيعيش حوالي 12 ألف شخص في حي "هافن سيتي". هذه المنطقة الجديدة من المدينة والمؤسسات الثقافية المزمع إنشاؤها ستجذب أيضاً حوالي 3 ملايين زائر سنوياً.

وتعتبر القاعة الجديدة للحفلات الموسيقية "إلب فيلهارموني" من أروع الأعمال الهندسية لهذا المشروع، حيث بنيت مباشرة على سطح مخزن. ومن أعلى البناء الشامخ ستتمكن من التمتع بمشهد رائع لنهر الإلبه المذهل.

وبالطبع، لا تكتمل زيارة هامبورغ دون زيارة سوق السمك التقليدي التاريخي (فيش ماركت) إذ تسير الحشود صباح أيام الآحاد (من الساعة 5 صباحاً إلى 9:30 مساءً) في الممرات الضيقة. فمنذ عام 1703 يُباع هناكل ما بخطر على البال، بحيث يمكن الحصول على شتّى البضائع. ومن التجارب الرائعة للذين يستيقظون باكراً هو تناول الفطور على أنغام الموسيقى الحية تحت سقف قاعة المزاد العلني التي يبلغ عمرها أكثر 100 عام ويرتبط اسمها تاريخياً بالسمك.