البروفيسور ماركوس لوف،

تكلس الكتف .. أعراضه وسُبل علاجه

يتسبب تكلس الكتف في الشعور بآلام مبرحة عند القيام بأبسط الحركات، كارتداء الملابس مثلاً. ويرجع هذا التكلس إلى وجود ترسبات جيرية في أنسجة الكتف وحول المفصل. وفي معظم الحالات يمكن علاج هذه المتاعب جيداً دون الحاجة للخضوع للجراحة، لكن شريطة أن يتم اكتشافه مبكراً.

 

وأوضح البروفيسور ماركوس لوف، أخصائي العظام بمستشفى أتوس بمدينة هايدلبرغ الألمانية، أن مفصل الكتف هو أحد أكثر الأجزاء تعقيداً في جسم الإنسان؛ حيث تتحكم فيه العديد من العضلات ومنشأ الأوتار، ويرتبط استقرار هذا المفصل بسلامة هذه الأوتار والعضلات التي تحتاج إلى مكان كاف لتوفير حرية حركة المفاصل وتنوعها، غير أن هذا المكان لا يتوفر سوى بشكل محدود خاصة عند ما يُعرف بـ "المحور الدوار"، حيث تسير هذه المجموعة من العضلات بشكل متقارب نسبياً بين هيكلين عظميين وهما السقف العظمي والرأس العظمي للذراع العلوية وهو ما يجعل من الممكن أن تتعثر حركة هذه المجموعة العظمية عند القيام بحركات كثيرة.

 

وأشار لوف إلى أن الضيق الذي تتعرض له هذه المجموعة العضلية يمكن أن يمنع تدفق الدم إليها وهو ما يمكن أن يتسبب في تكون رواسب جيرية هناك ويصيب الإنسان بالألم ويحد من حركته.

 

يتطور الكتف المتكلس عبر عدة مراحل تبدأ من تحول أنسجة الأوتار إلى غضاريف ليفية، وغالباً لا يشعر المريض بشيء من هذا إلا عندما يرسب الجسم كالسيوم في أنسجة الغضروف الليفي الضامر وتصل هذه التكلسات إلى حجم معين مما يتسبب في آلام عند حدوث حركات بعينها تبعاً لحالة الكالسيوم المترسب هناك، حيث يشعر المصاب بوخز مؤلم عند قيامه على سبيل المثال بأعمال يضطر خلالها لرفع رأسه إلى أعلى أو عند استخدامه مضرب التنس في ضرب الكرة.

 

وأوضح البروفيسور لوف أن أكثر المصابين بتكلس الكتف يتراوح عمرهم بين 30 و50 عاماً، وأن النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال، مشيراً إلى أن شدة هذه الآلام تتراوح بين الألم الناجم عن حركات بعينها مروراً بالآلام التي يشعر بها الإنسان أثناء سكونه وفي الليالي التي لا يرى فيها هذا المريض النوم وصولاً إلى نوبات من الألم المبرح.

 

أقراص مسكنة

ويحاول بعض المرضى التخلص من هذه الآلام باستخدام أدوية مضادة للالتهابات ومسكنات، ورغم أن المراهم تساهم في العلاج الموضعي، إلا أنه من الصعب دهن منطقة الكتف بها بشكل دقيق يستهدف النقاط التي ينبعث منها الألم  لذا أوصت الصيدلانية الألمانية أورسولا زيلبيرغ قائلة :"من الأسهل تناول الأقراص المسكنة؛ حيث يصل تأثيرها يصل لجميع أجزاء الجسم".

 

وأشارت زيلبيرغ، عضو اتحاد روابط الصيادلة الألمان بالعاصمة برلين،  إلى أن بعض المواد الفعالة يمكن أن تهيج المعدة بشكل خفيف، محذرة :"يجب ألا يتناول عقار مسكن لمدة تزيد عن ثلاثة أيام متواصلة أو أكثر من عشر مرات في الشهر بدون استشارة الطبيب".

 

ولكن الكثير من المرضى يتخلون عن زيارة الطبيب بمجرد زوال سبب الألم، حسبما أوضح البروفيسور لوف من واقع تجاربه العملية، مضيفاً :"لكن الأمر يختلف غالباً إذا ما استمرت التكلسات في التزايد وتكرر الألم حول المنطقة التي تعاني من الضيق، مما يؤدي إلى استثارة الوتر المتضرر ويتسبب في حدوث التهابات مؤلمة في الغالب فيما يُعرف بالجراب الزليلي الذي يُعد بمثابة منطقة عازلة حول الوتر". وأوضح لوف أن المرضى يصفون هذا الألم بأنه خافت ولكنه عميق ومزعج ليلاً بشكل خاص.

 

في هذه المرحلة يصبح من السهل على الطبيب المعالج اكتشاف الكتف المتكلس بشكل لا يدع مجالا للشك وذلك من خلال الاستفسار من المريض عن وقت شعوره بهذه الآلام وطبيعتها، ثم يشخص مدى قدرة الكتف والفقرة العنقية بالعمود الفقري على القيام بوظيفتهما وذلك من خلال معرفة ما إذا كان المريض يستطيع رفع ذراعه وإدارتها بشكل جيد في جميع الاتجاهات أم أنه يعجز عن القيام بحركات بعينها.

 

أشعة تشخيصية

كما يستطيع الطبيب التعرف بوضوح على مشكلة تكلس الكتف وتحديدها من بين أية مشاكل مشابهة من خلال استخدام الأشعة التشخيصية مثل أشعة الموجات فوق الصوتية. وأوضح غيريت هوخهولتس، أخصائي أمراض الكتف بمركز عظام "أورتوبيدكوم" بمدينة فرانكفورت الألمانية، قائلاً :"ليس من الضروري دائماً إجراء أشعة سينية".

 

ثم يعالج الطبيب أعراض المرض باستخدام مسكنات للألم ويحاول تحفيز تدفق الدم من خلال العلاج الكهربي أو الطبيعي على سبيل المثال وذلك لطرد الجير المتراكم إلى خارج المنطقة المصابة ومساعدة المصاب على استعادة قدرته الطبيعية على الحركة.

 

كما يوصي هوخهولتس المرضى بممارسة تمارين التأرجح بشكل إضافي؛ والتي يقومون خلالها بالتلويح بالذراع جيئة وذهاباً أثناء حمل زجاجة مياه ممتلئة.

 

كما نصح الخبير الألماني هوخهولتس بتجنب الحركات التي يتم فيها الضغط على منطقة أعلى الذراع، كما هو الحال عند إسناد المريض ذراعه على المنضدة مع الضغط بجسمه عليها.

 

الجراحة حل أخير

وأشار البروفيسور الألماني لوف إلى إمكانية إزالة هذا التكلس جراحياً أيضاً، موضحاً :"الجراحة هي الإجراء الأكثر أماناً وأوفر فرصاً للنجاح، لكنها في الوقت ذاته الأكثر عرضة لخطر حدوث مضاعفات". لذا أوصى لوف بالتروي في قرار الجراحة، خاصة وأن هذا المرض يمكن أن يتوقف أو يشفى تلقائياً. لذا فهو ينصح باللجوء إلى الجراحة كحل أخير.

 

وأيده هوخهولتس في ذلك، قائلاً :"يجب عدم التعجل في اتخاذ قرار اللجوء للجراحة، بل استخدام العلاج التحفظي على مدى ثلاثة أشهر تقريباً، ولا ينصح بهذه الجراحة إلا بعد التحقق من عدم جدوى الطرق العلاجية التقليدية في إحداث تغير إيجابي أو عندما تتسع بؤرة التكلس وتصبح أكبر من 1 سنتيمتر".

 

وأوضح لوف أنه من الممكن أن يتسبب الكتف المتكلس في آلام مأساوية، إذا لم يتم اكتشافه ومعالجته في الوقت المناسب؛ حيث يتعرف الجسم وقتاً ما على هذه التكلسات ويعتبرها جسماً غريباً ويحاول صدها والتخلص منها. وأضاف البروفيسور الألماني :"في هذه المرحلة يستطيع المريض إراحة الكتف ثلاثة إلى خمسة أيام مع تناول مسكنات"، مشيراً إلى أن المريض يستريح غالباً عندما يعلم أن كتفه ستعود لحالها الطبيعي بعد هذه العملية الحادة.