خبير ألماني في علوم الموسيقى:

الموسيقى .. تقلل من الإجهاد أثناء الجري

(د ب أ) - يشعر الكثير من ممارسي رياضة الجري بفارق كبير، إذا استمعوا إلى الموسيقى أثناء ممارستها؛ فغالباً ما يصرحون بأنها تُسهم في التقليل من شعورهم بالإجهاد وتُزيد من قدرتهم على التحمل. ولم تعد هذه الآثار الإيجابية للاستماع إلى الموسيقى أثناء الجري أمراً مجرداً يتم توصيفه بالمشاعر فحسب؛ حيث استطاع الخبير الألماني في علوم الموسيقى يفيس كلوس أن يتوصل إلى أن الموسيقى تتمتع بثلاثة تأثيرات إيجابية أثناء الجري.

 

وأوضح كلوس، الباحث بمعهد الموسيقى وعلومها التابع لجامعة دورتموند التقنية، التأثير الأول للموسيقى بأنها تُزيد من قدرة التحمل لدى الرياضي أثناء الجري، مؤكداً أنه لن يُمكن الاستفادة من هذا التأثير إلا عند ممارستها بقدر معتدل من التحميل على الجسم وليس بصورة شديدة.

 

أما التأثير الثاني، فيتمثل في أن الموسيقى تخفف من شعور الرياضي بالإجهاد أثناء ممارسة الجري. وبالنسبة للتأثير الثالث يكمن في أنه ممارسي رياضة الجري يشعرون بمزيد من الراحة والاسترخاء بشكل عام عند الاستماع إلى الموسيقى أثناء الجري.

 

وأضاف خبير الموسيقى الألماني أنه لم يُمكنه التوصل بشكل دقيق إلى أسباب هذه التأثيرات الثلاثة للموسيقى على حالة الرياضي أثناء الجري، إلا أنه رجح أن يُعزى سبب ذلك إلى انجذاب انتباه الرياضي إلى الموسيقى، التي يستمع إليها أثناء الجري؛ ومن ثمّ لا يلاحظ الوقت الذي يقضيه في ذلك.

 

وصحيح أن هذا الأمر قد يُصيب البعض بالقلق خوفاً من تعرض ممارسي رياضة الجري في هذا الوقت إلى خطر التحميل على أجسادهم بشكل زائد نتيجة عدم شعورهم بالإجهاد أو التعب أثناء الاستماع إلى الموسيقى، إلا أن كلوس يُطمئنهم بأنه لا يُمكن مواجهة هذا الخطر مطلقاً؛ لأنه بمجرد أن يقطع الرياضي مسافات كبيرة ويوشك على الإنهاك، سيطغي شعوره بالألم على تأثير الموسيقى؛ ومن ثمّ لن يواصل الجري ولن يتعرض لخطر التحميل الزائد على جسده.

 

ويوصي كلوس ممارسي رياضة الجري بالانتباه إلى بعض المعايير عند اختيار المقطوعة الموسيقية التي يستمعون إليها أثناء الجري، موضحاً :"يجب أن يطرح الرياضي على نفسه بعض الأسئلة عند اختيار هذه المقطوعة الموسيقية، وهي: إلى أي مدى سيعمل هذا الإيقاع أو هذا اللحن على تحفيزي على ممارسة الجري؟ وإلى أي مدى ستدعم هذه المقطوعة أدائي الحركي، فهل ستتسبب مثلاً في زيادة سرعتي أم تراجعها أثناء الجري؟".

 

وتجدر الإشارة إلى أنه غالباً ما يُوصى ممارسي رياضة الجري عند اختيار المقطوعة الموسيقية بالانتباه إلى إيقاع الموسيقى وترددها، الذي يتم قياسه بوحدة "دقة في الدقيقة" (bpm)، ويُنصحون دائما بأن يتراوح هذا المعدل بين 120 و140 bpm.

 

ويوصي كلوس بألا يتم الالتزام بهذه المعدلات بشكل صارم، قائلاً :"لا توجد مشكلة، إذا ما استمع الرياضي أثناء الجري لأغنية يقوم خلالها بتحريك قدمه لخطوة واحدة بعد كل دقيقتين"، مؤكداً :"يكفي أن يشعر الرياضي بأن الأغنية مناسبة لحركته أثناء الجري".

 

وإلى جانب الإيقاع، أكد كلوس أن هناك معايير أخرى يجب الاهتمام بها ووضعها في الاعتبار عند اختيار الأغنية التي يتم الاستماع إليها أثناء الجري، من بينها مثلاً اللحن. وأوضح :"كُلما كان لحن الأغنية التي يتم الاستماع إليها معروفاً بالنسبة للرياضي، كانت أكثر جذباً لانتباهه"، مؤكداً أن من المهم أن يروق للشخص لحن الأغنية بغض النظر عن نوعه.

 

وأضاف كلوس أن كلمات الأغنية يُمكن أن تتمتع أيضاً بقدر من الأهمية في دعم الرياضي وتحفيزه على ممارسة الجري؛ حيث إنها توقظ لديه بعض الذكريات والمعايشات التي يُمكن أن تحفزه على ممارسة الرياضة، لاسيما إذا ما تم الاستماع إليها قبل البدء في الجري.

 

وأرجع كلوس سبب ذلك إلى أنه غالباً ما ينصب تركيز ممارسي رياضة الجري على الإيقاع واللحن أثناء الجري وليس على الكلمات؛ ومن ثم يزداد تأثير الكلمات عند الاستماع إليها قبل البدء في الجري وليس خلاله.

 

ويحذّر كلوس هواة الجري من تثبيت قائمة تشغيل واحدة والاستمتاع إليها في كل مرة، موضحاً :"يجب تغيير هذه الأغاني بصورة دورية، وإلا قد يتعود الرياضي عليها؛ ومن ثمّ تفقد آثارها الإيجابية في تحفيزهم على ممارسة الجري والتخفيف من شعوره بالإجهاد أثناء ممارسته".