العالم العربي في دائرة الضوء

راينر زيله، الرئيس التنفيذي لشركة فينترسهال: مستقبل الطاقة في أوروبا يكمن في المنطقة العربية

يعتبر استكشاف وإنتاج النفط والغاز الطبيعي من الأعمال الأساسية لشركة فينترسهال، التي تعد أكبر منتج للنفط الخام والغاز الطبيعي في ألمانيا. وتعتبر مشاريع فينترسهال مع شركاء دوليين في روسيا، والنرويج، والأرجنتين، وليبيا وأيضاً في العالم العربي، أمثلة جيدة على التعاون العملي والشامل في قطاع الطاقة. وتسعى هذه الشركة التابعة لـ (باسف) في جميع أنشطتها إلى تحقيق هدف رئيسي بنجاحيتمثل في: تأمين إمدادات أوروبا من الطاقة "عند المصدر". وهذا يعني في الموقع ومباشرة مع شركاء محليين. وهنا، يطالب الرئيس التنفيذي لشركة فينترسهال بدعم أكثر من جانب السياسيين.


الدكتور راينر زيله تحدث إلى صحيفة "البيان" الإمارتية حول التزام هذه الشركة الألمانية في منطقة الخليج، واستراتيجية النمو الخاصة بها وحول تطوير الشراكات:

سؤال: تهيمن شركات السلع الخام الحكومية على 80 في المئة من احتياطيات النفط والغاز في العالم، فهل هناك حاجة إلى شركات دوليةللتنقيب والإنتاج كشركاء؟ ما الذي يمكن أن تضيفونه؟
•    الدكتور زيله:اليوم لم تعدالقوة المالية للشركات الغربيةهي التي تفتح الأبواب، بل إن الخبرة التقنية هي التي تأتي في المقام الأول. فقبل خمس سنوات فقط كانت شركات النفط العالمية والمنتجون المستقلون قادرين على الإقناع بالقوة المالية. أما اليوم مع أكثر من 100 دولار للبرميل، فإن الدول المنتجة للنفط نفسها تبحث عن فرص استثمارية لاحتياطاتها المالية الضخمة. تتميز فينترسهال بالتكنولوجيا والأداء التشغيلي. وهذا بالنسبة لنا بمثابة قيمة إضافيةحقيقية في المنافسة الدولية.

سؤال: إذا كانت أداة المعرفة التكنولوجية تصبح دوماً أهمعلى المدى الطويل، ففي أي إطار تدير فينترسهال البحوث التكنولوجية؟
•    الدكتور زيله:كما تعلمون، فإننا في ألمانيا وأماكن أخرى من أوروبا اعتدنا منذ فترة طويلة على قلة موارد السلع الخام. وهناك، حيث توقف الآخرون بالفعل عن أنشطة الاستخراج، فإننا لازلنا نستخرج أكثر.وبسبب التحديات التقنية فإن سوقنا الوطني إن صح التعبير هو مركز فينترسهال للابتكار: فهنا نقوم باستخراج النفط على سبيل المثال منذ 40 عاماً بواسطة البخار بكل ما تعنيه الكلمة من معنى عن طريق "تقنية فيضان البخار". تقنية تزيد الغلة المستخرجة من خزائن النفط بشكل ملحوظ. وبالمثل، تعلمنا في موطننا كيفية التعامل مع حقول الغاز الحامضالمعقدة أو تطوير حقول الغاز الضيقة التي تشكل تحدياً. ونحن نستفيد من هذه المعرفة على صعيد التعاون الدولي كما هو الحال حالياً في أبوظبي. وبالنسبة لآخر بحوث فينترسهال، فإننا سنقوم قريباً باستخدام واختبار البوليمر الحيوي لأول مرة في واحد من خزائن النفط الألمانية، وهو مشتق من فطر طبيعي. وهذا النوع من الابتكار في مجال الاستخلاص المعزز للنفط يمكن أن يكون حافزاً لهذا القطاع برمته.

سؤال: تنشط شركتكم على الصعيد الدولي. فبرأيكم، ما هي الشراكات الاستراتيجية المهمة لأوروبا من أجل تنويع إمداداتها المستقبلية من الطاقة؟
•    الدكتور زيله:يتعين على أوروبا أن لا تكون بتلك السذاجة، بحيث تعتقد  أنه يوجد في مكان ما سوق عالمي متدفق، نحصل من خلاله دائماً وبدقة على الكميات التي نحتاجها في المستقبل. إن السباق العالمي على الموارد الخام يجري على قدم وساق. ولذلك، فإننا بحاجة إلى إلى نقلة نوعية، إذ ينبغي على أوروبا تعزيز حضورها مباشرة عند مصادر الطاقة، ودفع العلاقاتالاستراتيجية مع الدول المنتجة الكبرى مثل روسيا، النرويج والدول العربية على وجه التحديد.

سؤال: ما هو الدور الذي تلعبه الدول العربية التي ذكرتها في تنويع مصادر الإمداد؟
•    الدكتور زيله: تلعب الدول العربية دوراً رئيسياً. ولكن أوروبا، وخاصة ألمانيا، تجاهلت المنطقة فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية في مجال الطاقة إلى حد الآن. لابد لنا من التركيز أكثر على العالم العربي. فمنطقة الشرق الأوسط لا يمكننا تجنبها. وسيكون من غير الحكمة أن نتجاهل هذه المنطقة الواسعة التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في العالم.فبين المغرب في الغرب وإيران في الشرق يوجد70 في المئة من احتياطي النفط العالمي. ولذلك، فإن النمو المستقبلي يعني أيضاً التزاماً واضحاً تجاه المنطقة العربية. فهنا يكمن مستقبل أوروبا النفطي! وفي نفس الوقت، يتعين على أوروبا التفكير في الفائدة الكبيرة التي يمكن أن تقدمها هذه الشراكة: سوق آمن مع أكثر من 700 مليون مستهلك. ولذلك، فإنني أنادي بسياسة خارجية أوروبية للطاقة، تقوم بخلق علاقات سياسية جيدة بين البلدان المستوردة والمنتجة، وتتيح أيضاً للشركات من البلدان المستوردة أن تعمل مباشرة عند مصادر الطاقة. وفي المقابل نحن بحاجة أيضاً، في إطار مفهوم الشراكة، إلى الانفتاح على الاستثمارات من الدول المنتجة.

سؤال: إلى أي مدى هناك فائدة من التزام شركة فينترسهال تجاه العالم العربي؟
•    الدكتور زيله:إن تواجد فينترسهال في دولة الإمارات العربية المتحدة يعود إلى عدة عقود من النشاطات في دبي، رأس الخيمة والشارقة.وفي الوقت الحاضر، نسعى إلى المشاركةبفعالية أكبر في مشاريع طويلة الأجلللتنقيب وإنتاج النفط والغاز في منطقة الخليج. ولهذا السبب أيضاً افتتحت فينترسهال في عام 2010 مكتبها التمثيلي في أبوظبي، والذي يعد أول حضور لشركة تنقيب وإنتاج ألمانية في الإماراة. وانطلاقاً من هناك، نعمل على تطوير وتعزيز أنشطتنا في مجال الاستكشاف والإنتاج في منطقة الشرق الأوسط. كما أننا نتواجد أيضاً في شمال أفريقيا منذ عقود. ففي ليبيا، نعمل منذ عام 1958 في مجال استكشاف وإنتاج النفط.

سؤال:شهد العام الماضي في ليبيا اضطرابات سياسية وفي هذا العام أيضاً لايزال الوضع متوتراً. ما هي تأثيرات ذلك على التزام فينترسهال محلياً؟
•    الدكتور زيله: كان العام الماضي صعباً، ولكن نتيجة للتفاني والشجاعة الكبيرة التي أبداها موظفونا الليبيون فقد نجت جميع المرافق من الصراع. والآن تتصاعد الأمور منذ شهور. لدينا حالياً في ليبيا نحو 400 موظف، منهم أكثر من ثلاثة أرباع من ليبيا. أما بقية الموظفين فيمثلون فريقاً دولياً متنوعاً. بعد التحول السياسي تمكّنا هناك من تسجيل نجاحات جديدة هذا العام: ننتج حالياً 85 ألف برميل من النفط الخام في اليوم وبذلك نحقق بشكل واضح مستوى إنتاج أعلى من المتوقع. كما أن استئناف الإنتاج بشكل سريع بعد الثورة منحنا أيضاً الفرصة لدعم عملية إعادة بناء ليبيا اقتصادياً واجتماعياً.

سؤال: ما هي المشاريع الأخرى المخطط لها في المنطقة العربية؟
•    الدكتور زيله:المشروع الأحدث يتمثل في مشاركتنا كأول مشغل أجنبي في مشروع خط أنابيب في ليبيا. وبالتعاون مع المؤسسة الوطنية للنفط نقوم ببناء خط أنابيب يبلغ طوله حوالي 55 كيلومتراً، والذي سيربط بين حقلين مهمين لصناعة الطاقة الوطنية. وهنا وضعنا خطة زمنية طموحة: فحتى بداية مارس من عام 2013 سيكون قد تم مد حوالي4000قطعة من خط الأنابيب عبر الصحراء. وبالإضافة إلى ذلك، فقد وقعنا مؤخراً مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (آدنوك) وشركة (OMV) على اتفاق بشأن التقييم الفني لحقل الغاز الحامض والمكثفات (الشويهات). ويقع هذا الحقل على بعد 25 كيلومتراً إلى الغرب من الرويس في المنطقة الغربية من أبوظبي. وهناك سنقوم كمشغل بإجراء تقييم شامل للمخزون. وهنا يمكننا الاعتماد على 40 عاماً من الخبرة وتقديم معرفة تكنولوجية مهمة إلى هذا المشروع المشترك.

سؤال:إلى جانب تقييم حقل الغاز الحامض والمكثفات (السويحات).،كيف ترون مستقبل شركتكم في هذه المنطقة؟
•    الدكتور زيله:يعد هذا المشروع المشترك مع شركة (أدنوك) خطوة هامة نحو تعاون طويل الأجل بين ألمانيا وإمارة أبوظبي في قطاع الطاقة. وتلعب منطقة الشرق الأوسط دوراً متزايد الأهمية ضمن محفظتنا المتنوعة. في قطر على سبيل المثال نعمل كمشغل في التنقيب في حقلين بحريين. وتبرهن مشاركتنا في أبوظبي مرة أخرى أن نجاح فينترسهال يعتمد على مزيج من تقنيات الاستكشاف الحديثة وطرق الاستخراج المبتكرة لزيادة العائد من خزائن النفط المعقدة. وهنا لدينا خبرة عملية واسعة على نطاق عالمي.

سؤال:تتحدثون باستمرار عن الشراكات. كيف يمكنكم كسب شريك جديد؟
•    الدكتور زيله: يقتنع شركاؤنا في المقام الأول بخبراتنا التكنولوجية المعروفة. ونعتزم أيضاً استخدام هذه المعرفة مستقبلاً لتطوير المزيد من الحقول الصعبة تقنياً في المنقطة. كشركة تنقيب وإنتاج مستقلة سيتمكن المرء في المستقبل القريب من الحصول على مدخل إلى الاحتياطيات، في حال أضاف المرء إلى الشراكة قيمة حقيقية. ونحن على علم بهذه الأمور. لذلك علينا أن نعزز الاستثمار في التكنولوجيا، وإلا فلن نكون ناجحين في المنافسة على خزائن النفط. فالمنافسة على المواد الخامستزدادفي المستقبل لتكون منافسة التقنيات.