حاضرة الراين تجمع بين السياحة والصحة معاً!

دوسلدورف.. مدينة خضراء بوجه معماري ساحر

تمتلك دوسلدورف، عاصمة ولاية (نوردراين فستفالن)، الكثير من الروائع لتقدمها إلى زائريها، لاسيما وأنها تعد مركزاً للفنون والثقافة والاستمتاع بالحياة. وليس من المستغرب أن تجذب هذه المدينة، الواقعة على نهر الراين، السياح الذين يبحثون عن العلاج والترفيه معاً. كما أن وجود المرء في دوسلدورف لدافع صحي، لن يمنعه أيضاً من تمضية أمسية ممتعة في المدينة القديمة (ألتشتادت) أو القيام بنزهة تسوق في شارع (كونغيسآليه)، أو التوجه إلى (ميناء الإعلام) حيث العمارة المذهلة، أو زيارة واحد من متاحفها الشهيرة.

مطار دوسلدورف.. مدينة متكاملة

في مدينة عالمية كدوسلدورف، لن تحتاج إلى الكثير من الوقت حتى تلاحظ تنوع الخدمات الراقية التي توفرها المدينة لزائريها. فبمجرد أن يصل الباحثون عن الرعاية الصحية إلى مطار دوسلدورف، الذي يعد ثالت أكبر مطار في ألمانيا ومحور النقل الجوي في ولاية (نوردراين فستفالن)، سيجدون في مدينة مطار دوسلدورف القريبة العديد من المرافق الصحية المتخصصة والمريحة. فعلى سبيل المثال، توفر مؤسسة (رادبراكس للطب الوقائي) تقنيات علاج متطورة وبمستوى عالمي في مرفقها الصحي في المطار، والذي يتردد إليه عملاء محليون وعالميون قاصدين خدمات قسم الأشعة، والطب النووي، والعلاج الإشعاعي.

أما عيادة طب الأسنان (ديادنتيس) فتوفر خدمات طبية تشمل التشخيص الدقيق والوقاية والعلاج. وقد بنت العيادة سمعة عالمية لها في مجال خدمات طب الأسنان التجميلي على وجه الخصوص. وتتوفر في مطار دوسلدورف الدولي خدمة الشخصيات المهمة التي يفضلها الكثير من الزوار القادمين من منطقة الخليج العربي.

كما تسهم الفنادق الفخمة في دوسلدورف، مثل فندق (إنتركونتيننتل)، في تعزيز صورة المدينة بوصفها مركزاً مهماً للسياحة العلاجية ووجهة مفضلة من قبل العملاء الأثرياء من حول العالم، وذلك من خلال تطوير عروض رعاية صحية رفيعة المستوى بالتعاون مع المراكز الطبية في المدينة.

 

قمة التفوق الطبي

وبشكل عام تزخر مدينة دوسلدورف بالمستشفيات المشهورة محلياً وعالمياً. فمثلاً يتألف مستشفى دوسلدورف الجامعي من 34 عيادة فردية وأكثر من 30 معهداً. ويعمل فيه ما يقرب من 6000 موظف، مما يجعله واحداً من أهم المراكز الطبية في المنطقة وأكبر مزود للمرضى الداخليين والخدمات الطبية في دوسلدورف. ونذكر من تخصصاته: الأورام مع أمراض الدم وزرع الخلايا الجذعية، وجراحة المخ والأعصاب، والأمراض العصبية وأمراض النساء والتوليد، والكبد، وزرع الكلى، وجراحة القلب وكذلك جراحة الأطفال وأمراض سرطان الأطفال.

ويمثل المستشفى قمة التفوق الدولي في رعاية الأمراض والبحوث والتعليم. ويضمن خبرائه المشهورون تقديم الطب الحديث على أعلى المستويات العلمية. ومن خلال شبكة العلاقات الوثيقة للعيادات الفردية الكثيرة والمعاهد، يتم ربط معارف الخبراء من كافة التخصصات. كما يقوم المستشفى بالتعاون مع جامعات شريكة في الداخل والخارج لتحقيق معارف جديدة تساهم في فهم أفضل للأمراض، وبالتالي إيجاد أساليب مبتكرة في التشخيص والعلاج. بالإضافة إلى تقديمه عروض تدريب عملية عالية المستوى.

ويشكل مكتب التنسيق الخاص بالمرضى الدوليين نقطة اتصال مركزية في مستشفى دوسلدورف الجامعي. فهنا يتم تقديم المشورة والرعاية للمرضى ومرافقيهم، الذي يأتون من بلدان مختلفة. وبناء على السجلات الطبية، يقوم فريق المكتب، الذي يتحدث لغات متعددة، بتحويل المرضى إلى القسم المختص. كما يهتم بتنسيق مواعيدهم مع الأطباء وتنظيم شؤون إقامتهم.

 

مرافق بتصاميم مبتكرة

بدوره يقدم مستشفى (سانت ماوريتيوس) في (ميربوش) في دوسلدورف، خدمات في مجالات متخصصة في طب الأعصاب والأمراض العصبية لدى الأطفال وأمراض الشيخوخة. فهو ينتمي إلى واحد من أهم مرافق إعادة التأهيل في ولاية (نوردراين فستفالن). وتلبي طائفة الخدمات التي يقدمها الاحتياجات المتنوعة لمختلف الفئات العمرية. وتعتمد العلاجات في علم الأعصاب على أساس نتائح أحدث الأبحاث الدولية. ويضمن مختصوه جودة تشخيصية وخدمات علاجية عالية في مجالات النشاط الحركي، وعلم النفس العصبي، والتعليم، والتمريض، وعلاج النطق وغيرها.

كما تم تصميم عمارته بحيث لم تعد محطات العلاج تتواجد عبر ممرات طويلة، بل إنها تذكر المرء أكثر بنموذج السوق المركزي. ومن خلال هذا الفضاء الواسع، يتم منح مختلف الأمراض حقها من العلاج، ابتداءاً من السكتة الدماغية ومروراً بتلف الأعصاب ووصولاً إلى شلل الأطفال.

ويحظى المستشفى بسمعة ممتازة دولياً، وخصوصاً لدى المرضى القادمين من المنطقة العربية. ولذلك فإنه يقوم بتلبية المتطلبات اللغوية والعادات الغذائية لضيوفه. كما يتميز بقربه من مطار دوسلدورف، مما يجعل الوصول إليها سهلاً وسريعاً.

وتزداد خبرات وثقل مستشفى (سانت ماوريتيوس) أيضاً من خلال عضويته في رابطة المستشفيات الكاثوليكية في دوسلدورف، حيث تمثل هذه الرابطة شبكة كفوءة متعددة التخصصات.

 

السياحة الخضراء

ويبدو أن الصحة لا تنفصل أبداً عن السياحة في دوسلدورف. فهي تعد من أفضل الوجهات السياحية الصحية بالنسبة للزوار العرب. وفي الحقيقة، فإنه من النادر أن ترى مدينة كبيرة خضراء كما هو حال دوسلدورف، حيث يمثل ما يقرب من خمس مساحتها الإجمالية مناطق ترفيهية ومساحات خضراء وغابات.

وبشكل عام، فإن ثلث مساحة المدينة يندرج تحت مناطق المناظر الطبيعية المحمية. وتضمن هذه الخاصية بلا شك  نوعية عالية من الحياة وتزيد من جاذبية المدينة باعتبارها وجهة للعيش وتعزز حماية البيئة والطبيعة في وئامها مع التنمية الحضرية. فالمفهوم الناجح للحفاظ على المساحات الخضراء والتزام المواطنين تجاه مدينتهم يؤتي ثماره دوماً، إذ حصلت دوسلدورف على جوائز ألمانية وأوروبية لما تضمه من حدائق ذات تصميم رائع.

وبالإضافة إلى الواحات الخضراء التي تتوسط المدينة مثل منتزه (راين بارك) وحديقة (هوف غارتن)، هناك نقاط جذب سياحي أخرى، نذكر منها: المنتزه الشمالي (نورد بارك) بحديقته اليابانية، وأطلال القصر الإمبراطوري (كايزر بفلاتس)، وكذلك قصر وحديقة (بينرات)، اللذان يمثلان بالفعل جوهرة ثقافية وسياحية.

 

 

وجه دوسلدورف المعماري

وفي الوقت الذي تعتبر فيه الطبيعة الخضراء رئة المدينة، فإن الهندسية المعمارية تعتبر الفن الذي يمنحها وجهها الحديث. فانطلاقاً من الساحة الثقافية (إيرنهوف) وبناء (دراي شايبن هاوس)، وصولاً إلى (ميناء الإعلام) (ميدين هافن)، تزخر دوسلدورف بتحف معمارية لبعض من أشهر المصممين المعماريين في عصرنا. فمباشرة على نهر الراين، وخلف جسر (أُبركاسيلر بروكه) تقع (إنزمبله آم إيرنهوف)، حيث تم بناء مجمع للتوسعة في العام 1925-1926، ليحيط بقصر الفن "كونست بلاتس" الموجود منذ عام 1902. وبناءً على تصاميم من (فيلهلم كرايس) تم إنشاء مباني معارض أخرى ومبنى القبة الفلكية ومبنى مدرجات الراين (راين تيراسن). أي أنه قد تم إنشاء مركز معارض للصحة والرعاية الاجتماعية والتمارين البدنية لحوالي  7,5 مليون زائر. ويوجد هنا اليوم متحف (قصر الفن) وقاعة الموسيقى (تون هاله)، ومنتدى نوردراين فستفالن للثقافة والاقتصاد.

ومن المباني الشهيرة الأخرى في المدينة، يبرز مبنى (فيلهلم ماركس هاوس) الذي يعد واحداً من أوائل مباني المكاتب في ألمانيا. كما يعتبر مبنى مانيسمان العالي (ارتفاعه حوالي 93 متراً) واحداً من أعلى المباني في دوسلدورف. وهناك أيضاً مبنى برلمان ولاية (نوردراين فستفالن)، الذي يزين منظر واجهة الراين.

 

مشهد بانورامي

أما أعلى مبنى في دوسلدورف، فيتمثل حتماً في برج الراين (راين تورم)، الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 234 متراً. ولا ينبغي لأي زائر أن يفوت المنظر البانورامي الساحر الذي يمكن مشاهدته من خلال المطعم الدوار الموجود في قمة البرج. وقد صمم هذا البرج، الذي تم تشييده بين عام 1979 و1982، المهندس (هارالد دايلمان).كما أضاف إليه فنان الإضاءة (هورست باومان) أكبر ساعة عشرية في العالم، وهي مسجلة في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.

وبعيداً قليلاً عن الراين، يقع مبنى (شتادت تور) الحائز على جائزة العمارة. وتم اختيار هذا المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 75 متراً، من قبل معرض العقارات الدولي ((MIPIM كأفضل مشروع لسنة 1998.

 

ميناء الإعلام يبهر العالم

ويعتبر (ميناء الإعلام) بكل تأكيد من أبرز معالم المشهد المعماري في دوسلدورف. وبينما كان مكاناً محورياً للتجارة والصناعة، فإنه يبهر اليوم خبراء العمارة الدوليين برموزه التقليدية والحديثة. وتستقبل المباني الأنيقة فيه الزوار لحظة وصولهم إلى الميناء بأجواء بحرية مثيرة.

وتعتبر مباني جيري المائلة (جيري باوتن) من أشهر المباني التي يمكن أن ننسب سحرها الخاص إلى ميناء الإعلام. ويوجد بجوارها مباشرة مبنى (غراند باتو).

كما يوجد في شارع (كايزر شتراسه) العديد من الجواهر المعمارية الأخرى، مثل مركز كاي (كاي سنتر)، و(مركز فعاليات الميناء) (بورت إيفنت سنتر)، وكذلك المبنى ذو الستة عشر طابقاً (مركز مكاتب دوسلدورف) (دوسلدورف أوفيس سنتر كاي شتراسه) وغير ذلك الكثير.

 

مدينة الفنون الجميلة

وإلى جانب الهندسة المعمارية الفريدة، فإن لدى دوسلدورف وجهاً فنياً وثقافياً غنياً ليس له مثيل بين أقرانها في ألمانيا، حيث تضم 26 متحفاً وأكثر من 100 معرض فني، وتعتبر مركزاً مهماً للأحداث والفعاليات يستقطب سنوياً ملايين الزوار.

وتزخر دوسلدورف بالمرافق الثقافية، بدءاً من الحديقة البحرية العامة المحبوبة، مروراً بمتاحف متخصصة فريدة مثل متحف (هِتيَنس) الذي يختص بالخزف والفخار والزخرفة، وصولاً إلى متحف (قصر الفن) ومتحفي (كيه20) و(كيه21) اللذان يمثلان المجموعة الفنية لولاية (نوردراين فستفالن). ويعد حوالي نصف متاحف وصالات عرض دوسلدورف مخصصاً للفنون البصرية. وإذا أضفنا إليها أكثر من 100 معرض ومكان فني، فسيتضح الدافع الذي كان وراء اعتبار دوسلدورف مدينة الفنون الجميلة في غرب ألمانيا.

 

 

رقي التسوق

ولكن على الرغم من كل هذه الأجواء الثقافية والفنية، فإنه لدى سؤالك أحد زوار المعارض أو رجال الأعمال المسافرين، عما ينبغي للمرء رؤيته أو القيام به أثناء إقامة قصيرة في دوسلدورف، فإن أول ما تسمعه غالباً: التسوق في شارع الملك (كونغيسآليه)! فهذا الشارع الذي يصل طوله إلى ما يقرب من كيلومتر، يعتبر مثالاً للتسوق الراقي وأسلوب الحياة الحديث. ويطلق عليه أهل دوسلدورف تحبباً اسم (كو).

ويتميز (كو) بعرضه المثير للإعجاب، وبخندق (كو-غرابن) الذي تتدفق فيه مياه دوسلدورف، وأيضاً بصف الأشجار الذي يضم حوالي 120 شجرة كستناء. ويمثل الجانب الغربي من الشارع مقراً للبنوك والفنادق، أما الجانب الشرقي فيحتوي على الأروقة التجارية الدولية والمحلية الكبيرة.

ويقف هذا البوليفارد الشهير اليوم ليعبر عن نمط الحياة البراق مع ما يحتويه من متاجر راقية ومراكز تسوق فخمة، حيث تبرز فيه بالدرجة الأولى الموضة. ولا عجب في ذلك، فدوسلدورف تعتبر موطناً لمعرض الموضة (IGEDO ) ولعدد لا يحصى من صالات عرض  أبرز المصممين الدوليين.

 

 

حياة الليل

وعندما يتحدث المرء حول ثقافة الحانات والحفلات، فلا بد أن تسوقفه دوسلدورف أيضاً، لاسيما مع ما تقدمه من خيارات متنوعة جداً، ابتداءاً من النوادي الصغيرة الأنيقة ووصولاً إلى الملاهي الليلية الكبيرة، التي يمكن للمرء أن يعيش فيها متعة ما بعدها متعة.

ولم تأت تسمية دوسلدورف بـ( أطول طاولة طعام وشراب في العالم) من فراغ! فهذه المدينة ذات أسلوب حياة متميز، ويوجد في مدينتها القديمة (ألتشتادت) حوالي 250 حانة وباراً، إلى جانب صالات عصرية في حي (فلينغرن) وفي (ميناء الإعلام) تتمحور جميعها حول الحياة الليلية.