وفقاً لبروفيسور من معهد محركات الاحتراق الداخلي التابع للجامعة التقنية بمدينة آخن الألمانية

قوة أكثر .. المحركات ثلاثية الأسطوانات تغزو الفئات الأكبر

من توماس جايجر

(د ب أ) - يشهد عالم السيارات حالياً عدة اتجاهات لتطوير المحركات، من أجل رفع قوتها وكفاءتها وخفض معدل استهلاك الوقود والانبعاثات الضارة. وبالرغم من أن محركات الاحتراق الداخلي ثلاثية الأسطوانات معروفة منذ فترة طويلة ويتم الاعتماد عليها لدفع السيارات الصغيرة، إلا أن التقنيات الحديثة، مثل الشاحن التربو وتقنية الحقن المباشر للوقود، أتاحت زيادة قوة هذه المحركات الموفرة للوقود، الأمر الذي مهد لها الطريق لغزو الفئات الأكبر.

 

وقد كان الاتجاه نحو تقليص حجم المحركات (Downsizing) قاصراً حتى وقت قريب على موديلات الفئة الفاخرة والمتوسطة، التي يتم تجهيزها بمحركات أكبر وبعدد أسطوانات أكثر. وأوضح البروفيسور شتيفان بشينغير، من معهد محركات الاحتراق الداخلي التابع للجامعة التقنية بمدينة آخن الألمانية، أن شركات السيارات أصبحت تعتمد حالياً على المحركات الصغيرة ثلاثية الأسطوانات في الموديلات المدمجة إلى جانب السيارات الصغيرة. وبالتالي فإنها تتمكن من خفض وزن السيارات والاحتكاك الداخلي بالإضافة إلى التوفير في استهلاك الوقود وخفض الانبعاثات الضارة بالبيئة.

 

ويتم دفع السيارات متناهية الصغر، مثل موديلات شركة سمارت الألمانية، بواسطة المحركات ثلاثية الأسطوانات منذ فترة طويلة، كما تعتمد الموديلات الجديدة المُخصصة للمدن مثل فولكس فاغن Up على نفس مفهوم المحركات، لكن عن طريق شواحن التربو يمكن رفع قدرة وكفاءة هذه المحركات، بحيث يمكن استخدامها حالياً في السيارات الأكبر حجماً.

 

تعديلات تقنية

وهذا يرجع إلى زيادة قوة المحرك بالنسبة للتر الواحد من سعته الحجمية، التي تبلغ حالياً 80 كيلووات/109 حصان بشكل قياسي، أما المحركات الرياضية فيمكنها توليد قوة 100 كيلووات/136 من سعة حجمية تبلغ لتر واحد، ومن خلال بعض التعديلات التقنية يمكن زيادة هذه القوة لتصل إلى ما يزيد على 120 كيلووات/163 حصان.

 

وتسعى شركة فورد في اتجاه تطوير المحركات ثلاثية الأسطوانات بنشاط، حيث قامت الشركة الأمريكية بتوسيع باقة محركاتها المعروفة باسم EcoBoost خلال عام 2011 من خلال طرح محرك ثلاثي الأسطوانات بسعة 0ر1 لتر وبقوة 88 كيلووات/125 حصان، الذي يتم الاعتماد عليه حالياً في العديد من الموديلات القياسية وصولاً إلى السيارة Focus.

 

وأوضح هارتفيغ بيترسن، المتحدث الإعلامي باسم شركة فورد، أنه بالرغم من أن هذا المحرك يولد قوة كبيرة توازي قوة محرك رباعي الأسطوانات بسعة 6ر1 لتر، إلا أن معدل استهلاك الوقود قد تراجع بنسبة تصل إلى 20 %. وتنص نشرة مواصفات الشركة الأمريكية أن السيارة Focus 1.0 تحتاج في المتوسط إلى 8ر4 لتر/100 كلم، وهو ما يعادل 114 جم/كلم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي فإنها تقترب من مستوى استهلاك محرك الديزل. وأضاف بيترسن أن السيارة Mondeo الجديدة ستعتمد أيضاً على محرك ثلاثي الأسطوانات.

 

ولا يقتصر هذا الاتجاه على شركة فورد الأمريكية فقط، بل توجد خطط طموحة لدى شركة فولكس فاغن لتطوير المحركات الصغيرة، وقد قامت الشركة الألمانية بتجهيز الموديل الاختباري Taigun، الذي ينتمي إلى فئة الموديلات الرياضية متعددة الأغراض (SUV)، بالإصدار التربو من المحرك ثلاثي الأسطوانات المستخدم في سيارتها الصغيرة Up.

 

وفي حين لا يزال إطلاق هذه السيارة الصغيرة المخصصة للأراضي الوعرة موضع شك، فقد قررت الشركة الألمانية البدء في طرح هذا المحرك الصغير بقوته البالغة حالياً 81 كيلووات/110 حصان ضمن باقة الموديلات القياسية قريباً. ولن يقتصر دوره على دفع الموديل الرياضي من السيارة Up فقط؛ حيث أكد أولريش هاكينبيرغ، مدير التطوير بالشركة الألمانية، على أن هذا المحرك يمتلك قوة كافية لدفع السيارة Polo أو حتى الموديل Golf الشهير.

 

وقد أدركت شركات السيارات الأخرى مزايا المحركات الصغيرة، فعلى سبيل المثال تقدم شركة بيجو الفرنسية سيارتها الصغيرة 208 مع تجهيزها بباقة جديدة من المحركات ثلاثية الأسطوانات، كما تعمل شركة بي إم دبليو الألمانية على تطوير مجموعة من النماذج الاختبارية من الفئة الأولى.

 

وأوضح مانفريد بوشينريدر، المتحدث الإعلامي باسم الشركة الألمانية، :"في هذه النماذج الاختبارية يتمكن المحرك المطور بسعته البالغة 5ر1 لتر من توليد قوة 132 كيلووات/180 حصان تقريباً"، ومع ذلك لن يتم طرح هذا المحرك بشكل قياسي بمثل هذا القدر من القوة.

 

كما أعلنت شركة ميني البريطانية أنها ستعتمد على هذا المحرك الجديد ضمن باقة موديلاتها الجديدة لعام 2013، وأوضح المتحدث الإعلامي باسم شركة بي إم دبليو أن موديلات الفئة الأولى سيتم دفعها بواسطة محرك صغير، بالإضافة إلى الموديل القياسي من السيارة الاختبارية Active Tourer Concept التي ظهرت بمعرض باريس الدولي للسيارات.

 

عيوب قليلة

وأوضح البروفيسور شتيفان بشينغير أن المحركات ثلاثية الأسطوانات تمتاز بوزن خفيف واحتكاك داخلي أقل، وهو ما يؤدي في واقع الأمر إلى التوفير في استهلاك الوقود. ولكن تصميم المحركات ثلاثية الأسطوانات ينطوي على بعض العيوب؛ حيث إنها تدور بشكل مضطرب وتفتقر إلى سلاسة ونعومة الدوران. وقد يتطلب التصميم استخدام قضبان موازنة خاصة تؤدي بدورها إلى زيادة الوزن والاحتكاك الداخلي.

 

كما أن الخبير الألماني يلفت النظر إلى أحد الأمور المهمة للغاية في المحركات الصغيرة والضعيفة، وهو أن استهلاك الوقود بالمحركات ثلاثية الأسطوانات، مثل جميع المحركات الأخرى، يعتمد في الأساس على طريقة القيادة، حيث لا يتمكن قائد السيارة من الاستفادة من ميزة توفير الوقود إلا إذا قام بالنقل إلى تعشيقة أعلى بشكل مبكر، وعدم قيادة السيارة باستمرار بعدد لفات مرتفع للمحرك ثلاثي الأسطوانات.