يتميزان بمعروضاتهما وهندستهما المعمارية المذهلة

إطلالة على عالم السيارات في متحفي "مرسيدس بنز" و"بورشه" في شتوتغارت

 

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأت في شتوتغارت الحقبة الصناعية، حيث ذاع صيت "غوتليب دايملر" و"روبرت بوش" بتصنيع محركات السيارات التي نالت شهرة عالمية كبيرة. فهذه المنطقة تعتبر مهد لصناعة السيارات، إذ تم في جنوب غرب ألمانيا تطوير أول سيارة في العالم، وذلك في عام 1886. وكل من يرغب في التعرف على تاريخ عالم المركبات فسيجد في شتوتغارت متحفين رائعين يمثلان اثنتين من العلامات التجارية الفاخرة الأكثر شهرة في العالم هما: "مرسيدس بنز" و"بورشه". 

 

متحف مرسيدس-بنز.. أكثر من 120 عام من تاريخ السيارات

اخترع "كارل بنز" السيارة قبل 125 عاماً مضت، وبين السيارات الـ 160 في هذا المبنى الحديث والمذهل هناك نماذج أولى من السيارات: براءة اختراع بنز لمحرك السيارة ومركبة غوتليب دايملر المزودة بمحركات. يحتاج المرء على الأقل إلى 3 ساعات لاستكشاف الطوابق التسعة، حيث يُعرض تطور الأثر الاجتماعي للسيارة على الحياة اليومية في جميع أنحاء العالم.

فتأسيس متحف مرسيدس بنز يعود إلى عام 1923 ويحظى بأعلى نسب من الزيارات وبمعدل 440,000 زيارة في العام الواحد. ويمثل المبنى معلماً هندسياً ساهم في تسليط الضوء على مجال الهندسة المعمارية في شتوتغارت، حيث أن تصميمه من الخارج يتميز بالحداثة التي تعطي انطباعاً وكأنه قادم من المستقبل، ومن الداخل صمم على شكل الحمض النووي الـ "دي إن إيه" الذي يتشابه مع  شكل الدرج اللولبي المزدوج. وهو المتحف الوحيد في العالم الذي يسلط الضوء على 120 عام من تاريخ صناعة السيارات بدءاً من أول يوم ودون أن يغفل أي مرحلة من المراحل.

 

متحف بورشه.. سيارات أسطورية وهندسة معمارية مذهلة

يتم في هذا المتحف عرض أكثر من 80 مركبة في مجموعة لا ينبغي تفويت مشاهدتها، ابتداءً من نماذج السيارات الأولى المبتكرة التي استحوذت في البدايات على خيال الجمهور إلى سيارات السباق الأسطورية والنماذج الجرئية المثيرة للاهتمام. ويحتضن المتحف، عدة مرات في السنة، معارض خاصة تتناول فكرة "بورشه". أما الهندسة المعمارية الرائدة لمتحف "بورشه" فهي بحد ذاتها عامل جذب أيضاً.

ففي عام 1938 انتقل "مكتب تصميم بورشه" من وسط مدينة شتوتغارت إلى "المصنع 1" في ساحة "بورشبلاتس" في شتوتغارت – زوفنهاوسن. وفي العام نفسه، ولدت أسلاف سيارة "فولكسفاغن بيتل" (VW Beetle) في هذا الموقع بالتحديد، تلتها سيارة "برلين- روم" (Berlin-Rome) الأسطورية عام 1939، تحت اسم بورشه "طراز 64" (Type 64)، والتي تعتبر سلف سيارات "بورشه" الرياضية كافة. ومنذ العام 1950 فإن جميع السيارات الرياضية التي تحمل شعار "بورشه" المشهور عالمياً، تمت صناعتها في "زوفنهاوسن".

وقبل بناء المتحف الجديد في هذه المنطقة كان لدى "بورشه" منذ عام 1976 متحفاً صغيراً مؤقتاً يحتوي على 20 سيارة معروضة. ولكن مع عام 1976 بدأت عجلة التاريخ بالدوران مجدداً جالبة للشركة وقتاً مميزاً من الحماس. وبعد أكثر من 28000 فوز في سباقات السيارات وخمسة دفعات من الموديلات الجديدة، فإن الوقت كان قد حان لإنجاز تطور جديد في هذا المجال. وفي هذه الأثناء تغيرت الشركة وتضاعف إنتاجها بشكل كبير. لذلك لم يعد المتحف القديم كافياً لتلبية متطلبات العلامة التجارية للشركة. وتلبية للرغبات المتكررة من قبل عملاء ومساهمي وعشاق "بورشه" بوجود مكان من أجل عرض تاريخ الشركة، وافق مجلس إدارة بورشه في شهر يوليو من العام 2004 على قرار بناء المتحف في مقر الشركة في "زوفنهاوسن".

إن مبنى متحف "بورشه" الجديد الذي صممه مكتب الهندسة المعمارية "ديلوغان مايسل" (Delugan Meissl) من فيينا، يرتكز على ثلاثة أعمدة فقط على شكل V، ليبدو جسم المتحف الرئيسي وكأنه معلق عالياً عن الأرض مثل حجر المنليث الضخم. ووصلت التكلفة الإجمالية إلى حوالي 100 مليون يورو. فبالإضافة إلى المعرض، يشتمل مبنى المتحف أيضاً على ورشة عمل تاريخية وصالة للفعاليات والأحداث ومطعم حصري، إلى جانب متجر المتحف ومرآب السيارات. كما تم نقل الأرشيف التاريخي إلى هذا المتحف أيضاً.

وباعتباره "ذاكرة" لشركة "بورشه"، يجمع الأرشيف كل المعلومات المهمة سواء الاقتصادية والتقنية والاجتماعية أو الثقافية التي تتعلق بشركة "بورشه" لصناعة السيارات والشركات التابعة لها. ومن خلال عملية نقل المحفوظات والأرشيف التاريخي إلى المتحف الجديد، نشأ بذلك موقع مركزي تجتمع فيه كامل المعلومات التاريخية والمعاصرة عن "بورشه". ويشكل الأرشيف التاريخي مع المعرفة المتراكمة العمود الفقري للمتحف. وإلى جانب الأقسام والإدارات المختصة في "بورشه"، تم وضع هذا الأرشيف تحت تصرف الصحفيين والأخصائيين والهواة الذين يحتاجون فقط إلى تسجيل مسبق للقيام بعمل أبحاثهم.

ومن السهل جداً ملاحظة متى الترابط بين الماضي والحاضر والمستقبل في هذا المتحف، فمن عرض السيارات حسب تاريخها إلى الأرشيف الذي يحتوي معلومات دقيقة وموثقة إلى الورشة التي تتميز بوجود قاطع زجاجي شفاف يجعل العمل فيها يتسم بالشفافية التامة. فهنا يعتني الأخصائيون بأسطول المتحف ويشرفون على صيانة سيارات "بورشه" التاريخية. وعلاوة على ذلك، يمكن لعملاء الشركة أيضاً أن يضعوا سياراتهم الكلاسيكية في الصيانة لإعادتها لتبدو كما كانت عليه من قبل. وفي تجربة فريدة بحق في عالم من الشفافية، يمكن للزوار أن يشاهدوا مباشرة من البهو كيفية عمل الميكانيكيين والأخصائيبن، وهو ما لا يقدمه أحد غير "بورشه".