شواهد متنوعة تعرفك على تاريخ مدينة هامبورغ الحرة الهانزية

يعود تاريخ هامبورغ إلى بداية القرن التاسع. وكانت هامبورغ، التي تأسست كقاعدة لتبشير السكسونيين، مركزاً تجارياً مهماً في أوروبا. وساهم موقع ميناء هامبورغ المناسب واستقلاليتها باعتبارها مدينة وولاية في نفس الوقت على تقوية مكانتها عبر القرون.


وخلال العصور الوسطى كانت المدينة عضواً في التحالف التجاري الهانزي ومدينة إمبراطورية حرة. من عام 1815 وحتى 1866 كانت هامبورغ ولاية مستقلة وذات سيادة في الاتحاد الألماني، ثم في اتحاد شمال ألمانيا (1866-1871)، وفي الامبراطورية الألمانية (1871-1918) وخلال فترة جمهورية فايمار (1918-1933). وخلال الحكم النازي كانت هامبورغ ولاية ومنطقة إدارية من عام 1934 وحتى 1945. وبعد الحرب العالمية الثانية كانت هامبورغ تابعة لمنطقة النفوذ البريطاني، وأصبحت ولاية في الجزء الغربي من ألمانيا في عهد جمهورية ألمانيا الاتحادية (منذ عام 1949). وبعتبر شارلمان هو مؤسس مدينة هامبورغ كعاصمة الولاية والتي تمثل اليوم المركز الثقافي والتجاري الرئيسي لمنطقة شمال ألمانيا.
ويمتلك ميناء هامبورغ، الذي يعد الأكبر في ألمانيا وثالث أكبر ميناء أوروبي من حيث عدد الحاويات، تاريخاً طويل، حيث يحتفل أهل هامبورغ وزوارها  في شهر مايو من كل عام بعيد ميلاد الميناء. وفي العام 2011 شهد ميناء هامبورغ المتواجد على نهر الإلبه، الذكرى الـ 822 لعيد ميلاده، والتي تعتبر واحدةً من أهم الفعاليات، حيث شهد الميناء مسيرة كبيرة للسفن فوق مياه نهر الإلبه، واستمتع الزوار برؤية مشهد فني رائع، لاسيما عندما شرعت السفن بالدوران وكأنها ترقص باليه.
وعند القيام بالجولات السياحية المائية أو زيارة إحدى السفن-المتحف الأسطورية، يمكن للزائرين التعرف عن قرب على أسباب إطلاق لقب (البوابة إلى العالم) على مدينة هامبورغ. فرائحة الحرية والبلاد البعيدة تقوح في كل زاوية ممتدة من مبنى رحلات السفن ومدينة المخازن التاريخية (شبايشر شتادت) ورصيف الميناء (لاندونغسبروكن) وحتى ميناء الحاويات الحديث.
وبشكل عام تسيطر على صورة المدينة أبراج الكنائس الهامة مثل (سانت كاترينين) و(سانت بيتري) و(سانت ياكوبي) و(سانت نيكولاي) و(سانت ميشائيليس) التي يطلق عليها (ميشل)، وتعد الأخيرة أهم مبنى كَنَسي في شمال ألمانيا والذي يعود إلى عصر الباروك. وبالقرب من (ميشل) تقع شقق مكاتب التجار (كراميرامتس فونونغن) التي هي عبارة عن نصب تاريخي ومنطقة صغيرة من هامبورغ القديمة تعود إلى القرن 17. وتم الإبقاء على إحدى شقق التجار التاريخية هذه في وضعها الأصلي وتأثيثها من قبل متحف تاريخ هامبورغ بأثاث كامل يعود إلى الأعوام 1860/1850.
أما المدينة القديمة (ألت شتادت) فهي بالفعل أقدم حي في هامبورغ وأكثر الأحياء جاذبية للكثير من السيّاح. ومن أهم المباني هناك (تشيلي هاوس) و(كونتور هويزر) في ساحة (بوركارد بلاتس).
ويمكن للزائر تخيّل هامبورغ القديمة في بعض الأماكن، فمثلاً في شارع (كريمون) كانت تتواجد المخازن ومنازل السكن المطلة على قنوات المياه الجارية وعلى الشارع بحيث أمكن نقل البضائع على الماء وعن طريق البر.كما يعيد شارع (دايش شتراسه) ذكريات الماضي، فهو شارع قديم للتجار كان يضم مكاتبهم إلى جانب منازل سكنية تعود إلى القرن 17 حتى 19، وفيه العديد من المطاعم والحانات الفاخرة التي ترحب بالزائر لقضاء أوقات جميلة.
وتُعد منازل التجار البديعة على ضفتي نهر (الإلبه) ومجمع (شبايشر شتادت) (Speicherstadt) التاريخي الضخم شهادة على تاريخ مدينة هامبورغ الحرة الهانزية. فمدينة المخازن التاريخية (شبايشر شتادت) التي يمتد عمرها إلى أكثر من 100 عام، تجعل المرء يعيش أجواءاً ذات نكهة خاصة. ويُعتبر هذا المجمع التاريخي أكبر مجمع لمخازن السلع في العالم، حيث يتم هنا تخزين بضائع ذات قيمة عالية كالشاي والكاكاو والقهوة والتوابل والتبغ وغيرها، كما يوجد فيه أكبر مخزن للسجاد الشرقي في العالم. وخلف الحائط الضخم لمدينة المخازن يمكنك أن تتمتع بجو رومانسي بين قنوات المياه الجارية وأبنية العصر الغوطي والسطوح الموشورية والأبراج الغريبة الشكل.
وهناك الكثير من المباني التي تستحق الزيارة في هامبورغ، كمبنى البلدية الـ(راتهاوس) المشيد من الحجر الرملي والذي يعود تاريخه لأكثر من مئة عام. فبعد حريق شب في عام 1842 وقضى على مبنى البلدية بشكل كامل رحل المجلس لفترة مؤقتة إلى مبنى آخر وذلك لمدة 55 عاماً! وقد تم تدشين مبنى البلدية الجديد في عام 1897 وهو يتكون من 647 غرفة ويقف على أكثر من 4000 عمود من شجر البلوط. وعلى العكس من الطراز السائد في المنطقة، فإن مبنى البلدية يلمع بواجهة ذات زخارف كثيرة ومحاطة بـ 20 تمثالاً للقيصر. ويجد الزائر فوق البوابة الرئيسية الجملة التالية المكتوبة باللغة اللاتينية: "يجب على الأخلاف المحافظة بكرامة على الحرية التي نالها الأجداد".
ولا يعتبر مبنى البلدية هذا متحفاً، بل وسط المدينة السياسي. وكمكان متنوع الاستخدمات للسياسة والتمثيل الحكومي، فإن اثنين من الهئيات السياسية الرئيسية في المدينة الهانزية يتخذان مقرهما فيه وهما: وزراء (سناتور) ولاية هامبورغ والمحافظ.
وتعود التقاليد الثقافية في هامبورغ إلى العصور الوسطى. فقد ترك الشعراء ومؤلفو الموسيقى المشهورون عالمياً آثارهم في تاريخ ثقافة هامبورغ الطويل.
وفي سوق السمك (هامبورغر فيشماركت)، الذي يزخر صباح أيام الآحاد بحشود تسير في الممرات الضيقة، توجد قاعة المزاد العلني التي يبلغ عمرها 100 عام ويرتبط اسمها بالسمك تاريخياً. ومن التجارب الرائعة للذين يستيقظون باكراً هو تناول الفطور تحت سقف هذه القاعة التاريخية على أنغام الموسيقى. وفي هذا السوق تباع كافة أنواع المأكولات والفواكه والسلع بأسعار رخيصة، ويمكن فيه الحصول على شتّى البضائع تحت.
ومن يرغب في الغوص في تاريخ هامبورغ ومعرفة التطورات التي مرت بها منذ تأسيسها وحتى الوقت الحاضر، فيمكنه زيارة متحف تاريخ هامبورغ (موزيوم فور هامبورغيشه غيشيشته)، والذي يمكن للصغار (حتى عمر 17 سنة) دخوله مجاناً.
وهناك أيضاً متحف الهجرة (بالين شتادت إيميغرانتس وورلد) الذي يمثل مكاناً مفعماً بالمشاعر والعواطف، حيث يمكنك هنا الاطلاع على ذكرى أكثر من 5 ملايين مسافر هاجروا عبر هامبورغ لتحقيق أحلامهم في جميع أنحاء العالم.
 

اقرأ أيضاً