دوسلدورف.. تاريخ مثير للإعجاب

دوسلدورف.. تاريخ مثير للإعجاب

عندما كانت الإمبراطورية الرومانية تقوم بتعزيز مكانتها في جميع أنحاء أوروبا، تشبثت بعض القبائل الجرمانية في أراضي المستنقعات قبالة الفروع الشرقية لنهر الراين. وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر تمركزت بعض المستوطنات التي اعتمدت على الزراعة والصيد، في المكان الذي يصب فيه نهر (دوسل) الصغير في نهر الراين. ومن هذه المتسوطنات نمت مدينة دوسلدورف


إن تاريخ أول إشارة مكتوبة عن مدينة دوسلدورف (التي كانت تسمى آنذاك دوسلدورب في اللهجة المحلية المتعلقة بنهر الراين) يعود إلى عام 1135. وتحت حكم الامبراطور فريدريك بربروسا أصبحت البلدة الصغيرة من (كايزرسفيرت) إلى الشمال من مدينة دوسلدورف ثكنة محصنة بشكل جيد، حيث راقب الجنود كل حركة على نهر الراين. وفي نهاية المطاف أصبحت (كايزرسفيرت) إحدى ضواحي مدينة دوسلدورف وذلك في عام 1929.

في عام 1186 أصبحت دوسلدورف تحت حكم بيرغ. وفي عام 1386 نقل دوقات بيرغ مقراتهم إلى البلدة. ويعد يوم 14 أغسطس من عام 1288 من أهم الأيام في تاريخ دوسلدورف كونه اليوم الذي قام فيه الكونت (آدولف الخامس فون بيرغ) بمنح القرية على ضفاف نهر (دوسل) امتيازات المدينة.

قبل ذلك الإعلان، جرى صراع دموي على السلطة بين أساقفة كولونيا وكونت بيرغ، بلغ ذروته في معركة (فوررينغن). وتم القضاء على قوات أساقفة كولونيا من قبل قوات الكونت بيرغ الذي تم دعمه من قبل المواطنين والمزارعين من كولونيا ودوسلدورف، مما مهد الطريق لرفع دوسلدورف إلى منزلة مدينة، وتم إحياء ذلك اليوم من خلال نصب تذكاري في ساحة (بورغ بلاتس).

وبعد هذه المعركة تدهورت العلاقة بين المدينتين، وذلك بسبب التنافس التجاري بينهما. وكثيراً ما يقال إن هناك نوع من العداء بين المواطنين في كولونيا ودوسلدورف. واليوم، أصبح يُستخدم هذا التعبير بشكل أساسي في قالب فكاهي (خصوصاً خلال كرنفال راينلاند) وفي مجال الرياضة.

ونشأت على ضفاف نهر الراين ساحة سوق وكانت محمية بأسواء المدينة من الجهات الأربع. في عام 1380 تحولت دوسلدورف إلى عاصمة إقليمية لدوقية بيرغ. وخلال القرون اللاحقة تم بناء عدة معالم شهيرة، بما في ذلك كنيسة (سانت لامبرتوس).

وتحت قيادة (يوهان فيلهلم الثاني)، الذي حكم من عام 1690 إلى 1716، نمت دوسلدورف بشكل مثير للإعجاب في القرن الثامن عشر. وبتأثير كبير من زوجته (آنا ماريا لويزا دي ميديتشي)، أعد محبو الفن، الذين تم إيوائهم في قصر المدينة (شلوس شتادت)، معرضاً فنياً واسعاً مع مجموعة كبيرة من اللوحات والمنحوتات. وبعد وفاة يوهان فيلهلم الثاني وجدت العاصمة الملكية المزدهرة نفسها في أوقات صعبة من جديد، وخصوصاً بعد وراثة الأمير (شارلز تيودور) عرش بافاريا وانتقال المحكمة الانتخابة إلى ميونخ. وأخذ معه المجموعة الفنية التي أصبحت الآن جزءاً مما يعرف بـ (آلته بيناكوتيك). وحل الدمار والفقر بدوسلدورف بعد الحرب النابوليونية.

وجعل نابليون بيرغ دوقية كبرى ودوسلدورف عاصمة لها. وبعد هزيمة نابليون تم في عام 1815 إعطاء منطقة (راينلاند) بما في ذلك بيرغ إلى مملكة بروسيا. وفي وقت لاحق تم تأسيس برلمان مقاطعة الراين في دوسلدورف.

وبحلول منتصف القرن التاسع عشر شهدت دوسلدورف نهضة بفضل الثورة الصناعية. كما وصل عدد سكان المدينة في عام 1882 إلى 100 ألف نسمة، وتضاعف هذا الرقم في عام 1892.

وفي عام 1920 تحولت دوسلدورف إلى مركز الإضراب العام. وفي يوم 15 أبريل من نفس العام تم قتل 45 ممثلي اتحاد عمال المناجم الألماني. وخلال الحرب العالمية الثانية وتحديداً في عام 1943 تعرضت دوسلدورف للقصف الشديد الذي كان يستهدف صناعة الرور. وفي عام 1946 أصبحت دوسلدورف عاصمة الولاية الاتحادية الجديدة (نوردراين-فستفالن). وبدأت عملية إعادة إعمار المدينة بوتيرة عالية وساهم التحول الاقتصادي في نمو دوسلدورف لتصبح مدينة غنية بالصناعات التجارية والإدارية والخدمية وهو الحال الذي هي عليه اليوم.م

اقرأ أيضاً