العراقة والحداثة وجهان لمدينة هامبورغ



قام موقع ألمانيا بمقابلة بعض الزوار العرب إلى مدينة هامبورغ الألمانية للتعرف على تجربتهم فيها والأنطباع الذي تركته لديهم. خلال المقابلات تعرفنا على أحد الشباب العرب ممن أبدى إعجابه الشديد بهامبورغ وما لديها من غنى ثقافي انعكس في الحضارة وقوة الاقتصاد الذي تفخر به هذه المدينة. أكثر ما لفت انباهه هو تقدير التراث والمحافظة على الارث الذي تركه الأجداد، فأغلب أبنيتها ترتدي الطابع التاريخي في الوقت الذي تتميز بالحداثة من الداخل.
أجمل موانئ العالم

في بعض الموانئ لا يوجد أمام المرء الكثير كي يراه باستثناء مصافي النفط ورافعات الحاويات. ولذلك يفضل المرء أن يمنح نفسه فنجاناً من القهوة مع وجبة إفطار. ولكن هناك مداخل موانئ جميلة ومذهلة بشكل لافت، تزينها الرحلات البحرية، بحيث تسعد كل زائر. فسحر هذه الموانئ وعظمتها تأسر ضيوف المدينة وأهلها الذين يستيقظون طوعاً الساعة السادسة صباحاً كي يقفوا على سور مدخل الميناء في الوقت المناسب. فهي أجمل موانئ الرحلات البحرية في العالم. وهذا ما ينطبق على مدينة هامبورغ التي ترتبط دوماً بالبحارة والسفن والميناء، لاسيما وأن المياه تمثل أهم المظاهر الساحرة فيها. وعلى الرغم من وجود الكثير من المدن التي تتمتع بميناء جميل، إلا أن ميناء هامبورغ مختلف ومتفرد، لاسيما أنه يقع في قلب المدينة. فنهر الإلبه والميناء يمثلان شريانها الاقتصادي كما يضفيان على الحياة فيها جواً بحرياً فريداً من نوعه، خصوصاً مع وجود حوالي 2500 جسراً عبر شبكة القنوات المائية العريضة والصغيرة التي تتدفق بين نهر الإلبه والألستر. وكان هذا الميناء قد شهد خلال الفترة من 6 إلى 8 مايو 2011، واحدة من أهم فعاليات الميناء والمتمثلة في  الذكرى الـ 822 لعيد ميلاده، حيث شاركت السفن في مسيرة كبيرة وجرى الترحيب بها في الميناء. ومن حظى بحضور هذه الفعالية المثيرة، فإنه تمكن بلا شك من رؤية مشهد فني رائع، لاسيما عندما شرعت السفن بالدوران وكأنها ترقص باليه.
وتمثل هامبورغ بلا منازع منفذ الرحلات البحرية في ألمانيا. فميناء هامبورغ يعد من أجمل منافذ الرحلات البحرية في العالم، حيث يتميز هذا المنفذ بموقعه في قلب المدينة وعلى نهر الإلبه المذهل، مروراً بالطرف الغربي لقناة (نورد-أُست زيه)، التي تتمتع بشهرة واسعة مثلها مثل منشأة استقبال السفن الرائعة في (رندسبورغ)، ومحطة (إي إيه دي إس) في (فينكنفيردر)، التي يتم فيها التجميع الجزئي لطائرات إيرباص A380 وتجهيزها.
ولا يمكن وصف الحماس الذي تثيره الرحلات البحرية في قلوب أهل هامبورغ، وبشكل خاص فعالية (عيد ميلاد الميناء) التي تقام في شهر مايو وفعالية (أيام كروز هامبورغ) التي تقام كل سنتين في فصل الصيف، حيث تتوافد مئات السفن إلى أرصفة الميناء وتحتفل بتسيير موكب ضخم يشارك فيه دوماً عدد كبير من السفن السياحية.
وبشكل عام، تمتلك هامبورغ ثلاث محطات للرحلات البحرية (كروز تيرمنالز): محطة (هامبورغ-ألتونا)، محطة مدينة الميناء (هافن ستي) في حي (غراسبروك)، وللسفن الصغيرة هناك محطة ذات موقع مركزي تتمثل في محطة جسر (أُبرزيه بروكه)

جولات بحرية ونفحات الماضي
ويجب أن لا تفوتك إحدى الجولات المتنوعة فوق مياه بحيرة الألستر. فهناك عدّة رحلات يومياً على السفينة البخارية تبدأ عند محطة القطار (يونغفيرنشتيغ)، حيث يمكن للزائر التمتع برؤية معالم المدينة. كما يفضل القيام بجولة على الأقدام حول بحيرة الألستر لمشاهدة أجمل المواقع السكنية في هامبورغ.
وعند القيام بالجولات السياحية المائية أو زيارة إحدى السفن-المتحف الأسطورية، يمكن للزائرين التعرف عن قرب على أسباب إطلاق لقب "البوابة إلى العالم" على مدينة هامبورغ. فرائحة الحرية والبلاد البعيدة تقوح في كل زاوية ممتدة من مبنى رحلات السفن ومدينة المخازن التاريخية (شبايشر شتادت) ورصيف الميناء (لاندونغسبروكن) وحتى ميناء الحاويات الحديث.
ومن يريد أن يعيش أجواء التاريخ التجاري للمدينة، يمكنه الانطلاق من رصيف الميناء (لاندونغسبروكن) إلى مدينة المخازن التاريخية (شبايشر شتادت)، حيث تعد منازل التجار البديعة على ضفتي نهر الإلبه ومجمع (شبايشر شتادت) التاريخي الضخم شهادة على تاريخ مدينة هامبورغ الحرة الهانزية. فمدينة المخازن التاريخية التي يمتد عمرها إلى أكثر من 100 عام، ستجعلك تعيش أجواءً ذات نكهة خاصة. ويعتبر هذا المجمع التاريخي أكبر مجمع لمخازن السلع في العالم، حيث يتم هنا تخزين بضائع ذات قيمة عالية كالشاي والكاكاو والقهوة والتوابل والتبغ بالإضافة إلى العديد من المنتجات الأخرى، كما يوجد فيها أكبر مخزن للسجاد الشرقي في العالم. وخلف الحائط الضخم لمدينة المخازن يمكنك أن تتمتع بجو رومانسي بين قنوات المياه الجارية وأبنية العصر الغوطي والسطوح الموشورية والأبراج الغريبة الشكل. ويصبح المنظر أكثر رومانسيةً في ساعة الغروب.

العراقة والحداثة بوجه مستقبلي
وعلى مقربة من هذا المجمع التاريخي يُبنى واحد من أضخم المشاريع السكنية لتطوير المدن الأوروبية وأكثرها جاذبية على الإطلاق والمتمثل في (مدينة الميناء)  (هافن ستي)، إذ يغطي هذا الحي مساحة 157 هكتاراً مما سيساهم في زيادة مساحة وسط المدينة بنسبة 40%. ويعتبر هذا المشروع من المشاريع الجرئية التي تثير الفضول في نفوس زوار وضيوف المدينة، حيث سيذهلك بمبانيه ورؤيته المستقبلية كونه يعد عالماً مثالياً لحياة أجمل وعمل أفضل، بل إن الفضول دفع أهل هامبورغ أنفسهم إلى التجول على طول الشوارع الممتدة على جوانب أحواض الميناء ليشاهدوا التغييرات التي تطال شكل (مدينة الميناء) باستمرار.
ومن أروع الأعمال الهندسية لهذا المشروع تبرز قاعة الحفلات الموسيقية (إلبفيلهارموني) التي يمزج بناؤها بين العراقة والحداثة ليتماهى مع مدينة الهانزا الواقعة مباشرة على المياه. وسيلعب هذا المرفق الموسيقي دوراً مهماً ووظيفة مركزية كمعلم سياحي مسؤول عن تطوير وتسويق (مدينة الميناء)، وسيكون بمثابة علامة بارزة لمدينة هامبورغ على الصعيد الدولي.