قمة ألمانية-صينية تحت ظلال المخاوف الاقتصادية

برلين 9 تشرين أول/أكتوبر 2014 (د ب أ)- عندما يجتمع القادة السياسيون وقادة الأعمال الأوروبيون والصينيون غدا الجمعة في ألمانيا، من المحتمل أن تتركز مناقشاتهم على المخاوف من آفاق اقتصادات بلدانهم والمظاهرات المؤيدة للديمقراطية في إقليم هونج كونج التابع سياسيا للصين.

وفي حين سيترأس رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانج والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اجتماعا مشتركا لحكومتي البلدين في برلين غدا الجمعة، سيجتمع حوالي 550 رجل أعمال صيني وأوروبي في قمة اقتصادية بمدينة هامبورج الألمانية.

ومن المقرر أن يشارك لي وميركل في منتدى يعقد غدا الجمعة في برلين بهدف تعميق التعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين البلدين قبل سفر رئيس الوزراء الصيني إلى هامبورج لكي يلقي كلمة أمام مؤتمر رجال الأعمال.

ويتوقع منظمو مؤتمر "الصين تلتقي بأوروبا" في هامبورج مشاركة غير مسبوقة للشركات الصينية في الدورة السادسة لهذا المؤتمر الذي يعقد كل عامين. ويسافر لي بعد انتهاء زيارة ألمانيا إلى إيطاليا وروسيا.

في الوقت نفسه فإن الاجتماع الوزاري الصيني الألماني الثالث والمؤتمر الاقتصادي يأتيان في ظل تزايد المخاوف من تراجع الاقتصاد الأوروبي وتباطؤ النمو الاقتصادي للصين.

في الوقت نفسه يحاول المحللون رصد تأثير المظاهرات المؤيدة للديمقراطية التي اجتاحت هونج كونج والمخاوف من الطريقة التي يمكن للصين حل المشكلة بها على الاستثمار.

كان صندوق النقد الدولي قد أعلن في وقت سابق هذا الاسبوع أنه يتوقع نمو الاقتصاد الصيني خلال العام المقبل بمعدل 1ر7% وهو أقل من المعدل المسجل في العام الماضي. كما حذر الصندوق من احتمال تعرض منطقة اليورو بما فيها ألمانيا لخطر ركود جديد.

يذكر أنه منذ خمس سنوات ساعد الطلب الصيني القوي على أحدث المنتجات الألمانية مثل السيارات الفارهة والأجهزة الإلكترونية في تفوق ألمانيا على شركائها التجاريين في منطقة اليورو والخروج سريعا من موجة ركود 2009.

ومنذ ذلك الوقت أدى هدوء الطلب في الصين ومحاولات بكين لكبح جماح قطاع العقارات إلى ابتعاد الاقتصاد الصيني عن معدلات النمو التي تزيد على 10% سنويا والتي ميزت أداء الاقتصاد في سنوات الإصلاح.

وقال كارستن برزيسكي المحلل الاقتصادي في آي.إن.جي بنك إن "اقتصاد الصين اليوم ليس قويا بما يكفي لتعويض الضعف في منطقة اليورو".

ونظرا لأن ميناء هامبورج الألماني هو أكبر مستقبل للصادرات الصينية في أوروبا، فإنه يمثل أفضل مقياس لأداء التجارة بين أوروبا والتنين الآسيوي حيث ترتبط مدينة هامبورج بالصين منذ بدايات القرن الثامن عشر.

وساعد ذلك في جعل هامبورج ما يطلق عليه مجتمع الاقتصاد والتجارة المزدهر للصين "هانباو" أو "القلعة الصينية".

وزادت حركة تجارة الحاويات على الطريق البحري بين هامبورج والصين خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 9ر12% عن الفترة نفسها من العام الماضي ليصبح ميناء هامبورج هو أكبر شريك تجاري لآسيا.

ولكن سلطات الميناء الألماني اضطرت إلى البحث عن شراكات تجارية جديدة مع الاقتصادات الصاعدة بسرعة في منطقة بحر البلطيق مع تراجع أداء الاقتصاد الصيني خلال السنوات القليلة الماضية.

ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة في ألمانيا الشهر الماضي تراجعت صادرات الصين إلى ميناء هامبورج في آب/أغسطس الماضي بشدة مقارنة بالشهر السابق، في حين تراجعت واردات الصين بنسبة 3% خلال الفترة نفسها.

وقد تلقت طموحات مدينة هامبورج في زيادة التجارة مع الصين انتكاسة عندما قررت إحدى المحاكم الألمانية تأجيل اصدار قرار نهائى بشأن مشروع تعميق القنوات الملاحية في الميناء بما يتيح له استقبال أحدث أجيال سفن نقل الحاويات.

ورغم محاولات القادة السياسيين الأوروبيين بما في ذلك المستشارة الألمانية ميركل إثارة ملف حقوق الإنسان في الصين من وقت إلى آخر، فإن الصين مازالت حتى الآن تتمتع بعلاقات اقتصادية جيدة مع أوروبا وألمانيا بشكل خاص.

يقول هربرت دايتر المحلل في المعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية إن العلاقات الصينية الأوروبية هي "علاقات تجارية في الأساس".

ويقول برزيسكي إن المشكلات قد تظهر في المستقبل عندما تكتسب الإصلاحات الاقتصادية في الصين قوة دفع وترتفع تكاليف العمالة هناك حيث لن تظل الصين هي المكان الرخيص لممارسة النشاط الاقتصادي.

ويرى المحللون انه إذا أضر ارتفاع تكاليف العمالة بجاذبية الصين للاستثمار، فإن قادة أوروبا قد يبدون قدرا أكبر من الاهتمام بالأوضاع السياسية والحقوقية في الصين وقد يضغطون على بكين من أجل تبني نوع من الإصلاحات السياسية التي يطالب بها المحتجون في هونج كونج.

في الوقت نفسه فإن الصين لا تخفي رغبتها في إنتاج منتجات عالية الجودة تستطيع منافسة المنتجات الأوروبية، وهو ما يعني أن الصين قد تتحول في نهاية المطاف من شريك تجاري لألمانيا والدول الصناعية الأخرى إلى منافس عالمي لها.

 

من أندرو ماكاثي