حاضرة نهر الإلبه

هامبورغ.. مدينة مثيرة تنبض على وقع أنغام الموسيقى

تعود التقاليد الثقافية في هامبورغ إلى العصور الوسطى. فقد ترك الشعراء والموسيقيون المشهورون آثارهم في تاريخ ثقافة هامبورغ الطويل. وتعتبر هامبورغ من أكبر المدن العالمية للعروض المسرحيات الغنائية الموسيقية في العالم. كما لا ننسى أن فرقة الـ (بيتلز) احتقلت ببداية نجاحها في هامبورغ. واليوم يكتشف المرء في شارع ريبيربان نوعيات جيدة لاسيما مع التحول الكبير الذي جرى هنا، فبعد أن كان هذا الحي مكاناً للمتعة، تكوّنت فيه اليوم ثقافة بديلة.


تزخر هامبورغ بأماكن ومرافق الترفيه والتسلية والحياة الليلية التي يطغى عليها الطابع الثقافي، فالملاهي الليلية الصغيرة والملاهي البحرية تعرض الاتجاهات الجديدة التي يقدمها الموسيقيون والفنانون والموهبون في مواقع متغيرة.  ولدى هامبورغ سمعة كبيرة باعتبارها العاصمة الموسيقية لألمانيا. فقد شهدت الكثير من العروض الناجحة مثل (كاتس) و(ماما ميا). أما عروض (الأسد الملك) فما تزال تُعرض على خشبة المسرح كل ليلة تقريباً.
وبالنسبة لمحبي الموسيقى الحية فيمكنهم إيجاد مجموعة واسعة من العروض المتنوعة جداً، حيث تنتشر النوادي الثقافية في أحياء مثل (كارولينن فيرتل) و(شانتس).
وتشهد هامبورغ مهرجانات دولية شهيرة، كمهرجان موسيقى الجاز (إلب جاز) الذي يقام في ميناء هامبورغ وتمتد فعالياته لتصل إلى مدينة المرفأ (هافن سيتي)، التي تمثل بدورها نموذجاً مستداماً للمشاريع وتضم أروع الأعمال الهندسية كالقاعة الجديدة للحفلات الموسيقية (إلب فيلهارموني) التي ستصبح السمة المميزة الجديدة لمدينة هامبورغ.
أما عشاق الموسيقى الكلاسيكية، فلا ينبغي عليهم تفويت زيارة أحد عروض دار (أوبرا هامبورغ) أو (باليه هامبورغ). كما تُعرض الفنون الجميلة في أكثر من 40 مسرحاً و70 متحفاً بحيث تجعل من هامبورغ واحدة من المدن الثقافية الرائدة في ألمانيا.
ويستطيع الزائر الاحتفال حتى الساعات الأولى من الصباح في أحياء مثل حي (سانت جورح) و(سانت باولي) الذي يطلق عليه أيضاً (كيتس)، وكذلك على ضفاف نهر الإلبه، حيث يتمتع بجو يماثل محيط البحر المتوسط ولكن في قلب المدينة.
وفي الفترة الأخيرة، تطور شارع (ريبيربان) الشهير المتواجد في حي (سانت باولي) ليصبح أحد أحياء التسلية الجذابة التي تقدم الكثير من وسائل الترفيه. ويشتهر عدد من الملاهي الليلية في الحي منذ أعوام بسمعة عالمية ومنها نادي (ستار) ونادي (غولدن بوديل) الذي يستمد شهرته من فرقة البيتلز، وغيره من الملاهي.
وهذه النخبة من فرص الترفيه تتوج العروض الموسيقية والمسرحية الحديثة. أما مشروع تجديد منطقة (شبيل بودن بلاتس)، فسوف يجعل حي (كيتز) أكثر جاذبية ويخلق مساحة إضافية للعروض المسرحية في الهواء الطلق.
وفي فترات عيد الميلاد، يشهد حي (سانت باولي) واحداً من أسواق عيد الميلاد الفريدة من نوعها، حيث تجد فيه الأجواء الكلاسيكية لعيد الميلاد وفي نفس الوقت النمط الترفيهي الذي يتميز به هذا الحي، بالإضافة أيضاً إلى أفكار غير تقليدية لهدايا عيد الميلاد. ولكونه يتواجد في موقع مميز في شارع (ريبيربان) الشهير، فإن أوقات عمل السوق تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل. ويقدم هذا السوق الهانزي الجميل، إلى جانب أكشاك عيد الميلاد التقليدية، عروضاً مسرحية مع برنامج موسيقي مباشر يومياً. ومن خلال معرض فني في الهواء الطلق وبرنامج للأطفال أيام الأحد يعيش الكبار والصغار على حد سواء أجواء المتعة والترفيه.
ومن المعروف عن شارع (ريبيربان) أنه مكان يمنح الزوار دوماً فرصة اكتشاف نوعيات جيدة من المطاعم والمقاهي والملاهي ونوادي الموسيقى الحية، حيث يضمن مشاهد فنية وثقافية حية، لاسيما مع التحول الكبير الذي طاله. فبعد أن كان هذا الحي مكاناً للمتعة، تكوّنت فيه اليوم ثقافة بديلة، وبات يزخر بالفن والموسيقى والثقافة وعروض المسرحيات الغنائية الموسيقية (الميوزيكال) التي وجدت مسارح لها فيه. كما يمكنك التعرف هنا أيضاً على المكان الذي احتفلت فيه فرقة البيتلز الشهيرة بنجاحاتها الأولى.
وتمتد أجواء الموسيقى إلى سوق السمك، الذي لا تكتمل زيارة هامبورغ بدونه، إذ تسير الحشود صباح أيام الآحاد في الممرات الضيقة حيث تباع كافة أنواع المأكولات والفواكه والسلع بأسعار رخيصة. ويمكن الحصول على شتّى البضائع تحت سقف قاعة المزاد العلني التي يبلغ عمرها 100 عام ويرتبط اسمها بالسمك تاريخياً. ومن التجارب الرائعة للذين يستيقظون باكراً هو تناول الفطور في هذه القاعة التاريخية على أنغام الموسيقى.
وفي هامبورغ تجد دوماً مناسبة للاحتفال، حيث تقام في هذه المدينة احتفالات ومهرجانات تقليدية كثيرة ومنها الاحتفال بتأسيس الميناء البحري، حيث يحتفل مئات الآلاف من المواطنين والزوار الأجانب كل عام بحصول المدينة على امتياز الميناء البحري عام 1189 عندما أرسى القيصر بارباروسا حجر أساس ارتقاء المدينة الصغيرة إلى مدينة حضارية.  ويمثل ميناء هامبورغ نبض المدينة، ليس فقط لكونه بوابة تجارية عالمية مهمة جداً، بل أيضاً باعتباره مسرحاً بحرياً مفتوحاً أمام الجميع ومركزاً للفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية والترفيهية. ففي مهرجان أيام كروز هامبورغ تغمر الأعمال الفنية الضوئية حاضرة الإلبه في لون البحارة، وذلك من خلال عرض (بلو بورت) أي (الميناء الأزرق)، حيث يحتفل مئات الآلاف من الزوار بسفن الأحلام التي تزين ليالي هامبورغ أثناء هذا الحدث المتفرد، لتشعل ضفاف نهر الإلبه بالحفلات الموسيقية وأجواء الفرح وببرنامج ترفيهي وفني تمتد فعالياته على طول الواجهة البحرية.
أما الألعاب النارية ذات الألوان المبهرة التي تقام أثناء الاحتفال بأزهار شجر الكرز على ضفاف وادي الألستر الخارجي، فتعتبر عن شكر شعب اليابان على حسن ضيافة منطقة الهانزا.
وبشكل عام، تزخر هامبورغ بمطاعم الذواقة، حيث تضم 11 مطعماً حاصلاً على نجوم ميشلان. ولكن، يبقى للطعام المحلي نكهته الخاصة فهو يتمتع بمذاق لذيذ ويمكن إيجاده في العديد من المطاعم التقليدية وخصوصاً على طول الأرصفة النهرية لاسيما عند جسر (لاندونغسبروكن). وهنا أيضاً في (الحي البرتغالي) هناك عدد لا يُحصى من المطاعم التي تقدم أفضل المأكولات البحرية. كما تكتمل قائمة الطعام المتنوع الثقافات، التي تضم مأكولات من كافة أنحاء العالم، من خلال المطاعم "الحلال" التي توفرها هامبورغ.