الهيئة الفنية الألمانية لمراقبة الجودة

التوجيه عبر الكابل .. أحدث تقنيات عالم السيارات

(د ب أ) - يشهد عالم السيارات حالياً ظهور العديد من التقنيات المتطورة التي تهدف إلى رفع مستوى الأمان والراحة أثناء القيادة، مثل تقنية التوجيه عبر الكابل Steer-by-Wire، التي تجيب على التساؤل: ماذا يحدث إذا لم يَعد بالإمكان توجيه السيارة عن طريق الوصلات الميكانيكية الموجودة بين المقود والعجلات، وأن يتم نقل أوامر التوجيه عن طريق كابل البيانات فقط؟.

 

وأوضحت الهيئة الفنية الألمانية لمراقبة الجودة (TÜV Nord) بمدينة هانوفر، أنه لا يزال يتم توجيه العجلات عن طريق الوصلة الميكانيكية، كما كان الحال في البدايات الأولى لتصنيع السيارات، على الرغم من أن آلية مؤازرة التوجيه أصبحت تدخل حالياً ضمن باقة التجهيزات القياسية حتى في السيارات الصغيرة.

 

وتعمل هذه التقنية على توفير الدعم والمساندة للسائق أثناء القيام بحركات التوجيه، ولا تزال هذه التقنية تعتمد على الوصلات الهيدروليكية في كثير من الأحيان. وتأتي سيارات الفئة الفاخرة في الوقت الراهن مزودة بآلية إلكترونية لمؤازرة التوجيه، حيث تقوم بهذه المهمة محركات كهربائية صغيرة لا يتم تشغيلها إلا عندما يحتاج السائق إلى الدعم والمؤازرة أثناء توجيه السيارة.

 

ريادة إنفينيتي

ولكن فصل الصيف الجاري سيشهد ظهور تقنية رائدة مع إطلاق سيارة إنفينيتي Q50 الجديدة، التي سيتم طرحها في البداية بأسواق الولايات المتحدة الأمريكية. وتروج الشركة اليابانية لسيارة الصالون الجديدة من الفئة المتوسطة أنها تعتبر أول سيارة قياسية على مستوى العالم تأتي مزودة بنظام توجيه إلكتروني كامل.

 

وتؤكد الشركة التابعة لمجموعة نيسان اليابانية على أنه يتم تنفيذ أوامر التوجيه عن طريق الأنظمة الإلكترونية بصورة أسرع من الوصلات الميكانيكية. وتقول ميشيلا بوتسيك، المتحدثة الإعلامية باسم شركة إنفينيتي، :"إن تقنية التوجيه عبر الكابل Steer-by-Wire الجديدة تنقل شعور بأن التوجيه مباشر للغاية". بالإضافة إلى أن هذه التقنية الجديدة تتيح إمكانية ضبط مؤازرة قوة التوجيه ونسبة التوجيه وفقاً للرغبات والمتطلبات الشخصية.

 

وتؤكد بيتينا أبندروت، من الجامعة التقنية بمدينة دارمشتات الألمانية، على مزايا تقنية التوجيه عبر الكابل بقولها :"يمكن تحديد مقدار القوى مع عمليات التوجيه الإلكترونية الكاملة بكل حرية". ويلتقط البروفيسور هرمان فينر، البروفيسور بقسم هندسة السيارات، طرف الحديث ويوضح أنه يمكن التأثير على الشعور بالتوجيه والقيادة، الذي ينتقل إلى السائق عن طريق المقود، بغض النظر عن ظروف الطريق.

 

وبالإضافة إلى ذلك يؤكد فينر أن تقنية التوجيه عبر الكابل تعمل على خفض الاهتزازات في المقود. ولكن آلية مؤازرة التوجيه الإلكترونية توفر من حيث المبدأ دعماً لقوة التوجيه تبعاً لسرعة السير. وأضافت الهيئة الفنية الألمانية لمراقبة الجودة (TÜV Nord) أنه يمكن توصيل أنظمة مساعدة السائق، مثل مساعد الحفاظ على المسار أو نظام المساعدة على صف السيارة، بآلية مؤازرة التوجيه بالفعل.

 

مزايا متعددة

وأوضح البروفيسور الألماني إحدى مزايا تقنية التوجيه عبر الكابل، قائلاً :"يمكن تحسين خصائص السير في خط مستقيم عن طريق الكاميرات". بالإضافة إلى أن تقنية التوجيه الإلكتروني الكامل تعتبر من التقنيات الموفرة في المساحة. وأضاف أوليفر شتروباخ، المتحدث الإعلامي باسم شركة أودي الألمانية، أن هذه التقنية المتطورة تتيح حرية تصميم مقصورة السيارة من جديد، فمن المتصور مثلاً ظهور مقود قابل للطي.

 

ولا تزال هناك ثمة تحديات تواجه الخبراء في تطوير تقنية التوجيه عبر الكابل، وهذه المشكلات لا تزال موجودة بالفعل في آلية مؤازرة التوجيه الإلكترونية، التي غالباً ما يُنظر إليها على أنها شعور صناعي أو مصطنع أثناء التوجيه. ولكن مع تقنية التوجيه الإلكتروني الكامل يلاحظ السائق أنه لم يَعد هناك اتصال مباشر بينه وبين الطريق. ويقول البروفيسور الألماني هرمان فينر :"من المهام النبيلة والمكلفة للغاية أن يتمتع السائق بشعور توجيه حقيقي أثناء القيادة".

 

وعلى الرغم من ظهور تقنية التوجيه عبر الكابل Steer-by-Wire بسيارة إنفينيتي لأول مرة في الأسواق، إلا أنها لا تعتبر من الابتكارات التقنية الحديثة، حيث قدمت شركة مرسيدس خلال عام 2003 سيارة الأبحاث F 500 Mind مع تجهيزها بنظام توجيه إلكتروني كامل وامتازت بمقود بيضاوي يشبه مقود الطائرات، وكانت تقنية التوجيه عبر الكابل Steer-by-Wire تدخل ضمن باقة التجهيزات القياسية بهذه السيارة. كما قدمت شركة أودي سيارتها A2 Concept الاختبارية خلال عام 2011، التي كانت تمتاز بعدم وجود وصلات ميكانيكية بين مقصورة القيادة وحيز المحرك.

 

لوائح وتشريعات

وتشترط اللوائح والتشريعات القانونية في السيارات التي يتم إنتاجها بأعداد كبيرة أن يتحكم السائق في جميع الأنظمة المساعدة، بما في ذلك نظام التوجيه الإلكتروني الكامل، بشكل ميكانيكي. ولذلك يتعين على شركة إنفينيتي تركيب قابض في سيارتها Q50 الجديدة، لغرض إنشاء وصلة ميكانيكية بين المقود والعجلات لاستخدامها في حالات الطوارئ.

 

ويخفف البروفيسور الألماني هرمان فينر من حدة المخاوف المحتملة بشأن تقنية كابل البيانات، ويقول :"تمتاز تقنية التوجيه عبر الكابل Steer-by-Wire بأنها أكثر أمناً من الوصلات الميكانيكية". ولكنه يشك في قدرة هذه التقنية على تحقيق نجاح كبير في عالم السيارات، ويؤكد على أن هذه التقنية لا تزال مكلفة للغاية.