أطباء

الروماتيزم .. له أكثر من 100 وجه

(د ب أ) - يعتقد الكثير من الأشخاص بأن الروماتيزم يقتصر على الإصابة بالتهاب المفاصل فحسب. ولكن في واقع الأمر يتجاوز تعريف الروماتيزم هذا المفهوم المحدود؛ حيث يطل الروماتيزم بأكثر من 100 وجه.

 

وأوضح البروفيسور ماتياس شنايدر، رئيس الجمعية الألمانية لطب الروماتيزم بالعاصمة برلين، تعريف منظمة الصحة العالمية للأمراض الروماتيزمية، بقوله :"تشتمل هذه الأمراض على جميع الآلام التي تُصيب الجهاز الحركي ويُمكن توصيفها أنها آلام مزمنة".

 

أربعة أنواع

ويلتقط اختصاصي الأمراض الروماتيزمية الألماني إدموند إدلمان طرف الحديث، موضحاً أنه تم تقسيم الأمراض الروماتيزمية إلى أربع مجموعات رئيسية وفقاً لصورها المرضية، أولاً: الأمراض التنكسية التي تُصيب المفاصل والعمود الفقري، ثانياً: الالتهابات الروماتيزمية، ثالثاً: روماتيزم العضلات والألياف المعروف أيضاً باسم (الروماتيزم اللامفصلي) وأخيراً الأمراض الاستقلابية المصحوبة بمتاعب روماتيزمية.

 

وأردف إدلمان، عضو الرابطة الألمانية لأطباء الأمراض الروماتيزمية بمدينة باد آيبلينغ، قائلاً :"تُعد الأمراض التنكسية أكثر هذه المجموعات شيوعاً".

 

وأوضحت البروفيسور إيريكا غرومنيكا إيله، عضو الرابطة الألمانية للأمراض الروماتيزمية بمدينة بون، أن الفُصال العظمي يُمثل أكثر الأشكال الشائعة للأمراض التنكسية، مع العلم بأنه يُصيب مفصلي الورك والركبة بشكل خاص.

 

وتشرح غرومنيكا إيله أنه عند الإصابة بهذا المرض لا يتم إمداد الغضاريف، التي تُعد بمثابة وسيلة لامتصاص الصدمات بالنسبة للمفاصل، بالدم، ما يؤدي إلى توقف نموها وإصابتها بظواهر تآكل، لدرجة أنها قد تفقد قدرتها على تأدية وظيفتها في امتصاص الصدمات في وقت ما؛ ومن ثمّ يشعر المريض بآلام في المفاصل، لاسيما إذا ما قام بالتحميل عليها.

 

وللوقاية من الفُصال العظمي، تنصح طبيبة أمراض الروماتيزم غرومنيكا إيله قائلة :"يُمثل تجنب التحميل الخاطئ أو الشديد على المفاصل مع الالتزام بتحريكها بصورة مستمرة الوسيلة الأولى للوقاية من الإصابة بالفُصال العظمي".

 

ويلتقط الطبيب الألماني إدلمان طرف الحديث، موضحاً أن النوع الثاني من الأمراض الروماتيزمية - وهو الالتهابات الروماتيزمية - يصيب المفاصل أيضاً، لافتاً إلى أن مرض التهاب المفاصل الروماتيدي المعروف أيضاً باسم (التهاب المفاصل المتعدد المزمن)، والذي يُمثل أكثر الأمراض شيوعاً في هذه المجموعة، يُعد أكبر مثالاً على ذلك.

 

وأردف إدلمان أن أعراض الإصابة بهذا المرض تظهر في إصابة العديد من المفاصل بالتورم لعدة أسابيع، مضيفاً :"يُصاب المرضى أيضاً ببعض الآلام وهم في حالة سكون أي دون أن يتحركوا أو يقوموا بالتحميل على أجسادهم خلال النصف الثاني من الليل أو الصباح الباكر. وغالباً ما تكون مصحوبة بالشعور بتصلب في المفاصل يستمر لفترات طويلة".

 

أما عن مرض التهاب المفاصل الفقارية سلبية المصل، الذي يُعد ثاني أكثر أمراض مجموعة الالتهابات الروماتيزمية شيوعاً، أوضح إدلمان أنه لا يُصيب المفاصل فقط، إنما يُمكن أن يُصيب العمود الفقري أيضاً، مع العلم بأن التهاب الفقرات التصلبي المعروف طبياً باسم "مرض بيشتريف" يُمثل أكثر الصور المرضية شيوعاً له. بينما تقل معدلات الإصابة بالالتهابات الروماتيزمية للنسيج الضام والتهابات الأوعية الدموية.

 

أما عن المجموعة الثالثة من الأمراض الروماتيزمية وهي (الروماتيزم اللامفصلي)، أوضحت البروفيسور غرومنيكا إيله أنه عند الإصابة بهذا النوع من الأمراض الروماتيزمية يحدث خلل في وظيفة العضلات أو الأوتار أو الأربطة، لكن ليس بالضرورة أن يستمر ذلك، لافتةً إلى أن الإصابة بالتهابات زليل الوتر والتهابات الكيس الزلالي تُمثل أمثلة للصور المرضية في هذه المجموعة من الأمراض الروماتيزمية.

 

وأشارت طبيبة الأمراض الروماتيزمية إلى أن الإصابة بـ "متلازمة فيبروميالغيا"، التي يصعب تعريفها حتى الآن والمصحوبة بآلام مزمنة في أجزاء متعددة من الجسم وكذلك باضطرابات في النوم وبشعور شديد بالتعب، تُمثل الشكل الأكثر انتشاراً في هذه المجموعة، لافتةً بقولها :"لا توجد نتائج معملية حتى الآن تُقدم توضيحاً لخصائص هذا المرض، كذلك لا توجد أدوية لعلاجه".

 

وبالنسبة للمجموعة الرابعة من الأمراض الروماتيزمية، أوضحت الطبيبة الألمانية أنه يندرج من بينها العواقب الناتجة عن الأمراض، لاسيما الأمراض الاستقلابية التي لا تُصيب الجهاز الحركي ذاته. وتظهر الصور المرضية لهذه المجموعة في الإصابة مثلاً بآلام شديدة في الظهر أو فقدان كثافة العظام عند الإصابة بهشاشة العظام أو تراكم بلورات حمض اليوريك وما يعقبه من التهابات عند الإصابة بالنقرس.

 

تقليل الأضرار

وأكد الطبيب الألماني شنايدر أن جميع الأمراض الروماتيزمية، باستثناء بعض أشكال الروماتيزم اللامفصلي، يسري عليها القاعدة التالية: "لا يمكن إصلاح الأضرار التي لحقت بالفعل بالمفاصل. ولكن يُمكن فقط الحد من حدوث أضرار أخرى من خلال التشخيص المبكر للحالة".

 

وشددّ الطبيب الألماني على أهمية الخضوع لفحص لدى الطبيب بأقصى سرعة ممكنة بمجرد الشعور بالألم، مؤكداً :"من الأفضل الذهاب لطبيب عام أولاً؛ حيث يُمكنه تشخيص الحالة وتحويل المريض إلى الطبيب المختص، مع العلم بأن حالات الإصابة بالأمراض التنكسية تندرج ضمن اختصاصات جراح العظام، بينما يختص طبيب الأمراض الروماتيزمية بعلاج جميع الأشكال المرضية الأخرى.

 

وأردف شنايدر أنه عادةً ما يذهب المرضى لاستشارة الطبيب في وقت متأخر للغاية، حيث لاحظ أن نصف مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي فقط يأتون لاستشارته خلال الستة أشهر الأولى من إصابتهم بالمرض، موضحاً :"يرجع ذلك إلى اعتقاد الكثير من المرضى أن شعورهم بالألم سيتراجع من تلقاء نفسه أو إلى عدم تقديرهم للمدة الزمنية الحقيقية لإصابتهم بالألم؛ حيث عادةً لا يبدأ الشعور بالألم بشكل قوي وعنيف، إنما يتسلل للمريض بشكل تدريجي".

 

وتُعد استشارة الطبيب العام وسيلة لتجنب الكثير من المخاطر وإلحاق أضرار أخرى بالجسم، خاصةً لأنه غالباً لا يُمكن تحديد موعد قريب مع الطبيب المختص، وذلك وفقاً لما لاحظته البروفيسور غرومنيكا إيله.

 

العلاج النفسي

وعن النواحي النفسية للمصابين بالأمراض الروماتيزمية، أوضح الطبيب الألماني شنايدر :"عادةً لا يُفضل المرضى التحدث عن مرضهم. وبالطبع يتسبب ذلك في تعرضهم لعواقب وخيمة؛ فإذا واصل عامل البناء المصاب مثلاً بالتهابات المفاصل تأدية مهام عمله، سيؤدي ذلك حينئذٍ إلى التأثير بالسلب عليه ولن يُمكنه بالطبع مواصلة عمله على الدوام".

 

ومن هنا أكدّ شنايدر أن الخضوع لعلاج نفسي بشكل مكمل للعلاج الطبي يُمكن أن يُساعد المريض على التعامل مع طبيعة مرضه والمتاعب الناتجة عنه.