معارض الكتب في ألمانيا.. أكثر من مجرد صالات لعرض المطبوعات

يشتهر الشعب الألماني بمختلف فئاته العمرية والثقافية بحبه الشغوف للقراءة بمختلف أنواعها. فهو يطالع أنواعاً مختلفة من الكتب سواء الروايات أو القصص البوليسية أو الاجتماعية، فإن دخلت أي حافلة ركاب أو قطار فترى الأغلبية يطالعون الكتب بشغف ويكادون ينسون ما يجري حولهم.

 

تعتبر ألمانيا بلد الكتاب والأدباء والشعراء وتشتهر بمعارض الكتب التي تُقام على أرضها في أوقات مختلفة من السنة وأشهرها معرض فرانكفورت للكتاب الذي يُقام في أكتوبر من كل عام ومعرض لايبزيغ الذي يقام في شهر مارس.

يُعتبر معرض فرانكفورت عرساً ثقافياً للكتاب والأدب وهو من أشهر معارض الكتاب عالمياً وأهمها. وهو لا شك الأكبر في ألمانيا من حيث المساحة وعدد المشاركين الذين يُعتبرون من رواد دور النشر في العالم. كما يُعتبر معرض فرانكفورت للكتاب ملتقى للثقافات العالمية ومنبراً للحورات الثقافية حيث تُعقد على هامشه العديد من اللقاءات مع مختلف الأدباء والكتاب. وتنظم إدارة المعرض بالتنسيق مع دور النشر المشاركة حلقات حوارية وتستضيف أحد الكتاب للقراءة من كتابه ومناقشته. كما يستضيف معرض فرانكفورت كل عام دولة مختلفة تحل عليه كضيف شرف لنشر آدابها والتعريف بثقافتها. وقد حلت الدول العربية ضيفاً عليه في عام 2004 وكانت فرصة رائعة لنشر الثقافة العربية والتعريف عنها في وقت كانت غمامة سوداء تمر فوق العالم العربي.

يعود تاريخ معرض فرانكفورت للكتاب إلى حوالي 500 عاماً ورغم "نعومة أظافره" في قائمة المعارض العالمية للكتاب، إلا أنه استطاع التربع على رأسها. وتتنافس دور النشر والناشرين على المساهمة به للتعريف بمنتجاتهم وترويجها، حيث يُعتبر الوجهة الأولى للعاملين في هذا المجال. وبدأ معرض فرانكفورت للكتاب خطواته الأولى في القرن الخامس عشر، حيث كان معرضاً لإنتاج رائد طباعة الكتب الألماني، يوهانس غوتنبيرغ. وفي منتصف القرن السادس عشر فقد معرض فرانكفورت أهميته وتفوق عليه معرض لايبزيغ لأسباب سياسية واجتماعية.

وبعد انقسام ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية عاد للمعرض مجده وتطور باستمرار ليصل عدد الكتب المعروضة إلى ما يزيد عن 400 ألف كتاباً وأصبحت مساحته 172 ألف متر مربع موزعة على خمس صالات عرض كبيرة، كل منها مقسم إلى 13 قاعة. ووصل عدد زواره في العام المنصرم إلى حوالي 300 ألف زائر.

وفي إطار معرض فرانكفورت للكتاب يتم توزيع جوائز أدبية عديدة منها جائزة السلام التي تقدمها الرابطة الألمانية لبائعي الكتب وجائزة أفضل كتاب شبابي ألماني وجائزة أفضل كتاب ألماني ومنذ 2007 جائزة أفضل كتاب اقتصادي ألماني.

بيد أن معرض فرانكفورت للكتاب يلاقي منافسة من معرض لايبزيغ للكتاب الذي لا يقل عنه أهمية. رغم تربع معرض فرانكفورت على عرش المعارض دولياً وعالمياً، إلا أن معرض لايبزيغ للكتاب يستقطب الكثير من الزوار لا سيما الشباب والعائلات. ويشكل معرض لايبزيغ أهمية كبرى للعائلات الألمانية حيث تهتم بزيارته مع أطفالها لما ينظمه المعرض من نشاطات ثقافية تجذب الأطفال وتشجعهم على القراءة. ويركز معرض لايبزيغ على الكتاب الألماني والاصدارات المحلية غالباً. وتشارك في المعرض حوالي 44 دولة ويصل عدد زواره إلى ما يقارب 165 ألف زائر.

ويعود تاريخ معرض لايزيغ للكتاب إلى القرن السابع عشر حيث فاق عدد زواره معرض فرانكفورت للكتاب، لا سيما في القرن الثامن عشر. وبقي متربعاً على عرش المعارض إلى تاريخ انقسام ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث توجهت الأنظار إلى معرض فرانكفورت ليشهد انتعاشاً ورواداً لا مثيل له. بيد أن معرض لايبزيغ بقي يحتل مكانة مهمة في ألمانيا الشرقية ويستقطب الكتاب والأدباء من الشرق والغرب.

ويُعتبر معرض لايبزيغ اليوم مكاناً يلتقي به الكاتب مع جمهوره ويقدم المعرض إلى جانب المحاضرات والقراءات برنامجاً موسيقياً للشباب والعائلات. ولا يخلو معرض لايبزيغ من الجوائز حيث يقدم جائزة "معرض لايبزيغ" وجائزة التفاهم الأوروبي.

وتجدر الإشارة إلى أن الدول العربية تهتم بالمشاركة في المعرضين وتتركز مشاركتها على معرض فرانكفورت حيث تتميز أجنحتها بمساحتها الكبيرة وزخرفتها العربية الأصيلة، مما يلفت أنظار الزوار ويجعلها مميزة في المعرض.