بادن-بادن.. عندما يتحول المساء إلى حفلات موسيقية كلاسيكية وعصرية

ساهم كل من كلارا شومان، بولين فياردو، يوهانس برامز، فرانتس ليسزت وغيرهم من المؤلفين الموسيقيين الكبار في جعل بادن-بادن مهداً لصالون ثقافي. واليوم لم يعد فقط هذا الصالون الثقافي، هو الذي يتحول فيه المساء إلى حدث، بل مجموعة واسعة من الخيارات: المهرجانات، المسارح، الحفلات الموسيقية، الكازينوهات، الأمسيات الأدبية، فعاليات الرقص، التجمعات الفنية الخاصة، حفلات أفنية القلاع ومنصات الفنون الصغيرة. ومن يبحث عن الحميمية والقرب سيجدها بالطبع في الكثير من المسارح الصغيرة. وتلاقي التجمعات الفنية الخاصة والمعارض، كالتي تُعقد في صالة الفنون الوطنية، شعبية كبيرة في المساء أيضاً. وسواء كنت تعشق الفالس أو الجاز فإن المتعة في بادن-بادن تجمع الكلاسيكي والحديث.

 

للتعرف على الأجواء الموسيقية والمسرحية في بادن-بادن، ننصحك بزيارة  "فستشبيل هاوس"، التي تعد ثاني أكبر صالة للأوبرا وللمسرحيات الموسيقية في أوروبا. وتتميز هذه الصالة، التي تم افتتاحها عام 1998، بتقنيات هندسة الصوت المتطورة التي تضفي المتعة والإثارة على المسرحيات الموسيقية والعروض الفنية التي يقدمها أهم الفنانين العالميين، حيث يتردد العديد من الفنانين الكلاسيكيين إلى صالة "فستشبيل هاوس" أمثال "آن صوفي موتر"، "دانيال بارينبويم"، "كانت ناغانو"، "بالاسيدو دومينغو"، "جايمس ليفاين"، "توماس هامبسون" وغيرهم كثيرون. وفي هذه الصالة تتلاقى أنواع الهندسة التي تنتمي لحقبات تاريخية مختلفة، فالواجهة الخارجية التي كانت في السابق المدخل الرئيسي لمحطة قطار سكك الحديد، تتمتع بالهندسة الكلاسيكية الحديثة، وتقودك بدورها إلى صالة الحفلات العصرية، التي استبدلت هندستها من الهندسة التي راجت منذ أكثر من مئة عام، إلى أساليب الهندسة الحديثة المعروفة في يومنا هذا. وتتسع قاعة الاستماع لحوالي 2500 مقعد. وعلى الرغم من عمرها الزمني القصير، إلا أنها تحظى بشهرة عالمية في مجال تقنيات هندسة الصوت المتطورة.

وكل عام، يكون عشاق الموسيقى على موعد مع العروض الموسيقية التي تشمل أروع المقطوعات الموسيقية التي تقدمها فرق الأوركسترا العالمية، وعروض الأوبرا التي تؤنس القلب والروح، إلى جانب الحفلات الموسيقية التي تقدمها فرق شهيرة. لذ،  فيمكنك هنا أن تستمتع بأحلى المسرحيات والعروض الموسيقية وأنت جالس على مقعدك.

وبالانتقال إلى مسرح بادن-بادن، سوف تطالعك الهندسة الرائعة في كل زاوية من زواياه، حيث يشبّه كثيرون واجهة المسرح الخارجية بدار الأوبرا في باريس، أما في الداخل فسوف تستقبلكم العروض الفنية التي تضرم من جديد اللقب الذي حملته بادن-بادن في السابق: "عاصمة المصايف الأوروبية". وقد وضعت إدارة المسرح برامج متنوعة لمسرحيات وأعمال فنية لتتماشى في كل موسم مع الأذواق المختلفة لمحبي المسرح.

أما عند زيارتك "منزل برامز"، فستتمكن من دخول الغرفة الزرقاء التي كان يمضي فيها الموسيقار "يوهانس برامز" معظم أوقاته، حيث ستنقلك الأجواء الحلوة إلى الماضي خلال لحظات قليلة. وفي هذا المنزل المعروف بإسم "ليشتنتال" رقم 8، ستشعر بروح الخلق والإبداع، وستسر بكل لحظة فيه. فهنا أمضى "برامز" فصل الصيف بين عامي 1865-1874  وكتب بعض من مقطوعاته الموسيقية العالمية. كما تنظم جمعية "برامز كل سنتين، أيام تعرف بـ"برامز دايز" وتشمل سلسلة من العروض الفنية والمهرجانات الثقافية التي تقام في صالات المهرجانات في بادن-بادن وتملأ سمائها بمعزوفات عذبة.

ولا تقتصر إقامة الفعاليات والحفلات الموسيقية على المسارح، بل تمتد إلى أماكن أخرى. فمثلاً يعتبر مضمار "إيفتسهايم" لسباق الخيل بأجواءه الرائعة، المكان المثالي للتسلية ولإقامة المناسبات السعيدة والحفلات الموسيقية وغيرها من النشاطات الترفيهية. ومن المؤكد أن أي احتفال ستقيمه هنا سيكون ذكرى لا يمكن نسيانها سواء من قبلك أو من قبل ضيوفك.