تعد ألمانيا موقع أعمال عالمي مفضل. فالشركات الكبيرة والصغيرة ناجحة هنا، وذلك بفضل مناخ الأعمال المواتي. ومع وجود بيئة قانونية معروفة بنزاتها وموثوقيتها وشفافيتها، تجد الشركات في ألمانيا الاستقرار اللازم لاستثمارات ناجحة طويلة الأجل.
وبالنسبة لحقوق الأفراد والملكية فهي محمية والقوانين مطبقة، موفرة للشركات الأمن الذي تحتاجه. وفي نفس الوقت يمكن للشركات النمو والازدهار مدعومة بنظام ضرائبي تنافسي ومجموعة شاملة من برامج الحوافز. ويؤكد استقصاء لآراء كبار المديرين على أن ألمانيا لديها مناخ ممتاز للأعمال.
ووفقاً لشركة (إرنست آند يونغ)، تنال ألمانيا علامات ممتازة من حيث البنية التحتية والمناخ الاجتماعي ونوعية الحياة وقوتها العاملة المؤهلة، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
البنية التحتية
تَميُز البنية التحتية في ألمانيا تُأكد من قبل عدد من الدراسات الحديثة، بما في ذلك& المعهد السويسري الدولي لإدارة التنمية للمنافسة العالمية للكتاب السنوي، وإحصائيات مستثمر مختلفة من قبل الأونكتاد. وفقا لتقريرالمنافسة العالمية 2010-2011، اختيرت البنية التحتية المكثفة لألمانيا لثناء خاص نظرا لقدرتها على النقل بكفاءة عالية للبضائع والركاب. ويشمل هذا الترتيب على علامات عالية لجودة الطرق والمطارات والسكك الحديدية والبنية الأساسية للميناء والاتصالات المميزة في البلاد والبنية التحتية للطاقة.
لا تشمل البنية التحتية اللوجستية في ألمانيا فقط ميناء هامبورغ، ثاني أكبر ميناء للحاويات في أوروبا، ولكن يشمل أيضاً بريمرهافن الذي يمثل ميناء السيارات الأكبر في أوروبا لحركة مرور المركبات، وميناء دويسبورغ الذي يعد موطن أكبر الموانئ الداخلية في العالم. وإلى جانب أكثر من 250 ميناء داخلي إضافي، تسهل البنية التحتية لميناء ألمانيا التوصيل الفعال للبضائع الى أكبر أسواق أوروبا. ويعتبر نهرا الراين والإلبه بمثابة الشرايين الرئيسية لحركة المراكب إلى موانئ المياه العميقة في مختلف الخلجان النهرية وعلى طول السواحل الشمالية والشمالية الغربية.
تملك ألمانيا شبكة كثيفة من المطارات و23 منها تقدم خدمات دولية. يحتل مطار فرانكفورت المراتب السابعة والتاسعة لأكبر مطار في العالم من حيث حجم البضائع والركاب على التوالي. يمتلك نظام الطريق السريع في البلد واحد من أعلى مستويات الكثافة الكيلومترية في أوروبا، كما أن خطوط السكك الحديدية التي يبلغ طولها 37900 تكاد تكفي للدوران حول العالم، ومع شبكات السكك الحديدية ذات السرعة العالية التي تصل سرعاتها إلى 300 كم/ساعة، تحتل المرتبة الرابعة في العالم.
ومع شبكات مواصلاتها الممتازة عبر الجو والبر والبحر أو طرقها السريعة، توفر ألمانيا وصولاً سريعاً إلى الأسواق المحلية والدولية. وليس بغريب أن تُعتبر ألمانيا محور خدمة لوجستية عالمية. ومع حجم مبيعات بلغ 200 مليار يورو في عام 2009، تتمتع ألمانيا بحجم سوق ليس له مثيل في أوروبا. أما حصتها المهيمنة في سوق الخدمات اللوجستية الأوروبي فهي تجعلها اللاعب الأهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي في أوروبا. وتمر عبر ألمانيا سلع أكثر من أي دولة أوروبية أخرى.
ولكن لا تقتصر العالمية على البنية التحتية اللوجستية العالمية، بل إن الشركات الألمانية تعد أيضاً رائدة الخدمات اللوجستية العالمية. وفي الواقع، فإن أكبر مزود للخدمات اللوجستية في العالم هو شركة ألمانية تتمثل في (دويتشه بوست).كما تدير (دويتشه بان) أكبر شبكة سكك حديدية في أوروبا، وتعتبر شركة لوفتهانزا للشحن واحدة من الشركات العالمية الرائدة في مجال الشحن الجوي.
النظام القانوني
يخضع القانون التجاري الألماني لمبدأ حرية الاقتصاد، مما يعني أن أنشطة الأعمال لا تتطلب تصريحاً أو ترخيصاً محدداً. وعلاوة على ذلك، لا يفرق القانون الألماني بين الألمان والأجانب في ما يتعلق بالاستثمار أو إنشاء الشركات. وتتميز ألمانيا ببيئة قانونية مشهورة بالاستقرار والشفافية. وقد صنف المنتدى الاقتصادي العالمي ألمانيا من بين الدول الرائدة في الاستقلال القضائي. وتعتبر كل العقود والاتفاقيات التجارية ملزمة قانونياً مع حماية قوية جداً للملكية الفكرية.
ولحماية الابتكارات التقنية والتجارية، يتم تسجيل حقوق الملكية على شكل براءات اختراع، نماذج بديلة، علامات تجارية وتصاميم. وعند تسجيل الملكية تطبق نفس الشروط على الأجانب والمواطنين الألمان.
وتتصف إجراءات تأسيس الشركات بالسرعة والفاعلية ولا تتطلب سوى بضع خطوات واضحة لتأسيس شركة جديدة. كما تتميز تكاليف تأسيس الشركة بأنها معتدلة، والأهم من ذلك أنه يمكن تحديدها بسهولة منذ البداية.
وبالنسبة لقانون المحدودية فقد خضع لمراجعة شاملة في عام 2008. وساهم هذا الإصلاح في تسهيل إنشاء وتشغيل الشركات المحدودة. وتوفر السجلات التجارية العامة معلومات شفافة متعلقة بالتمثيل القانوني، ولموظفي الشركة الحق في إجراء المعاملات التجارية. ويمكن للجميع الوصول إلى هذه المعلومات بحرية. أما بالنسبة لمخاطر الاحتيال والتلاعب التي تمثل سبباً رئيسياً للقلق في بعض الدول الصناعية، فهي لا تكاد تذكر في ألمانيا.
فرص سوق العمل
تمثل القوى العاملة الألمانية أكثر من 40 مليون نسمة، مما يجعلها أكبر تجمع للعمالة الجاهزة في الاتحاد الأوروبي. ويضمن نظام التعليم العالمي في ألمانيا تحقيق أعلى المستويات، إذ أن أكثر من 80 في المئة من القوة العاملة الألمانية تلقوا التدريب المهني المعترف به أو حائزون على درجة جامعية. واتفقت الحكومة الاتحادية الألمانية وحكومات الولايات في عام 2008 على زيادة مستويات الاستثمار في التعليم العام والخاص إلى سبعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2015. ويمثل هذا الالتزام رؤية بعيدة المدى لإنشاء أماكن تدريب إضافية ومنح دراسية ترويجية لتدفق مستمر للعمالة المدربة تدريباً عالياً، مما أدى بالفعل إلى تسجيل عدد قياسي في عدد الطلبة المشاركين. وبدأ أكثر من 422,705 طالباً في أكثر من 400 جامعة دراساتهم الأكاديمية في العام الدراسي 2009/2010، وأقبل الملتحقون بالجامعات على المجالات الفنية التي لاقت زيادة بنسبة سبعة في المئة.
وتعتبر المهارة العالية والمتخصصة للموظفين سمة رئيسية لسوق العمالة الألماني، وستبقى كذلك في المستقبل. ووفقاً لإحصاءات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن لدى ألمانيا واحداً من أعلى معدلات خريجي درجة الدكتوراه. ومع 315 خريج دكتوراه لكل مليون نسمة، تحتل ألمانيا المرتبة الثانية بالمقارنة مع دول منظمة التعاون الاقتصادي. وتمثل حصة طلاب الجامعات الألمانية من العلوم والرياضيات وعلوم الكمبيوتر والهندسة ثاني أعلى معدل في الاتحاد الأوروبي وذلك مع 31 في المئة من جميع الطلاب. وأدخلت الجامعات الألمانية درجات الماجستير وبالبكالوريوس لتحسين القبول والمقارنة الدولية.
وتوفر ألمانيا وصول مباشر إلى تجمع العمال المؤهلين تأهيلاً عالياً ومرناً. ويعتبر نظام التعليم المزدوج في ألمانيا نظاماً فريداً في الجمع بين مزايا الفصول الدراسية والتدريب على مدى يتراوح بين سنتين وثلاث سنوات، وهو موجه خصيصاً لتلبية احتياجات الصناعة. وهناك حوالي 350 مهنة معترف بها من قبل هذا النظام. ويضمن اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية (آي إتش كيه) الالتزام بشكل صارم بالمعايير بحيث يتم ضمان جودة التدريب المقدم في جميع أنحاء ألمانيا.
وتنعكس مرونة العمل الألمانية في معدلات عالية من متوسط مستويات تحفيز الموظفين، تتحاوز مثيلاتها في الدول الصناعية الرائدة. ووفقاً للتقرير السنوي للتنافسية العالمية، فإن مستويات تحفيز الموظفين الألمان هي أكبر من مستويات نظرائهم في الولايات المتحدة والصين وروسيا وبولندا وفرنسا والمملكة المتحدة. والنتيجة المباشرة لذلك هو أن الألمان يعملون أكثر من نظرائهم الدوليين (41.2 ساعة في الأسبوع) وتعتبر ألمانيا أقل الدول من حيث الإضراب مقارنة بدول أوروبية أخرى.
وبالنسبة لتكاليف العمالة، فمنذ عام 2009 ارتفعت الأجور في معظم البدلان الأوروبية (إي يو-27). وبلغ متوسط معدل النمو 3.7 في المئة. وفي حين أن بعض البلدان، لاسيما في أوروبا الشرقية، شهد زيادة قدرها أكثر من سبعة في المئة، فإن ألمانيا سجلت أقل تكلفة عمالة برزت داخل الاتحاد الأوروبي باثنين في المئة فقط. وأدى هذا إلى انخفاض تكاليف وحدة العمل التي تمثل ميزة تنافسية، لاسيما في مجال التصنيع. وعلى عكس البلدان الأوروبية الأخرى التي شهدت زيادة إجمالي في تكاليف وحدة العمل، انخفضت تكاليف وحدة العمل في ألمانيا من متوسط سنوي قدره 0.2 في المئة عن الفترة من عام 2005 إلى عام 2009.
نظام الضرائب
تقدم ألمانيا واحداً من النظم الضريبية الأكثر قدرة على المنافسة بين البلدان الصناعية الكبرى. فمتوسط العبء الضريبي الشامل للشركات يبلغ 29.83 في المئة. ويمكن للعبء الإجمالي الضريبي للشركات أن يختلف من بلدية إلى أخرى. فالضرائب المفروضة على الشركات في ألمانيا تتكون من ثلاثة عناصر. العنصر الأول هو ضريبة الدخل على الشركات بمعدل ضريبة على الصعيد الوطني يبلغ 15 في المئة. ويتمثل العنصر الثاني في ضريبة التكافل الإضافية بنسبة 0.825 في المئة. أما العنصر الثالث فهو الضريبة التجارية التي تمثل ضريبة البلدية. ولذلك تم تحديد معدل الضريبة التجارية من قبل كل بلدية على حدا. وينبغي أن يكون معدل الضريبة التجارية على الأقل سبعة في المئة، ولكن ليس هناك أي سقف قانوني.
حوافز الاستثمار
يمكن لمشاريع الاستثمار في ألمانيا أن تستفيد من عدد من برامج الحوافز، حيث تمتلك ألمانيا عدداً كبيراً من البرامج التنموية المغرية للمستثمرين وتقدم مجموعة شاملة وواسعة من برامج الأنشطة التجارية خلال جميع مراحل عملية الاستثمار في ألمانيا. وتساعد الحوافز المتاحة على تلبية الاحتياجات المالية الفورية للمستثمرين، فهناك على سبيل المثال حوافز نقدية لسداد تكاليف الاستثمار المباشر أو حوافز للعمل والبحث والتطوير.
ويمكن لأحجام الحوافز النقدية أن تصل إلى 50 في المئة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة، و40 في المئة للشركات المتوسطة الحجم، و30 في المئة بالنسبة للمشاريع الكبيرة. ويعتمد منح المبلغ الفعلي على عوامل مثل موقع المشروع الاستثماري، حجم الشركة، الأنشطة الأساسية وحجم الاستثمار.
وبمجرد بدء العمليات التجارية، يتم دعم الشركات ببرامج محفزة تتعلق بالعمالة في جميع مراحل بناء القوة العاملة من خلال توفير دعم التوظيف والتدريب وكذلك إعانات الأجور. كما تحصل مشاريع البحث والتطوير على مساعدة مالية من عدد من البرامج المختلفة، والتي تكون عادة على شكل منح للبحث والتطوير.
ويمكن الجمع بين الحوافز الاستثمارية وحوافز البحث والتطوير وبناء القوة العاملة. وهذا يعني أن الدعم لا يتوقف عند نقطة واحدة، بل يبقى متوفراً في جميع المراحل المختلفة لعملية الاستثمار، بحيث تتناسب مع الاحتياجات المالية لكل مرحلة منفردة من مراحل المشروع.