أنظمة الدفع عبر الجوال.. آمال وتحديات

برلين 10 آذار/مارس 2015 (د ب أ) - بفضل التطوير المستمر في عالم الأجهزة الجوالة فإن الموديلات الحالية من الهواتف الذكية أصبحت تُغني المستخدم عن استعمال الكثير من الأجهزة الأخرى، مثل الكاميرات وأجهزة الملاحة وأجهزة الألعاب مع إمكانية الوصول الدائم إلى شبكة الإنترنت. وبالإضافة إلى ذلك قد يحمل المستقبل أفكاراً مبتكرة لاستعمال الهاتف الذكي كحافظة نقود، إلا أن هذه الميزة تنطوي على بعض العيوب من خلال قيام الشركات بجمع الكثير من المعلومات عن المستخدم.

وسوف يتخلص المستخدم عن طريق أنظمة الدفع عبر الجوال Mobile Payment من بعض المواقف المزعجة، التي تواجهه عند دفع الحساب في خزينة السوبرماركت أو المطاعم أو المتاجر المختلفة؛ حيث يعتمد على الهاتف الجوال في سداد المبالغ الكبيرة والصغيرة دون الحاجة إلى حمل نقدية أو إدخال أية أكواد سرية أو أرقام PIN. ولكن يتعين على الشركات المقدمة لمثل هذه الخدمات التغلب على بعض العقبات من أبرزها عدم وجود البنية التحتية لمثل هذه الأنظمة المتطورة.


تقنية NFC
وتعتمد معظم أنظمة الدفع عبر الجوال على تقنية اتصالات المجال القريب NFC؛ حيث يتم نقل كمية صغيرة نسبياً من البيانات عبر مسافات قصيرة لا تتعدى بضعة سنتيمترات. وبالرغم من أن هذه المسافة القصيرة تعتبر أحد العيوب الواضحة لأنظمة الدفع غير التلامسية بواسطة الهاتف الذكي، إلا أنها تعتبر من الأمور المثالية لتوفير حماية إضافية لعملية نقل البيانات. وتدخل تقنية اتصالات المجال القريب حالياً ضمن باقة التجهيزات القياسية لمعظم الهواتف الذكية تقريباً، ولكن الوضع يبدو مختلفاً في خزينة المتاجر والسوبرماركت، والتي لابد أن تدعم هذه التقنية أيضاً.

ويتمكن العملاء حالياً من استعمال نظام Mpass؛ الذي لا يعتمد على الهواتف الذكية، ولكنه يستخدم ملصق NFC، الذي يتم لصقه على الهواتف الجوالة أو أية أشياء أخرى. وعلى هذا الملصق يتم تخزين جميع بيانات الدفع الهامة. وعند إجراء عمليات الدفع يتعين على المستخدم تمرير هذا الملصق على الخزينة بالسوبرماركت أو المتجر.

وهناك العديد من الأنظمة الأخرى من شركات بطاقات الائتمان مثل فيزا وماستركارد تعمل بنفس طريقة نظام Mpass، علاوة على وجود خدمات من الشركات المقدمة للاتصالات الهاتفية الجوالة تعتمد على خدمات بطاقات الائتمان. ومع ذلك لا يتمكن المستخدم من استعمال جميع الأنظمة في كل مكان، حيث إنها تتوافر فقط في المتاجر، التي تتعاون مع الشركات المقدمة لهذه الخدمات.

وأوضح شتيفين فون بلومرودر، من الرابطة الألمانية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (Bitkom) بالعاصمة برلين، أن خدمات الدفع عبر الجوال انتشرت في البلاد الأوروبية على نطاق واسع لغرض الدفع في محطات التزود بالوقود فقط.



أكواد QR
وبغض النظر عن تقنية اتصالات المجال القريب لا تزال هناك بعض أنظمة الدفع في أوروبا تعتمد على الهواتف الذكية، مثل خدمات Yapital، علاوة على أن الشركات المحلية والعديد من سلاسل المتاجر الكبيرة تعول على أكواد الاستجابة السريعة QR، التي يتعين على المستخدم مسحها ضوئياً بواسطة الهاتف الذكي والتطبيق المعني.

وأوضح أخيم هيميلرايش، من شركة الاستشارات "موكا شتروم آند كومبني"، مزايا هذه الأنظمة قائلاً: "بالنسبة للمتاجر توفر هذه الأنظمة العديد من المزايا العملية، لأنها لا تتسبب في ظهور تكاليف إضافية". وقد قامت هذه الشركة الألمانية باختبار الكثير من أنظمة الدفع عبر الجوال المختلفة. وأضاف الخبير الألماني قائلاً: "ولكن ينطوي هذا النظام على بعض العيوب؛ حيث يشعر العميل معه بأنه غير مريح، فضلاً عن أنه أبطأ بعض الشيء من أنظمة الدفع الأخرى".

وبالإضافة إلى ذلك، فإن طريقة الدفع عن طريق أكواد الاستجابة السريع QR تعتمد في الغالب على أداء اتصال الإنترنت الجوال، الذي لم يعد متوافراً في كل خزائن السوبر ماركت منذ فترة طويلة، في حين أن تقنية اتصالات المجال القريب NFC تعمل دون الحاجة إلى شبكة الإنترنت. علاوة على أن كل نظام يعمل فقط لدى المتاجر، التي تدعمه، وهذا ما ينطبق أيضاً على أكواد الاستجابة السريعة.

وإذا رغب المستخدم في استعمال هاتفه الذكي كحافظة نقود، سواء كان ذلك عن طريق تقنية اتصالات المجال القريب أو أكواد الاستجابة السريعة QR، فإنه يتعين عليه القيام بتسجيل الدخول في مجموعة كاملة من الخدمات.

ويرى أخيم هيميلرايش أن هذا التنوع الكبير يعتبر إحدى الإشكاليات الكبيرة، التي تحول دون انتشار تقنيات الدفع عبر الجوال، فعلى المدى الطويل لا يرغب العميل أن يكون لديه عشرة تطبيقات للدفع عبر الجوال، ولكنه يفضل وجود تطبيق واحد للقيام بكل عمليات الدفع.



أبل باي
ويرى الخبراء أن تطبيق الدفع الموحد قد يأتي من إحدى الشركات الأمريكية الشهيرة؛ حيث قامت شركة أبل خلال العام الماضي بإطلاق نظام الدفع عبر الجوال، الذي يعتمد على تقنية اتصالات المجال القريب. ونظراً لانتشار الهاتف الذكي آيفون فإن ذلك قد يكون عاملاً على انتشار خدمة "أبل باي" المتوافرة حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، ولم يتحدد بعد موعد إطلاقها في الأسواق العالمية الأخرى.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت شركة أبل ستكون رائدة تقنيات الدفع عبر الجوال؛ نظراً لأن هناك العديد من المنافسين للشركة الأمريكية الشهيرة، بما في ذلك تجار التجزئة وشركات الاتصالات الهاتفية الجوالة وشركات بطاقات الائتمان. ويتوقع البروفيسور كاي بوستشي، المتخصص في علوم الكمبيوتر الاقتصادية والرقمنة بجامعة بوتسدام الألمانية، أن يتم اقتحام هذا السوق من قبل العديد من شركات الإنترنت العملاقة مثل غوغل وباي بال وأمازون وفيس بوك.



جمع البيانات
ويرجع اهتمام مثل هذه الشركات بتقنيات الدفع عبر الجوال في المقام الأول إلى البيانات، التي يمكن جمعها عن المستخدمين. وأضاف البروفيسور كاي بوستشي أن المستخدم عادةً لا يُدرك مدى حجم المعلومات، التي تعرفها هذه الشركات عنه؛ وهناك العديد من المستخدمين يقومون بعمليات التسوق الإلكتروني بمساعدة هذه الشركات منذ فترة طويلة، وبالتالي فإنهم يعرفون معلومات عن عالمهم الافتراضي على الويب، ولكن ما ينقص هذه الشركات هو معرفة البيانات عن المستخدمين في العالم الحقيقي.

وعلى غرار ما يحدث في عمليات التسوق الإلكتروني ستتمكن الشركات العالمية، مثل غوغل وأبل وغيرها، من إنشاء إعلانات موجهة اعتماداً على البيانات، التي يتم جمعها عن المستخدم. وأشار كاي بوستشي إلى أن هذه الشركات تعرف ما إذا كان العميل يحتاج إلى مزيد من الائتمان أو ما إذا كان يحتاج إلى الحديث مع مندوب مبيعات متخصص أو أنه يحرص على شراء المنتجات ذات التكلفة المنخفضة.

ومثل هذه المعلومات ليست بالضرورة أن تكون أمراً سيئاً، فهناك بعض المستهلكين يحرصون على متابعة العروض الموجهة لهم، ولكن المشكلة تكمن في انعدام الشفافية على مواقع الويب، وربما يستمر ذلك في المتاجر والسوبرماركت مستقبلاً. بالإضافة إلى أن المستهلك لم يعد لديه تحكم في المعلومات، التي تعرفها شركات الإنترنت عنه، ولا يعرف كيف يتم التعامل مع مثل هذه البيانات والمعلومات الشخصية.

 

من توبياس هانراتس