الشبكة الكهربائية 48 فولت.. ثورة في عالم السيارات

فولفسبورغ 23 تشرين أول/أكتوبر 2014 (د ب أ)- يشهد عالم السيارات حالياً ثورة تقنية جديدة تتمثل في تطوير شبكة كهربائية بجهد 48 فولت؛ نظراً لأن الشبكة الحالية بجهد 12 فولت، والتي يتم الاعتماد عليها منذ أكثر من 40 عاماً، لم تعد قادرة على استيعاب تجهيزات الرفاهية والأنظمة التقنية التي تزخر بها الموديلات الحديثة، والتي تستهلك قدراً كبيراً من الطاقة. إلا أن هذه التقنية لا تزال تواجه الكثير من المصاعب، وفي مقدمتها التكاليف الباهظة للتجهيزات الكهربائية اللازمة لهذه الشبكة عالية الفولتية.

وقد شهدت قيم جهد شبكة السيارة الكهربائية العديد من التغييرات؛ فقد حصلت خنفساء فولكس فاغن عام 1967 بدلاً من النظام الضعيف 6 فولت على شبكة كهربائية بجهد كلي 12 فولت، والتي ساعدت على تشغيل المحرك في درجات الحرارة الباردة.

ومع أواخر التسعينيات من القرن الماضي لم يعد جهد 12 فولت والناتج عن ست خلايا بواقع 2 فولت للخلية الواحدة كافياً لبعض الموديلات الفاخرة في ظل ارتفاع الأحمال والتجهيزات الكهربائية المستهلكة للطاقة، ما دعا رابطة صناعة السيارات الألمانية لمحاولة تطوير دائرة كهربائية بجهد 42 فولت خلال عام 2001، وهو الأمر الذي باء بالفشل.

وتشير الرابطة الألمانية إلى أن الكثير من الوظائف الميكانيكية في السيارة يتم تشغيلها بشكل كهربائي حالياً، وهو ما يُشكل حملاً زائداً على الشبكات الكهربائية ذات جهد 12 فولت، ومنها على سبيل أنظمة استعادة طاقة الكبح وإيقاف وتشغيل المحرك أوتوماتيكياً وأنظمة الدفع الهجين المتوسط، والتي تستهلك التيار بشكل كبير، وذلك لأنها تحتاج كثيراً من الطاقة لفترة قصيرة، ومع الشبكات ذات الجهد 48 فولت سوف يمكن نقل كميات أكبر من الطاقة.

ويرى ماتياس ريشتر، أستاذ التوافق الكهرومغناطيسي بجامعة غرب ساكسونيا أن معيار 12 فولت قد شارف على نهايته، وذلك بسبب ازدياد الأنظمة الإلكترونية وحاجة السيارة إلى المزيد من الطاقة الكهربائية. لذا فإن تزويد الأجهزة الكبيرة المستهلكة للطاقة مثل مكيف الهواء وأنظمة التوجيه الإلكترونية بالطاقة اللازمة لعملها يحتاج إلى شبكات عالية الفولتية.

أربعة أضعاف التيار
ومع الشبكة ذات جهد 48 فولت يمكن استخدام كابلات ذات مقطع عرضي أقل، ما يحد من الحرارة المتولدة في الكابل وبالتالي تقليل الفاقد. ومن خلال الترقية إلى جهد 48 فولت يمكن الحصول على أربعة أضعاف المعدلات، التي يمكن الحصول عليها من نفس التيار المتدفق، كما تصبح بعض التجهيزات الكهربائية الإضافية الأخرى ضرورية مثل محول التيار المباشر/التيار المتناوب، والذي يقوم بتحويل الجهد، بالإضافة إلى أن الأمر يلزم وجود بطارية ثانية. ويلتقط هانو يلدن، رئيس قسم التطوير التقني للمحركات الإلكترونية بشركة فولكس فاغن، طرف الحديث ويشير إلى أن دوائر جهد 48 فولت تعد مثالية للتجهيزات الكهربائية ذات الأحمال المرتفعة، والتي تحتاج إلى جهد وقتي أكبر من جهد الدوائر الحالية ذات 12 فولت.


حجم مدمج



وأوضح يلدن أن من بين المميزات التي تقدمها تجهيزات الشبكة 48 فولت ما يخص مسألة الحجم؛ فالمحركات الكهربائية سيمكنها تقديم معدلات أداء أفضل بقدر قليل من الطاقة مع كونها محركات مدمجة، وذلك لصغر حجم وحدات الترانزيستور وقواطع الدائرة الكهربائية، علاوة على أنها تمتاز بأسعارها المنخفضة.

وأضاف يلدن أن الشبكة ذات جهد 48 فولت لن تحل محل الدوائر ذات 12 فولت في الوقت الحالي، ولكن على الأقل سيبدأ تشغيلها بشكل متوازٍ، فعلى سبيل المثال ستعتمد الموديلات الفاخرة من السيارات، والتي تتزود بالعديد من التجهيزات الكهربائية المستهلكة للطاقة على كلا الجهدين 12 و48، وكذلك بعض الموديلات الصغيرة التي تعمل بمنظومة الدفع الهجين المتوسط، والتي يتم فيها مساندة محرك الاحتراق الداخلي بواسطة محرك كهربائي آخر في بعض المواقف لتقليل عملية استهلاك السيارة من الوقود.

ويتم تخزين الطاقة في بطارية هجين منفصلة ذات جهد 48 فولت، والتي تقوم بتمرير التيار للمحرك الكهربائي بسرعة عند الحاجة. وبالتالي فإن السيارة ستعتمد بشكل جزئي على الطاقة الكهربائية، مما سيساعد على خفض استهلاك السيارة من الوقود.

وأشار يلدن إلى أن رفع الجهد في جميع الأنظمة الكهربائية بالسيارة إلى 48 فولت يعد أمراً شديد التعقيد؛ حيث سيكون من اللازم حينئذ إعادة تصميم كل محرك وكل مصهر. وبالنسبة لمصابيح الهالوجين العادية المصممة لتحمل جهد 48 فولت ستكون الكابلات رقيقة جداً، وبالتالي لن تتمتع بالقوة الميكانيكية المطلوبة. وإلى جانب الشركات المنتجة للسيارات اهتمت الشركات العاملة في قطاع الصناعات المغذية للسيارات، مثل بوش وكونتينينتال، أيضاً بقضية إدخال مستوى الجهد الذي يقل عن 60 فولت في عالم صناعة السيارات.

ويرى كارستن غوته، رئيس قسم تطوير الشبكات الكهربائية بشركة كونتينينتال، أن هذه الأنظمة ستجد طريقها بداية من العام القادم على الأقل، لافتاً إلى أنها ستقتصر في البداية على الفئات العليا من السيارات، كما أنه من المخطط له إدراج هذه الأنظمة خلال السنوات القادمة في السيارات الصغيرة، وعلى الأخص الموديلات المزودة بمنظومة الدفع الهجين المتوسط.

ويشير خبير السيارات الألماني ماتياس ريشتر أيضاً إلى صعوبة وخطورة عملية التحويل الكامل من 12 إلى 48 فولت للشبكة الكهربائية في السيارة قائلاً: "ستتطلب عملية التحويل هذه تغيير جميع المحركات الكهربائية والأنظمة الإلكترونية في السيارة مثل نظام التحكم في الوسادات الهوائية ونظام التحكم في المحرك". ولكنه يرى أن هذا التحويل يمكن تطبيقه تدريجياً خلال العشرين سنة القادمة.

 

 

من فابيان هوبيرغ