بعد "الربيع العربي"

ألمانيا تفتح الأبواب على مصرعيها لتدريب الشباب العربي

 أكثر ما يثير إعجاب حمدي حمودي (23 سنة) هو المساحات الخضراء الواسعة والمياه الوافرة. فقد أصبحت النزهات عبر الحدائق وعلى ضفاف نهر الإلبه وبحيرة الألستر أحد الطقوس المعتادة بالنسبة للشاب التونسي. وما يتبقى هو تعلم الكلمات الألمانية الصعبة وتعابيرها. فاليوم، يعكف العرب القادمين من شمال أفريقيا على دراسة اللغة الألمانية في معهد غوته في شارع (هونر بوستن). ولكن هذا ما هو إلا بداية لإجراء أطول: عندما يلم باللغة إلى حد ما، يأتي بالمقابل دور الجسم البشري.


حمدي حمودي هو واحد من بين 25 شاباً تونسياً، يتم تدريبهم منذ بضعة أيام في مجال الرعاية الصحية والتمريض في المدينة الهانزية هامبورغ. فمن خلال التعاون مع الحكومة الإتحادية سيتم إعدادهم في عيادات (أسكليبيوس) لمدة ثلاث سنوات ليكون جاهزين لأداء عملهم المستقبلي. كما يمكنهم يوماً ما مزاولة عملهم ليس فقط في وطنهم الأم، بل أيضاً في ألمانيا. "سوف يحقق الشباب بذلك فائدة لأنفسهم من جهة. ومن جهة أخرى، يمثل التدريب بكل تأكيد إثراء لعيادات (أسكليبيوس) ومرضانا"، يقول ماتياس إبيرينتس، المتحدث باسم شركة (أسكليبيوس). لقد أتاح "الربيع العربي" إمكانية أن يحصل 150 شاباً تونسياً في الشهور القادمة على تدريب عملي مختص في المركز التعليمي للمهن الصحية (بي زد بي) التابع لعيادات (أسكليبيوس) في هامبورغ. ويطلق على هذا المشروع الرائد "شراكة التحول في مجال الرعاية الصحية" (TAPiG).
 
بعد إعلان من وزارة الصحة في تونس، تقدم مئات التونسين من خريجي المرحلة الثانوية بطلبات للتدريب لدى عيادات (أسكليبيوس)، إلى أن تم اختيار الـ 25 مرشحاً الأوائل. والآن، ينبغي عليهم إكمال دورة مكثفة في اللغة الألمانية طوال 6 أشهر، إلا أنه بإمكانهم بالفعل التعرف أيضاً على بعض أجواء العيادة عند الغداء في مطعم عيادة (أسكليبيوس سانت جورج).
 
تتراوح أعمار الممرضين والممرضات المبتدئين بين 20 و23 عاماً ويأتي أغلبهم من أسر كبيرة ولديهم أشقاء عدة. "أنا متحمسة لإتاحة الفرصة لي كي أتلقى تدريباً جيداً في ألمانيا وأتمكن من العمل في المهنة التي أحبها حقاً"، تقول زينب إدريسي (22 عاماً).
 
وكما يقول يان شتيفان هيلديبراندت، مدير مشروع (TAPiG)، فإن فترة التدريب يتخللها مجموعة دروس نظرية مع مهام عملية في كل أقسام العيادات بالتناوب. ويتمثل الهدف من ذلك في تطبيق المعرفة النظرية بشكل عملي في أقرب وقت ممكن.
"بعد التعليم اللغوي يتم ضم الشباب لدينا بشكل كامل ولا يتم تدريسهم بشكل منفصل"، يضيف إبيرينتس، المتحدث باسم (أسكليبيوس). ويتكون فريق مشروع (TAPiG) من أربعة مدرسين، تتمثل مهمتهم في مد جسر بين كلتا الثقافتين وتسهيل عملية البدء بحياة جديدة بالنسبة للمتدربين، لأنه قد لا يكون من السهل على كل شخص أن ينتقل من "الربيع العربي" إلى خريف هامبورغ.
لقد تم تسكين التونسيين في شقق مخصصة للطلاب تابعة لمؤسسة (موسيس ميندلسون شتيفتونغ) في شارع (هونربوستن)، أي عند معهد غوته مباشرة. ولقد تم تجيهز الشقق (مساحة الواحدة 18 متر مربع) بخدمة إنترنت لاسلكية، مطبخ صغير، حمام، مكتب، وتلفزيون الكابل. "تتيح الغرف للطلاب جواً مريحاً للتعلم"، يقول هيلديبراندت، مدير المشروع.
 
وتمول وزارة الخارجية الألمانية عملية الإعداد اللغوي لخريجي الثانوية بواسطة ما يمسى "شراكة التحول". فبعد الثورة في تونس في السنة الماضية، اتفقت الحكومة الألمانية الإتحادية مع الحكومة الإنتقالية التونسية على توثيق التعاون السياسي والاقتصادي. وأكثر من ذلك أيضاً: توفر "البطاقة الزرقاء الأوروبية الألمانية" الإطار القانوني الذي يتيح لليد العاملة المتخصصة من خارج دول الإتحاد الأوروبي إمكانية الاستقرار في جمهورية ألمانيا الإتحادية بشكل دائم.
 
وتنفي (أسكليبيوس) أن يكون تدريب خريجي الثانوية التونسيين يهدف إلى توظيفهم لإصلاح وضع الموظفين الغير مستقر في بعض الإدارات. فذلك ليس له علاقة بهذا الأمر على الإطلاق، بحسب المتحدث الصحفي إبرينتس، الذي يضيف: "فالتونسيون لم يأخذوا مقعداً تدريبياً من أمام أحد". لقد آتوا عملياً "على رأس" حوالي 1400 متدرباً لدى (أسكليبيوس).
 

 

مترجم عن موقع: welt.de  للكاتب إدغار س. هاسه