نتيجة الأجندة الزمنية لتشكيلها

الشركات الألمانية تبدأ الاستعداد لمواجهة ثمن تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة


(د ب أ )- أقر التحالف المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار الوسط) صباح يوم الاربعاء (27 نوفمبر 2013) اتفاقا لتشكيل حكومة اتئلافية جديدة في البلاد. وكانت الشركات الألمانية قد بدأت حساب الكلفة التي ستدفعها نتيجة الأجندة الزمنية لتشكيل هذه الحكومة التي تضم يمين الوسط ويسار الوسط.

ورغم التوقعات القوية باستمرار فولفجانج شويبله في منصبه كوزير للمالية في الحكومة الجديدة، فقد يدخل الوزير خلال ولايته الثانية تغييرات على ميركل من دول أوروبا بشأن التقشف الاقتصادي. ويشعر رجال الأعمال والاقتصاد في ألمانيا بالقلق إزاء الأجندة الاقتصادية لتحالف المحافظين والاشتراكيين الجديد.

ويشعر قطاع الصناعة بشكل خاص بالقلق من اتفاق الحزبين الكبيرين على برنامج للحكومة الائتلافية يتضمن وضع حد أدنى للأجور وفرض ضريبة المعاملات المالية على جميع المنتجات المالية وتغيير قوانين العمل وتحديد حصة للنساء في مجالس إدارات الشركات.

يقول كارستن برزيسكي المحلل الاقتصادي في "آي.إن.جي بنك": "لم تشهد ألمانيا أبدا حكومة تضع رؤية واسعة لها في بداية حكمها .. هدف الحكومة الجديدة هو إعادة توزيع فوائد الإصلاحات الاقتصادية التي جرت في السنوات الماضية".

وذكرت صحيفة "فرانكفورتر الجماينه تسايتونج" الألمانية أن ضغوط رجال الأعمال وانتقاداتهم أجبرت مفاوضي الأحزاب المشاركة في الائتلاف على تقليل سقف الطموحات بشأن وضع حد أقصى لدخول كبار مسؤولي الشركات.

وتساءل إنجو كرامر الرئيس الجديد لاتحاد أرباب الاعمال في ألمانيا في كلمة له الأسبوع الماضي: "هل من الصواب أن نخاطر بقدرتنا التنافسية التي اكتسبناها بعد سنوات من العمل الشاق بإخضاع الشركات لضغوط جديدة من القواعد المتصلبة؟".

والحقيقة أن سجل ميركل غير جيد بالنسبة لتطبيق خطة الإصلاح الصارمة من وجهة نظر مجتمع الأعمال، على الأقل.

فقد تعرضت ميركل لانتقادات حادة من قادة الأعمال وخبراء الاقتصاد عندما تخلت عن خطة إصلاح شامل للاقتصاد الألماني بعد تشكيل حكومتها الأولى عام 2005.

كماأن فشل شركاء ميركل في حكومتها الائتلافية الأخيرة، وهم الديمقراطيون الأحرار، في الوفاء بوعودهم الانتخابية بشأن خفض الضرائب قد ساهم في حالة من الاحباط أصابت الصناعة.

والآن ومع اتجاه ميركل نحو بدء فترة حكمها الثالثة يخشى رجال الصناعة وخبراء الاقتصاد من تراجع فرص تطبيق أي إصلاحات اقتصادية جادة في ظل حكومة يتم تشكيلها بصعوبة بالغة وبعد تقديم سلسلة من التنازلات من طرفي الائتلاف المرتقب.

وقبيل المرحلة الاخيرة من مفاوضات تشكيل الحكومة بين الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه الأصغر البافاري الحزب المسيحي الاجتماعي من ناحية والحزب الاشتراكي الديمقراطي، حذرت لجنة خبراء الاقتصاد الحكومية من تراجع الحكومة الجديدة عن الإصلاحات الاقتصادية التي بدأت العقد الماضي.

وقالت لجنة "حكماء الاقتصاد" في ألمانيا إن اقتراحات وضع حد أدنى للأجور وزيادة مخصصات التقاعد لأمهات الأطفال المولودين قبل 1992 والتشجيع على التقاعد قبل بلوغ 67 عاما، كل ذلك سيضر بالأجيال المقبلة في ألمانيا.

وضغط الحزب الاشتراكي الديمقراطي في محادثات تشكيل الحكومة الائتلافية مع التحالف المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل من أجل وضع حد أدنى للأجور وزيادة الإنفاق على الضمان الاجتماعي والبنية الأساسية، مع زيادة الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة.

وقال المجلس المكون من 5 خبراء في تقرير: "يبدو أن الموقف الاقتصادي الراهن والوضع الجيد نسبيا لألمانيا، مقارنة بالدول الأخرى المتضررة من الأزمات في منطقة اليورو، سيواجه تحديات هائلة مستقبلا في ضوء زيادة نسبة المسنين في المجتمع الألماني".

وأضاف التقرير أن "التحديات المستقبلية ستكون أصعب في مواجهتها إذا تم تخفيف أجندة إصلاحات 2010، أو التخلي عنها" في إشارة إلى الإصلاحات التي طبقتها ألمانيا منذ عشر سنوات في ظل حكم المستشار الاشتراكي السابق جيرهارد شرودر.

وحاول الحزب المسيحي الديمقراطي صاحب أكبر كتلة نيابية في البرلمان التوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة على مدار شهرين في ظل ما تحظى به ميركل من إشادة واسعة بفضل دورها في مواجهة الأزمة الاقتصادية لمنطقة اليورو.

ورغم إعلان الحزب الاشتراكي الديمقراطي قلقه من التداعيات الاجتماعية للتقشف المالي، فإن هذا لا يعني أن ميركل لم تقتنع بالدعوات الصادرة من مناطق أخرى في أوروبا من أجل تخفيف حدة موقفها الصارم بالنسبة للتقشف وضغط الإنفاق.

ورغم ذلك يتوقع البعض إبداء ميركل قدرا من المرونة بشأن التقشف في أوروبا مع اتجاه حزبها نحو انتخابات البرلمان الأوروبي العام المقبل وتزايد تهديدات حزب "البدائل لألمانيا" المناوئ لمنطقة اليورو.

ويقول هيربرت دايتر المحلل الاقتصادي في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية "سنرى نسخة معدلة قليلا لسياسة ميركل الحالية.. ستكون ميركل المخففة".

يذكر أن الفضل يعود إلى أجندة إصلاحات 2010 في زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد الألماني ومساعدته في تجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية.

 

من أندرو ماكاثي