يعتبر من الأمراض الشائعة
ارتفاع ضغط الدم.. لص يسرق حياتك!
(د ب أ)- يعد ارتفاع ضغط الدم من الأمراض الشائعة في وقتنا الحالي وأكثرها خطورة في الوقت ذاته؛ فعلى الرغم من أنه لا يتسبب في الشعور بالألم أثناء حدوثه، إلا أن هذا الخطر الداهم الذي يتسلل كاللص له عواقب صحية وخيمة تهدد الحياة، حيث إنه يتسبب في حدوث حالات وفاة أكثر من السرطان ذاته. ولكن يُمكن من خلال تغيير العادات الحياتية الخاطئة وإتباع أسلوب حياة صحي مع تلقي نوعيات معينة من الأدوية علاج هذا المرض وتجنب مخاطره.
وأوضح البروفيسور برنهارد شفاب، عضو مؤسسة القلب الألمانية بمدينة فرانكفورت، أن خطورة مرض ارتفاع ضغط الدم تكمن في أن المريض يظل مصاباً به لفترات طويلة دون أن يشعر بأي شيء؛ حيث لا يتسبب ارتفاع ضغط الدم في الأوردة وزيادة ضغطها على الأوعية الدموية في الشعور بأي ألم؛ ومن ثمّ لا تظهر له أية أعراض في بداية الإصابة به، موضحاً: "غالباً ما يشعر المرضى بالحيوية والنشاط، على الرغم من إصابتهم بارتفاع ضغط الدم".
ووفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية تبلغ القيمة المثالية لضغط الدم 80/120، حيث تُمثل القيمة الكبرى معدل ضغط الدم الانقباضي، بينما تُمثل القيمة الصغرى معدل الضغط الانبساطي ويتم قياس كلا منهما بالملليمتر زئبق (mmHg)، مع العلم بأن ارتفاع هذه القيم إلى 90/140 يُمثل معدلاً طبيعياً أيضاً. ولكن تجاوز هذا المعدل بصورة مستمرة يُعتبر إصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم ويستلزم الخضوع للعلاج.
ناقوس خطر
وأضاف البروفيسور شفاب أن أعراض ارتفاع ضغط الدم لا تظهر في الغالب إلا إذا ارتفعت لمنطقة الخطر والتي تكون فيها قيم القياس أعلى من 110/180، حينئذٍ يشعر المريض بالصداع والدوار واضطرابات الرؤية، ولكن في هذا الوقت تكون قد لحقت بعض التلفيات بالأعضاء بالفعل.
لذا شددّ طبيب القلب الألماني على ضرورة أخذ هذه الأعراض على محمل الجد؛ لأن ارتفاع ضغط الدم على هذا النحو لفترات طويلة يتسبب في إلحاق أضرار بالقلب والكلى والعيون وغيرها من أعضاء الجسم؛ كما يرتفع خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية.
وأوضح طبيب القلب الألماني برنهارد شفاب أنه غالباً ما ترجع أسباب الإصابة بارتفاع ضغط الدم إلى العادات الحياتية الخاطئة كإتباع نظام غذائي يعتمد مثلاً عن نوعيات واحدة من الأطعمة وقلة ممارسة الأنشطة الحركية والوقوع تحت ضغط عصبي بشكل كبير؛ حيث تتسبب هذه العوامل في تصلب العضلات المرنة للأوردة، ما يؤدي إلى تقليص تدفق الدم؛ ومن ثمّ تحدث الإصابة بارتفاع ضغط الدم، لافتاً إلى أن هذه العواقب تزداد وتتراكم مع بعضها البعض على مدار عمر الإنسان، لاسيما إذا ما أُضيف إليها زيادة الوزن والتدخين.
أسلوب الحياة الصحي
لذا أكدّ شفاب أن جميع الإرشادات الخاصة بعلاج ارتفاع ضغط الدم والوقاية منه تتمحور حول إتباع أسلوب حياة صحي، لافتاً إلى أنه غالباً ما يُمثل تغيير العادات غير الصحية التي يتبعها المريض السبيل الأكثر استمرارية في العلاج؛ "حيث يُمكن تحقيق الكثير من الآثار الإيجابية في مسار العلاج من خلال إنقاص الوزن وزيادة معدل الأنشطة الحركية بعض الشيء".
ومن جانبها، تحفز الجمعية الألمانية لمكافحة ارتفاع ضغط الدم بمدينة هايدلبرغ المرضى على إتباع أسلوب حياة صحي، موضحة أنه ثبت بالفعل تراجع معدلات ضغط الدم لدى بعض المرضى بعد أول ثلاثة أشهر من إتباع هذا الأسلوب لدرجة أنهم أصبحوا ليسوا بحاجة إلى تناول الأدوية.
وأكدت الرابطة الألمانية لاختصاصيّ الطب العام بمدينة كولونيا على فاعلية ذلك بأن تناول أطعمة صحية تحتوي على كميات قليلة من الملح مع الإكثار من الفاكهة والخضروات يُمكن أن يعمل على خفض 20 ملليمتر زئبق من ضغط الدم، لافتةً إلى أن إنقاص 5 كيلوغرامات من الوزن يُسهم في خفض 10 ملليمتر زئبق بشكل إضافي من ضغط الدم، مع العلم بأن المواظبة على ممارسة رياضات قوة التحمل كالجري أو السباحة أو ركوب الدراجات تتمتع بتأثير إيجابي في هذا الشأن أيضاً.
وأردفت الرابطة الألمانية أن التدخين يُمثل أكثر العادات الحياتية التي تستحق التغيير؛ حيث تتسبب مادة النيكوتين الموجودة في السجائر في تكلس الأوعية الدموية وانسدادها بدرجة كبيرة. لذا عادةً لا يتهاون الأطباء في إلزام المريض في الإقلاع عنه.
العلاج الدوائي
وإلى جانب تغيير أسلوب الحياة أوضحت الهيئة الألمانية لاختبار السلع أن هناك العديد من الأدوية التي تعمل على خفض معدلات ضغط الدم أيضاً، موكدةً على ذلك: "قلما توجد كمية كبيرة من الأدوية تم قتلها بحثاً في علاج أي مرض مزمن كأدوية علاج ارتفاع ضغط الدم".
وتضرب الهيئة أمثلة لبعض هذه الأدوية بمدرات البول مثلاً، التي تعمل على تفريغ السوائل من الجسم؛ ومن ثمّ تُسهم في خفض معدلات ضغط الدم، أو (حاصرات بيتا) التي تعمل على تهدئة نظم القلب أو ما يُسمى بـ (مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين) المعروفة أيضاً باسم (مثبطات ACE) والتي تُزيد من مرونة الأوردة من الناحية الهرمونية.
وعلى جانب آخر أكدّ اختصاصيو العلاج الطبيعي أنه يُمكن استكمال علاج ارتفاع ضغط الدم باستخدام وسائل طبيعية كالصيام عن الطعام مثلاً وكذلك استخدام تقنيات العلاج بالماء كصب الماء البارد على الجسم وفقاً لطريقة كنايب وأخذ حمامات دافئة وكذلك ممارسة إحدى تقنيات الاسترخاء كاليوغا أو التأمل أو التاي تشي.
من نوربرت شنورباخ