اختصاصي علاج الاكتئاب الألماني أورليش هيغر

الاكتئاب .. أعراضه وسُبل علاجه

(د ب أ) - يُعاني الكثير من الأشخاص في وقتنا الحالي من الاكتئاب نتيجة ضغوط الحياة وسرعة وتيرتها، لكن وللآسف لا يعرف الكثير منهم مدى خطورة هذا المرض، وأوضح اختصاصي علاج الاكتئاب الألماني أورليش هيغرل، أن الإصابة بالاكتئاب تظهر في مجموعة متعددة من الأعراض، مؤكداً أنها تعدو مجرد الدخول في حالة مزاجية سيئة؛ إذ يُمكن معايشة مثل هذه الحالة بصورة متكررة، إنما يظهر الاكتئاب في تغيّر مسار حياة الإنسان بشكل تام.

 

وأضاف هيغرل رئيس الجمعية الألمانية لمساعدة مرضى الاكتئاب، أنه يُمكن أن تتسبب الإصابة بالاكتئاب في فقدان الإنسان القدرة على الشعور بالفرح تجاه أي شيء في حياته، بل وتُصبح الأشياء الإيجابية الموجودة بها بلا قيمة، لافتاً إلى أن مريض الاكتئاب يواجه صعوبات كبيرة أيضاً في إتمام المهام البسيطة نتيجة شعوره المستمر بالإنهاك. فضلاً عن ذلك يفقد المريض بالاكتئاب قدرته على النوم ليلاً ويظل مستلقياً في فراشه عابساً.

 

ونتيجة هذه الأعراض التي لا يُمكن تحملها من ناحية، يدخل المريض في حالة من فقدان الأمل من ناحية أخرى؛ لأنه يعتقد أنه لن يخرج من هذه الحالة مطلقاً. وبالطبع يتسبب ذلك في معايشته لحالة شديدة من المعاناة.

 

وينصح البروفيسور الألماني بأنه إذا لاحظ أي شخص انطواء أحد أقاربه أو أصدقائه أو شريك حياته وفقدانه القدرة على الضحك وربما أيضاً على البكاء – إذ تتسبب حالات الاكتئاب الشديدة في حدوث ذلك بالفعل، فمن المهم حينئذٍ أن يُشجع قريبه على استشارة طبيب مختص؛ لأنه عادةً ما يعتقد الشخص المصاب بالاكتئاب أن حالته هذه ترجع مثلاً إلى وقوعه تحت ضغط عصبي بسبب كثرة أعباء العمل أو نتيجة وجود مشاحنات في محيط أسرته.

 

صعوبة الوقاية

وفيما يخص طرق الوقاية من الاكتئاب، أكدّ هيغرل أن هذا الأمر يتسم بصعوبة شديدة أكثر مما يتخيل البعض؛ لأنه لا توجد أسباب موّحدة للإصابة بالاكتئاب يُمكن تفاديها للوقاية منه؛ فحتى إذا تم الحد من الوقوع تحت الضغط العصبي، الذي يُعتبر أحد العوامل المؤدية للإصابة بالاكتئاب، لن يُمكن للإنسان بالضرورة وقاية نفسه منه، لاسيما إذا كان لديه استعداد فطري للاكتئاب.

 

وأضاف البروفيسور الألماني أنه كثيراً ما تحدث الإصابة بالاكتئاب عند بداية الخروج في أجازة أو عند التقاعد، أي عندما لا يكون الإنسان واقعاً تحت ضغط واضح، لافتاً إلى أنه عادةً ما يقل معدل إصابة الأشخاص، الذين يعملون في المجالات التي تتطلب بذل قدر كبير من المجهود، بالاكتئاب عن غيرهم ممن لا يعملون في مثل هذه المجالات. كما أثبتت الإحصائيات أن موظفي الدوام الجزئي يميلون إلى الإصابة بالاكتئاب أكثر من غيرهم ممَن يعملون بدوام كامل.

 

سُبل العلاج

ويُطمئن اختصاصي علاج الاكتئاب الألماني أن هناك إمكانيات فعّالة لعلاج الاكتئاب كمضادات الاكتئاب مثلاً، التي لا تتسبب في الإدمان – كما يعتقد البعض - ولا تُحدث أي تغيّر في السمات الشخصية، ولكن عادةً لا يظهر تأثيرها بشكل سريع؛ إذ يستلزم الأمر الانتظار لقرابة أسبوعين إلى أن يتم ملاحظة آثارها الإيجابية.

 

وأشار هيغرل إلى أنه يوجد أيضاً تقنيات العلاج النفسي، لاسيما العلاج السلوكي المعرفي، الذي تم إثبات فاعليته بشكل وافٍ في العديد من الدراسات الموثوق فيها، مع العلم بأنه عند استخدام هذه التقنية العلاجية يتم تركيز الاهتمام على المرحلة الراهنة من حياة المريض كأن يتم التركيز مثلاً على هيكلة مسار يومه وكسر حالة الاكتئاب السلبية التي يعيش بداخلها.

 

وحذّر البروفيسور الألماني من أن إصابة أي شخص بالاكتئاب تعني أنه ربما يكون لديه استعداد فطري لذلك؛ ومن ثمّ يرتفع لديه خطر الإصابة به مجدداً بعد علاجه. لذا من المهم أن يتعلم هذا الشخص - قدر الإمكان - بعد الإصابة الأولى كيفية اكتشاف المؤشرات الأولى للإصابة بالاكتئاب وكذلك الإجراءات التي يجب اتخاذها لمواجهته.