الميناء يمثل شريان المدينة الاقتصادي
هامبورغ.. أجواء بحرية متفردة ومشاهد فنية ممتعة
يبقى الحديث عن هامبورغ مرتبطاً دوماً بالبحارة والسفن والميناء، فالمياه هي من أهم المظاهر الساحرة في المدينة. وعلى الرغم من وجود الكثير من المدن التي تتمتع بميناء جميل، إلا أنميناء هامبورغ مختلف ومتفرد، لاسيما أنه يقع في قلب المدينة. فنهر الإلبه والميناء يمثلان شريانها الاقتصادي كما يضفيان على الحياة فيها جواً بحرياً فريداً من نوعه، خصوصاً مع وجود حوالي 2500 جسراً عبر شبكة القنوات المائية العريضة والصغيرة التي تتدفق بين نهر الإلبه والألستر.
يشهد ميناء هامبورغ كل عام واحدة من أهم الفعاليات والمتمثلة في الاحتفال بذكرى عيد ميلاد الميناء (هافن غيبورتستاغ هامبورغ)، حيث يتضمن الاحتفال برنامجاً منوعاً، سواءً فوق البر من خلال مجموعة من العروض البارزة، أو فوق الماء من خلال عرض موكب السفن، الذي يشارك فيه العديد من السفن الملاحة البحرية، من بينها القوارب الشراعية الطويلة والسفن التقليدية والسفن السياحية العريقة المهيبة. ومن حظى بحضور هذه الفعالية المثيرة، فإنه تمتع بلا شك بمشهد فني رائع، لاسيما عندما تشرع السفن بالدوران وكأنها ترقص باليه.
ويجب أن لا تفوتك إحدى الجولات المتنوعة فوق مياه بحيرة الألستر. فهناك عدّة رحلات يومياً على السفينة البخارية تبدأ عند محطة القطار (يونغفيرن شتيغ)، حيث يمكن للزائر التمتع برؤية معالم المدينة. كما يفضل القيام بجولة على الأقدام حول بحيرة الألستر لمشاهدة أجمل المواقع السكنية في هامبورغ.
وبشكل عام، فإنه عند قيامك بجولات سياحية مائية أو زيارة إحدى السفن-المتحف الأسطورية أو ميناء هامبورغ، فمن المؤكد أنك ستسشعر أجواء الماضي والبلاد البعيدة وسوف تتعرف عن قرب على أسباب إطلاق لقب "البوابة إلى العالم"على مدينة هامبورغ!
ومن يريد أن يعيش أجواء التاريخ التجاري للمدينة، يمكنه الانطلاق من رصيف الميناء (لاندونغسبروكن) إلى مدينة المخازن التاريخية (شبايشر شتادت)، حيث تعد منازل التجار البديعة على ضفتي نهر الإلبه ومجمع (شبايشر شتادت) التاريخي الضخم شهادة على تاريخ مدينة هامبورغ الحرة الهانزية. فمدينة المخازن التاريخية التي يمتد عمرها إلى أكثر من 100 عام، ستجعلك تعيش أجواءً ذات نكهة خاصة. ويعتبر هذا المجمع التاريخي أكبر مجمع لمخازن السلع في العالم، حيث يتم هنا تخزين بضائع ذات قيمة عالية كالشاي والكاكاو والقهوة والتوابل والتبغ بالإضافة إلى العديد من المنتجات الأخرى، كما يوجد فيها أكبر مخزن للسجاد الشرقي في العالم. وخلف الحائط الضخم لمدينة المخازن يمكنك أن تتمتع بجو رومانسي بين قنوات المياه الجارية وأبنية العصر الغوطي والسطوح الموشورية والأبراج الغريبة الشكل. ويصبح المنظر أكثر رومانسيةً في ساعة الغروب.
وبالقرب من هذا المجمع التاريخي يُبنى واحد من أضخم المشاريع السكنية لتطوير المدن الأوروبية وأكثرها جاذبية على الإطلاق والمتمثل في (مدينة الميناء) (هافن ستي)، إذ يعتبر هذا المشروع من المشاريع الجرئية التي تثير الفضول في نفوس زوار وضيوف المدينة، حيث سيذهلك بمبانيه ورؤيته المستقبلية كونه يعد عالماً مثالياً لحياة أجمل وعمل أفضل، بل إن الفضول دفع أهل هامبورغ أنفسهم إلى التجول على طول الشوارع الممتدة على جوانب أحواض الميناء ليشاهدوا التغييرات التي تطال شكل (مدينة الميناء) باستمرار.
ومن أروع الأعمال الهندسية لهذا المشروع تبرز قاعة الحفلات الموسيقية (إلبفيلهارموني) التي يمزج بناؤها بين العراقة والحداثة ليتماهى مع مدينة الهانزا الواقعة مباشرة على المياه.وسيلعب هذا المرفق الموسيقي دوراً مهماًووظيفة مركزية كمعلم سياحي مسؤول عن تطوير وتسويق (مدينة الميناء)، وسيكون بمثابة علامة بارزة لمدينة هامبورغ على الصعيد الدولي.
وتعتبرالأجواء الموسيقية والفنية والثقافية التي تتميز بها هامبورغإحدى المزايا الجذابة لهذه المدينة السياحية. فقد ترك الشعراء ومؤلفو الموسيقى المشهورون عالمياً آثارهم في تاريخ ثقافة هامبورغ الطويل، واحتفلت فرقة البيتلز في نادي (ستار) ببداية نجاحها.
ويوجد في هامبورغ كل شي: دور الأوبرا التي تقدم عروض الأوبرا ورقص الباليه، وفرق الأوركسترا والسيمفونيات، والمسارح التي تتميز بتعدد أنواع العروض والفنون، فضلاً عن الحفلات الموسيقية التي تستضيف النجوم العالميين المشهورين بموسيقى الروك والبوب وغيرها. وتعتبر هامبورغ أيضاً من أكبر المدن العالمية لعروض المسرحيات الغنائية الموسيقية (الميوزيكال) في العالم.
وعند زيارة حي (سانت باولي) ستجد فرصاً لا تنتهي من التسلية، كحفلات الرقص والعروض المسرحية والموسيقية والحانات والملاهي الليلية. فحياة الليل في هامبورغ مشهورة في العالم أجمع. وفي شارع (ريبيربان)في (سانت باولي) يكتشف المرء مرة أخرى نوعيات جيدة، حيث تتواجد اليوم عشرات المطاعم ومقاهي الرقص وأندية الموسيقى الحية.وستحظى في هذا الشارع بمشاهد فنية وثقافية حية، لاسيما وأنه شهد تحولاً كبيراً، فبعد أن كان هذا الحي مكاناً للمتعة، تكوّنت فيه اليوم ثقافة بديلة، فبات يزخر بالفن والموسيقى والثقافة، حتى أن عروض المسرحيات الغنائية الموسيقية (الميوزيكال) وجدت فيه مسارح لها. ويلاحظ تزايد مستمر لأعداد الشباب أصحاب الأفكار الجديدة الذين يكتشفون هذا الحي والمنطقة المجاورة له مثل حي (شانتسن فيرتل).
كما تصل أجواء الموسيقى إلى (سوق السمك) الذي لا ينبغي على أي قادم إلى هامبورغ أن يفوت فرصة زيارته. فمنذ عام 1703 يتم في أيام الأحد من الساعة الخامسة صباحاً بيع كل ما يتصوره المرء في هذه السوق التقليدية لهامبورغ. ويمكن الحصول على شتّى البضائع تحت سقف قاعة المزاد العلني التي يبلغ عمرها أكثر من 100 عام ويرتبط إسمها تاريخياًبالسمك. وسترى هنا حشوداً من أهل المدينة وضيوفها، كما ستجد أشخاص سهروا الليلة السابقة في شارع (ريبيربان) يتناولون وجبات السمك ويحتسون القهوة الساخنة بانتظار عودة حيويتهم. وتشهد المدينة أيضاً فعاليات ومهرجانات دولية شهيرة.
وتزخر مدينة هامبورغ الحرة الهانزية بالأروقة الأنيقة، وشوارع التسوق المشهورة وبعض من أرقى الفنادق في ألمانيا. ويمثل موقعها في حد ذاته الرفاهية اللامتناهية، لاسيما مع وجود بحيرة خلابة في قلب المدينة. وتحتضن هامبورغ أيضاً أحد أضخم الشوارع في العالم: "إلب شوسزيه"، الذي يمتد عبر ضواحي "أورتمارشن"، "نينستيدن" و"بلانكنيزه"، الواقعة على ضفاف النهر.كما أن الرفاهية في هامبورغ لاتعني الغلاء، بل تدلعلى التفرد والتميز، فهذه المدينة مفعمة بالجاذبية، تماما كما هو حال سكانها المعروفين بحسن الضيافة.
وسيجد الضيوف القادمون إلى هامبورغ شبكة من مراكز التسوق الرائعة الواقعة في قلب المدينة. والمميز أن لكل واحد من هذه المراكز جمال خاص ورونق ساحر. فنظراً لقربها من بعضها البعض، يصبح بإمكانكم المرور في مركز المدينة بأكمله دون الحاجة لاستخدام المظلة! وفي مراكز مثل: "بلايشينهوف"، "غاليريا"، "هامبورغ هوف" و"غانزه ماركت"، يمكن لعشاق التسوق العثور على المتاجر والمعارض الرائدة.أما "ألستر أركادن" فيعتبر أصغر وأعرق أروقة هامبورع، حيث يشكل مع رواق "مليين" نقطة وصل إلى جادة "نوير فال". وتشكل الزخرفة الخلابة والسقوف المزينة بالرسوم تجربة تسوق ممتعة لكل زوار وضيوف المدينة.
كما يمثلالرواق الحي الهانزي التاريخي "هانزه فيرتل" مجمعاً مذهلاًللتسوق مبني من الحجر ويمتد على مساحة 9000 متر مربع تحت سقف زجاجي على شكل قبة.
ويعتبر حي"كارولينن فيرتل"، أو كما يُسمى محلياً "كارو فيرتل"، مناسباً لأولئك الذين يتجنبون الماركات العصرية لصالح المصممين الشباب الذين يبتكرون تصاميم خاصة بهم. وقد وصل العديد من هذه الماركات إلى الشهرة والعالمية.
أما شارع "نوير فال" فيعد بمثابة شانزليزيه مدينة هامبورغ. وعلى الرغم من أن طوله، الذي يبلغ حوالي كيلومتر واحد، ليس بطول تلك الجادة الباريسية، إلا أنه يعتبر واحداً من أفخم عشرة شوارع تسوق في أوروبا. فهنا تجد المتاجر الرائدة لمصممي الأزياء الواحد يلي الآخر.
وفي ظل ما تتميز به هامبورغ أيضاً من أنها مدينة خضراء تنتشر فيها المروج الشاسعة والحدائق العامة الجميلةكحديقة (بلانتن ان بلومن)، و(يانيش بارك)، فإنها تقدم الكثير من النشاطات الترفيهية للعائلات ومنها ركوب الزوارق في إحدى قنوات نهر الألستر الخلابة أو إطعام الزرافات والفيلة في حديقة الحيوانات (هاغن بيك) أو زيارة بلاد العجائب المصغّرة(فوندرلاند مينياتور)، التي تعد واحدة من أهم مرافق الجذب السياحي في هذه المدينة الهانزية، حيث تتولى عشرات أجهزة الكمبيوتر التحكم في مئات القطارات والسيارات والسفن.
وتستمر الإثارة أيضاً عند حضور عروض (هامبورغ دانجون)، فهنا يقومممثلون بتحويل الكوارث الفظيعة التي تعرضت لها هامبورغ تاريخياً إلى مناظر حية أمام عيون الزوار.
أما عند الاتجاه إلى جنوب هامبورغ (على بعد ساعة بواسطة السيارة) فسييصل الزوار إلى (هايدا بارك زولتاو)، أكبر مدينة ترفيهية في شمال ألمانيا، والتي تقدم عشرات الألعاب والعروض المناسبة للكبار والصغار. وإلى الجنوب الغربي من هامبورغ تتواجد حديقة (سيرينغيتي بارك) في (هودنهاغن)، والتي تعتبر أكبر محمية سفاري ومحمية للحيوانات البرية في ألمانيا، حيث يتمتع الزائر بسفاري إفريقية حقيقية.