عوامل حاسمة تصنع قوة ألمانيا التنافسية

هناك مجموعة حاسمة من العوامل التي تشكل قدرة ألمانيا التنافسية، نذكر منها امتلاكها لأعلى معدلات الإنتاج عالمياً، وانخفاض تكاليف وحدة العمل. كما ساهمت سلسلة من الاصلاحات الاجتماعية في السوق بتحويل النمو الاقتصادي الألماني إلى أحد أكثر مواقع الإنتاج في أوروبا فعالية من حيث التكلفة. وكأقوى اقتصاد في أوروبا تقدم ألمانيا سوقاً جذاباً من الدرجة الأولى، وذلك بفضل موقعها الاستراتيجي وسهولة ارتباطها بالأسواق الأوروبية الداخلية وكذلك دول شرق ووسط أوروبا. وتتميز ألمانيا بقوتها الإبداعية وتميزها التكنولوجي في قطاع التكنولوجيا العالية، حيث تحصل باستمرار على أعلى التقديرات نظراً لبنيتها التحتية واللوجستية.

 

ونظراً لموقعها المميز في قلب وسط أوروبا، فهي تحتل المرتبة الأولى في السوق الأوروبي للنقل والإمدادات، حيث يتم التوزيع بنجاح وفي الوقت المحدد عبر طرق مختصرة، ويرجع ذلك للطاقة المتطورة والبنية التحتية الممتازة للاتصالات، إضافة إلى شبكات النقل الجيدة. وتعتبر شركة السكك الحديدية الألمانية "دويتشه بان" رائدة في عالم المواصلات، نظراً لتوظيفها أحدث وأفضل التقنيات في مشاريع بناء وتطوير شبكات السكك الحديدية التي تشكل دعماً قوياً لحماية البيئة والتنمية المستدامة وتسهم بشكل فعال في التقليل من الانبعاثات الغازية وتعمل على تنويع مصادر الدخل الاقتصادي وتعزيز الصادرات في مجال الدعم اللوجيستي والبناء.

 

ولكن تميز ألمانيا يعتمد أولاً وأخيراً على القوى العاملة التي يضمن لها النظام التعليمي تحقيق أعلى المستويات، حيث أتاح ذلك تأهيل 81% من سكان ألمانيا للدخول إلى مستوى جامعي أو لامتلاك المؤهلات المهنية المعترف بها. ومن خلال دعم الدولة لأعمال البحث والتطوير، باتت ألمانيا من رواد الابتكار في العالم، حيث أنها تتصدر المرتبة الأولى في أوروبا في مجال البحوث. هذه القوة المبتكرة التي يدعمها الالتزام جعلت ألمانيا أيضاً تحتل المرتبة الأولى في تسجيل براءات الإختراع في أوروبا والقوة الرائدة في العالم في الحلول التقنية العليا. كما إن نظام التعليم الألماني، خاصة ما يُعرف بنظام التدريب المهني المزدوج يعد من أهم عوامل نجاح الاقتصاد الألماني.

 

وفي عصرنا هذا فإن التقنية المتطورة تحدد القدرات التنافسية للدول. وتستيطع التقنيات أن تلعب دوراً مهماً في إنتاج الطاقة المتجددة ودعم عملية التنمية المستدامة، بحيث تلبي احتياجات الحاضر وتعمل على ضمان احتياجات الأجيال القادمة من خلال إحلال تنمية اقتصادية واجتماعية وبيئية مستدامة. ووضعت ألمانيا، في السنوات الأخيرة، هدفاً لها يقضي بالحفاظ على البيئة ودفع عجلة النمو الاقتصادي دون أن تتناقض العمليتين. كما أدخلت ألمانيا مجموعة من القوانين والحوافز وبرامج الإصلاح لتعزيز مصادر الطاقة المتجددة. وتأتي سياسة البلاد في مجال الطاقة المتقدمة كرد فعل على اثنين من أكثر تحديات عصرنا إلحاحاً: أمن الطاقة وتغير المناخ. وبناء عليه، فإن هناك حاجة كبيرة لتكنولجيات فعالة للحد من استهلاك مصادر الطاقة الرئيسية. ومن الجدير بالذكر أن ألمانيا تستثمر مبالغ طائلة في مشاريع حماية البيئة وترشيد استخدام الطاقة وتوفير مصادر بديلة لها، لاسيما أن صناعة الطاقة المتجددة تتصدر الطليعة في القرن الحادي والعشرين.