ثقافة وفن

هي ليست تلك المدينة التي يمكن استكشافها في يوم واحدا! ومن تقتصر زيارته إلى شتوتغارت، عاصمة ولاية بادن-فورتمبيرغ، على التعريج على متحفي "مرسيدس-بنز" و"بورشه" أو المرور في ساحة القصر "شلوس بلاتس"، فكأنه لم يرها ولم يتعرف عليها. ففي شتوتغارت هناك دار الأوبرا الحاصلة على جوائز متعددة كأفضل أوبرا، وفرقة باليه شتوتغارت التي تحظى بشهرة عالمية، والمنطقة السكنية "فايسنهوف زيدلونغ" التي تعتبر مع ما تضمه من منازل من تصميم "ميس فان دى روه" و"لو كوربوزييه" واحدة من المعالم المميزة للعمارة الحديثة في أوروبا.

 

في معرض شتوتغارت الوطني "شتاتس غالاري" يجد المرء مجموعة فريدة من الأعمال الفنية التي تغطي 700 عاماً، حيث تتمثل المحاور الرئيسية لهذا المعرض في مجالات الفنون الألمانية والإيطالية والهولندية، الكلاسيكية الشفابية، الرسوم والنحوت الكلاسيكية والمعاصرة.

أما متحف الفن في شتوتغارت "كونست موزيوم" فيعتبر عملاً فنياً في حد ذاته، ففي هذا المبنى المصمم على شكل مكعب زجاجي بنواة صلبة تتواجد المجموعة الفنية الوطنية. ويتحول هذا المتحف في الليل بشكل خاص إلى منارة فنية متألقة تنعكس أضواؤها على ساحة القصر "شلوس بلاتس". وتشتمل محتويات متحف الفن على أكثر من 15 ألف معروض، من القرن الثامن عشر وحتى الوقت الحاضر، ومن الانطباعية الشفابية وحتى الفن المعاصر.

وبالطبع، تبقى ساحة القصر "شلوس بلاتس" قلب مدينة شتوتغارت. فهنا تنبض الحياة وفي نفس الوقت تدعوك أيضاً إلى الجلوس والاسترخاء. ويبرز في وسط ساحة القصر عمود الذكرى (1841)، الذي تتوج ذروته آلهة الانسجام "كونكورديا"، حيث يتواجد في مواجهة القصر الجديد الذي يجمع عصوراً زمنية مختلفة، من الباروكي، الكلاسيكي، الروكوكو والإمبراطوري، وذلك نظراً لطول الفترة التي استغرقها إنشاؤه.

وعلى مرمى حجر منه، يوجد القصر القديم، الذي كان يمثل في السابق مقراً لنبلاء فورتمبيرغ. وإلى اليوم يمكن للمرء استشعار نفحات من التاريخ في محيط هذا القصر، وذلك مع وجود الكنيسة المجمعية "شتيفتس كيرشه" التي تعود جذورها إلى القرنين العاشر والحادي عشر، ومبنى "شتيفتس فروخت كاستن" (1393)، الذي يعد أقدم مبنى في شتوتغارت.

وفي ظل هذين المبنيين التاريخيين في ساحة "شيلر" والسوق، يقام كل عام احتفالات وفعاليات جميلة وكبيرة من أهمها سوق عيد الميلاد.

ففي كل عام يأتي الزوار من جميع أنحاء العالم إلى شتوتغارت للمشاركة في أجواء المرح التي توفرها مهرجاناتها الخمس الكبيرة وسوق عيد الميلاد الرائع، حيث يعتبر الأخير ليس فقط واحداً من أقدم أعياد الميلاد، بل أيضاً واحداً من أكبر أسواق عيد الميلاد في أوروبا بأكملها. فمن خلال مئات الأكشاك المزينة وإضاءة رائعة وحفلات موسيقية موسمية يتم خلق أجواء لا تُضاهى تبهر الملايين من الزوار عاماً بعد عام.

ومن أبرز المهرجانات الأخرى التي تشتهر بها شتوتغارت، يبرز مهرجان الربيع الذي يعتبر أول مهرجان في السنة، فهو يحتوي على العديد من عوامل الجذب لكل أفراد العائلة، كعجلة الملاهي العملاقة، والألعاب الدوارة والطوافات المائية التي تضمن أجواء رائعة.

وهناك مهرجان الصيف في شتوتغارت الذي يقام في الهواء الطلق سنوياً في ساحة القصر الرئيسية وفي حدائق القصر حول البحيرة المتواجدة أمام المسرح الوطني. وهنا يمكن للمرء التجول في المكان وتذوق أطباق طعام لذيذة أو الاسترخاء أو الرقص. فالأكشاك العديدة، الأضواء الساحرة والفوانيس التي لا تعد ولا تحصى، الخلفية الجميلة للقصر الجديد، مجموعة واسعة من المأكولات الشهية وقائمة من العروض الموسيقية تناسب كافة الأذواق، تعطي مهرجان الصيف الأنيق أجواءً لا نظير لها.