القصور والقلاع في دوسلدورف والمنطقة المحيطة

منذ سنوات عديدة تداعب القلاع والقصور وحدائقها المذهلة مخيلة الزوار لتحملهم إلى زمن الأمراء والفرسان المليء بالحكايا. فضمن نصف قطر دائرة يبلغ 80 كم، توفر المنطقة المحيطة بدوسلدورف الكثير من الخيارات للزوار ليسافروا عبر الزمن إلى العصور القديمة، سواء كانت القلعة ذات الخندق الأكثر أهمية في منطقة الراين السفلى، والتي يرجع تاريخها إلى عصر الامبراطور بارباروسا، أو القصر الفريد العائد إلى نهايات عصر الباروك، فهي بمثابة الوحي لأي شخص يهتم بالتاريخ أو يريد ببساطة أن يشتم عبق التاريخ.

تم بناء قصر بينرات (شلوسبينرات)، الذي يقع في جنوب دوسلدورف على ضفاف نهر الراين، منذ أكثر من 200 سنة مضت كمقر صيفي وبيت ريفي للصيد للأمير (كارل تيودور). وتعد حديقة القصر، التي صممها (نيكولا دىبيغاج)، واحدة من أجمل حدائق القصور على الإطلاق في القرن 18. واليوم، تشكل تصميماتها البديعة وديكوراتها الداخلية وهندستها الرائعة وحديقتها التي تعادل مساحتها 60 هكتاراً، عملاً من فن الروكوكو. وبينما يستضيف جناحه الشرقي متحف فن الحدائق الأوروبية (موزيوم فور أويروبيشهغارتنكونست) فإن الجناح الغربي يعد موطناً لمتحف التاريخ الطبيعي (موزيوم فور ناتوركونده).

 وفي شمال دوسلدورف، عند ضفة نهر الراين، تقف أطلال قصر (كايزربفالتس) المهيبة العائدة للقرون الوسطى. تم بناء هذا القصر الملكي من قبل القصير فريدريش الأول (بارباروسا)، وكان يوماً يمثل واحداً من أهم قلاع سلالة الملوك الألمان (هوهنشتاوفن) على نهر الراين. وتم توسعة القصر من قبل الامبراطور الأسطوري (بارباروسا) بعد نقله نقطة الرسوم الجمركية لنهر الراين من هولندا إلى (كايزرسفيرت)، وبالتالي احتاج إلى حصن لمراقبة نهر الراين. وتم شحن كتل صلبة من الصخور البركانية "التراكيت" من جبل (دراخنفيلز) في سلسلة جبال (زيبنغيبيرغه) إلى منطقة (كايزرسفيرت). واليوم فإن جدران هذه الأطلال الرائعة لأحد أكبر القصور الملكية والقلاع الامبراطورية لا تزال بطول 50 متراً وتصل سماكة الجدران إلى 4.5  متراً.

ومن أفضل الأمثلة على البلدة المحافظة على تحصيناتها في منطقة نهر الراين، تبرز (تسونس)، وذلك بفضل تحصيناتها المصانة المتفردة العائدة إلى القرن الرابع عشر. ويساهم كل من المركز التاريخي وجدار البلدة السليم تماماً مع أبراجه العديدة في جعل هذه البلدة واحدة من مناطق الجذب السياحي الرئيسية في المنطقة المجاورة مباشرة لدوسلدورف.

أما القصر الرئع دوك (فاسرشلوس دوك) قرب بلدة (يوشن)، فيعتبر واحداً من أهم قصور المياه وكذلك من أهم المعالم الثقافية في منطقة الراين السفلى، وهو يرجع بزواره إلى ما يقارب 1000 سنة من التاريخ. منذ أن تم ذكره لأول مرة في وثائق ترجع لعام 1094 ، كانت ملكية القصر تعود لعائلة (تسو زالم-رايفرشايدت-دوك). ويقع هذا المجمع، الذي تم بناؤه على أربع جزر، ضمن الحدائق الغناء المحيطة به، ويعد مركزاً لفن الحدائق وثقافة تصاميم المناظر الطبيعية (تسنتروم فور غارتنكونست اُند لاندشافتسكولتور). وبالنسبة للمناطق المائية والممرات والمجموعة المميزة من الأنواع النادرة والأشجار الرائعة التي صممها أصحابها الملكيون فهي تشكل مشهداً خلاباً لامثيل له، لا سيما عندما تتفتح أزهار الريددندنرين والأزليات (رودوديندرون اند آتساليّن) في فصل الربيع ، كما جعلت منها مقصداً شهيراً للنزهات.

وعلى مشارف مدينة (كريفيلد) تقع قلعة (لين) ذات الخندق المائي، وهي واحدة من أقدم مجمعات القلاع في المنطقة. وبشكلها الحالي يعود قسم كبير من تاريخ القلعة إلى القرن الثالث عشر. وكان الجناح الجنوبي وجدار الدفاع الخارجي المنخفض الارتفاع من بين أمور أخرى تم بناؤها في القرن 15. ومن خلال الأبراج، الأسوار، القبو ، البهو والمصلى، فضلاً عن فناء سليم تماماً يحيط بها جميعاً خندق واسع، تبرز صورة أصلية عن قلاع القرون الوسطى. ويضم البيت الريفي للصيد عدة غرف مفروشة يعود تاريخها إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، إضافة إلى مطبخ مزرعة مجهز بالكامل ويعتبر نموذجاً لمنطقة الراين السفلى، وكذلك مجموعة من الأدوات الموسيقية التاريخية.

ويمثل متحف قصر رايدت (موزيومشلوسرايدت) في مدينة (مونشنغلادباخ) مجمعاً من المباني التي تعود أصولها إلى القرن الثاني عشر. وفي الوقت الحاضر، فإن الشكل المعاصر للمجمع ما هو إلا نتيجة عمليات إعادة بناءتم تنفيذها خلال منتصف القرن السادس عشر. ويقدم المتحف نفسه بوصفه الوحيد الذي حافظ تماماً على مبناه الذي يحمل طابع عصر النهضة في منطقة الراين السفلى، فالموقد، والسقوف، والجداريات، وأغطية الأرضيات قد نجت جميعها من أثاث المبنى الأصلي. واليوم، يعد القصر مقراً لمتحف قصر رايدت (موزيومشلوسرايدت)، الذي يركز على سمات فن عصر النهضة والباروك وعلى التاريخ الحضري والصناعي.

وعلى نهر (فوبر)يمثل قصر بورغ (شلوسبورغ) قلعة محصنة تقع قرب مدينة (زولينغن) ويرجع تاريخها إلى القرن الثاني عشر، وكانت مقراً لكونتات بيرغ.ومن خلال التحصينات وقاعة كبيرة ومستودع الأسلحة وزنزانة ومصلى القلعة ومعرض صور الأجداد، يتمكن المرء من إلقاء نظرة إلى تاريخ وثقافة القرون الوسطى. كما أن نظام القلعة، كمجمع رائع من المباني الصغيرة، يشبه إلى حد بعيد مستوطنات الحرفيين التاريخية. وهناك مقعد تلفريك يحمل الزوار من أسفل القلعة فوق المنحدر الحاد للاستمتاع بمشهد القلعة الرائع فوق منطقة السلسلة الجبلية (بيرغيشه لاند)، حيث تنتشر العديد من المقاهي التي تدعو الزائرين لتناول فنجاناً من قهوة هذه المنطقة (بيرغيشه كافيه تافل) وهي قهوة تقليدية في فترة العصر.

أما قصر مويلاند (شلوسمويلاند) قرب بلدة (بدبورغ-هاو)، الذي يعد في الأصل أحد أهم قلاع العصور الوسطى في منطقة الراين خلال القرن التاسع عشر، فقد تم تحويله إلى أحد الهياكل القوطية الجديدة الأكثر أهمية في ولاية (نوردراين-فستفالن). وخلق ذلك التحويل عملاً فنياً ذي قيمة ثقافية تاريخية وفنية عالية، وذلك لأن القصرأصبح يشمل أيضاً حديقة رائعة إلى جانب منظر رومانسي حالم.