مدينة مفعمة بالمرح ومحبوبة من السكان والزوار

ما يعرفه السكان المحليون في فرانكفورت منذ مدة طويلة تقريباً، هو حقيقة رسمية: فبحسب استطلاع رأي لمؤسسة ميرسر حول جودة الحياة في عام 2010، احتلت فرانكفورت المرتبة السابعة في التصنيف العالمي لنوعية الحياة في المدينة، متقدمة بفارق كبير على مدن مثل لندن وباريس. وبالنسبة لأولئك الذين لا يزالون يربطون فرانكفورت بمطارها أو معارضها التجارية أو بنوكها فعليهم أن يتوجهوا إلى عاصمة الماين ليتأكدوا بأنفسهم من دقة استطلاع الرأي المذكور. فالعديد من المعايير التي تم أخذها في الاعتبار عند تحديد نوعية الحياة الممتازة في فرانكفورت تلعب أيضاً دوراً في جعل إقامة الزائر أكثر راحة.

يعتبر نهر الماين القلب النابض لفرانكفورت. فضفافه ومناظره الطبيعية الفريدة من نوعها في أوروبا تضفي أجواء رائعة على المدينة. فهي تمثل موطناً لواحدة من أكثر الوجهات الثقافية أهمية في أوروبا، وهي تشتهر باسم "ضفة المتاحف". وبفضل جودة وتنوع المرافق والمنشآت الثقافية، فقد اكتسب هذا الموقع شهرة عبر البلاد، مع ما مجموعه 13 متحفاً تصطف إلى جانب بعضها البعض على ضفتي نهر الماين كعقد من اللؤلؤ. وهي تمثل مجرد 13 من أكثر من 40 متحفاً تنتشر في كافة أنحاء المدينة. وتقدم "ضفة المتاحف" في فرانكفورت نفسها كتجمع خاص جداً من الفن والثقافة والترفية والاستجمام. كما أنها واحدة من أكثر الوجهات السياحية استقطاباً للزوار في فرانكفورت، فهي معلم بارز من الطبيعة الأكثر تنوعاً.

كما يحب سكان فرانكفورت التجمع على ضفاف نهرهم، الذي يمثل مكاناً شعبياً للالتقاء يضم متاحف رائعة وحدائق غنّاء وأحزمة خضراء جميلة. وفي كل عام، خلال الصيف، تستضيف متاحف فرانكفورت ونهر الماين واحداً من أشهر المهرجانات الثقافية في أوروبا وهو "مهرجان ضفة المتاحف". تُقام هذه المناسبة على مدار 3 أيام في عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة من شهر أغسطس، جاذبةً أكثر من 3 ملايين زائر إلى عاصمة الماين كل عام.

ويعشق سكان فرانكفورت الحفلات، وهناك مجموعة واسعة من الفرص للاحتفال، حيث يجري هنا كل عام تنظيم أكثر من 100 حدث وفعالية ومهرجان كمهرجانات الشوارع والأسواق والمعارض الشعبية وغيرها من الأحداث التي تُقام في الهواء الطلق. وبالإضافة إلى الأحداث السنوية، فقد اكتسبت فرانكفورت سمعة أيضاً باستضافة العروض المذهلة التي تصاحب الأحداث الرياضية الضخمة. وسواء كان حدث مثل "سكاي أرينا"، الذي شكل جزءاً من كأس العالم لكرة القدم 2006، أو مهرجان الجمباز الألماني الدولي 2009 أو كأس العالم لكرة القدم للسيدات، فإن نهر الماين ووجه مدينة فرانكفورت الفريد يمثلان غالباً مركز الاهتمام.

وبالنسبة للكثيرين فإن نهر الماين هو أكثر من مكان للراحة والترفيه. فمع مشروع الميناء الغربي "فيست هافن"، مهدت مدينة فرانكفورت الطريق لتزهر الحياة السكنية على طول نهر الماين. وهنا، قد يكون المعلم الرئيسي هو برج المكاتب ذو الزجاج الأخضر. ومع ذلك، فإن هذا المبنى الفريد هو في الواقع واحد من عدد قليل من المواقع التجارية وسط منطقة الميناء التي هي في الغالب منطقة سكنية. أما أفخم المساكن فهي بالتأكيد الشقق 12 على طول أرصفة الميناء، والتي تمتلك حتى مهابط خاصة بها. كما برزت خلال السنوات القليلة الماضية مناطق سكنية جذابة أيضاً في الميناء الشرقي "أوست هافن" وعلى طول طرف النهر في منطقة زاكسنهاوزن.

أما أولئك الذين يفضلون الابتعاد عن صخب حياة المدن الكبرى فعليهم الابتعاد عن منطقة وسط مدينة فرانكفورت إلى واحد من العديد من الأحياء والمناطق المجاورة، والتي ظل معظمها بمنأى عن الدمار الكامل الذي تسببت به الحرب. هنا، حيث يقطن غالبية سكان فرانكفورت، تسير وتيرة الحياة اليومية على مهل لتمنح الزائر قدراً أكبر للاسترخاء. والأفضل من ذلك هو توفر الكثير من فرص التسوق والمطاعم والمقاهي التي تنتظر الزوار لاستكشافها. في الحقيقة، فإن كل حي من أحياء المدينة لديه متنزه تسوق خاص جداً به. ففي منطقة "زاكسنهاوزن" هناك شارع "شفايتسر شتراسه" مع محلاته التجارية العصرية ومطاعمه، وفي حي "بوكنهايم" يعتبر شارع "لايبتسغر شتراسه" المكان المناسب للتنزه، بينما يمكن في حي الطرف الشمالي "نورث إيند" وحي "بورنهايم"، اللذان يعتبران من أكثر المناطق السكنية شعبية، الاستفادة من العروض التي لا تُعد ولا تُحصى في شارع "بيرغر شتراسه" المعروف بتردد الناس الكبير عليه. فهذا الشارع في الحقيقة يحظى بشعبية واسعة بين سكان المدينة متعددي الثقافات، والذي وصفته القناة التلفزيونية الألمانية الرائدة "آر تي إل" بأنه "شارع الانتخابات" في ألمانيا قبل الانتخابات الإتحادية لعام 2009، وأجرت فيه مقابلات مع السكان حول مجموعة متنوعة من المواضيع. يمتد شارع "بيرغر شتراسه" حوالي 3 كم ويزخر بالعديد من البوتيكات الفردية ومتاجر الكتب والمحلات المتخصصة ودكاكين الأطعمة ومحلات البقالة.

وفي المساء، تنبض الحياة في شارع "بيرغر شتراسه" مع ما يضمه من عدد لا يُحصى من المقاهي والحانات والمطاعم والبارات، ليجذب السكان المحليين وكذلك الزوار من المناطق والضواحي القريبة. وتحول شارع بيرغر شتراسه السفلي "لوار بيرغر شتراسه" إلى وجهة مشهورة للترفيه وذلك بفضل حديقة "بيتمان بارك" المجاورة على وجه الخصوص. فهنا يجد المرء المتسوقين يتمتعون بالاسترخاء بعد جولة تسوق طويلة، بينما يتوجه الباحثون عن المزيد من الهدوء إلى الحديثة الصينية المجاورة. كما أن الاحتفالات ليست غريبة أيضاً على شارع "بيرغر شتراسه"، حيث يشهد خلال الصيف احتفالين ممتازين: "بينيمر ميتفوخ" في شارع بيرغر شتراسه العلوي "أوبر بيرغر شتراسه" الذي يتحول إلى منطقة ضخمة للطهي، ومهرجان "بيرغر شتراسه" في شارع بيرغر شتراسه السفلي "لوار بيرغر شتراسه" والذي يعد واحداً من أشهر المهرجانات في فرانكفورت. وهنا يتم ضمان عطلة نهاية أسبوع مليئة تماماً بالترفيه وذلك بفضل الموسيقى الحية والمأكولات العالمية. ويشهد شارع "بيرغر شتراسه" مرتين في الأسبوع إقامة سوق المزارعين الممتاز، الذي يتم فيه تقديم المنتجات الإقليمية الطازجة وكذلك المأكولات من كافة أنحاء العالم. ويعتبر هذا السوق أيضاً مكاناً شعبياً للقاء، حيث يتسوق السكان المحليون سويةً ويتبادلون الحديث وربما يجربون مسرات الطعام الجديدة. ولا تقلق إذا لم تتمكن من زيارة شارع "بيرغر شتراسه". ففي معظم أحياء المدينة يمكن للمرء إيجاد أسواق المزارعين الأسبوعية.

وبينما يأتي المزارعون إلى فرانكفورت من المناطق المحيطة خلال أيام الأسبوع، فالعكس تماماً يحدث في عطلة نهاية الأسبوع، حيث يتوجه سكان فرانكفورت أيام السبت والآحاد للقاء الطبيعة الأم، مستقلين القطارات إلى سلسلة جبال "تاونوس"، التي لا تبعد سوى نصف ساعة. هنا، تكون عجائب الطبيعة تحت تصرفهم، من التنزه وركوب الدراجات الهوائية خلال الصيف إلى التزحلق والتزلج عبر البلاد خلال الشتاء. فالقرب من واحدة من أكبر وأجمل السلاسل الجبلية في ألمانيا يمثل ميزة أخرى لمدينة فرانكفورت على الماين. وبالحديث عن القرب، فإن فرانكفورت، كما يعلم الكثيرون، مدينة المسافات القصيرة. فمعظم مناطق الجذب السياحي لا تبعد عن بعضها البعض سوى مسافة بضعة مئات من الأمتار. وهذا أحد الأسباب الذي يفسر ترك سكان فرانكفورت لسياراتهم في المرآب واللجوء بدلاً من ذلك إلى المشي على الأقدام أو ركوب دراجاتهم الهوائية. وإذا لم يكن أي من هذه الخيارات مناسباً، فيمكن دوماً استخدام نظام النقل العام الممتاز في فرانكفورت. وفي كل الأحوال، فإن الانخفاض المستمر بحركة المرور ساهم في زيادة نوعية الحياة في فرانكفورت، وهي حقيقة تجعل من عاصمة الماين أكثر جاذبية بالنسبة للسياح أيضاً.