اكتشفها خلال يومين

دوسلدورف.. مدينة أنيقة متعددة الوجوه

للصيف نكهة خاصة في دوسلدورف، عاصمة ولاية شمال الراين-ويستفاليا. فهذه المدينة الخضراء الرومانسية تزداد جمالاً وروعة عندما تداعب نسائم الصيف العليلة شوارعها وقصورها وحدائقها، بحيث تضفي على وجودك فيها شعوراً بالمتعة وحب الحياة. فإذا كنت ممن يرغبون بزيارتها، تأكد أنك ستتمكن من التعرف عليها خلال وقت قصير جداً. ففي يومين، لا يمكنك استكشاف وسط مدينة دوسلدورف فقط، بل أيضاً أطرافها، حيث ستحظى برحلة ممتعة إلى قصر "بنرات"، الذي يعد أحد أكثر الوجهات السياحية جاذبية.

 

اليوم الأول: جولة في قلب المدينة

لتكن البداية من بحيرة (شفانن شبيغل) في وسط المدينة، حيث يقع متحف (كيه 21) المتواجد داخل مبنى (شتينده هاوس) والذي يعرض الفن المعاصر الخاصة بالمجموعة الفنية لشمال الراين وستفاليا.

بعد ذلك يمكنك التوجه إلى (كونغسآليه)، الذي يعتبر واحداً من أجمل الشوارع في العالم. ويتصدر بوليفارد التسوق هذا، الذي يفضل مواطنو دوسلدورف أن يطلقوا عليه شارع (كو)، قائمة الموضوعات عند الحديث عن مدينة دوسلدورف. أما الأشجار، التي يبلغ عددها أكثر من 200 شجرة، فتشكل صورة جميلة تزين هذا الشارع الفخم والأنيق.

 كما تضيف المنحوتات والنوافير والجسور المزخرفة التي تصل بين طرفي (كو) طابعاً مميزاً لهذه المنطقة. ففي الطرف الغربي، تجد بصورة رئيسية البنوك، بالإضافة إلى الفنادق الراقية. أما في الطرف الشرقي فتجد  المحلات الأنيقة وصالات العرض ومراكز وممرات التسوق التي تلهب قلوب عشاق التسوق القادمين من مختلف أصقاع العالم.

وإذا كنت لا ترغب بالقيام بنزهة على طول هذا الميل الحصري لوحدك، فإنك ستجد الكثير من الأماكن الجميلة القريبة، كنافورة (تريتوننغروبه)، و(هوف غارتن)، التي أنشئت في القرن 16 وتعتبر حديقة دوسلدورف الأولى. وتعد هذه الحديقة الخضراء الجميلة الواقعة في قلب وسط المدينة تماماً، مكاناً رائعاً للاستجمام والراحة، بحيث يمكنك أن تلتقط أنفاسك بعد الجولات التي تقوم بها في شوارع التسوق القريبة. وفي الصيف، على وجه الخصوص، تصبح الأجواء فيها مثالية، نظراً للدور الذي تلعبه الأشجار والبرك والنوافير في تلطيف درجات الحرارة.

كما تؤمن الحديقة للأطفال الصغار كل ما يهفو إليه قلب الطفل، مثل شبكات القفز والأراجيح الكبيرة والصغيرة والعربات الهزازة وشبكات الحبال الهزازة بالإضافة إلى زلاقات الأطفال والعديد من الأشياء الأخرى.

أما عند الانتقال إلى شوارع المدينة القديمة فستجد أكثر من 250 مطعماً وحانة تصطف على طولها، بحيث أصبح يطلق عليها (أطول طاولة طعام وشراب في العالم) وتشتهر عالمياً بأنها نواة المدينة. وهناك ستجتذك المرافق والمطاعم العصرية ذات الأجواء الدافئة لزيارتها واستكشاف التنوع فيها. كما ستجد أيضاً العديد من الكنائس والمباني التاريخية والمتاحف.

وكمثال على هذه الأبنية التاريخية، يبرز البيت الذي ولد فيه الكاتب الشهير هاينريش هاينه في 13 ديسمبر من العام 1797، والذي يقع تحديداً في شارع (بوكلر شتراسه 53). وقد تحول (بيت هاينه) اليوم إلى ملتقى أدبي، حيث ستجد داخله مكتبة ومقهى ودائرة للأدب.

وبالاتجاه نحو نهر الراين، تكون قد وصلت إلى برج القصر التاريخي (شلوس تورم) الواقع في ساحة (بورغ بلاتس).

ويعتبر هذا البرج القديم هو آخر ما تبقى من قصر مدينة دوسلدورف، الذي شهد العديد من الكوارث، حيث تعرض للحرائق وتضرر خلال الحرب العالمية الثانية، إلا أنه تم تجديد المبنى بعد ذلك. كما أنه موطن المتحف البحري، حيث يمكنك التعرف على العلاقة التاريخية بين دوسلدورف والراين.

أما ساحة (بورغ بلاتس) فهي مكان مثالي لكل من يبحث عن الراحة والاسترخاء، إذ يمكنك تناول المشروبات اللذيذة بينما تتمتع بمنظر نهر الراين. كما حازت المنطقة المحيطة ببرج القصر على جائزة، كونها واحدة من أجمل الساحات في ألمانيا. وهنا اعتاد الصغار والكبار على الاجتماع بعد ساعات العمل وفي عطلات نهاية الأسبوع. وانطلاقاً من هنا يمكنك القيام بنزهة على طول نهر الراين حتى المعرض التجاري أو ركوب الدراجة إلى بلدة القرون الوسطى (كايسرسفيرت).

وعلى بعد حوالي 300 متر، ستصل إلى كنيسة (لامبرتوس) التي تعتبر رمزاً لـ دوسلدورف. فقد بُني هذا الرمز في  العام 1394م، ولكن الشكل الغير عادي الذي يميز سقف الكنيسة تم بناؤه في العام 1815م تقريباً. وبسبب اندلاع النيران، كان يتوجب إعادة بناء قمة البرج. وبعد ذلك بوقت قصير تعرض الخشب إلى الالتواء، مما تسبب في إعوجاج البرج الشهير. ووفقاً للاعتقاد السائد، فإن البرج المائل سوف يستوي مجدداً بنفسه عندما تتزوج فتاة عذراء في كنيسة (لامبرتوسكيرشه). وتشكل هذه الكنيسة مع برج القصر (شلوس تورم) النواة التاريخية للمدينة القديمة.

وبالاتجاه صعوداً إلى الراين، تصل إلى منتزه ضفة الراين (راين أوفر برومناده)، حيث ستحظى بمشاهدة عرض مذهل للسفن المبحرة في النهر والجسر والكوابل المعلقة به وضفاف نهر الراين في منطقة (أوبركاسل) التي تقع على الضفة اليمنى للنهر. ويمكنك التجول على طول المتنزه أو الجلوس في أحد المطاعم والمقاهي في الهواء الطلق والتمتع بالمنظر الرائع.

وبعد بضع مئات من الأمتار إلى اليسار تصل إلى متحف السينما الواقع في شارع (شول شتراسه). ويمكنك المرور بجانبه للاتجاه إلى ساحة (كارلسبلاتس) الواقعة في (كارل شتادت) والتي تجتذب الكثير من الناس.

وإلى الجنوب من ساحة (كارلسبلاتس)، يمكنك أن تجد العديد من المحلات ومعارض الأعمال الفنية في شارعي (بيلكر شتراسه) و(هويه شتراسه)، حيث ستحتاج بعض الوقت للبحث واستكشاف العروض المتنوعة.

أما مساء دوسلدورف فهو متنوع جداً، فهناك ما يناسب كل الأذواق: فإذا كنت تبحث عن الأماكن الفخمة والثمينة، فستجدها  حول شارعي (غرون شتراسه) و(شتاين شتراسه)، الأماكن المريحة والعملية حول المدينة القديمة (ألت شتادت)، وستجد كل ما هو عصري في مختلف أرجاء مرفأ الإعلام (ميدين هافن). كما يستقبل شارع (راتينغر شتراسه) زوار المدينة بالعديد من الحانات والنوادي الليلية.

 

اليوم الثاني: إبداع العمارة بين الأصالة والمعاصرة

ليس هناك أجمل من مشاهدة المدينة من علو شاهق. لذا، فما عليك إلا التوجه إلى برج الراين (راين تورم). فمن ارتفاع 234 متراً، ستحظى بفرصة مشاهدة منظر رائع للمدينة ومرفأ الإعلام، وسيبدو الأمر كالتالي: السيارات تشبه لعب الأطفال، الشوارع لا يتجاوز عرضها عرض أقلام الرصاص، البيوت صغيرة بحجم علب الكبريت.. وبكل تأكيد فإن هذا المشهد الذي يحبس الأنفاس، سيجعل من زيارة منصة المشاهدة في برج الماين أمراً لابد منه. علاوة على ذلك، يمكنك زيارة المطعم الدوار  في أعلى البرج، والمصنف من بين أفضل 180 مطعماً، حيث ستحظى بمنظر ساحر للمدينة ونهر الراين بينما تتناول طعامك.

وتشكل الفتحات الدائرية ذات الوميض ميزة أخرى من ميزات برج الماين وتمثل أكبر ساعة عشرية في العالم كما أنها مسجلة بموسوعة غينيس للأرقام القياسية.

وعلى بعد أمتار قليلة أخرى، يمكنك النظر من فوق البرج لتشاهد البهو الدائري الخاص بمبنى برلمان ولاية شمال الراين وستفاليا الذي يقع في العاصمة دوسلدورف،  وصولاً إلى (شتادت تور) مقر رئيس وزارء ولاية شمال الراين وستفاليا.

ويعتبر الهيكل الفولاذي والزجاجي الفخم معلماً وجزءاً لا يتجزأ من المنظر العام الحديث في (مرفأ الإعلام)، والذي يتألف من جسر (كني بروكه)، برلمان الولاية (لاند تاغ)، برج الراين (راين تورم)، بالإضافة إلى أبنية الميناء الشاهقة الجديدة، مثل مباني جيري (جيري باوتن).

وأصبحت مباني جيري رمزاً من  رموز دوسلدورف منذ العام 1999 مع الجدران والأبراج المائلة، والتي تشكل دائماً مشهداً رائعاً وتعد من أشهر المباني التي يمكن أن ننسب سحرها الخاص إلى (المرفأ الإعلام) الجديد الذي يمزج بين (الأصالة والمعاصرة).

ولكن يمكنك في (مرفأ الإعلام) التمتع بما هو أكثر من الهندسة المعمارية، حيث تجد هناك مجموعة متنوعة من المقاهي والمطاعم التي تتميز بأجواء خاصة.

ومن عصر ما بعد الحداثة نتجه عائدين إلى عصر الباروك: لذا عليك أن تبدأ من محطة الترام عند برلمان الولاية (لاندتاغ) أو  (كنيبروكه)، وتتوجه بواسطة الترام نحو المحطة المركزية لتنزل في جادة برلين (برلينر آليه) ثم تأخذ خط الترام (701) متوجهاً إلى (دوسلدورف – بنرات).

وفي منطقة (بنرات) يقع القصر الأكثر شهرة بين قصور دوسلدورف،  والذي يطلق عليه اسم (بنرات). وقد بني القصر في القرن الثامن عشر كقصر لكارل تيودور أمير بفالز، بينما يعد اليوم واحداً من أهم أماكن الجذب السياحي في دوسلدورف، كما أنه يستضيف عدداً من المتاحف المختلفة، مثل متحف فن الحدائق الأوروبي. وكان المهندس المعماري  للقصر (نيكولا ديه بيغاج)  قد قام بتصميم البناء الرائع والحدائق المتجددة التي يمكنك التجول فيها حتى اليوم. وبالفعل، توفر حديقة القصر أفضل فرصة للتنزه بين الأشجار والتماثيل والحدائق المليئة بالورود والنباتات القديمة، فهي تحتوي على بركة مياه وحديقة إنكليزية غناء وحديقة فرنسية ترجع إلى عصر الباروك.