عاصمة الموضة والصحة
دوسلدورف.. وجهة مفضلة لأثرياء العالم
وجهة عالمية للسياحة العلاجية
تبرز دوسلدورف كوجهة سياحة علاجية معروفة، يقصدها الزوار من الدول العربية وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي المجاورة لتلقي العلاج في عياداتها ومرافقها الطبية المتخصصة. وباتت المنطقة العربية وتحديداً الدول الخليجية سوقاً متنامياً بالنسبة لمطار دوسلدورف الدولي، الذي يعد أكبر مطار في ولاية (نوردراين فستفالن)، حيث تعمل سبعون شركة طيران على وصل دوسلدورف بحوالي 180 وجهة في العالم، بما في ذلك الدول الخليجية. فعلى سبيل المثال، تسيَر شركة طيران الإمارات رحلات مباشرة بين دوسلدورف ودبي. ومنذ عام 2011، تسيّر الاتحاد للطيران رحلاتها من أبوظبي إلى دوسلدورف. وهناك رحلات متصلة عبر فرانكفورت وميونيخ توفرها الـ (لوفتهانزا) والخطوط الجوية التركية، إضافة إلى رحلات متصلة عبر زيورخ توفرها الخطوط الجوية السويسرية. من ناحية أخرى، يستقبل مطار دوسلدورف رحلات دورية للشخصيات المهمة من الدول العربية، فالخطوط الجوية السعودية والطيران الأميري القطري هي من الخطوط الجوية التي تصل باستمرار إلى عاصمة ولاية (نوردراين فستفالن).
وتشتهر المدينة بجراحة العظام والطب الوقائي والجراحات التجميلية وتقويم الأسنان، إلى درجة أنه لا يتوجب على المسافرين الذين يصلون دوسلدورف بداعي العلاج الذهاب بعيداً، نظراً لما توفرة مدينة مطار دوسلدورف القريبة من مرافق صحية متخصصة مريحة. فمن يصل من هؤلاء في الصباح الباكر، قد يتمكن من العودة لموطنه على رحلة المساء مطمئناً إلى أنه قد حصل على أفضل رعاية طبية. فعلى سبيل المثال، توفر مؤسسة (رادبراكس للطب الوقائي) تقنيات علاج متطورة وبمستوى عالمي في مرفقها الصحي في المطار، حيث تشتهر بخدمات قسم الأشعة، والطب النووي، والعلاج الإشعاعي. بدورها توفر عيادة طب الأسنان (ديادنتيس) خدمات طبية تشمل التشخيص الدقيق والوقاية والعلاج. وتحظى بسمعة عالمية كبيرة في مجال خدمات طب الأسنان التجميلي على وجه الخصوص.
كما أسهمت الفنادق الفخمة في دوسلدورف، مثل فندق (إنتركونتيننتل)، في تعزيز صورة المدينة بوصفها مركزاً مهماً للسياحة العلاجية ووجهة مفضلة للعملاء الأثرياء من حول العالم، وذلك من خلال تطوير عروضات رعاية صحية رفيعة المستوى بالتعاون مع المراكز الطبية في المدينة.
خدمات شاملة للمرضى العرب
ومن أهم المراكز الطبية في عاصمة الراين، يبرز مستشفى دوسلدورف الجامعي الذي يمثل قمة التفوق الدولي في رعاية الأمراض والبحوث والتعليم. فهو يتألف من 34 عيادة فردية وأكثر من 30 معهداً، كما يعمل فيه ما يقرب من 6000 موظف. وتشتمل تخصصاته على الأورام مع أمراض الدم وزرع الخلايا الجذعية، جراحة المخ والأعصاب، الأمراض العصبية وأمراض النساء والتوليد، الكبد، زرع الكلى، جراحة القلب وكذلك جراحة الأطفال وأمراض سرطان الأطفال.
ويقدم مكتب المستشفى المختص بالمرضى الدولييين المشورة والرعاية للمرضى ومرافقيهم، كما يقوم بتحويلهم إلى القسم المختص مع ضمان أفضل علاج طبي، ويهتم بتنظيم شؤون إقامتهم وتنسيق مواعيدهم، وضمان كل الأمور المتعلقة بالترجمة.
من جانبه، يقدم مستشفى (سانت ماوريتيوس) في (ميربوش) في دوسلدورف خدمات في تخصصات طب الأعصاب والأمراض العصبية لدى الأطفال وأمراض الشيخوخة. وينتمي على الصعيد الوطني إلى أهم مرافق إعادة التأهيل في ولاية (نوردراين فستفالن).
ويتميز هذا المستشفى بتصميمه الذي يشتمل على فضاء واسع لممارسة العلاجات اليومية الموجهة في محطات العلاج، بحيث يتم منح أكثر الأمراض تعقيداً حقها من العلاج، ابتداءاً من السكتة الدماغية ومروراً بأمراض الأعصاب ووصولاً إلى شلل الأطفال. وتزداد خبرات مستشفى (سانت ماوريتيوس) أيضاً من خلال عضويته في رابطة المستشفيات الكاثوليكية في دوسلدورف.
كما يحظى المستشفى بسمعة ممتازة على الصعيد الدولي، وخصوصاً لدى المرضى القادمين من المنطقة العربية، حيث يلبي كافة متطلبات اللغة والعادات الغذائية لضيوفه.
انسجام البيئة والتنمية
كما تلعب الطبيعة الساحرة دوراً مهماً في زيادة أهمية دوسلدورف كمدينة عالمية للسياحة العلاجية، حيث يجد الضيوف المرضى مساحات خضراء شاسعة ومنتزهات وحدائق ذات تصاميم رائعة. ومن المثير للانتباه هو قدرة عاصمة الراين على الجمع بين كونها مدينة كبيرة تمثل مركزاً اقتصادياً لمنطقة الراين-الرور وواحداً من أهم المراكز الرائدة في التجارة والخدمات والاتصالات في ألمانيا وأوروبا ومركزاً للأحداث والفعاليات والمؤتمرات الدولية وعاصمة للوكالات الإعلانية وفي نفس الوقت تحافظ على خضرتها وبيئتها. فما يقرب من خمس المساحة الإجمالية لدوسلدورف تمثل مناطق ترفيهية ومساحات خضراء وغابات. وبشكل عام، فهناك ثلث مساحة المدينة يندرج تحت المناطق الطبيعية المحمية. وهذه الخاصية تضمن نوعية عالية من الحياة وتزيد من جاذبية المدينة باعتبارها وجهة للعيش وتعزز حماية البيئة والطبيعة في انسجامها مع التنمية الحضرية. وقد حصلت دوسلدورف بسبب حدائقها ذات التصميم الجميل على العديد من الجوائز في ألمانيا وأوروبا.
ومن خلال نظرة من منصة المشاهدة في برج الراين (راين تورم) يحظى الزائر بمشهد بانورامي لحدائق دوسلدورف الغنّاء، التي تنتشر في كل مكان كالجزر. وبالإضافة إلى الواحات الخضراء التي تتوسط المدينة مثل منتزه (راين بارك) وحديقة (هوف غارتن)، هناك نقاط جذب سياحي أخرى، مثل: المنتزه الشمالي (نورد بارك) بحديقته اليابانية، وأطلال القصر الإمبراطوري (كايزر بفلاتس)، وكذلك قصر وحديقة (بينرات) الذي يمثل بالفعل جوهرة ثقافية وسياحية، فهو يجمع بين الهندسة المعمارية والحدائق ليمثل مفهوماً فنياً شاملاً.
إبداع العمارة
وتزخر دوسلدورف بالفنون المعمارية المذهلة، لاسيما تلك الموجودة في (ميناء إعلام) (ميدين هافن) الذي عاش تحولاً دراماتيكياً، فحيثما كانت الصوامع والمخازن تميز صورة المدينة فيما مضى، توجد اليوم مبان شاهقة وأبراج قام ببنائها مهندسون معماريون مشهورون على مستوى العالم، بحيث لم تعد هذه المباني الحديثة تذهل زوار المدينة فحسب، بل والخبراء الدوليين في مجال العمارة أيضاً.
وبالفعل، فإن شهرة (ميناء الإعلام) تتجاوز حدود دوسلدورف، نظراً للمعالم المعمارية المذهلة التي تتواجد فيه، مثل برج الراين (راين تورم) الذي صممه المهندس (هارالد دايلمان)، وأضاف إليه فنان الإضاءة (هورست باومان) أكبر ساعة عشرية في العالم حيث دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية. ومبنى برلمان ولاية نوردراين فستفالن، الذي تم إنشائه وفقاً لخطط المهندسين (إلر، ماير، فالتر وشركاؤه). وهناك أيضاً مبنى (شتادت تور) الحاصل على جائزة أفضل مبنى مكاتب في أوروبا، والذي قام بتصميمه مكتب الهندسة المعمارية (أوفرديك بتسينكا وشركاؤه).
ومن أشهر المباني التي يمكن أن ننسب سحرها الخاص إلى مرفأ الإعلام الجديد، تبرز مباني جيري المائلة (جيري باوتن)، التي صممها المهندس والمصمم الكندي الأمريكي (فرانك جيري).
فخامة التسوق تحت ظلال الكستناء
كما تعتبر دوسلدورف جنة للتسوق الراقي. ومن أشهر أماكن التسوق في عاصمة الراين، يبرز الشارع الفخم (كونيغسآليه) (أي شارع الملك) المشهور بتلبيته الأذواق العالمية والإقليمية. فهذا الشارع الذي يصل طوله إلى ما يقرب من كيلومتر، يعتبر مثالاً للتسوق الراقي وأسلوب الحياة، وينتمي إلى قلائل الطرق المشهورة دولياً، التي يمكن وصفها بالبوليفارد. ويطلق أهل دوسلدورف على هذا الشارع تحبباً اسم (كو). ويتميز (كو) بخضرته حيث تنتشر فيه حوالي 120 شجرة كستناء. كما يمثل الجانب الغربي منه مقراً للبنوك والفنادق، بينما يحتوي الشرقي على الأروقة التجارية الكبيرة.
ويقف هذا البوليفارد الشهير اليوم ليعبر عن نمط الحياة البراق مع ما يضمه من متاجر راقية ومراكز تسوق فخمة، حيث تبرز فيه بالدرجة الأولى الموضة. ولا عجب في ذلك، فدوسلدورف تعتبر موطناً لمعرض الموضة (IGEDO) ولعدد لا يحصى من صالات عرض أبرز المصممين الدوليين.
تجربة متفردة في نواة المدينة
وعلى عكس شارع (كونيغسآليه)، فإن التسوق في البلدة القديمة (ألتشتادت) بين نهر الراين وجادة (هاينريش هاينه) يجعلك أقرب إلى نبض التاريخ والثقافة، حيث تزخر هذه المنطقة الصغيرة، التي تعتبر نواة المدينة ونبضها، بطائفة واسعة من البوتيكات الفاخرة ومتاجر الملابس المستعملة ومحلات الذواقة. فهنا توجد الاتجاهات الجديدة والأزياء الأنيقة، ابتداءاً من الملابس الاعتيادية المناسبة للحياة اليومية ووصلاً إلى العلامات التجارية الكبرى. كما تتواجد محلات الأثاث والمحلات الصغيرة التي تلبي الاحتياجات اليومية وكذلك أيضاً المحلات التجارية المختصة.
وبتوجهك إلى ساحة (كارلسبلاتس) ستجد سوقاً يزخر بالفاكهة والخضروات الطازجة وما طاب من الطعام. كما يمكنك اختبار العديد من المتاجر الصغيرة ومحلات التحف والمطاعم على طول الشوارع التاريخية المرصوفة بالحصى في (كارل شتادت). وكنصيحة خاصة للهروب من الزحام والضوضاء، فما عليك إلا التنزه على كورنيش ضفة الراين (راين أُفر بروميناده) الذي يمثل مكاناً مثالياً للاسترخاء والراحة. أما تحت ظلال برج القصر التاريخي (شلوس تورم) فستحظى بمنظر مثالي رائع يطل على نهر الراين وجسر (أُبركاسل) وميناء الإعلام (ميدين هافن). وبالطبع يمكنك الجلوس بالقرب من مراسي القوارب في واحد من المقاهي المتواجدة هناك لتستمتع بالأجواء المثيرة التي تطبع ضفة نهر الراين.
عالم من المتعة
باختصار، هنا يوجد كل شيء! فحتى محبو الحفلات والباحثون عن الأجواء الثقافية والتاريخية كل ما يصبون إليه. ولم تأت تسمية دوسلدورف بـ (أطول طاولة شراب وطعام في العالم) من فراغ: ففي البلدة القديمة يوجد حوالي 260 من المطاعم والحانات والبارات والنوادي الليلية تتركز في منطقة واحدة صغيرة قلما تجده في مدينة أخرى. وتغني هذه المتخصصة من نهر الراين إلى الشرق الأقصى.
مطاعم من مطاعم الذواقة إلى الفلافل اللبنانية، تقدم كل ذوق ولك ميزانية الطبق المناسب. ومن يريد احتساء القهوة أو الكابوتشينو فقط، فإنه سيجد نبعاً من الخيارات هنا، حيث يدعوك عدد لا يحصى من الحانات والمقاهي إلى للراحة والاسترخاء. وتتمتع الحياة الليلة في دوسلدورف بشهرة خاصة. ففي هذه المدينة تجد أكثر النوادي إثارة وأفضل حانات الكوكتيل والكثير من المرافق الليلية الخاصة تتواجد في المدينة القديمة، حيث تعيش أجواء الإثارة والمتعة في ليل دوسلدورف المفعم بالحياة.
مدينة الفنون
ولا يمكن لعشاق الفن والثقافة أن لا يضعوا البلدة القديمة (ألتشتادت) ضمن قائمة برنامجهم السياحي. فهنا سوف تتعرف على المكونات الأساسية للفن في دوسلدورف، والتي تتمثل في المجموعة الفنية لولاية نوردراين فستفالن، ومعارض اللوحات الفنية من القرن الشعرين، ودار الأوبرا، وقاعة الفن (كونست هاله)، وأكاديمية الفنون (كونست أكاديمي)، وقاعة الموسيقى (تون هاله) والمركز الثقافي (إيرنهوف). ويكتمل المشهد مع وجود متحف المدينة والأفلام وكذلك صالات العرض المختلفة والمسارح الصغيرة.
وإذا كنت من المهتمين الغوص في تاريخ دوسلدورف والتعرف على جذورها، فإن كاتدرائية (لامبيرتوس-بازيليكا)، وبرج القصر التاريخي (شلوس تورم)، ومبنى البلدية (راتهاوس)، ونهر (دوسل) ستجعلك تعيش أجواء البلدة الأصلية القديمة، لاسيما أن الفضل في تسمية (دوسلدورف) بهذا الاسم يعود إلى هذا النهر الصغير (دوسل)، الذي يمكن مشاهدته فقط بين زقاق (ليفر غاسه) وساحة (بورغ بلاتس). ومن المؤكد أنك لن تقاوم الأزقة الضيقة الفريدة من نوعها التي تدعوك إلى التنزه في هذه المدينة التي تعتبر مسقط رأس الشاعر الألماني الكبير (هاينرش هاينه) الذي كتب أجمل القصائد في أحضانها.